انتقد الباحث المصري أشرف البيومي «الموقف العام» للشعب المصري مما يحدث في سورية ووصفه بأنه «سيئ» منوهاً في الوقت نفسه بوجود «بداية تغير في المزاج الشعبي لأن الأزمة السورية طالت والأكاذيب بشأنها كثرت».
وفي ندوة حوارية أقامها الاتحاد الوطني لطلبة سورية في كلية الصيدلة بجامعة دمشق أمس رفض البيومي كذلك مواقف أغلبية المثقفين المصريين وقال: إن مواقفهم عامة سيئة جداً لكن هذا لا يمنع أن هناك مثقفين محترمين جداً موقفهم واضح وثابت وملتزم، ودعا المثقفين العرب إلى «كسر حاجز الصمت تجاه الأحداث التي تمر بها سورية والدفاع عنها».
كما استنكر موقف النظام المصري من الأزمة وأضاف: يبدو أن هناك تمويلاً كبيراً من مصر للجيش الحر ودعماً لبعض الناس الذين يسافرون من سورية إلى مصر، وأدان أيضاً موقف الجامعة العربية وقال إنها «أصبحت أداة استعمارية بيد الغرب».
وتحدث الأستاذ في جامعتي الإسكندرية وجورج واشنطن الأميركية عن «محاولات لإيجاد آليات لتغيير مزاج المثقف المصري تجاه الأزمة السورية كما أن هناك محاولات عسيرة للحوار مع بعض فصائل المعارضة، فقد تقابلنا في دمشق مع بعض أطرافها ومنهم أعضاء في المؤتمر القومي العربي مثل حسن عبد العظيم «المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية المعارضة» ونتواصل عبر الإنترنت والمقالات فيالصحف».
وحول وظيفة المعارضة الوطنية في سورية حالياً قال البيومي: إن وظيفة المعارضة تختلف باختلاف الظروف… فعندما يكون هناك تهديد فإن الأمر يختلف عنه عندما لا يكون هناك تهديد. ورأى البيومي أن للمعارضة في سورية نوعان «نوع حقيقي يحب النظام، وهناك شريحة لا تحب النظام لكنها تحب سورية وتخاف من البديل» وأضاف: المعارضة الوطنية في الظروف العادية هي واجب لأنها تصحيحللمسارات، متسائلاً: هل الحريات العامة في سورية جيدة؟ لا. هل تعامل الأمن مع المواطن مقبول؟ لا.
وأضاف الباحث المصري: أنا قلت للرئيس بشار الأسد عندما التقينا لو كنت سورياً لكنت معارضاً وطنياً وهو تقبل الأمر.
وقال: إن سورية في معركة جديدة وتواجه حرباً بالوكالة في المدن وهناك محاولات لاستنزاف وإضعاف الجيش الوطني وتدمير المؤسسات وتخريب للعقول، وحذر من أن «الوطن السوري مهدد ولو نجح هذا التهديد فماذا سيحدث؟» معتبراً أن «في سورية مسلحين مغرراً بهم ومخدوعين وهناك إرهابيون ومن الخطأ وضعهم كلهم في الموقع نفسه».
وشدد البيومي على أن ما يواجه سورية هو «مؤامرة» مستشهداً على ذلك بمقال نشرته مجلة تايمز الأميركية في 28 نيسان 2003 بعد أسابيع قليلة على غزو العراق عنونته بـ«سورية هي التالي».
وأشار إلى أنه لم يعلن تأييده في حياته لأي رئيس حتى لجمال عبد الناصر «وأنا أعلن تأييدي لشخص بشار الأسد»، وأضاف: منذ ست سنوات تقابلت مع الرئيس الأسد لساعتين ونصف الساعة وقلت في اللقاء كلاماً صريحاً ونقداً شديداً بناءً… لدى الرئيس الأسد رؤية، هو إنسان، فعلاً إنسان، ويمتلك صلابة.
ولفت البيومي إلى وجود «علاقة قوية بين ما يحدث في سورية وفي مصر، ففي مصر يخافون أن ينتقل إليهم ما يحدث في سورية» من أعمال عنف مسلحة، وانتقد من يقول إن الحدث في دولة ما لا يؤثر على الدول المجاورة واعتبر أن «افتراض أن كل دولة معلقة بالفراغ هو افتراض غبي… يقولون ما لنا وما لليبيا وبعد فترة يشتكون من السلاح القادم من ليبيا».
وحول الوضع السياسي في مصر وخاصة بعد وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة، قال البيومي: إن مصر بدأت تفقد سيادتها الوطنية بسبب تسييرها من الدول الغربية… ولم أجد في التاريخ المعاصر حزباً أو تنظيماً فقد شعبيته لدرجة كبيرة مثلما حصل مع الإخوان في ستة الشهور الأخيرة وهذا ما يربك الإدارة الأميركية.
كما شن هجوماً عنيفاً على الإخوان «الذين يحاولون جعل أنفسهم كأنهم الإسلام… هم لا يمثلون الإسلام بأي حال من الأحوال.. إذا كان الاتجاه الذي يغطي نفسه بالإسلام يعني مزيداً من التبعية لأميركا وسحق الطبقات الاجتماعية ومزيداً من العلاقة مع إسرائيل فنحن ضده.. أما إذا كان الاتجاه الذي يغطي نفسه بالإسلام يسعى للحق والعدالة والتحرر فنحن معه».
وبعد أن أوضح أنه قابل مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا ست مرات وأن والده كان من ضمن مؤسسي الحركة قال البيومي: نحن نختلف مع الإخوان المسلمين جذرياً، فهم ضد الدولة الوطنية لأنهم يريدون الخلافة الإسلامية.. وهم أعداء للقومية العربية ومفهوم الاقتصاد لديهم في أدنى مراحل الرأسمالية وهذا ما جعل منهم بالنسبة للإدارة الأميركية بديلاً يمكن التعاون معه.
ورأى البيومي أن الإخوان وصلوا إلى السلطة بعدما وافقوا على ضمان أمن إسرائيل والالتزام باتفاقية كامب ديفيد والموافقة على تحقيق أهداف أميركا بالمنطقة «ونحن على علم بالاتصالات بين القيادات الإخوانية والمسؤولين الأميركيين في بعض مطاعم مصر تمهيداً لموافقة الإدارة الأميركية على وصول الإخوان للسلطة».
كما انتقد إعلان الإخوان المسلمين التزامهم باتفاقية كامب ديفيد وباتفاقية الكويز (التي تسمح لمصر بيع منتجاتها للولايات المتحدة بشرط أن يكون 11% من المواد الداخلة في صناعتها ذات منشأ إسرائيلي).
وأوضح البيومي أنه «عندما نتحدث عن الإخوان نقصد أغلب القيادات وشرائح من الشباب خصوصاً أن أحد مناهجهم هو السمع والطاعة…. فقد كنا في أحد اللقاءات الصحفية وكان هناك نحو 400 شاب من الإخوان وقفوا بالصف ليقبلوا يد المرشد حينها محمد مهدي عاكف، فهل كان المسلمون يقبلون يد الرسول عليه الصلاة والسلام» مضيفاً في الوقت نفسه: نحن لا نضع الكل في الخانة نفسها.
وقال البيومي: أنا مسلم وأعتز بإسلامي، وأعلم تمام العلم أنهم يريدون اختزاله في قضايا هامشية، فهو دين جاء لرفع الظلم عن البشرية وتحقيق العدالة والكرامة والعزة للمواطن وليس لتوزيع كتيبات كما حصل في جامعة الإسكندرية في إحدى السنوات تتحدث عن عذاب القبر دون أن نجد من يقول إن الظلم والغش حرام وإن على الطالب تثقيف نفسه وتهذيبها… في الجامعات المصرية هناك تخريب للعقول، والحكومة لا تتحدث عن ذلك.
وأشار الباحث المصري إلى «وجود عدوانية (من المواطنين المصريين) تجاه قطر بسبب محاولاتها للتدخل في الشأن المصري الداخلي، وهناك رفض لحركة حماس بسبب ارتباطها مع الإخوان المسلمين وهذا يجر عداء لفلسطين على خلفية مواقف حماس من الأوضاع في مصر حتى إن هناك من يكره فلسطين ويلعنها» بسبب سياسة حماس هذه.
الوطن
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.