ماذا ارادت اسرائيل ؟؟ ….وكيف سيكون الرد ؟

العميد الدكتور امين محمد حطيط

مع اقدام اسرائيل و بشكل علني واضح على قصف اهداف في محيط مدينة دمشق  تكون المواجهة  قد وصلت في سورية الى مرحلة سقطت فيها الاقنعة و الدبلوماسية و اساليب الرياء و الخداع و باتت اوراق اللاعبين ظاهرة مكشوفة للعيان لا يتجاهل وجودها او معانيها الا فاقد عقل و بصيرة او فاقد الكرامة و الشرف من اولئك الذين جعلوا انفسهم عبيدا للغرب والصهيونية و عملاء ينفذون سياسته في البلدان العربية  و الاسلامية على حساب اهلها في حاضرهم و مستقبلهم ..

نعم  بات  كل شيء مكشوفا اهدافا و ادوات  و اساليب  عمل ، من غير امكانية التخفي بعد الان وراء اصبع هذا او نفاق ذاك او خداع ذينك حيث ان الصراع الذي فرضته اميركا على المنطقة منذ نيف و ثلاثة عقود وصل كما يبدو الى مرحلة تقترب من اقصى مداها ، مرحلة ستحدد نتائجها بدون شك مستقبل المنطقة لمئة عام على الاقل ، عبارة كنا استعملناها يوم شنت اسرائيل حربها على المقاومة في لبنان ، و نفذتها بقيادة و توجيه اميركي و تمويل جله من الاموال العربية ، وكانت وزيرة الخارجية الاميركية يومها واضحة عندما قالت ان الحرب ستفتح الطريق الى شرق اوسط جديد و تقصد شرق اوسط تنحني فيه الرؤوس  كلها للمستعمر الاميركي دون ان يتاح لاحد فرصة السؤال او الاعتراض ، فتقتلع المقاومة و تصفى القضية الفلسطنية و يدخل العالم في العصر الاميركي الامبراطوري ، و لكن يومها خاب ظن اميركا من حربها و كانت خسارتها في مستوى استراتيجي حملها على تغيير استراتيجية المواجهة من ” القوة الصلبة ” الى القوة الناعمة ” التي ترجمت بما اسمي زورا ” ربيعا عربيا” و نفذ تباعا متنقلا من بلد عربي الى اخر بدءا بتونس وصولا الى سورية حيث تدور المنازلة الان ، منازلة دخلتها اسرائيل علانية  ضمن  فريق الاستعمار بقيادة اميركية ، لتواجه  فريق الكرامة و الحرية الذي يشكل  محور المقاومة نواته .

وبعد  دخول اسرائيل العلني في الحرب على سورية و ظهورها الواضح في الخندق الواحد مع التكفيرين و الارهابيين و المسلحين العاملين ضد الدولة السورية فان  كل الاكاذيب التي كانت لفقت لتبرير الحرب تلك سقطت بعد ان اضطرت قيادة العدوان و مخططته اميركا للدخول مباشرة لتعمل بالاصالة عن نفسها بعد ان كانت تنيب عملائها لتنفيذ حرب بالوكالة عجزت عن تحقيق  المطلوب ، و بالتالي لن يكون للاعذار الواهية التي سوقتها اسرائيل و تباناها الغرب من اجل تبرير العدوان بما في ذلك القول امن اسرائيل و صواريخ المقاومة و الاسلحة الكيماوية و ما اليه لن يكون لاي من هذه الاعذار فعالية  تقنع احداً  بجدواها و صدقيتها ، فاسرائيل لجأت الى نارها المباشرة لان المرتزقة و الارهابين انهاروا و بات سقوطهم حتميا كما يقدر المحترفون والخبراء الاستراتيجيون و العسكريون.

نعم نفذ العدوان المباشر بالقصف الاسرائيلي الاخير  لتحقيق رزمة من اهدف قد لا يكون بينها الان بدء حرب اسرائيلية على سورية و محور المقاومة ، و لا  نسقط الاحتمال كليا ، من البال –  لكننا حتى اللحظة نجد ان هناك  اهدافاً قد تتقدم عليه خاصة ما نراه من حاجة اميركا لعمل عسكري مباشر يوصل رسالة لسورية و حلفائها بانها العدوان مستمر حتى تحقيق اهدافه حتى ولو كلف الامر العمل العسكري المباشر بيد اسرائيلية ، و منها ايضا الحاجة الميدانية لتقديم الدعم العملاني للجماعات المسلحة و اقناعها بامكانية العودة  الى خطة مهاجمة دمشق او اطلاق معركة دمشق لتدميرها ، بعد ان كانت تلك الخطة تهاوت و سقطت كليا اثر العمليات العسكرية الناجحة التي نفذها الجيش العربي السوري في ريفها في الشهرين الماضيين .

وبعد هذا التصعيد الاسرائيلي  و عطفاً  على ما كان قد اعلن سابقاً من مواقف اتخدتها   مكونات محور المقاومة وحددت في الاسابيع الاخيرة بشكل يختصر بكلمة “لن ندعهم ينتصرون ” لان نصر العدوان تعني نهاية المنطقة و تحولها الى جحيم يديرها اعداؤها و على هذا الاساس نجد ان الامور في سورية وعبرها الى المنطقة باتت محكومة باحد اتجاهين:

–  الاتجاه الاول : و رغم ان احتمال العمل به يبدو محدودا و منخفض الدرجة الا انه يبقى احتمالا قائما ، و يتمثل بمراجعة اميركية للعدوان والاقتناع بان جبهة الدفاع عن سورية حازمة في مواقفها الرافضة للاستسلام ، و انها قادرة على نقل النار الى مواطن المصالح الاميركية في المنطقة ، و هنا ستكون الخسائر الامريكية اكبر من ان تحتملها اميركا و حلفائها ، و في هذه الحالة تضطر اميركا الى العودة الى اتفاق جنيف و العمل بالوسائل السلمية للخروج من الازمة . و في كل الاحوال فان الدفع في هذا الاتجاه يتطلب سلوكاً سياسياً و ميدانياً من شأنه اشعار اميركا بمخاطر نقل النار خارج سورية عليها اذا استمرت الازمة .

ــ الاتجاه الثاني و هو الان الاكثر ترجيحا كما تبدو الصورة ، و يتمثل بنظرية ” الحرب الدفاعية المفتوحة حتى الانتصار ” و يترجم بمواصلة العمل بالاستراتيجية العسكرية السورية القائمة على مبادئ التقطيع والتطويق والعزل والتطهير من المسلحين ، ثم حفظ المناطق المطهرة بعيدا عن ايدي الارهابيين . ويبدو ان المعتدين لمسوا فعالية هذه الاستراتيجية و خطورة استمرارها على مشروعهم لذلك جاءت اسرائيل بعدوانها الجوي مؤملة بوقف الاندفاعة العسكرية السورية ، و لكي تقول بشكل ميداني عملاني “ان الغرب لن يستسلم و لن يتراجع “. و مع هذا السلوك يكون جائزا ان نتوقع ردا محدودا في البدء ضد اسرائيل دون ان يشكل انزلاقا الى حرب واسعة مباشرة ، اما اذا استمرت اسرائيل في الانخراط العلني المباشر في العمليات العسكرية ، فان الحرب معها تصبح مفروضة لا مفر منها ، و مهما يكن من امر فان رداً ما وبشكل مؤثر نراه قريبا ، و ينفذ وفقا للرزنامة  السورية المقاومة و يكون فعلا .. فعلا دون ان يشكل ردة فعل تتحكم اسرائيل وجبهة العدوان بمكانها وزمانها ومداها .

::::

جريدة الثورة دمشق ..652013