بيت نوبا، عمواس، يالو، دير اللطرون

ضحية… خريطة!

عادل سمارة

في صباح 5 حزيران 1967، كانت الحرب. تجمع مئات الشباب امام مخافر الشرطة تطلب السلاح، وعد قادة المخافر بأن السلاح سوف يأتي قبل المساء، لكنه لم يأتِ. وفي مساء اليوم ذاته اندفعت عدة آلاف من الصاعقة المصريين إلى داخل فلسطين المحتلة 1967 ومعهم فدائيون فلسطينيون  لإرشادهم في الأرض والاشتباك مع جيش العدو.  وفي مساء نفس اليوم تم سحب الجيش الأردني من قرى غرب رام الله ومن ضمنها قرى يالو وعمواس وبيت نوبا.  كنا نسأل الجنود إلى اين؟ قالوا إلى القدس.

في صباح 6 حزيران ومع طلوع الشمس، كان الفدائيون المصريون يعودون من المحتل 1967 إلى مواقع انطلاقهم من معسكرات الجيش العربي الأردني، ليجدوا أمامهم في سهل قرى يالو وبيت نوبا وعمواس دبابات ومدرعات الجيش الصهيوني، والتحم الرجال بأجساهم مع دبابات العدو، كانوا يقفزون على ابراجها بالقنابل اليدوية. استشهد من استشهد وانسحب الباقون إلى قرانا ومنها واصل معهم الفدائيون المحليون مشيا إلى نهر الأردن فالضفة الشرقية. خلال نهار اليوم الأول كانت مضادات الطيران الأردنية المنصوبة على الجبال تحاول إسقاط طائرات العدو، ولكن.

على الطريق العام كانتا قافلتين: على الأرصفة أهالي القرى الثلاثة عمواس ويالو وبيت نوبا، وفي الشارع أرتال دبابات ومجنزرات ونصف مجنزرات وسيارات الاحتلال العسكرية وفي الأجواء أزيز طائرات العدو الحربية. لم يكن بايدينا شيئا. أما في سفوح الجبال والأودية فكانت بقايا من لم يستشهد من مجموعات قوات الصاعقة المصرية تتجه إلى الشرق.

هكذا كان المشهد بكل مرارة، بعضهم لا يزال يحمل سلاحه ويموه وجهه، وبعضهم بلا، فهو لا يعرف اين يتجه، وكان لا بد من إيوائهم وتسهيل ذهابهم شرقا. يا إلهي ما اصعب الهزيمة وخاصة حين لا تكون الرجال رجال هزيمة.

مهجرو بيت نوبا وأقرب متر من القرية

منذ اليوم الأول قام جيش الاحتلال بطرد أهالي القرى الثلاثة وشرع في هدم البيوت. وقد وثق ذلك بالصور ضابط في الجيش الصهيوني، صار “رجل سلام” بعد ذلك كما يفعل الكثيرون منهم.

قسم ضئيل من أهالي بيت نوبا لجأ إلى القرى المجاورة وخاصة قرية بيت لقيا، ولاحقا اشتروا أرضا من بيت لقيا في منطقة اسمها “مرج عميرة” واقاموا عليها منازل صغيرة برخص بناء من بلدية بيت لقيا نفسها هي حتى الآن عشرة بيوت، إضافة إلى بيت واحد ومزرعة على  الطرف المحاذي  من ارض بيت نوبا. والآن عدد سكان هذه الضاحية 240 شخصاً يحملون في بطاقاتهم الشخصية بانهم من سكان بيت لقيا.

في عام 1996 زار د. صائب عريقات الضاحية حيث طلبت الناس مساعدات لتحسين شروط العيش،  وعد الرجل خيرا لكن سلطات الاحتلال رفضت اية خدمات لأنها اعتبرت المنطقة (ج).  ولاحقا تم إيصال الماء للضاحية وتعبيد الطريق الترابي والكهرباء  بعد جهد جهيد.

بعد أن قررت السلطة الفلسطينية إجراء انتخابات المجالس المحلية قررت تشكيل مجلس قروي للضاحية هذه واعتمدت السلطة لها اسم “لجنة مشاريع مجلس قروي بيت نوبا”. ووضعت فيها صندوق انتخابات.

اعترض سكان الضاحية على الإسم لأنه  يعني ان هذه الضاحية هي بيت نوبا، مما يعني شطب القرى الثلاثة ودير اللطرون، وخاصة أن الضاحية تقع شرق الجدار الصهيوني بينما قرى يالو وعمواس وبيت نوبا ودير اللطرون وقسم من قرية دير ايوب تم وضعها ضمن المحتل 1948.

تنبه بعض أهالي قرية بيت نوبا إلى وجود خرائط عن الضاحية (ضاحية مرج عميرة التي تقوم عليها بيوت بعض أهالي بيت نوبا مع أنها من أرض بيت لقيا)  تسميها بيت نوبا وتتجاهل القرى الثلاثة والدير وبأن مصدر الخرائط مركز اريج بإدارة د. جاد إسحق. اتصلوا مع د. جاد في البداية جادلهم بان خرائطه صحيحة. ولكن بعد بضعة ايام التقاهم واعترف بأن خرائطه غير دقيقة. فطلبوا منه تغيير الإسم والخرائط، فرفض وقال هذه مسؤولية الحكم المحلي.

ذهبوا إلى وزارة التخطيط فأحالتهم إلى الحكم المحلي كذلك. وذهبوا إلى دائرة الإحصاء المركزية فأحالتهم إلى الحكم المحلي.

الحكم المحلي بدوره طلب منهم اختيار اسم جديد. هم بدورهم يعتبرون أن الإسم يجب ان يكون ضاحية بيت لقيا/مرج عميرة. والأهم بالنسبة لهم ضرورة تغيير الخرائط، والتي لسوء الحظ نسخها موجودة في الأمم المتحدة وعدة أماكن دولية.

بلدية بيت لقيا تدعم موقف الأهالي وتعتبر أن الضاحية هي جزء منها.

الأهالي يرفضون الإسم الحالي لأنه يشطب وجود القرى الثلاثة وأراضيها ودير اللطرون ويلخصها في أرض بيت لقيا وخاصة أن هذه الضاحية الصغيرة قد وضعها العدو شرق الجدار  وأسماها بيت نوبا تزويراً مما يعني أن القرى الثلاثة والدير وهي موجودة خارج الجدار كأنها من المحتل 1948، بل وكأنها لم توجد أصلا!!!.

لذا، يرفض أهالي بيت نوبا في مختلف أمان تواجدهم إجراء انتخابات للمجلس تحت الإسم الحالي أي ان يصبح الإسم: ضاحية مرج عميرة/بيت لقيا. ويصرون على ضرورة تصحيح الخرائط

والسؤال: من المسؤول أولا ومن الذي عليه تغيير الإسم وتغيير الخرائط وتصحيحها للحفاظ على الحق الفلسطيني وتحديدا حق الأهالي في القرى الثلاثة والدير.

ملاحظة: هذه خلاصة حديث مؤلم مع السيد أحمد زايد من بيت نوبا الأصلية.