لبنان: نعي النأي لنأي مختلف

عادل سمارة

يبدو أن نجيب ميقاتي لم يكن نجيبا هذه المرة، لأن نجابته آتية بالتأثير من الخارج كما التمغنط بالتأثير. فحكومته التي اسماها حكومة النأي بالنفس عن المشاركة في الحرب على سوريا كانت حكومة ضد سوريا بامتياز، ولكن بقدر باع أعداء سوريا في لبنان، أو “ٌقُصر الذيل يا أزعر-مثل شعبي”. كانت حكومة مقودة بمعسكر الثورة المضادة تجاه الشأن السوري، أي السعودية والولايات المتحدة بل كل الغرب كعدو دائم مستدام للأمة العربية.

لقد وصل دور هذه الحكومة حده الأقصى، لذا قرر المشرفون الخارجيون عليها، أن تاريخها انتهى، وبأنها لا تستطيع الإنتاج أكثر في هذا السياق، فكان لا بد من إطِّراحها، وحصل. هل كان من حركوا السيد ميقاتي صادقين معه في إعادته قويا؟ أم في الحقيقة أن هؤلاء وجدوا بأن لا بد للبنان أن ينأى فعلا وبأن ميقاتي ليس الشخص المناسب. هكذا يبدو الأمر.

هل وصلت السعودية إلى قناعة بأن دورها في تخريب سوريا وصل حالة الدوران على المحور واستنفذ ما لديه إلى حد الفضيحة، وبالتالي وجدت أن ترضى من الغنيمة بالإياب فتقوي مركزها في لبنان، وهو الأمر الذي يعني إخلاء “نسبي” لدور التخريب القطري وبالطبع التركي والأمريكي…الخ؟

يبدو أن قوى 8 آذار بصدد قبول تمام سلام طالما بندول الساحة اللبنانية وليد جنبلاط نأى بنفسه عن 8 آذار. وربما كان ما يدفع هذا الفريق للقبول بتمام سلام، حكمة قديمة كان صائب سلام قد قالها لصديق أحد ابنائه. كان الصديق شخصية تافهة، قال لها صائب سلام: روح يا ولد عمرك ما بتصير زلمة. ولكن لأن لبنان بلد طالما حكمه اشخاص ليسوا رجالاً (ليس وحده بين حكام العرب)، فهو بلد يتقرر كل شيء فيه في عواصم الغرب وحتى ديمقراطيته تتحكم بها عائلة وهابية معظمها من الأميين وغير عروبية وتابعة. لذا صار هذا الصديق وزيراً. فذهب إلى صائب سلام وقال له: عمي ها أنذا صرت وزيراً. فأجابه: أنا ما قلت لك عمرك ما بتصير وزير، قلت عمرك ما بتصير زلمة. ولذا يخشى سماحة السيد والعماد عون أن يعود سعد الحريري رئيسا للوزراء. ولكن ما ليس خافيا، هو أن سوريا حاضرة في لبنان حتى وهي في معمعان الاشتباك.