عادل سمارة: مختارات من صفحة الفيس بوك

·       من خطف والد المقداد إلى دولة ديمقراطية معهم!

  • ·       سؤال حامض 29:متى يصل الربيع العربي إلى فلسطين؟
  • ·       نتنياهو وتسليح سوريا

 

من خطف والد المقداد إلى دولة ديمقراطية معهم!!!!!!

خطف المسلحون والد فيصل المقداد (84 عاما) نائب وزير خارجية سوريا وضربوه أمام أسرته.تذكرت يوم 17-12-1967 حين اعتقلني جيش الدولة “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” وأوسعني ضربا في ساحة المنزل أمام أمي وإخوتي عند الواحدة ليلاً، وطبعا نسفوا المنزل.
وقرأت أمس بياناً مشتركاً بين عرب ويهود عن دولة ديمقراطية على أرض فلسطين.والحقيقة ان هذا يعيدني إلى أمرين:

الأول: حدود تصادم هذا مع إعلان سوريا دولة مقاومة وتحديدا مع جبهة المقاومة والممانعة

والثاني: تاريخ موقفنا وتخبطاتنا من الكيان الصهيوني الإشكنازي.
صحيح أن هذا يتطلب كتباً، ولكن لا بد من إيجاز الإيجاز.

أولاً: كمواطن عربي فلسطيني تحت الاستعمار الاستيطاني بدأ حلمي بجبهة عربية ضد الاحتلال منذ عام 1967، ولن انسى حرب الاستنزاف التي بادرت بها مصر الناصرية. لذا، رأيت في تشكيل جبهة المقاومة والممانعة من إيران وسوريا وحزب الله وبعض المقاومة الفلسطينية تصحيحا لمسار لا بد منه. وحينما أ علنت سوريا أنها تعتبر نفسها دولة مقاومة وفتحت جبهة الجولان، تعزز لدي أن هذا هو المدخل الطبيعي والصحيح. بغض النظر عن تشديد تفعيله.فهو موقف تربوي وتنفيذي معاَ. ولم يكن هذا ممكنا لولا تطور القطبيتين الروسية والصينية. ولا ننسى أن انتصار فيتنام كان لهذا السبب، وأن انتصار الجزائر كان لوجود مصر الناصرية.

كنت اتوقع من كثيرين وقعوا على هذا البيان أن يتنبهوا إلى أن المطلوب هو الانضمام إلى جبهة المقاومة والممانعة. وأعتقد أن بعضهم تحمس دون أن يمحص وخاصة بعض الرفاق القدامى من الجبهة الشعبية. تغير الواقع، وتغيرت الاصطفافات، وبالطبع الكيان الصهيوني الإشكنازي لم ولن يتغير.

وثانياً: لقد تورطنا نحن الفلسطينيون منذ ما قبل 1948 في ورطات وصلت حد التواطؤ والخيانة من بعضنا، والسذاجة والفقر الفكري من البعض الآخر. صحيح ان تورط قوى الدين السياسي اليوم في الاعتراف بالكيان (مباشرة ومداورة ومناورة) يغطي عورات كل المتورطين من قوميين وشيوعيين وكمبرادور (الكل في الهوا سوا). ولكن حينما تصل الأمور إلى القاع لا بد حسب قوانين الحياة والاقتصاد السياسي لا بد من بدء النهوض. لقد اعترف الشيوعيون بالكيان باكراً، وحتى الآن لم يحاسبهم أحد (طبعا بالمفهوم الأخلاقي) ثم جاءت انظمة كمبرادورية عربية وفلسطينية، وأحزاب فلسطينية كذلك. طبعا الخلايجة يعتبرون الكيان اقدس من مكة. ودخل الفلسطينيون الكنيست، ودخلوا مجلس الحكم الذاتي (تحت أوسلو اي الاعتراف بالكيان)…الخ. وحتى نحن وأنا منهم، طالما وقعنا باكرا في الاعتقاد بدولة فلسطينية وبتآخي العرب واليهود…الخ. وفي هذا أود التأكيد أننا وجدنا أمامنا خرابا فكريا وثقافيا مما دفعنا إلى الاجتهاد والتخبط.

وفي عام 1976 توصلت إلى قناعة بأن لا يمكن تحقيق دولة فلسطينة وكتبت هذا للجبهة الديمقراطية التي كنت فيها لعامين بعد اختلافي مع الشعبية على الماركسية منذ كنت في السجن . كان على المرء تصويب تفكيره في غياب نماذج او قوة مثال يهدينا كشباب، بل في صحراء فكرية ونظرية، او يحاورنا على الأقل. لقد كانت مأساة أمثالي في المسألة القومية والشيوعية العروبية أننا كنا يافعين ومطلوب منا أن نكون منظِّرين، فتصور كم من التخبط كان أمامنا..

وقد تكون مفارقة هائلة، ان الحديث عن دولة ديمقراطية وثنائية القويمة…الخ هو من الدس التروتسكاوي في أذهان كثيرين منا، وهنا أزعم أنني اعرفهم، وفي فترة اتهمني فلسطينيون بأنني تروتسكاوي، فقط لأنني كنت اقول علينا قراءة كل شيء بما فيه كتابات تروتسكي، ربما لأنهم اساساً لم يسمعوا بالماركسية-اللينينية-الماوية. والتيار التروتسكي ، كلما تعمقنا في المعاني الخفية لأطروحاته نتأكد انه صهيوني (طبعا لا اقصد كل فرد) صهيوني بامتياز على صعيد عالمي ولم يترك ثورة نظيفة إلا وقف ضدها. وفي حين بكينا يوم سقوط الاتحاد السوفييتي رغم نقدنا له، احتفلت التروتسكية والمحافظين الجدد معاَ.

بعد صراع لقرن، واغتصاب ل 65 عاماً، يعود البعض منا إلى الترجي، استجداء دولة ديمقرطية مع المغتصب، ومتى في لحظة صعود قطبيات صديقة وتبلور تحالف سوري إيراني وحزب الله. أليس هذا غريباً!!!

الكيان لن يسمح لا بدولة ولا بعودة. فلا الإيديولوجيا الصهيونية تسمح، بل هي تتمدد في كردستان العراق وفي جنوب السودان، ولا الموقف السياسي للكيان يسمح ولا الحاخامية تسمح. فهل تسمح (الجماهير؟؟؟) والكيان هو البلد الوحيد الذي حتى حكومته تقف على (يسار) شارعه!

سيكون هذا التوجه فرصة لتقطيع الوقت بلا شك.

ولكن، اعتقد بكل بساطة أن اي حديث عن ما يسمى (حق العودة) هو ترجي. وهذا يعيدنا إلى فلسفة الأخلاق لدى ارسطو. الحق والأخلاق من صنع الحاكم والطبقة الحاكمة والأنظمة الرسمية. لذا، المطلوب ليس الارتكاز على من (صنع) الحق في الأمم المتحدة. اعتقد ان الصحيح، وبعد كل الورطات التي وقعنا بها، والعجز النظري، وهذا يشملني في مرحلة معينة، صار لا بد من الوضوح. المعنى الحقيقي عربيا وفلسطينيا وأمميا هو : التحرير والعودة. وحينها لا تعود المشكلة في اسم الدولة بل في جوهرها. وهذا لا يتم سوى بالبدء بالمقاومة والممانعة وعلى ارضية عروبية واضحة.

يبقى سؤال: الدولة الديمقراطية الواحدة علاوة على انها خيال، فهي لا تقول شيئا عن إعادة الأرض لأصحابها والممتلكات لأصحابها (مثلا: ليئا تسيمل وميشيل فارشافسكي قادة التروتسكية يسكنون في بيت فلسطيني). ولا تقول هذه الدولة شيئا عن العودة التامة لكل الفلسطينين ولا تقول شيئا عن تفكيك المؤسسة العسكرية النووية الصهيونية ونزعها من أيدي غلاة الصهيونية، ولا تقول شيئا عن تأميم الصناعات المتقدمة. سيبقى كل هذا بيد الصهاينة كراسمال وسلطة وإيديولوجيا. لأن تحقيق هذا يتطلب دولة اشتراكية وهذه محال بدون تحرير.

إذن ديمقراطية هذه الددولة ستكون في تساوي العرب واليهود في السجون، وربما لا.

لقد أُدخل في روع كثيرين ما نموذج جنوب إفريقيا، وهو لا ينطبق هنا، ولا متسع للتفصيل. لكن يكفي ان تعرفوا ان مانديللا كان قد ساوم راس المال والشركات الكبرى للإمبريالية باكرا، مما أنتج دولة بيضاء بوشاح أسود ، كما وصفتها في مجلة كنعان عام 1995.

ملاحظة أخيرة: هناك كثيرون من الحزب الشيوعي يعتبرون عادل سمارة أكثر من اساء إلى الشيوعية لأنني أرفض تورطهم في الاعتراف بالكيان الصهيوني، وكثيرا ما كتبت انقد السوفييت قبل سقوطه. كثيرا ما كررت لي صديقة قديمة والدها منهم، لكنها تورطت في الإعجاب بالمفكر عزمي بشارة. يعرف هؤلاء ان الشيوعية بالضرورة نقيضا للكيان. وأن عليهم التحرر من هذا السقوط والتواطؤ الذي أسس لتواطؤ الكمبرادور وقوى الدين السياسي.

***

 

سؤال حامض 29: متى يصل الربيع العربي إلى فلسطين؟

 

سؤال يردده كثيرون.

بدأ الربيع العربي في الأرض المحتلة-لأن فلسطين هي كل فلسطين.

الربيع العربي (بمعناه الفعلي بتقويض الانتفاضة الأولى، الانتفاضة المغدورة التي تكالبت الأنظمة العربية عليها كي لا تمتد إليها) بدأ في الأرض المحتلة مع اتفاق  أوسلو-ستان. دعم مالي على شكل ريع متعدد من المال المسموم/ وأموال الأنجزة، والمؤسسات الدولية، والقنصليات وشبكات المخابرات وتمويل التطبيع.  هذا هو الربيع،  بلد  باكمله معلق بمساعدات أجنبية. ليس مطلوبا من الناس أن تعمل بل أن تهمل الأرض وتثرثر في السياسة ، ومن ثم تشعر أن من حقها أن تقبض! ألم يحصل كل هذا بعد الانتفاضة الأولى؟  لذا فالربيع الذي ورث الانتفاضة، اي أوسلو ليس سوى مرحلة انتقالية باتجاه إنهاء القضية وبالتالي لا دولة ولا هم يحزنون، اي أن ما هو آتٍ حسب المخطط بغض النظر عن حظه في الحصول هو تبيثت القواعد الثلاث لاستراتيجية الكيان: لا دولة للفلسطينيين بموجب افيديولوجيا الصهيونية، وسياسات حكومات الكيان والموقف الديني اليهودي.

وصل ربيع الفلسطينيين اليوم إلى التبرع بالأرض وليس فقط التفاوض كما حصل في واشنطن مؤخراً. وهذه ايضا “شطارة” فلسطينية. فهل يمتد هذا إلى بقية الوطن العربي الذي له أراض محتلة؟

بعد ربع قرن على الانتفاضة، انتفضت جماهير عربية بشكل انفجاري، ومن ثم احتوتها الثورة المضادة، فبدأت قطر والسعودية برشوات لقوى على مستوى الوطن والعالم، أي تخليق أممية وهابية وسلفية، كما نرى في سوريا وكان في ليبيا ومن ثم مالي واليمن والبحرين…الخ.

إذا صح ما أكتب بان المعادلة هي: حدث انفجاري شعبي، قامت به الطبقات الشعبية والوسطى، ومن ثم اغتصبته الثورة المضادة، فهذا بدأ فلسطينيا. قد يقول البعض بأن الفارق أن الانتفاضة كانت ضد الاحتلال(الكيان الصهيوني الإشكنازي) فمن قال أن الحكام العرب ليسوا احتلالاً! وكي لا يغضب محبي د. عزمي بشارة، أو كي يغضبوا مع ان المطلوب أن يفكروا بهدوء،  لنأخذه مقياساً: فهو قد انتقل بهدوء ونعومة من تل أبيب حيث احتلال ببرلمان وأحزاب إلى قطر حيث مستوطنة بلا أحزاب ولا برلمان والوضع بالنسبة له طبيعي، ومن هناك بدأ ينفذ اجندة صهيونية لصالح الثورة المضادة وخاصة ضد سوريا. وآمل ان يفكر الشباب: لماذا لا يقل كلمة واحدة عن احتلال البحرين من السعودية؟ وما الأولى: خلع قاعدتي العيديد والسيلية من “وطنه قطر” أم تدمير سوريا العلمانية على يد السلفية الوهابية؟ بل دع هذا كله، لماذا لم يعترض على أمير قطر الذي قرر التبرع بأرض فلسطيتية للكيان؟ فطالما قطر ديمقراطية وواحدة (واحة الدوحة) فلا شك أن بوسع عزمي أن يتحدى الأمير في مناظرة تلفزيونية ويدافع عن فلسطين. لماذا لا يسأله الشباب ويأخذوا الحقية من فمه وليس مني!

* * *

نتنياهو وتسليح سوريا

سؤال حامض 30:ننياهو والفلسطيني الوطني والأخلاقي: سمحت لنفسي أن لا أكتب عن 15 ايار، ربما لأنني لم أحب اساساً شعراء المناسبات، وذلك اعتمادا على زعم بأن الحياة مقاومة ولذا هي يومية زمانا ومكاناً زماناً بمعنى في كل عمل يقوم به الإنسان طوال يومه  طبعا عبر نمط إنتاج، اي نمط، لا فرق فيما يخصل تواصل العمل، ومكاناً على امتداد الحيز مهما ابتعد، اي من فلسطين إلى الدوحة والرياض وواشنطن وموسكو..الخ..

يطير اليوم بنيامين نتنياهو إلى موسكو. ولأني أوسِّع الحيز او المكان_ أليس من حقنا ذلك على الأقل كما يتوسع الكيان وكما يوسعه أمير قطر ووزراء خارجية العرب ورام الله، وهو توسيع لم يجرؤ الشيخ العلامة القرضاوي على نقده، بل استدار بعيدا ليرفض التفاوض. حبذا لو قرأ الشيخ بعض ما كتبه “الكافر” لينين عن الذين يدورون حول الحقيقة ولا يقولونها: “كما يدور القط حول صحن من المرق الساخن”. إذن من حقنا توسيع الحيز على الأقل في نطاق الكتابة.

بهذا التوسيع، اقول للفلسطينيين الذين يغردون لحاكم قطر، أن نتنياهو لم يكتفي بتبرعات أمير قطر من أرض فلسطين. إغضبوا ايها السادة واشتموا يسارا ويسار يسار، لا مشكلة، ولكن هل كتبتم بيانا مشرِّفا يشجب ما فعله الأمير الضخم؟  بلاش  بيان، سطر!!!!! بلاش كلمة!!!! بلاش حرف لا. أقول هذا لأن المسألة وطن!!!

المهم، يبقى السؤال: لماذا يذهب نتنياهو إلى موسكو لشراء موقفها من تسليح الجيش السوري؟ لماذا يخشى السلاح بيد سوريا ولا يخشاه بيد السعودية وكل الخليج؟ فالأسلحة التي تشتريها كيانات الخليج لا يمكن (لمن كان أدبي في المدرسة مثلي) أن يحصيها، ولا حتى علامة العلمي، مئات مليارات الدولارات، بل بضع تريليونات.

هل لدى فريق دفاع قطر والسعودية وقوى الدين السياسي كلمة؟  هنا جرأة الإجابة، لماذا هذا السلاح لا يقلق الكيان ، بل ولا يسأل فيه؟ وطالما ان الجيش السوري يضرب مواطنيه بالكيماوي وبالصواريخ، فهل ذهاب نتنياهو هو مثابة عطف على الشعب السوري لإقناع موسكو بعدم بيع سوريا سلاحاً؟
براي مغردي قطر والسعودية، اي حمد وعبد الله: نعم. لأن من لا يقف بوضوح ضد التبرع بوطنه، فإنه لا يعتبر ذلك وطنه، بل وطن العدو! يبقى السؤال حارقا وحامضاً حتى يُجاب.

::::

صفحة الكاتب على الفيس بوك

https://www.facebook.com/adel.samara.5?fref=ts