يفتح النار على “فلاسفة النفط و الناتو“
19 أيّار 2013
رولا عبدالله الأحمد / الأردن
يجمع المحللون السياسيون المتابعون لما يجري في سورية اليوم من نزيف ودمار لكيان الدولة ومقدراتها على أنه يصبّ بالضرورة الحتمية في صالح مشاريع الكيان الصهيوني والتسريع في تصفية القضية الفلسطينية في آن معاً، وعلى الرغم من ارتهان بعض الأقلام لمحاولات الترويج بقوة لفكرة عزل ما يجري في سوريا عما يحدث في فلسطين المحتلة جهاراً نهاراً ، دون أن تلتفت هذه الأقلام التي تبجّح أصحابها بالدفاع عن “(حرية) الشعب السوري ” من منابر بلدان لم تعرف يوماً نسيم حرية حقيقية مرّ – ولو عبوراً-فوق كياناتها، تاركين فلسطين تستباح علانية على مرأى ومسمع منظّريهم ومفتيهم… إلا أن هناك من حاول ويحاول رسم المشهد من داخل الأرض المحتلّة في محاولة حثيثة لهزّ وجدان ووعي القارئ العربي الذي تاه في معمعة الضجيج الإعلامي الذي أحدثته وتحدثه كمّ الفضائيات ووسائل الإعلام المأجورة لتوأمة رأس مال النفط العربي ومصالح الصهيونية العالمية.
وللوقوف على رؤيا المشهد السوري من الداخل الفلسطيني التقت الصحيفة المفكر والمناضل د.عادل سمارة للحديث عن فسيفساء المشهد السوري- الفلسطيني .
يبدو أن وقع الحدث في داخل فلسطين المحتلة يسير بالتناغم مع وطأه دموية المشهد السوري، فكيف تشرح للمشككين في ترابط المشهد السوري الفلسطيني ؟وأن مايجري في سوريا يسير بالتزامن مع محاولات حثيثة لتصفية القضية الفلسطينية؟
قد تكون لهذا السؤال إجابتين، الأولى: من لم يتجاوز التشكك بعد، فهو مشكك أو مشكوك فيه، ولذا لا يستحق الإقناع. والثانية: لأن تحليل الموقف هو من أجل اثنين، فهو ضروري ،ومن أجل التاريخ. من أجل الجيل الجديد كي لا يُؤتى على وعيه لا يمكن فهم الحرب على سوريا خارج نطاق المسألة العروبية والتي تشكل فلسطين نقطة الاشتباك الدائم فيها. هنا لا بد من استدعاء الروح السورية التي تقوم على أن فلسطين جزء منها، وهذا لا علاقة له بالنظام كما قد يزعم البعض ويتهم، فعلاقته بالثقافة القومية العربية للشعب العربي في سوريا. صحيح أن سوريا لم تفتح جبهة الجولان، وفي اعتقادي أن هذا أمر طبيعي من منظور قومي ومن مدخل استراتيجي، بمعنى أن أية أرض عربية جرى احتلالها من الكيان والمركز الإمبريالي بل من الثورة المضادة، فإن استعادتها واجب عربي عام لا يتحقق دون تحول في الوضع العربي، أما القطر قيد الاحتلال فما عليه سوى المقاومة وليس من الطبيعي أن يزعم التحرير بقواه وحده وهذا ما منع سوريا من المغامرة بحرب مدمرة وحيدة فيها. إن حصر فلسطين في قطرية فلسطينية هو الذي أعطى الأنظمة العربية التابعة فرصاً جعلت منها: -أنظمة لا تكترث قط بالقضية -أنظمة تتآمر على القضية -أنظمة تطبع مع الكيان وقد يكون المدخل الجديد في تحويل سوريا إلى دولة مقاومة هو مدخل مناسب لأن سوريا ذاقت الدمار، وبالتالي ليس هناك كثيراً مما تخسره، هذا إضافة لمسألة هامة جداً وهي أن سوريا ليست وحدها بل هي جزء من جبهة المقاومة والممانعة وهذا تعويض عن العمق العربي الشامل والمقاوم إلى أن يتغير. وإذا صح تحليلي هذا، فإن سوريا لم تتأخر عن أي نضال عربي ولو نصف جماعي من أجل فلسطين، أقول نصف جماعي لأن هناك أنظمة الخليج مثلاً لم تطلق إطلاقا حجراً ضد الكيان، بل تآمرت على الأنظمة ذات التوجه القومي. سوريا فقدت الجولان 1967 وهي تحاول تحرير فلسطين، سوريا شاركت في حرب 1973 ووصلت قواتها جسر بنات يعقوب قبل أن يتركها السادات وحيدة في مواجهة الكيان والجسر التسليحي الأمريكي للكيان. وسوريا كانت ولا تزال وراء تسليح وانتصار حزب الله عامي 2000 و 2006، وسوريا مع إيران وحزب الله في تسليح المقاومة في غزة ،هل يُعقل أن المتشككين لا يعرفون هذا؟ ها قد عرفوه..لذلك، فإن تطورات الموقف السوري من حيث فتح جبهة الجولان، وإعلان سوريا دولة مقاومة لن يغير في تشكك هؤلاء، لأن ذهنيتهم ومصالحهم قائمة على معاداة المشروع القومي العربي سواء بطابعه البعثي أو الناصري أو العروبي الشيوعي الذي نحاول التأسيس له..
ما الذي شجع المحتل الصهيوني لممارسة هذه المغالاة في انتهاك مقدساتنا ،والتي تجسدت مؤخراً بمشهد اجتياح قطعان المستوطنين للحرم القدسي ؟ وهل سيمر المشهد عابراً من نكبة إلى نكبات؟
من هي القطعان؟ هل هي التي تستبيح وطننا لتبني لنفسها وطناً، أم الذين من بيننا يعترفون بالكيان والذين من بيننا يرون تدمير سوريا ويساهمون فيه ويدعمونه أو على الأقل يحايدون، أم الذين باركوا تدمير العراق وليبيا واليمن واحتلال البحرين…إلخ؟
أعتقد أننا بحاجة لمثقف نقدي مشبتك. مثقف مخلص يضع النقاط على الحروف ولا يتوخى مصلحة ما…إذن وطالما لدينا قطعان من هذا الطراز سوف تستمر قطعان الصهاينة جميعاً،لأنهم جميعاً مستوطنين ويعملون ضمن مشروع وعلى إيقاع واحد موحد،كيف لا يقوم المستوطنون بهذا بينما ستة وزراء خارجية عرب وأمين عام الجامعة العربية يقدمون وعد بلفور جماعي للكيان من خلال جون كيري وجميعهم يبتسمون! هل يُعقل أن يحصل هذا ولم تحصل مظاهرة واحدة اعتراضاً. يقولوا في المثل الشعبي الفلسطيني: “فلان لا بكرم ولا بزرم”! هؤلاء في وضع أسوأ؟ من يمنع المستوطنين طالما أمير قطر يقود الجامعة العربية كما يُخطط له المركز الإمبريالي والكيان؟ لا أعتقد أن شيئا سيحدث إذا ما استولوا على الأقصى. فقوى الدين السياسي هي أحزاب سياسية وليست مجموعات مؤمنين. المسألة علاقات سوق.فما الأكثر أربحية لهم الاشتباك من أجل الأقصى أم وصول سلطة وتشكيل إمارات إسلامية ومن ثم أممية وهابية؟ علينا عدم الاستهانة بأهداف هؤلاء السياسية. فهم مع الدين في حدود ما يخدمهم. من يذبح في سوريا جماعياً هو يمارس جريمة أعظم من الصمت على هدم الأقصى”.
في مقال لك حمل عنوان :”القطرية ضرورة أم ضرر” تضع سؤالاً برسم من تسميهم ” فلاسفة النفط والناتو” أمثال عزمي بشارة ومن سميتهم في المقال، هل تعتقد أن الذات عند هؤلاء تغلبت على الموضوع حتى وصلنا إلى ما نحن فيه من هاوية ؟ أم أنها محض أخطاء قاتلة؟
التاريخ والحياة تحددها قوانين عامة تنطبق على روح وعقل أكثرية البشر لأنهم هم الذين يصنعون التاريخ. هناك أخطاء نعم، ولكن حين نسميها أخطاء، فهي ليست القاعدة بل الاستثناء..ما قام به هؤلاء المثقفين هو تجسيد لاستدخال الهزيمة.سواء عزمي بشارة ، صادق جلال العظم ، أم فواز طرابلسي، والتروتسكي صلاح جابر (جلبير أشقر)، وجابر عصفور وقبلهم التروتسكي محمد جعفر (هو نفسه كنعان مكية وهو نفسه سمير الخليل) الذي استوطن في البيت الأبيض مستشاراً لجورج بوش لاحتلال العراق….إلخ يمثل هؤلاء حالة المثقف المخروق، الذي من جهة يرى نفسه أعلى من المجتمع المحلي، ويرى نفسه أدنى من الغربي كمثقف أو خطاب. لذا يلهث من أجل الحصول على الاعتراف ومن جهة ثانية، هؤلاء حسبوها غلط لأنهم ليسوا مناضلين. فالمناضل يقف مع أي قطر عربي حتى بعد هزيمته كما وقفنا مع العراق وليبيا. نحن نقف مع الواجب والانتماء أو كما كتب امرء القيس: ”فقلت له لا تبك عينك إنما….نحاول ملكا أو نموت فنعذرا”. هؤلاء اعتقدوا أن سوريا مهزومة لا محالة’ هؤلاء لا يستطيعون التفكير قطعياً بأن الإمبريالية يمكن أن تهزم أو أن الخليج يمكن أن يفلس. أو أن “الخلايجة”، كما يسميهم موفق محادين، يمكن أن يعفوا عن قتل من يختلف معهم. لذا، اعتبروا أن لا أحد سوف يلومهم لأنه بعد الهزيمة تنشغل الناس في البكاء. لم يتخيلوا صمود سوريا لأن المهزوم لا يرى معنى المقاومة، ويرى القوة فقط في الغربي. هكذا كان” أدورنو” وهو لا شك يعرفه على الأقل صادق العظم جيداً. فهذا كان من منظري الثورة على صعيد عالمي، وحينما اشتعلت ثورة الطلاب 1968 وانتفض طلابه اتصل بالشرطة وأتت لتعتقل أحد قادة الطلاب الذي كان معجبا بأدورنو، مر الطالب من جانبه مع الشرطة وأهانه.. في حالة فلاسفة الناتو، الذات الفردية الفردانية كانت دوما قبل الموضوع، حتى لو كانت دفينة في مرحلة ما، مثلا حين كان فواز طرابلسي في منظمة العمل الشيوعي، لذا ما لبث أن تخلص من عبء الموضوع. وكذلك صادق العظم الذي خلال صعود نجم المقاومة ألصق نفسه من مدخل ما بها، وكتب في نقد الفكر الديني، فها هو يعود ليصطف إلى جانب النماذج الفاشية سواء للرأسمالية المعولمة أو للدين السياسي. وعزمي بشارة من الطراز نفسه. ولأنني أعرفه أكثر معرفتي بالآخرين، فلا داع للحديث عن ذاتيته، لكنه أراد المجد حتى لو من باب عضوية الكنيست أي من أحط أبواب الصعود إلى الأسفل. اليوم عزمي بشارة يلتقط مثقفين من مختلف أرجاء الوطن العربي في مشروع لخصي الثقافة العربية القمية والمقاومة والماركسية. كل ذلك بالمال. له شبكة كبيرة الآن. لذا على الذين يستقبلون تمفصلات عزمي بشارة أن ينتبهوا إلى أنهم يقترفون خيانة وتطبيعاً خطيراً. نموذجا على ذلك أحمد أشقر الذي يعيش في موشاف (مزراع) ويستقبل في عمان كمثقف مقاوم! ومنها ينطلق إلى الدوحة. في جامعة بير زيت فريق تابع لبشارة. ولا داع لأسماء أكثر. هذا يفتح على المثقف عموماً، ذاتيته ونرجسيته من جهة واستعداده للتنازل حتى الخيانة من جهة ثانية. من هنا لا قيمة للمثقف أو بالأحرى لا ضوابط للمثقف ما لم يكن مناضلا بمفهوم أن النضال ليس مرحلة من العمر فالنضال حياه.
هل تعتقد أن المثقف الذي اختار العيش خارج الأرض المحتلة ، يمارس ترفاً في التنظير ، على عكس من يعيش يوميات آلام الناس ومعاناتهم في الداخل؟
إذا اختار المثقف ذلك، فهو لا يختلف عن التاجر والرأسمالي، أي ذهب من مناطق الخطر على الاستثمار إلى مناطق الأمان. وهذا يفتح على قانون اقتصادي اكتشفه ماركس: قانون “الانسحاب والغزو” بمعنى أن رأس المال ينسحب من المناطق قليلة الربحية وعالية المخاطر ويغزو المناطق التي تؤمن ربحا أعلى و مخاطراً أقل. فالمثقف الذي يختار الرحيل هو حامل رأسمال ثقافي (يسميه بورديو راس المال الاجتماعي) يعني في سرقة ماهرة من ماركس. فهو يبحث عن مناطق أكثر أمنا لحياته وأكثر مردوداً اقتصادياً. وهو لذلك يمارس التنظير مقارنة بمن يصمد حتى لو صامتاً، حتى لو كرقم في الصراع الديمغرافي. فمن يصمد على شبر يحمي ذلك الشبر طالما الصراع على الأرض.. أما المثقف الذي وُجد في الخارج لظرف ما، ربما وُلد في الخارج، ولم يتسنى له العودة فهو خارج هذا النقد. هناك فئة مثقفين خبثاء، كان بوسعهم العودة للأرض المحتلة لو حاولوا ولكنهم فضلوا البقاء في الخارج بحجة عدم القدرة على العودة وتخصصوا في المزايدة، وحتى اتهامنا بالتطبيع. هؤلاء أكثر رداءة من المثقف الهارب، لأن هربه يفضحه، بينما هذا يستره خبثه ومزايداته.. وبالمناسبة، العيش هنا ليس بطولة، هو فقط واجب كما هو واجب أي مواطن عادي وبسيط. ويمكن لمثقف في الخارج إذا لم يكن هاربا أو خبيثاً أو مدعياً أن يخدم بأكثر من مثقفي التواجد في الوطن. يجب أن لا يكون التواجد في الوطن فضيلة يُتاجر بها الموجودون في الوطن.
دعوة لسلسلة بشرية أردنية على الحدود السورية
وجهت دعوة لشرفاء الأردن بالانتشار في سلسلة شعبية لحماية حدود سوريا ولوقف مشروع التدخل العسكري الأمريكي، فهل تعتقد أن هذا العمل “الأرنوني”* سيكون خطاً رادعاَ لمن يقف وراء المشروع؟
بصراحة هذا عمل بطولي هائل حتى لو لم يمنع التدخل العسكري الأميركي. فهو سوف يشكل إحراجاً للجيش الأردني، فالجندي الأردني ليس مستشرقا ولا صهيونياً، ولا محايداً ولا مرتزقاً. هو في النهاية عربي بلا مواربة, ولذا يجب وضعه أمام التحدي وضرورة التصدي، ولا يمكن وضعه هكذا سوى في مناخ مواجهة كهذه. هذا الموقف يحُك انتمائه ويثير عنفوانه مثل “وامعتصماه” . يجب أن يصل هذا الحديث إلى زوجة الجندي والسياسي وإلى أبنائهم ليتم خلق اشتباك في البيت في المدرسة: كيف تقبلون بما يجري؟. هذا هو الإعلام الشعبي الذي به نواجه الإعلام التكنولوجي المزيف. يجب تحريك كل أسرة من داخلها. ما حدود النجاح هذا أمر آخر. حتى عملاء ال “سي. آي إيه “أحيانا تثور فيهم نزعة إنسانية: يقول أحدهم بأن هذه المؤسسة وكلته لوضع سموم في معجون أسنان الشهيد باتريس لومومبا رئيس الكونغو الديمقراطي 1961 للتخلص منه، ويضيف:” لقد رميت المعجون في النهر”.. أذكر في سجن نابلس 1968 اضرب الأسرى ضد قيادة المعتقل فقرر قائد المعتقل كسر الإضراب بالقوة، وكان جنود حرس الحدود مختلطين يهودا ومن العرب الدروز، وإذا بأحد الشباب يهتف : “دمك عربي يا حمدان” وهو شاويش معهم. فما كان من حمدان إلا ورمى العصا وعاد دون المشاركة في اقتحام المعتقل. وفشل العدوان!
هناك رأي متفائل يقول :” أن ما يحدث اليوم هو ذروة المشهد المفجع الذي نعيشه في المنطقة ، وأن الخط البياني للتغوّل الأمريكي ومن خلفه المشاريع الصهيو- أمريكية سيبدأ بالانحدار ، فهل تؤيد هذا الرأي؟
نعم في ثلاث مستويات.
أولاً: على الصعيد العالمي نحن نعيش فترة تراخي القبضة الإمبريالية، ثلاثي المركز في حالة ضعف (أمريكا الاتحاد الأوروبي واليابان) هذه لحظة تراخي قبضة اللصوص الذين يمثلون ما وصفهم به ماركس “تآخي اللصوص”. هذه اللحظة مبشرة حتى بمعزل عن صعود القطبيات الجديدة. فصعود هذه القطبيات يفرض فرملة وربما شللاً لتغول الإمبريالية، وهذا ما يحصل في المستوى السوري. وبغير الأزمة وصعود القطبيات الجديدة لكان الغرب قد دمر سوريا من الجو.
وثانياً: لأن معسكر المقاومة والممانعة (أي المستوى القومي/الإقليمي ) اليوم يمثل النقيض القوي لمعسكر التسوية والتبعية وحتى الخيانة. وهنا المسألة المركزية بمعنى أن هذا المعسكر، لا بد أن يهجم في وقت لاحق لأن معركة سوريا لم تدع مجالا للمهادنة، وتراجع الأعداء ليس عفة وحياء بل ضعفا.
وثالثاً: المستوى الوطني السوري، فالتجربة في منتهى العمق، ولا بد أن تستولد رؤية وموقفاً معيناً يدفع إلى الأمام. فلا يمكن أن تذهب كأن شيئا لم يكن. لقد فتحت التجربة أعين السوريين على مدى التحدي الهائل في الحياة وعلى قدرتهم على المواجهة. من كان يمكن أن يصدق أن يحصل هذا لبلد ويصمد؟ من كان يتصور الفظاعات التي ارتكبت؟ وهل يمكن أن تمر هذه بلا دروس ومواقف واستراتيجيا؟ أعتقد أن التجربة قد كشفت مسألة طالما تهيب الماركسيون العرب من طرحها نظرا لخوفهم من الماركسيين الغربيين وخاصة التروتسكيين الغربيين والصهاينة، أو لعجز عن فهم الماركسية وخاصة تيارها الماوي: وهي أن القومية العربية بما هي تحررية وتحت استعمار متنوع من استيطاني إلى اقتصادي إلى عسكري إلى ثقافي، هي قومية مقاومة، وقاعدتها الأساس هي الطبقات الشعبية مما يعني أن التيار الذي بوسعه فهم المرحلة وتحضير لغتها وأدواتها الثورية هو تيار عروبي شيوعي. فمن الفقر الفكري التعميم بأن القومية هي حركة فاشية بالمطلق وفي كل مرحلة وموقع!
المشروع الصهيوني يتراجع ويتقدم معا، ولكن التراجع أوسع . تقدم المشروع الصهيوني يتم عبر التطبيع والاعتراف بالكيان من طبقات وأنظمة وأحزاب وحتى أفراداً، ويتم من خلال الاستثمارات المشتركة، وتشريك البنى التحتية كقناة البحرين…الخ. لكنه يتراجع مع تراجع الإمبريالية نفسها، وهنا العقدة الرئيسية. هنا بيت القصيد لأن وجود الكيان مرتبط بالحبل السري بالإمبريالية أي بالنظام الرأسمالي العالمي، لا محالة. ولنقرأ الخط البياني التالي: عام 1948 اغتصبوا ثلاثة أرباع فلسطين وهزموا سبع دول عربية، وعام 1967 احتلوا بقية فلسطين وأجزاء من سوريا ومصر وحينها درج التندر بينهم: “دخل الجيش حربا وأنهاها دون أن نشعر بها”. وفي عام 1973 أُلحقت بهم نصف هزيمة من دولتين فقط، رغم خيانة السادات وجسر السلاح الجوي الأمريكي . وفي عام 2000 هزموا في جنوب لبنان وانسحبوا، وعام 2006 هزموا في لبنان، وعام 2008- لم يتمكنوا من دخول غزة على الأقل تحسبا للخسائر. واليوم، يشاركون في تدمير سوريا ولكن دون الجرأة على دخول حرب مباشرة.
• أرنون هي قرية في جنوبي لبنان (فبل التحرير) حررها شباب الجامعات اللبنانية ، عندما قرروا تشكيل سلسة بشرية واقتحام السياج الشائك الذي وضعه المحتل واقتلاعه ودخول قريتهم وتحريرها بأجسادهم والثبات فيها حتى انسحب منها المحتل تحت هول المشهد.
:::
موقع «ٍSlab News»
http://slabnews.com/article/22250