القذافي، الشهادة، الأمريكان !

محمود فنون

القذافي:

لم يكن بذهن القذافي قط أن تثور حركة شعبية ضد نظام حكمه..

كان يظن أن نظامه مستقر وأن شخصيته عميقة في نفوس الليبيين، وأن الشعوب العربية والأفريقية تحيطه بالحماية والأمن والأمان.

ولكن الجماهير انتفضت وتمردت ونزلت الى الشوارع مطالبة بالإصلاح.. هذا هو الذي حصل حقيقة وأمام أعين القذافي.. والقذافي ظن أن هذه سحابة صيف ما أن ينفثها بغضبه حتى تنقشع. فحاول القذافي قمع الحراك واستعمل العنف..

تحرك الحلف الإستعماري الغربي بواسطة الرجعية التركية والرجعية العربية وتمكن من تكتيل كل أصدقاء أمريكا وحلف الناتو، وبسرعة حصلوا على تفويض من قيادة ليبية صنعوها بانفسهم، وبسرعة أيضا حصلوا على تفويض من جامعة الدول العربية الموالية لهم، واصطف الناتو في حرب ضروس ضد دولة صغير وضعيفة أمام جبروت الناتو المتفوق..

أجهز الحلف على حكم القذافي واستولى على ليبيا وثرواتها بعد أن دمر بنيتها التحتية وجيشها ومؤسساتها المختلفة.

ثم تمت مطاردة وملاحقة القذافي بكل وسائل التتبع والملاحقة الى أن قبضوا عليه حيا وأعدموه بطريقة بشعة.

بدأ الصراع في ليبيا شبابيا و جماهيريا، وسرعان ما أصبح صراعا بين الحلف الإستعماري الغربي ممثلا بالناتو و معه الرجعيات العربية والدولية في جهة، وليبيا – لا أدري من مثلها في صراع ضروس كهذا غير بعض من النظام – في الجهة الأخرى. ومات القذافي، وسقطت ليبيا في براثن الإستعمار والعبودية والنفوذ الإستعماري.. مات القذافي ولم تنتصرر ليبيا بل أصبحت نهبا للأجنبي

الشهادة:

هي الموت فداء للوطن، وفي سياق الكفاح الوطني.

هناك تفريق بسيط بين الجندي وبين المناضل. فموت الجندي يكون في ساحة القتال على يد العدو المباشر،في سياق نشاط عملياتي من قبل الجيش أو الجيش المعادي. ولم تعامل البشرية جنود الجيش الذين يموتون في بيوتهم أو معسكراتهم خارج سياق المعركة بأنهم شهداء. بينما درجت العادة على معاملة المناضل الذي يقضي في السجن أو في البيت أو في ساحات الكفاح بأشكاله المختلفة على أنه شهيد.

يضاف الى ذالك في بلادنا: كل من يسقط برصاص العدو المحتل يعامل كشهيد.

والقذافي سقط في سياق الهجوم الغاشم من قبل الناتو ومن جنّدهم، وفي سياق مقاومته للمشروع الإستعماري الغربي دفاعا عن حكمه، وفي سياق عملية تتبع واسعة ومكثفة لحركته من قبل العدو الغربي بقيادة أمريكا،والأمريكان هم الذين طلبوا قتله بعد أن قبض عليه حيا.

فوفقا للقياس:أنه قتل على يد العدو الإجنبي لليبيا، فهو شهيد.

ووفقا للقاعدة التي تعتبر من يموت وهو يقاوم التدخل الإجنبي لبلاده، فالقذافي شهيد.

الأمريكان:

الأمريكان هم في صف العدو الغاشم للأمة العربية ومن ضمنها ليبيا وكذلك سوريا ولبنان وفلسطين ومصر وكل الوطن العربي من المحيط الى الخليج.

الأمريكان أعداء الشعوب وأعداء إنتفاضات وثورات الشعوب. ان حراك الشعوب عادة يكون في مواجهة النفوذ الإستعماري المباشر وغير المباشر وفي مواجهة أنظمة غالبا هي من تابعية النفوذ الأجنبي ومتواطئة مع اشكال النفوذ الأجنبي.

فالحراك الشعبي يكون دفاعا عن الوطن ومن أجل تحريره من الإستعمار والمعاهدات، وتحرير اقتصاده من التبعية والقيود المذلة،وهنا تكون أمريكا وحلفها في الطرف الآخر.

أو يكون ضد الظلم والطغيان بمختلف أشكاله ومظاهره وضد الديكتاتورية، ومن أجل الحريات والديموقراطية وأشكال الإصلاح السياسي والإقتصادي المختلفة، وهنا أيضا تكون أمريكا وحلفها في الصف الآخر.

أو يكون النضال ضد الإستغلال الطبقي والإقتصادي وضد الرجعيات المرتبطة بالنفوذ الأجنبي ومن أجل بناء اقتصاد وطني مستقل ومن أجل الإشتراكية. وهنا أيضا تكون أمريكا في الصف الآخر هي وحلفها وبكل قوة.

هنا يكون كل من يصطف مع أمريكا وأعوانها عدوا للوطن وعميلا للأجنبي مهما كانت الصفات التي يظهر بها.. وحتى لو تظاهر بأنه مع الديموقراطية أو مع الشعوب أو من أجل بسط سيطرة ونفوذ الدين.

هناك إصطفافات في العالم:هناك من هم في صف أمريكا وحلفائها في العالم،وهناك من هم في صف الجماهير والثورات الجماهيرية – الثورات الحقيقية والمكافحة من أجل حرية الشعوب وليس التي تسرق الرجعية قيادتها وتتماها كذبا مع بعض أهدافه في طريق حرفها خدمة للأجندة الأجنبية، كما حصل في ليبيا وكما يحصل الآن في سوريا.

إذا علمت أن شخصا أو حزبا أو حكومة تتحالف مع الأمريكان فهم موضوعيا في صف الأعداء وعملاء لهم وضد الشعوب وضد حراك الشعوب وثورات الشعوب.

إن أكبر محرك لخدمة المصالح الغربية هم حكومة المستعمرة الأمريكية في قطر.

فحيث تجد أمير قطر،فإنك تجد الحلف المعادي والعملاء والرجعية.

ومن يقاوم أمريكا دفاعا عن الوطن هم الوطنيون أعداء أمريكا – أمريكا عدوة الشعوب.