65 عاما على اختلاق الكيان الصهيوني: فلسطين راية الاممية الانسانية

د. نورالدين عواد، كوبا

15 مايو 2013

حلّ على ارض كوبا الحرية، احد الوية التضامن الاممي مع الثورة الاشتراكية، و ضمّ اكثر من 200 عضو من 24 دولة، جاءوا من كل حدث وصوب من اجل التعرف على الواقع المعاش، والقيام بعمل تطوعي انتاجي في الزراعة، والمشاركة في الاحتفال بيوم العمال العالمي، في الاول من ايار، في ساحة الثورة في العاصمة هافانا.

شاءت الاقدار ان نتعرف على مجموعة منهم، وكان القاسم المشترك بينهم الدفاع عن القضية الفلسطينية، امام الغطرسة الامبريالية الصهيونية. غادرت اكثريتهم الجزيرة، وبقي فيها بعضهم، من اجل التجول في انحاء البلد، والتعرف على شعبها وتجربتها ميدانيا ودون حسيب او رقيب.

تعرفنا على اربعة منهم: بمحض الصدفة يوناني وفرنسي وايطالي وبرازيلية. صديقنا اليوناني اضطر الى العودة سريعا الى وطنه، الذي اخذت المانيا ميركل الصهيونية تبتلعه رويدا رويد، ربما انتقاما لدور المقاومة الهيلينية ضد النازية الهتلرية. اما البقية، وبناء على رغبتهم، فقد نظمنا لهم يوم 12 مايو الجاري،  لقاء حواريا في مقر الاتحاد العربي في كوبا، لكي يطلعوا الحضور على نشاطاتهم السياسية في التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته.

فهذا فرنسي ينتمي الى لجنة دفاع عن المناضل المارد الرفيق جورج عبدالله ابراهيم؛ وهذا ايطالي من الشبكات الشيوعية يقوم بفعاليات تضامن مع القضية الفلسطينية من خلال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،  وهذه برازيلية (رفيقة سلام) تنتمي الى لجنة فلسطين في احدى الولايات البرازيلية، التي تغص بالوجود الصهيوني، الذي يستغل ويضطهد شعبها في تزاوج وتواطؤ مع راس المال المحلي. برازيلية تعرِّف عن نفسها بانها فلسطينية، وتزور فلسطين تحت الاحتلال، وتتفقد المخيمات، وتزور عبلة العبسية في بيتها، لتطمئن على المناضل المختطف الاسير احمد سعدات واخوته ال 5000 اسير. وهنا في هافانا فضحت الوضع المخزي الذي يعاني منه الاسرى الفلسطينيون في سجون الصهيونية وفي سجون السلطة الفلسطينية! وشنت هجوما شديدا على الصهيونية وساوتها بالامبريالية، وبانها اشد خطورة على كافة الثورات والقوى التقدمية في العالم.

شاركنا ايضا وللمرة الاولى في كوبا، مناضل من جنوب الارجنتين باغنية سياسية عنوانها “انا فلسطيني” من ضمن ما يقول فيها: انا فلسطيني ابن الانتفاضة….انا فلسطيني وقدري الصمود والمقاومة …انا فلسطيني والانتصار مصيري…لعنة الله على دولارات اسرائيل التي تشتري صمت الامم وضميرها…مرحى لفلسطين، فلسطين يا حبيبتي”.

كان من المحزن والمخجل في نفس الوقت، ان لا يشارك في النشاط الاغلبية الساحقة من طلبة فلسطين الجامعيين(مع انه تم ابلاغهم جميعا) الذين يدرسون هنا بتضامن وكرم الثورة الاممية الكوبية، وتضحيات شعب فلسطين على مر السنين. فقط شارك اثنان لا ثالث لهما من الجبهة الشعبية، وممثل الشعبية في هافانا وسفير دولة فلسطين والعبد لله، محاطين بابناء الجالية العربية ورئيسها، وقيادة الاتحاد وبعض ابناء الشعب الكوبي.

بينما تعد الجامعة العربية بوعد بلفور جديد، وتنحر سوريا جهارا نهارا، وتنكس سلطة اوسلو بشقّيها، في غزة ورام الله، راية القضية والحقوق الوطنية والتاريخية  للشعب العربي الفلسطيني، ويتنازل رئيسها عن حق العودة، ويحارب بامنه الوقائي المقاومة الشعبية المسلحة، ويبشر غرابها بان الحياة مفاوضات ابدية، ياتي المدد الاممي من كل صوب، انتصارا للحق والعدالة والكرامة الانسانية.

والى الذين يتدثرون بالدين يريدون عرض الدنيا، لا مجال الا ان نذكرهم بما قاله المسيح عيسى بن مريم “لا تعبدوا الهين: الله والمال” وبما حذّر منه النبي العربي محمد بن عبدالله “تعس عبد الدينار …تعس عبد القطيفة”.

لا مجال للتنظير اوالتبرير: عالم اليوم يعيش لحظة استقطاب شديد بين الثورة ونقيضها اي الثورة المضادة، استنادا الى فرز طبقي عالمي عابر للامم والاقوام والاديان والاجناس؛ فهل يتساوى سلام فياض مع رفيقة سلام؟ شتان ما بين الثرى والثريا! وهل تتساوى الاممية الوهابية (المتناسخة مع الاممية الصهيونية قلبا وقالبا) مع الاممية الانسانية؟

من هو العربي الفلسطيني الحقيقي؟ هل هو الذي ولد بالصدفة على ارضها ويخونها ويبيعها في سوق النخاسة؟ ام الذي لم يراها وينبض قلبه حبا لها ويناضل في سبيل حريتها وتحررها؟ هل هو سري نسيبة ام مناضل بوليفري يؤمن بان فلسطين عربية ومن النهر الى البحر، ويضع قضيتها على راس جدول اعمال السياسة الخارجية لدولته؟

فيا ايها المرابطون على ثغور الوطن والامة، والقابضون على جمر القضية المقدسة في زمان الردة والانحطاط، لا تهنوا ولا تحزنوا، فلستم وحدكم في الميدان، وانما هي ساعة صمود وثبات وتضحية، والتغير الاستراتيجي في موازين القوى قادم لا محالة، واللحظة التاريخية الراهنة واعدة وحبلى بالامال والافاق المشرقة… صمود… فنضال… فانتصار.