رحيل شافيز وسؤال التاريخ

بيان التيار القومي العروبي ـــ فلسطين المحتلة

 

يعج سجل التاريخ، والتاريخ سجل الوجود الإنساني،  بأسئلة لم يُعطنا عليها جوابا، ولم نتمكن من استلالها من عمقه اللانهائي: لماذ يرحل العظماء في أحلك اللحظات؟ لماذا قرر شافيز أن يرحل اليوم والصراع على اشده، بل في لحظة نقف معها على شفير تغيير وجه العالم. نعم لحظة يبدو عليها الاستعصاء، كما كتب غرامشي، حيث القديم لم يمت بعد والجديد لم يولد بعد. فوحش راس المال يتآكل تدريجياً، ولكنه لم يتهاوى بعد. هذه كانت معركة شافيز المركزية.

لم ينهض شافيز وحزيه بفنزويلا وحدها بل بأمريكا اللاتينية.  حين تقرأ شافيز تكاد تسمعه يقول أنا فلسطيني، عربي ، لاتيني وأممي معاً. في لحظة دعم حكام الخليج ومعظم الحكام العرب للكيان الصهيوني في عدوانه على لبنان وغزة كان قائد الجمهورية الفنزويلية البوليفارية يكنس سفارة الكيان الصهيوني الإشكنازي.

وفي الوقت الذي كان يأتي بامريكا اللاتينية للتعاون مع الوطن العربي كان الحكام العرب يوصدون الأبواب ويفتحون الخزائن والصناديق السيادية لراس المال لأنظمة الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان والكيان الصهيوني. وفي الوقت الذي كانت سلطة الكمبرادور الفلسطيني تحت راية أوسلو السوداء تمارس التطبيع، كان شافيز يمارس العروبة.

وحتى ايامه الأخيرة، وفي الوقت الذي كانت فيه أنظمة التبعية العربية ومثقفو الانخراق بالمال وقوى الدين الإسلامي السياسي  تطعن العراق وليبيا وسوريا وإيران، ظل شافيز يقيم مع هذه الأنظمة أمتن العلاقات، لأنه بحسه الثوري كان يعرف من هم أعداء الإنسانية. ورغم استخدام المعارضة في بلاده لعلاقاته مع العرب لضرب شعبيته، كان الشعب البوليفاري يؤمن به أكثر.

منذ الأيام الأولى لاشتعال الأزمة في ليبيا وقف كاسترو وشافيز ليقولا إنها صنيعة الغرب الراسمالي. فاي حس ثوري ملهم هذا! ومنذ بدأ الغزو لسوريا وحتى رحيله وقف مع سوريا.

المجد للقائد العظيم، المجد للشعوب التي تحتضن ابطالها، والخزي والعار الخاصين والمؤكدين للحكام العرب التابعين ومثقفي التنظير بالمال ضد التاريخ وقوى الثورة المضادة القديمة وطبعتها الجديدة في قوى الدين السياسي.