“لا طاعة لطاغِ في معصية الوطن”، من فلسطين الى بويرتو ريكو

اقدم سجين سياسي امريكي لاتيني يقبع في زنزانة الظلم الامبريالي الامريكي

اعداد: نورالدين عواد

هافانا كوبا، 10 حزيران 2013.

 

تشترك شعوب “العالم الثالث” في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية في كل شيء تقريبا، ابتداء من التطور التاريخي لمجتمعاتها، و بناها الاجتماعية الاقتصادية، وانعكاسات ذلك في بناها السياسية والثقافية، مرورا بمستويات متقاربة من التصنيع والعلوم والتكنولوجيا، في اطار التشكيلة الراسمالية العامة، وصولا الى مرور معظم بلدانها بعهد الخضوع الى نير الاستعمار التقليدي، وهيمنة وتسلط الامبريالية الصهيونية الانغلوساكسونية المعولمة او تكاد.

وعلى الرغم من ان معظم تلك الشعوب قد نالت الاستقلال الوطني واصبح لديها علم ونشيد ومقعد في “الامم المتحدة على رقابها”، الا ان هناك ثلاثة حالات شاذة لا زالت تئن تحت وطأة الاحتلال والاستيطان والتغريب منذ ما يزيد على قرن من الزمان: فلسطين (آسيا)، الساقية الحمراء ووادي الذهب (افريقيا) وبويرتو ريكو Puerto Rico  (امريكا اللاتينية).

كما تشترك شعوب القارات الثلاثة ايضا بدفع فاتورة باهظة التكاليف من ارواح ودماء وحرية ابنائها، الذين لا زال آلاف منهم يقبعون في زنازين قوى الظلم والاضطهاد (قوميا وطبقيا)،  لانهم تجرأوا على الانتفاض  وحمل السلاح، دفاعا عن شعوبهم واوطانهم وحقهم في الحياة بكرامة وحرية آدمية[1].

في الاعوام الاخيرة، ظهرت بوادر ومبادرات نضال مشترك في سبيل الافراج عن الاسرى والسجناء السياسيين، لا سيما الحالات الاكثر شهرة في وسائل الاعلام الجماهيري العالمية، ومنها الاسرى الفلسطينيين لدى الكيان الصهيوني (حملة الافراج عن احمد سعدات ورفاقه على سبيل المثال) والاسير العربي اللبناني جورج عبدالله لدى الامبريالية الفرنسية ؛ والاسرى الكوبيين الخمسة لدى الامبريالية الصهيونية الامريكية؛ وهناك سجين اسير سياسي من بويرتو ريكو نتوخى التعريف به، وبقضية شعبه ووطنه في السطور القادمة[2].

احتلت الولايات المتحدة الامريكية جزيرة بويرتو ريكو غصبا عن ارادة شعبها عام 1898، وفقا لمقايضة خسيسة بينها وبين الاستعمار الاسباني، الذي كانت امبراطوريته تلفظ انفاسها الاخيرة، تحت ضغط قوة السلاح الامريكي، الذي تدخل في الحرب الاسبانية الكوبية (1868 ـ 1898)، عندما كان مقاتلو جيش التحرير الوطني الكوبي قاب قوسين او ادنى، من الحاق هزيمة نكراء بقوات الاستعمار الاسباني. وفرضت امريكا في اتفاقية السلام التي عقدت في باريس (1898) مع اسبانيا، تسليمها آخر مواطئها الاستعمارية في كل من كوبا والفلبين وغوام وبويرتو ريكو. هذه الاخيرة لا زالت ترزح تحت نير الاستعمار الامريكي حتى الان.

ولم تتورع الامبريالية الامريكية عن القيام بكل ما في وسعها من اجل سلب شعب بويرتوريكو جذوره الثقافية ولغته ومشاعره الوطنية وثقته بنفسه، وفي الوقت نفسه لم تتوان عن قمع او افناء الذين يطالبون بتلك الحقوق. وعلى الرغم من مرور قرن ونيف على هذا الحال، فان الهوية البويرتوريكية لا زالت عصية على الجبروت الاقتصادي والسياسي والعسكري الامريكي. بين الفينة والفينة تنفجر هذه الهوية تمردا على الظلم والاضطهاد، متعالية على التباين والاختلاف السياسي والايديولوجي والديني في اوساط الشعب المحتل ماديا ومعنويا، كتعبير عميق عن روحه القومية. اي ان بويرتو ريكو توحده قضة وطنية مشتركة تتحدى الظلم، ولا توجد قوة في العالم قادرة على تحطيم ارادته التحررية[3].

ومن ضمن انجازات هذا الشعب الشقيق،  خوضه معركة اخراج قوات المارينز الامريكي من جزيرة فييكيس Vieques، التي كانت تستعملها حقلا للرماية ومناورات الانزال البحري، وحولتها الى ارض قاحلة سامّة؛ ونضاله في سبيل الافراج عن السجناء السياسيين في عقدي الستينات والتسعينات من القرن الماضي؛ وادانته الاجماعية لقيام مكتب التحقيقات الفدرالي الامريكي باغتيال مبيت للقائد الاستقلالي فيليبيرتو أوخيداس[4] Filiberto Ojeda عام 2005، وتشييعه الجماهيري الغفير في ارض وطنه، بما يقارن فقط مع تشييع البطل البويرتوريكي المقدس، بيدرو البيزو كامبوس Pedro Albizu Campos عام 1965.

ونرى اليوم نفس المشهد اثناء المطالبة بالافراج عن المناضل في سبيل استقلال بويرتو ريكو، اوسكار لوبيس ريفيرا Oscar López Rivera، وهو اقدم سجين سياسي امريكي لاتيني، وبحلول يوم 29 مايو 2013، قضى اوسكار 32 عاما خلف قضبان الزنازين الامبريالية الامريكية.

وفي تظاهرة عارمة في عاصمة بويرتوريكو (سان خوان San Juan ) شاركت مئات الشخصيات الوطنية في مشهد يحاكي وضع السجين، في زنازين رمزية بنفس المقاييس الحقيقية لزنزانته الامريكية. ومثّل المشاركون كافة التيارات السياسية ومن ضمنهم الاستقلاليون وأرملة القائد الراحل خوان ماري براس Juan Mari Bras، والحاكم السابق للجزيرة، هنيبال أسيفيدو فيلا Aníbal Acevedo Vilá، و رئستي بلدتي العاصمة ومدينة بونسي Ponce، وغيرهما بالاضافة الى فنانين ومثقفين وصحفيين ومحامين واساقفة وقادة كافة الكنائس ونشطاء المثليين و برلمانيين من مجلسي النواب والشيوخ و اصحاب شركات واطباء. كما ان الحاكم الحالي للجزيرة اليخاندرو غارسيّا باديّا Alejandro García Padilla، صرح بان الافراج عن اوسكار يشكل قضية “عدالة اجتماعية وانسانية ورحمة” ولهذا طالب الرئيس الامريكي باراك اوباما بذلك.

مَن هو اوسكار لوبيس ريفيرا؟

 

ولد في قرية سان سيباستيان San Sebastián في بويرتو ريكو، وحمله والداه معهما الى شيكاغو الامريكية في محاولة منهما للهروب من الفقر. في بداية شبابه انخرط في الجيش الامريكي وحصل على وسام المشاركة في حرب فيتنام، حيث اخذ باكتساب الوعي المناهض للاستعمار. ولدى عودته الى امريكا اصبح ناشطا فعالا في مجال التثقيف بازالة الاستعمار، وتعليم الثقافة البويرتوريكية، والوقوف ضد التمييز العنصري، والنضال في سبيل استقلال وطنه عن الامبريالية الامريكية، التي تقيم معه علاقة “ولاية مرتبطة” بالولايات المتحدة.

تم اعتقاله بتهمة الانتماء الى منظمة استقلالية اسمها “القوات المسلحة للتحرير الوطني” ووجهت اليه النيابة الامريكية تهمة فضفاضة “تآمر تمرُّدي” ( “استعمال القوة في محاولة للاطاحة بالحكومة الامريكية في بويرتو ريكو”). وبهذا الصدد قال الجنوب افريقي الحائز على جائة نوبل، ديسموند توتو Desmund Tutu ـ وهو من ضمن شخصيات دولية كثيرة تطالب باطلاق سراح اوسكار ـ ان المقصود بتلك التهمة هو ” التآمر من اجل تحرير شعبه من عدالة الامبراطورية”.

اوسكار لوبيس يرفض القبول باختصاص المحاكم الامريكية في قضيته ويعتبر نفسه اسير حرب اثناء كفاحه المناهض للاستعمار، كما يرفض التعاون مع السلطات بشان حالته[5]. وعلى الرغم من ان الامبريالية الامريكية لم تتمكن من اثبات اي تهمة ضده، وان سلوكه كمعتقل كان سلوكا يحتذى به، الا ان الحكم عليه كان هائلا وتنتهي مدته في عام 2023.

وقضى اوسكار 12 عاما في زنزانة انفرادية، كان يخرج منها لساعات قليلة اسبوعيا، ولم يكن يرى الضوء الطبيعي، وكان محروما من الزيارات، وعندما سمح له بها، كانت تتم من خلف زجاج مدرّع مقاوم للرصاص. وتعرض لمعاملة لاانسانية تحط من كرامته الادمية، ومن ضمنها حرمانه من المساعدة الطبية، حتى ان “منظمة الامم المتحدة” طالبت بالافراج عنه، ولكن دون سميع او مجيب.

أوسكار رجل مرهف الاحساس، وطور قدراته الشخصية داخل السجن، في ميدان الرسم والكتابة. وينقل عنه قوله “ولدت بويرتوريكيا وساظل بويرتوريكيا وساموت بويرتوريكيا”. فلنناصره في تحقيق مناه، لكن في ارض وطنه حرا طليقا.

عاشت بويرتو ريكو حرة ابيّة!

 

(ملاحظة : كافة الهوامش من كاتب المقال.)

 

نص المقال بالاسبانية

 

El preso político más antiguo de América Latina

8 junio 2013 Angel Guerra Cabrera

Estados Unidos ocupó Puerto Rico contra la voluntad de su pueblo en 1898 y hasta hoy lo mantiene en condición colonial. Ha hecho cuanto ha podido por despojarlo de sus raíces culturales, su idioma, su sentimiento nacional y su autoestima y por reprimir o ningunear a quienes reivindican estos derechos. Sin embargo, la identidad puertorriqueña ha sido más resistente que el poderío económico, político y militar de Washington.

De tanto en tanto, y por sobre banderías político-ideológicas, creencias religiosas y diversidades esa identidad estalla en rebeldía desde lo profundo del alma nacional. Entonces a Puerto Rico lo une una causa común que desafía al opresor y no hay fuerza en el mundo capaz de quebrarlo. Ocurrió en la victoriosa batalla por sacar a la marina yanqui de Vieques y en la lucha por la libertad de sus presos políticos en los setentas y los noventas. En la unánime condena en 2005 al premeditado asesinato por la FBI del líder independentista Filiberto Ojeda y sus posteriores honras fúnebres, comparables con las del venerable prócer Pedro Albizu Campos en 1965. En ambos casos, la isla se paralizó y les rindió su más sentido tributo.

Hoy ocurre igual con el reclamo por la libertad del también militante por la independencia puertorriqueña Oscar López Rivera, el preso político más antiguo de América Latina. El 29 de mayo Oscar cumplió 32 años tras los inclementes barrotes de las cárceles de Estados Unidos.

Ese día cientos de personalidades en San Juan y otras cuatro ciudades de Puerto Rico se encerraron simbólicamente en celdas diseñadas por el pintor Nick Quijano, iguales en sus diminutas dimensiones a la que ocupa Oscar. Dijeron presente representantes de todas las tendencias políticas, entre ellos connotados independentistas como Carlos Gallisá o Martha la viuda del finado líder Juan Mari Bras, el ex gobernador Aníbal Acevedo Vilá, las alcaldesas de San Juan Carmen Yulín y de Ponce María Meléndez así como sus pares de otros municipios, René Martínez el Residente de Calle 13, otros relevantes artistas e intelectuales, conocidos periodistas, la presidenta del Colegio de Abogados Ana Irma Rivera, peloteros de grandes ligas, universitarios, obispos y líderes de todas las iglesias, activistas de la comunidad LGBT, diputados, senadores, empresarios, eminentes médicos y abogados. El cantante Ricky Martin envió un cálido mensaje de solidaridad desde Australia y el gobernador Alejandro García Padilla expresó que su excarcelación es un asunto de “justicia social, humanidad y compasión” por lo que la había reclamado al presidente Barak Obama.

Nacido en el pueblo de San Sebastián, los padres de Oscar lo llevaron a vivir a Chicago intentando huir de la pobreza. Combatiente condecorado de Vietnam, allí comenzó su toma de conciencia anticolonial. Al regreso de la guerra a la ciudad de los vientos devino un dinámico activista por la educación descolonizadora, la cultura puertorriqueña, contra la discriminación racial y por la independencia de su patria.

Acusado de pertenecer a las independentistas Fuerzas Armadas de Liberación Nacional la fiscalía gringa le levantó el difuso cargo de conspiración sediciosa (“intento de derrocar por la fuerza al gobierno de Estados Unidos en Puerto Rico”). El premio Nobel Desmund Tutu –una de muchas personalidades internacionales que piden su liberación- ha dicho que lo que el cargo quiere decir es “conspirar para liberar a su pueblo de la justicia imperial”. Negado a aceptar la jurisdicción de los tribunales yanquis, Oscar se declaró prisionero de guerra en una lucha anticolonial y rehusó cooperar con el proceso. Aunque no pudieron probarle ninguna acusación y su conducta como recluso ha sido ejemplar, la exorbitante sentencia impuesta expiraría en 2023.

Mantenido en confinamiento solitario 12 años, no salió de su celda más que unas pocas horas a la semana, nunca vio la luz natural y se le impidieron las visitas. Cuando las pudo recibir fue al otro lado de un cristal antibalas. Su hija se hizo mujer sin poder tocarlo y su nieta sólo lo pudo abrazar siendo una adolescente. Ha sufrido constantes tratos inhumanos y degradantes incluyendo negativa de asistencia médica, debidamente documentados. La ONU ha pedido su liberación.

Hombre de gran sensibilidad, ha hecho una notable obra pictórica y epistolar en prisión. Nací boricua, seguiré siendo boricua y moriré boricua, ha dicho. Apoyémoslo para que así sea, pero en su patria y libre. ¡Viva Puerto Rico libre!

Twitter. aguerraguerra

http://www.cubadebate.cu/?p=247383