اثناء الجلسة التاسيسية للعهد التشريعي الثامن للجمعية الوطنية للسلطة الشعبية،

24 فبراير2013

 

فيديل كاسترو : “اننا لا نناضل من اجل امجاد ولا تشريفات؛ بل نناضل في سبيل افكار نراها عادلة”

راؤول كاسترو : “”الهدوء والثقة الرزينة التي نشعر بها، عندما بدانا بتسليم الاجيال الجديدة، مسؤولية الاستمرار في بناء الاشتراكية، يشكلان مدعاة لارتياحنا الكبير”.

اعداد : نورالدين عواد

هافانا، كوبا

 

مداخلة القائد التاريخي للثورة الكوبي القائد الاعلى فيديل كاسترو روس، اثناء الجلسة التاسيسية للعهد التشريعي الثامن للجمعية الوطنية للسلطة الشعبية، 24 فبراير 2013.

الرفاق الاعزاء:

اعرب عن شكري العميق لهذه الالتفاتة النبيلة، من الشعب الذي انتخبني نائبا في الجمعية الوطنية للسلطة الشعبية الكوبية.

لن اشغل وقتا كثيرا في مداخلتي اليوم، ولا في الحيّز الذي يعنيه هذا المقعد المُشرِّف لي كنائب، ليس لانعدام الارادة في ذلك، بل بسبب الطبيعة القاهرة.

انني لم افكر قط بان وجودي سيمتد طويلا، وبان العدو كان متعثرا بما فيه الكفاية في مسعاه البغيض، للقضاء على خصومه المصمّمين على النضال.

في هذا الكفاح غير المتكافيء، اثبت شعبنا قدرته على الصمود والانتصار. نعم! لان كل عام من الصمود بين 1959 و2013 كان عاما مظفرا، يحق لبلدنا الصغير ان يعلنه على الملأ!

اننا لا نناضل من اجل امجاد ولا تشريفات؛ بل نناضل في سبيل افكار نراها عادلة، وبصفتنا ورثة لقائمة طويلة من الامثلة، التي كرّس لها ملايين الكوبيين شبابهم وحياتهم. الارقام تقول كل شيئ: 800 الف كوبي أدّوا بتفانٍ مهمات اممية. واذا ما علمنا ان عدد الكوبيين لدى انتصار الثورة عام 1959 لم يكن يبلغ 7 ملايين نسمة، فإنّه بالامكان قياس معنى مثل هذه الجهود.

هذا الرقم لا يعبّر عن كل شيء. في اكتوبر 1962، كانت البلد على وشك التحوّل الى ميدان معركة نووية. وقبل ذلك بعام ونصف، وقعت غزوة مرتزقة مدربين ومسلحين وبحراسة البحرية الحربية الامريكية، بالانزال في خليج الخنازير، وكانت على وشك التسبّب بحرب دموية، تكلف الغزاة الامريكيين مئات آلاف الضحايا ـ دون اية مبالغة ـ  وتكلف بلدنا دمارا وخسائر لا تحصى فعلا.

كانت لدينا في ذلك الحين 400 الف قطعة سلاح، وكنا نعرف كيف نستخدمها. في اقل من 72 ساعة، تفادى الهجوم الثوري المعاكس الماحق تلك الكارثة، على الشعب الكوبي وعلى الشعب الامريكي سواء بسواء.

كنّا ضحية للحرب القذرة خلال مدة طويلة، وبعد ازمة اكتوبر بـ 25 عاما، كانت قواتنا الاممية تدافع عن انغولا امام الغزاة من عنصريي جنوب افريقيا،، كانت لديهم في تلك الفترةعدة اسلحة نووية، بتكنولوجيا وقطع اساسية زودتهم بها “اسرائيل”، بموافقة الولايات المتحدة الامريكية. في تلك المناسبة، الانتصار في كويتو كوانافالي Cuito Cuanavale، والتقدم الحازم والجسور الذي قامت به القوات الكوبية والانغولية، المجهزة بوسائط جوية، ومضادات للطيران، وبتنظيم ملائم، من اجل تحرير اراض كانت لا زالت تحت احتلال الغزاة؛ رَدَع جنوب افريقيا، ولم يترك لها اي خيار آخر، اللّهم الا التخلي عن طموحاتها النووية، والجلوس الى مائدة المفاوضات: اما النظام العنصري البغيض فلم يعد موجودا.

بمشاركتنا جميعا اضطلعنا بهذه الماثرة المتواضعة، المتمثلة في ثورة عميقة، وإذْ اننا انطلقنا من الصِّفر، الا ان شعبنا كان قادرا على انجازها. فقد انضمت الى الانوية الثورية الاولى انوية اخرى. كانت تجمعنا الرغبة في النضال، والالم الناجم عن ماساة البلد على اثر الانقلاب الوحشي. بينما كان للبعض امل في مستقبل يرونه حينها بعيدا جدا، فإنّ البعض الآخر كنّا نفكر حينئذ بضرورة اجتراح قفزة في التاريخ.

بين انقلاب 10 مارس [1]1952، والاول من يناير 1959، انقضت فقط 6 سنوات و296 يوما؛ وللمرة الاولى في وطننا، اصبح السلطان[2] تماما بين يدي الشعب.

عندها بدات المعركة ضد الجهل السياسي والمباديء المناهضة للاشتراكية[3]، التي كانت الامبراطورية والبرجوازية قد زرعتاها في بلدنا. الصراع الطبقي الذي اندلع على بعد عدة اميال من مقر الامبراطورية، شكل المدرسة السياسية الاكثر كفاءة يشهدعليها اي بلد؛ انني اتحدث عن مدرسة فتحت ابوابها منذ اكثر من 50  سنة. رجال ونساء، من الاشبال (الطلائع) الى الاشخاص الاكبر عمرا، كنا ولا زلنا طلاب هذه المدرسة.

مع ذلك، ووفقا لما حدّثني به راؤول قبل عدة ايام، فان المعركة الكبرى[4] التي تفرض نفسها، تتمثل في النضال الشديد ودون مهادنة، ضد العادات السيِّئة والاخطاء التي يرتكبها كثير من المواطنين، بمن فيهم اعضاء حزبيين، في مختلف الميادين.

لقد ولجت البشرية في مرحلة وحيدة في تاريخها. العقود الاخيرة لا تمتُّ بِصِلَةٍ الى آلاف القرون التي سبقتها.

في عام 2011، بلغ عدد سكان العالم 7 مليار نسمة، وهذا رقم يدق ناقوس الخطر. فقط خلال قرنين من الزمان، تضاعف عدد سكان العالم 7 مرات، وبلغت وتيرة الحاجة الغذائية الحيوية، مستوى لا زال خارج متناول العلوم والتكنولوجيا والموارد المادية المتوفرة لكوكبنا.

يمكن اجراء عشرات الحسابات، والحديث عن مالتوس، او سفينة نوح؛ يكفي ان يعرف المرء ماذا يعني غرام (وزن) وما ينتجه هيكتار الارض من الغذاء، وبالتالي الوصول الى الاستنتاجات اللازمة.

ربما يعرف رئيس الوزراء البريطاني او الرئيس اوباما الجواب، الذي يطيل في عمر البشرية عدة ايام أُخَر، بمضاعفة الخبز والسَّمَك، وربما يعرفان الكلمات السحرية القادرة على اقناع الافارقة وسكان الهند وامريكا اللاتينية وكافة بلدان العالم الثالث لكي لا ينجبوا الابناء.

قبل يومين، ذكّرت وكالة دولية بان مليونيرا امريكيا وهو دينيس تيتو Dennis Tito، قد انفق 20 مليون دولار، مقابل سفره الى محطة الفضاء الدولية، حيث مكث فيها عدة ايام في عام 2001.

اما الان فان تيتو ـ على ما يبدو انه متعصب للاستكشاف الفضائي ـ فانه يناقش تفاصيل الاستطلاع في المريخ. الرحلة تدوم 501 يوم. هذا بالفعل استمتاع بفائض القيمة[5]! في حين يذوب القطبان[6]، ويرتفع منسوب مياه البحر بفعل التغير المناخي، وسيغرق مساحات شاسعة في غضون عقود قليلة من السنين، وكل هذا يفترض انه لن تقع حروب، والاسلحة الحديثة جدا التي يتم انتاجها بوتيرة متسارعة، يفترض انها لن تستخدم ابدا. مَنْ يَفهَمُهُم؟

انهي كلامي تنفيذا لما وعدت به بالايجاز في تحيتي لجمعيتنا الوطنية.

في الذكرى 118 لصرخة بايريه  Baire[7] والذكرى 160 لميلاد بطلنا القومي[8]، يسرني ان أُجِلَ وأُكرِّمَ ذاك الانسان الثوري المناهض للامبريالية والبوليفري، الذي غرس بين شبيبتنا البذور الاولى للواجب.

شكرا جزيلا!

المصدر صحيفة غرانما لسان حال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي الصادرة يوم 25 فبراير 2013.

http://www.granma.cubaweb.cu/2013/02/25/nacional/artic05.html

 

خطاب جنرال الجيش راؤول كايترو روس السكرتير الاول للجنة المركزرية للحزب الشيوعي الكوبي ورئيس مجلسي الدولة والوزراء، في اختتام الجلسة التاسيسية للعهد التشريعي الثامن للجمعية الوطنية للسلطة الشعبية، 24 فبراير 2013، في قصر المؤتمرات، ” عام الثورة 55″. [موجز][9]

وطنيـــــــــــا

“في مثل هذا التاريخ، اليوم 24 فبراير 1895، تم استئناف الكفاح من اجل الاستقلال، من خلال اندماج المقاتلين المتمرسين القدامي من حرب الاستقلال الاولى[10]  والمقاتلين الجددـ تحت قيادة الحزب الثوري الكوبي[11] وخوسيه مارتي JOSE MARTI.

“كان من نصيبي ان اتشرف مجددا وامامكم وامام شعبنا، بتولّي رئاسة مجلسي الدولة والوزراء. بهذا الخصوص، اعتقد انه ليس من نافل القول، ان اعيد التاكيد على ما اكدته مرتين امام هذا البرلمان، اذ قلت “لم أُنتخَب رئيسا لكي أُعيد الراسمالية الى كوبا، ولا لكي أُسلِّم الثورة. انتُخِبتُ من اجل الدفاع عن الاشتراكية، والحفاظ عليها، والاستمرار في تحسينها، وليس من اجل تدميرها”.

انسجاما مع قرارات المؤتمر السادس[12]، لا بد من خلق التناغم بين مسلّمات دستور الجمهورية، والتغيرات المرافقة للتطبيق التدريجي للخطوط العريضة للسياسة الاقتصادية والاجتماعية للحزب والثورة.

“من بين التعديلات التي نعتزم ادخالها على الدستور، هناك تعديل يحدد كحد اقصى دورتين، كل منهما لمدة 5 اعوام، لتولي المناصب الرئيسية في الدولة والحكومة[13] وتحديد الاعمارالقصوى، للاطلاع بهذه المسؤوليات.

“…اود التوضيح انه في حالتي، بغض النظر عن تاريخ تعديل الدستور، فان هذا العهد سيكون آخر عهد لي بالرئاسة.

“لقد انتخبت الجمعية الوطنية في هذه الجلسة، الرفيق ميغيل دياس ـ كانيل بيرموديس Miguel Díaz-Canel Bermúdez، نائبا اولا لرئيس مجلس الدولة، ولاحقا تمَّ تعيينه نائبا اولا لرئيس مجلس الوزراء. نرى انه في ظل الظروف التي تعيشها البلد، واضطرت للتصرّف خلالها على امتداد اكثر من نصف قرن من الزمان من عمر الثورة، يجب ضمان الوحدة التنفيذية في راس سلطان الدولة والحكومة، تحسبا لاي طاريء بفقدان القائد الاعلى، بحيث يتمّ الحفاظ دون انقطاعات من اي نوع، على استمرارية واستقرار الامة.

“هذا القرار يكتنف اهمية تاريخية فائقة، لانه يمثل خطوة حاسمة في تشكيل قيادة مستقبل البلد، من خلال نقل المناصب الرئيسية الى الاجيال الجديدة، بشكل تدريجي ومنظَّم، وهي عملية يجب ان نجسِّدها خلال خمسة اعوام، وبطريقة مقصودة وبعيدة النظر،من اجل تفادي تكرار حالة عدم توفر احتياطات كافية من الكوادر، لكي يشغلوا المناصب العليا في البلد في اللحظة المستحقَّة، ومن اجل ان تكون وفرة “خلفاء” القادة، عملية مضمونة طبيعيا ومنهجيا.

“ان سلوك ماشادو فينتورا وكولوميه إيبارا Machado Ventura y Colomé Ibarra [14]  ليس صدفة، ويجب ان لا يباغت احدا؛ انه إظهار لمعدنهما الثوري الاصيل، حيث لا يوجد لديهما متِّسع للغرور، والمصلحة الشخصية، ناهيك عن التشبث بأيِّ منصب كان. هكذا كان سلوك فيديل قبل 5 اعوام، عندما ضرب لنا مثالا ساميا. ونأمل ان تكون الاجيال الجديدة على هذا المنوال.

” لدى تناول هذه المواضيع من المؤاتي التذكير بما قاله فيديل قبل 15 عاما بالتمام والكمال امام الجمعية الوطنية، بتاريخ 24 فبراير 1998، بخصوص المقياس الاول او السِّمة التي يجب ان يتَّسم بها الكادر الثوري، فقال ” أنْ لا يطمح الى اي منصب ابدا، ان يصل الناس الى المناصب التي يستحقونها، بفضائلهم وعملهم ومآثرهم ووطنيتهم…”

” انه لمن دواعي سعادتنا المشروعة، ان نعوِّل على شبيبة تتحلّى بالقيم الاخلاقية، ومباديء العدل الاجتماعي، وهي شبيبة مُهيَّئة في كل الاتجاهات، وحتى عسكريا، من اجل الدفاع عن رايات الثورة والاشتراكية وابقئها عالية خفّاقة.

“نعتزم الاستمرار في التصدي لحالات التسيُّب[15] والتصرفات غير القانونية مهما كان نوعها، بما في ذلك مقاتلة تجليات الفساد، التي تستهدف اسس نظامنا الاجتماعي… في اجتماع هذا البرلمان الذي سيعقد في النصف الاول من شهر يوليو القادم، سنتطرَّق بعمق، الى هذا الشان المخزي من التسيُّب والتصرفات غير القانونية.

دوليـــــــــا

“…لا يمكنني الا ان اذَّكر انه بتاريخ 28 يناير 2013، في الذكرى 160 لميلاد خوسيه مارتي José Martí، تقلَّدت كوبا رئاسة “منظومة دول امريكا اللاتينية والكاريبي” “سيلاك” (CELAC)، وأنّه من مسؤوليتها تنظيم قمتها القادمة عام 2014 في بلدنا.

انه لحدث خاصّ الاهمية، ويجازي كفاح الشعب الكوبي في سبيل سيادته وتقرير مصيره، ويبرهن على مدى التقدم الذي احرزته امريكا اللاتينية والكاريبي، نحو الاستقلال النهائي، ويبيّن عزلة وفشل سياسة الحصار الاقتصادي والاعلامي الامريكي ضد امتنا.

“الرئاسة الكوبية لـِ (سيلاك) ستتصرف بتؤدة، وتصميم على تقوية كل ما يوحدنا في الطريق المشترك، للسلام والتنمية والعدل الاجتماعي والديموقراطية بمشاركة الشعب الحقيقية، كضمانة لمارسة كافة الحقوق الانسانية ولكافة الافراد، والسيادة على الموارد الطبيعية، وتقليص اللامساواة الاجتماعية والفقر.

“سيتوجب علينا ان نحرص على وحدتنا، في اطار الاختلاف، ومنع الانقسام بيننا. نعلم ان توطيد هذه المنظومة، سيواجه عقبات كأداء، ناجمة عن النظام العالمي الجائر، الذي لا يمكن الاستمرار به، والازمة الاقتصادية العالمية، وسياسة الناتو العدوانية، وتهديدات وعواقب حروبه غير التقليدية، ومحاولة تقاسم العالم من جديد؛ ووجود ترسانات ضخمة من الاسلحة النووية والاسلحة المستجدّة، وكذلك التغير المناخي.

“الاختلال في توزيع الثروة في القارة، يشكل مكمن الضعف الرئيسي، وفي الوقت نفسه يشكل اكبر تحدٍّ نواجهه. في امريكتنا[16]، بمزيد من الوحدة والتكامل والعدل الاجتماعي، لا يمكن لشيء ان يوقف مسيرتنا.

“سنواصل المطالبة باطلاق سراح ابطالنا الخمسة واعادتهم الى ارض الوطن.

” وانا افكر قبل اي شيء بمستقبل الوطن، انهي كلمتي بافضل طريقة لذلك: الا وهي بالتذكير بالتعريف الرائع لـ “مفهوم الثورة” الذي صاغه قائدها الاعلى، فيديل كاسترو في الاول من مايو 2000 في ميدان الثورة (هافانا)، فقال

“الثورة هي مغزى اللحظة التاريخية؛ هي تغيير كل ما يجب تغييره؛ هي مساواة وحرية شاملة؛ ان تُعامَل وتُعامِل الآخرين كآدميين؛ ان ننعتق بانفسنا وبجهودنا الذاتية؛ ان نتحدى قوى جبارة مسيطرة داخل وخارج البيئة الاجتماعية والوطنية؛ ان ندافع عن القيم التي نؤمن بها مهما كان ثمن التضحيات؛ هي تواضع ونزاهة وايثار وتضامن وبطولة؛ هي الكفاح بجرأة وذكاء وواقعية؛ هي ان لا نكذب ابدا ولا ننتهك اي مبدا اخلاقي؛هي قناعة عميقة، بانه لا توجد قوة في العالم، قادرة على سحق قوة الحقيقة والافكار.

الثورة هي وحدة واستقلال وكفاح في سبيل الحلم بالعدل لكوبا وللعالم، وهي اساس وطنيتنا واشتراكيتنا وامميتنا”.  (نهاية التعريف)

وليكن هذا التعريف الجليل للثورة والى الابد، مرشدا لكافة الاجيال من الوطنيين والثوريين الكوبيين”!

المصدر صحيفة غرانما لسان حال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي الصادرة يوم 25 فبراير 2013.

http://www.granma.cubaweb.cu/2013/02/25/nacional/artic04.html

 

ملاحظة: كافة الايضاحات والحواشي باللون الاحمر من صنع المترجم.