حطين الثانية

موفق محادين

 

تحل هذه الأيام ذكرى المعركة الكبرى التي أنهت احتلال الموجات الأوروبية الاستعمارية المعروفة بالحملات الصليبية، وهي معركة تحرير القدس، (حطين الثانية)، وهي المعركة التي يجري إهمالها، رغم أنها لا تقل أهمية عن حطين الأولى.

فبعد نجاح صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين الشهيرة، شهد العرب والمسلمون نكستين كبيرتين، الأولى هي نكسة صلح الرملة (1192)، التي اضطر فيها صلاح الدين للتنازل عن معظم الساحل من صور إلى حيفا إلى يافا، والثانية إقدام الكامل الأيوبي (سلطان مصر) على تسليم القدس للحملة الصليبية بقيادة فردريك الثاني (1229).

وقد ظلت القدس تحت الاحتلال الصليبي إلى أن قام حكام بلاد فارس آنذاك، وهم الخوارزمية (كانت فارس أهم مركز للسنة في العالم الإسلامي)، من معاودة الاشتباك مع الحملات الصليبية، وإلغاء صلح الرملة، وفتح القدس وتحريرها تحريرا نهائيا، وإبادة كل فرسان هذه الحملة بالتعاون مع الملك الصالح أيوب، وسكان فلسطين وبدو الشام، وكان ذلك عام 1244.

ومن المؤسف، أن ينخرط صاحب الموصل والناصر داود صاحب الكرك، وجيوش أيوبية معادية للملك الصالح في الجيش الصليبي، ويقاتلوا الخوارزمية قرب غزة، قبل أن ينهزموا مجددا أمام الخوارزمية والملك الصالح..

والعبرة في كل ذلك، أن القدس تحديدا عنوان لكل شعوب الشرق، وأنها لا يمكن أن تكون معزولة عن جوارها. فتحرير هذه المدينة لا يبرر التنازل عن أية أراض أخرى، حيث استخدم الصليبيون صلح الرملة مع صلاح الدين لإعادة حشد قواهم، واحتلال القدس مرة ثانية. والعبرة أخيرا في أن الموقف من هذه المدينة، يجب أن يكون ضمن استراتيجية تاريخية تشمل المنطقة كلها على قاعدة ثابتة، هي المقاومة والتصدي للغزاة المستعمرين وليس التعايش معهم..

::::

العرب اليوم،   22/05/2013