تونس:

الجبهة الشعبية: ورقة عمل للجلسة الثانية لمؤتمر الحوار

(16 ماي 2013)

 

انعقدت الجلسة الأولى للحوار الوطني الذي بادر به الاتحاد العام التونسي للشغل في منتصف شهر أكتوبر 2012. ورغم أن هذه الجلسة كانت دقت ناقوس الخطر، فإن المقترحات التي توصلت إليها لمواجهة الأزمة التي تعيشها البلاد بقيت حبرا على ورق بسبب تعنت الأغلبية الحاكمة ورفضها إصلاح الأوضاع ووضع البلاد على سكة تحقيق أهداف الثورة.

واليوم إذ تنعقد الجلسة الثانية من هذا الحوار فان الأوضاع تأزمت في كل المجالات حتى بالمقارنة بما كانت عليه في الخريف الماضي. إن ثروات البلاد وخيراتها بما فيها الأرض بيعت أو هي مهددة بالبيع للشركات والمؤسسات الأجنبية،ومختلف موازين الدولة ازدادت اختلالا وصندوق النقد الدولي عاد من جديد ليشدد قبضته على مصير البلاد،وقد يكون تدخله هذه المرة أفظع مما حصل في أواسط ثمانينات القرن الماضي. وتبعا لذلك ازدادت الأوضاع المعيشية للشعب سوء وتفاقمت مظاهر الفقر والبطالة والتهميش والتفاوت بين الجهات.

والى ذلك كله فان التعطل السياسي مستمر فلا الدستور الديمقراطي أنجز،ولا مؤسسات الدولة أصلحت،ولا القانون الانتخابي سن،وحتى الهيئة الانتخابية المعلنة فهي تفتقر إلى شرط الاستقلالية وإلى الصلاحية التي تمكنها من أن تكون المشرف الحقيقي على الانتخابات. وقد قضت المحكمة الإدارية بإيقاف تنفيذ السلم المعتمد لاختيار المترشحين وهو سلم فتح الباب للتلاعب السياسي بهذا الاختيار.  أما الهيئات الأخرى ونعني بها هيئتي الإعلام والقضاء، فهي، بهذه الدرجة أو تلك،موضوع اخذ ورد.

إضافة إلى هذا التعطل السياسي المستفحل فقد تفاقمت ظاهرة العنف بدخول عنصرين اثنين غريبين عن المجتمع التونسي وهما الاغتيال السياسي الذي طال الشهيد شكري بلعيد وهو يتهدد العديد من رموز المجتمع،والإرهاب الذي بدا يستوطن في بلادنا،دون أن نهمل الميليشيات التي تحولت إلى مؤسسات رسمية أوشبه رسمية,تعتدي،وتهدد دون رادع،وبعض رجال الدين الذين يسخرون المساجد للتكفير والتحريض على الفتنة.

إن بلادنا في أزمة متفاقمة وحتى المؤسسات التي أقيمت على اثر انتخابات 23 أكتوبر 2011،لإدارة فترة انتقالية بعام،فإنها فقدت شرعيتها خاصة على المستوى الشعبي لا لأنها تجاوزت العام دون أن تؤدي مهمتها فحسب،بل لأنها أيضا عمقت مشاكل البلاد،وتحولت إلى جزء من الأزمة عوض أن تشكل حلا لها،ولم يعد الالتفاف على الثورة فرضية مطروحة،بل أصبح واقعا تعيشه غالبية الشعب،ولئن بقي الأمل قائما في إرجاع الثورة إلى مسارها,فبفضل هذا الشعب وقواه الحية التي لم تقبل أن تطأطئ رأسها لعودة الاستبداد من جديد.

إن الجبهة الشعبية إذ تسجل ما خسرته البلاد من وقت ثمين كان بالإمكان تكريسه لإصلاح الأوضاع، تؤكد أنه لا مجال هذه المرة لمزيد إضاعة الوقت.

إن ما هو مطروح بشكل مباشر هو تحديد خطة لإنهاء ما تبقى من الفترة الانتقالية.

وهذه الخطة لا بد أن تشمل جملة من الإجراءات بما يمكن من التصدي لأبرز مظاهر الأزمة وحتى لا يكون مصير هذه الجلسة الحوارية كمصير سابقتها فلا بد من أن تكون قراراتها ملزمة،ولا بد من آلية لتنفيذ هذه القرارات في سقف زمني متفق عليه.

وإننا نصر على إن الأداة الرئيسية للخروج من الأزمة الحالية هو حكومة إنقاذ وطني محدودة العدد تتشكل من كفاءات وطنية مستقلة تكون قادرة على إنهاء ما تبقى من المرحلة الانتقالية خارج دائرة المحاصصة الحزبية والمصالح الضيقة.

إن الجبهة الشعبية تعتقد أن العناوين الكبرى للتوافقات التي ستنبني عليها المرحلة المقبلة،لا بد أن تشمل السيادة الوطنية في علاقة بالتفريط في مقدرات البلاد وثرواتها ومسألة العنف والإرهاب أولا ومسألة الدستور والانتخابات ومستلزماتها من هيئات وقانون انتخابي وتمويل ثانيا،ومسألة المستعجل في الوضع الاجتماعي للشعب من غلاء وبطالة ثالثا.

1. التصدي للعنف والإرهاب :

إن التصدي للعنف يمثل الشرط الأول لتنقية المناخ السياسي وهو ما يقتضي وقبل الخوض في أي من المحاور الخلافية التي يعمل المؤتمر على صياغة توافقات بشأنها

 -الالتزام الفعلي والواضح بنبذ العنف والانخراط في مقاومته والتوقف عن تبريره أو الدفاع عن مرتكبيه،ولا يمكن أن يتجسد ذلك فعلا لا قولا فقط  إلا بإمضاء وثيقة عهد تونس للحقوق والحريات ووثيقة التعامل السلمي بين الأحزاب وحل الميليشيات وعلى رأسها رابطات حماية الثورة.

– التحقيق العاجل في اغتيال الشهيد شكري بلعيد والكشف عن الحقيقة كاملة.

– التحقيق في كل الاعتداءات التي طالت الأحزاب والمنظمات والمثقفين والمبدعين والصحافيين والمزارات والمقامات والأضرحة ومحاسبة المتورطين في ذلك، أمرا وتنفيذا.

– تجميع الأسلحة وتفكيك الشبكات الناشطة في تهريبها وفي تهجير التونسيين إلى بؤر التوتر تحت غطاء “الجهاد” ومحاسبة الضالعين في ذلك.

– إصلاح المنظومة الأمنية.

– تحييد المساجد و تجريم توظيفها في التحريض على العنف والدعاية الحزبية والسياسية والتكفير.

– إلغاء التسميات والتعيينات الحزبية الأخيرة في مراكز القرار.

– عدم الخلط بين الإرهاب والاحتجاجات الاجتماعية.

– احترام حرية الإعلام واستقلاليته وضمان حرية التفكير والإبداع.

2. وضع أجندة للانتخابات˸

– الانتهاء من صياغة الدستور بما يلبي تطلعات شعبنا في الحرية والمساواة بين التونسيين والتونسيات والكرامة والعدالة الاجتماعية

– وضع القانون الانتخابي.

– وضع قانون العدالة الانتقالية .

– بعث الهيئة الانتخابية.

– تحديد موعد الانتخابات القادمة6  أشهر بعد تثبيت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

– إصدار قانون لتمويل الأحزاب وتجريم التمويل الخارجي.

– مراجعة تمويل الجمعيات وخاصة منه التمويل الخارجي حتى لا يكون تمويلا للأحزاب بطرق ملتوية.

– حل ملف الشهداء وجرحى الثورة.

3. اتخاذ إجراءات اقتصادية واجتماعية مستعجلة أهمّها˸

– إيقاف برنامج الإصلاح الهيكلي الجديد.

– عدم عقد اتفاقات دولية ذات تأثير في المستقبل لمخالفة ذلك لطبيعة التفويض الذي بموجبه تشكلت الحكومة المؤقتة.

– توقيف كل الاتفاقيات والصفقات التي تم بمقتضاها البيع أو التفويت في الشركات والمؤسسات والأراضي التي وقعت مصادرتها.

– عدم خصخصة أية شركة أو مؤسسة عمومية.

– تعليق تسديد الديون وتكوين لجنة للتدقيق في شأنها.

– تجميد الأسعار.

– وضع آلية مباشرة لمقاومة الفساد والتهرب الجبائي