المحافظون: “الطالبان” الجدُد

توم هارتمان

ترجمة: د. مالك سلمان

كيف يفكر “الطالبان”؟ يعملون على تجهيل الناس.
النساء ساحرات, والغربيون منحطون. قادة ‘طالبان’ “الحكماء والأقوياء” هم الوحيدون الذين يعرفون ما يقوله “القرآن” بحق, لأنهم الوحيدون الذين يعرفون القراءة, أو الكتابة, أو يقولون للجميع ما هو حقيقي بالفعل.
فيما مضى كان العالم الإسلامي متنوراً. اخترعوا الكتابة والرياضيات التي نستخدمها اليوم. كانوا مركز العالم العلمي. لكن “طالبان” هيمنوا بعدها في بعض الأماكن.

 ولا تفكروا للحظة أن الأمر متعلق بالدين. إذ يتم استخدام الدين في استغلال البلهاء المفيدين. الأمر يتعلق, في جوهر الأمر, بالمال والسلطة والهيمنة. ولا يمكن لأحد أن يتمكن من هذه الأدوات سوى “الطالبان” عندما يتم إفقار وتجهيل الناس.

هنا في أمريكا, يبرز “الطالبان” الجدد. إنهم يمجدون الأسلحة, مثل طالبان أفغانستان تماماً. ويخشون من النساء والتعليم. ويرغبون في إبقاء الناس جهلة ومكبلين.
إنهم الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال الذين وصلوا إلى السلطة في أعقاب الاقتصاد الريغاني المتسرب. والآن, ما يتسرب إلينا هو غباؤهم.

وكما كتب مارك مورفورد في موقع “سان فرانسيسكو كرونيكل”, “س. ف. غيت”: “6% من الأمريكيين يؤمنون باليونيكورن [وحيد القرن/حيوان خرافي له جسم فرس وذيل أسد وقرن وحيد في جبهته]. 36% يؤمنون بالأطباق الطائرة. ويعتقد 24% أن الديناصورات والناس كانوا يعيشون سوية. ولا يزال 18% يعتقدون أن الشمس تدور حول الأرض. ويعتقد قرابة 30% أن الحَوسبة السحابية لها علاقة بالسحاب. ومن المدهش والمحزن أن 18% لا يزالون يؤمنون, حتى هذا اليوم, أن الرئيس مسلم. هل تؤمن بالملائكة؟ 45% من الأمريكيين يؤمنون بالملائكة. وفي الحقيقة حوالي 48% , من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء, يؤمنون بإحدى قصص الخلق.”

لماذا يؤمن الأمريكيون بمثل هذه الأشياء العبثية؟ لأنهم يتلقون هذه المعتقدات السخيفة في مدارسنا, ويسمعونها على إعلامنا الرسمي الرأسمالي.
في كافة أنحاء الولايات المتحدة, يتعلم أبناؤنا من المقررات الدراسية التي يضعها أصحاب السلطة والأثرياء. ففي لويزيانا, على سبيل المثال, يتعلم أطفالنا أن الهيبيز كانوا قذرين, وأن مغنيي الروك يعبدون إبليس, وأن التغير المناخي عبارة عن كذبة كبيرة.

لكن “طالبان” أمريكا الجدد لا يسيطرون فقط على ما يتعلمه أولادنا في القاعات المدرسية. فهم يُملون ما تعرضه الشاشات الأمريكية التي تمتلكها الشركات ويدعمها الأثرياء.

وهنا يأتي دور أشخاص من أمثال روبرت ميردوك.

بفضل ميردوك هذا, يتعرض الأمريكيون إلى التضليل الإعلامي الهائل وأنصاف الحقائق التي تتدفق عبر ما يسمى “فوكس نيوز” [“نيوز” = أخبار؛ فوكس = ثعلب] بشكل يومي.

في وقت من الأوقات, كان على وسائل الإعلام الرسمية في بلادنا أن تنقل “الأخبار”. لكن الأزمنة تغيرت.

في سنة 1986, أنهى ريغان العقيدة التي كانت تطالب المحطات الإذاعية والتلفزيونية بنقل “الأخبار الحقيقية” بمثابة “خدمة عامة”, وبعد سنتين تم تصنيف الخدمات الإخبارية الخاسرة تحت تقسيمات شبكات الترفيه, ومنذ ذلك الوقت تم اتخاذ كافة القرارات الإخبارية على أساس معدل التصنيف.

آه, وفي السنة التالية بدأ رَش ليمبو برنامجَه الإذاعي.
والآن, يفكر الأَخَوان كوش الثريّان شراء عدة صحف أمريكية كبيرة, لكي يتمكنا من تحديد ما يقرأه الأمريكيون في صحف الصباح.

يريد الأخوان كوش شراءَ صحف “شركة تريبيون”, والتي تتضمن “شيكاغو تريبيون” و “بولتيمور صَن” و “لوس آنجيليس تايمز”. وتبعاً ﻠ “هوليوود ريبورتر”, فإن الأخوين كوش “مهتمان بالنفوذ الذي يمكنهما أن يحققاه عبر صفحات ‘التايمز’ التحريرية.”

بمقدوري التحدث عن كل هذا هنا, لأن معظم الناس الذين سيصوتون لطالبان أمريكا الجدد ليسوا مهتمين بمعرفة “الأخبار” الحقيقية, ولا ينخرطون في التفكير النقدي, ولا يريدون أن يعرفوا ما يجري في العالم فعلاً.
يعشقون جهلهم, وتعصبَهم, وفوق كل شيء “فوكس نيوزَ(هم)”.

من توماس جيفرسون إلى جون ف. كينيدي, كنا دائماً – كأمة – نثمن عالياً فكرة التعليم الجيد للجميع.

وكما كتب جيفرسون في رسالة إلى معلمه جورج وايث في سنة 1786: “أعتقد أن أهم قانون في برنامجنا هو نشر المعرفة بين الناس. إذ لا يمكن بناء أساس أقوى وأمتن من هذا, للحفاظ على الحرية والسعادة… بشِّر, ياسيدي العزيز, بحملة ضد الجهل؛ اعمل على تأسيس وتحسين قانون لتعليم عامة الناس.”

اليوم, تواجه أمريكا خياراً.

يمكننا أن نسلمَ بلدَنا لطالبان الجدد, ونراقب الأثرياء وأصحاب السلطة وهم يجمعون الثروات ويحققون السلطة والهيمنة على المعلومات في هذا البلد.
أو, يمكننا أن نحارب من أجل أمريكا تقدمية, حيث يكون هناك تعليم جيد للجميع يكون بمثابة شبكة أمان قوية وطبقة وسطى عريضة وقوية……….

المترجم: “ملاحظة لا علاقة لها بما قبلها“:

أثناء وجودي في الولايات المتحدة في سنة 2000, جرى نقاش علني في الكونغرس الأمريكي, تم بثه على الشاشات الوطنية, حول ضرورة تعليم اللغات الأجنبية في المدارس الأمريكية, أسوة بالمدارس الأوروبية. امتشق أحد أعضاء طالبان الجمهوريين سيفه, وكان عضواً في الكونغرس ممثلاً عن ولاية تكساس الجنوبية, ووبخَ زملاءه قائلاً: “إذا كان سيدنا المسيح قد ارتضى بالانكليزية لغة له, ألا تعتقدون أنها كافية بالنسبة لكم أيضاً؟!”

 (“سميركينغ تشيمب”, 14 آذار/مارس 2013)

المصدر  موقع الجمل  http://www.aljaml.com/node/94083