بعد حافة استدخال الهزيمة 7


الطبقات الشعبية: زناد الوعي وكيِّ الوعي

وهل تتخلص قوى الدين السياسي من استدخال الهزيمة؟

عادل سمارة

بغض النظر عن ردات الفعل لقوى الدين السياسي على التصحيح الأولي للثورة في مصر، وهو تصحيح كبير لكنه يبقى ضمن الثورة الأولى التي هدفت أو ُيفترض أن تهدف التخلص من الطبقة الحاكمة (راس النظام، الراسمالية الطفيلية والكمبرادورية، ورجال الأعمال…الخ) التي كرست تجويف الوعي وتجريف الثروة والمهم يجب ان تهدف!!!.. وهو ثمن كان يمكن عدم دفعه بعدم حصول ما أوجبه، اي اختطاف قوى الدين السياسي للحلقة الأولى من الثورة حيث كرسوا الطبقة نفسها ولكن عبر التجويع والترويع وعبر فلتان هستيري لم تسلم منه الأهرام فكان صداها تمثال أبي العلاء في سوريا وأكل الأكباد!!!.

بغض النظر عن ردات الفعل والتي قد تأخذ شكل أعمال إرهابية، فإن المناخ مفتوح لهذه القوى كي تعيد قراءة الواقع وتتخلص من الإرث التاريخي لاستدخال الهزيمة الذي كان وراء وجودها واستمرارها ومن ثم تخبطاتها. وإعادة القراءة هذه المرة ممكنة لأن الاستفتاء الشعبي في مصر قد وضع حجر اساس مختلف عما سبق وهو أن لا قوة سياسية اجتماعية بوسعها إقصاء الأخرى وبالتالي فإن باب الصراع على خدمة المجتمع وخاصة الطبقات الشعبية مفتوح للجميع وبأن الحد الأدنى له ان يكون في مصر نظاما وطنياً ديمقراطيا.

ويبقى السؤال الصعب: كيف يمكن تلبية مطالب الطبقات الشعبية في العيش وليس فقط الحرية في الميادين؟ وهذا يطرح دورا للدولة حده الأدنى القطاع العام. وهذا السؤال الذي على تحالف إسقاط الإخوان أن يفهمه اي ان لا يتحول الشعب إلى مسرح تجارب! وربما يجوز لنا هذا التنبيه لأن في الطيف الذي ألقى بيان إسقاط مرسي، قوى مضادة للثورة بالمعنى الحقيقي للثورة، بل قوى كثيرة مضادة للثورة. نعم كان إسقاط حكم الإخوان هاما لأنه اسقط ديكتاتورية الصندوق بأيدي الأكثرية الشعبية التي يحق لها في قيادة تحالف الإسقاط وتحق لها الأكثرية بل القيادة، لأن فعلها الميداني هو الذي حقق:

  • حلول الاستفتاء محل ديكتاتورية الصندوق
  • كشف عن عمق علماني للشعب يرفض سيطرة قوى الدين السياسي
  •  ووضع حد للتآمر على سوريا، أو جعل ذلك أمراً مكلفا وصعبا.

 

أنظمة وقوى الدين السياسي استدخال هزيمة

نشأت قوى الدين السياسي في الوطن العربي كردة فعل ضد الحداثة في محاولات منها لرفض الحداثة بمعناها التقدمي العام وليس بطابعها الاستعماري الأوروبي.أي لم يكن الرفض من مدخل نقد هذه الحداثة وكون تفشيها في بلدان المحيط له جوهراستعماري استشراقي سواء في المستوى المادي الاقتصادي ومن ثم الفكري والخطابي، بل كذلك لتجمد هذه القوى، بما هي المثقفون العضويون لطبقات اجتماعية مسيطرة معتمدة في وجودها على الاستعمار والريع لا على الإنتاج وكافرة بالتصنيع. ولذا، تماهت هذه القوى مع الأنظمة العربية المرتبطة بوجودها بالمستعمِر، مدفوعة باستدخال الهزيمة في مستويين:

  • رفض الحداثة
  • والعجز عن الاعتقاد بأن بوسع المحيط “اللحاق” رأسمالياً بالغرب كمركز، فما بالك تجاوزه من مداخل تنموية أخرى وخاصة الاشتراكية.

هذا الاستدخال كان لا بد أن يقود إلى أنماط عمل سياسي تستمرىء الفاشية والتحالف مع الأنظمة السياسية التابعة. والتبعية هي النموذج الأشد وضوحا على استدخال الهزيمة وهو استدخال، في حالة الأنظمة، قائم على قوة القمع الرسمي للمجتمع. وهذا ما يفسر تحالف استدخال الهزيمة المزدوج بين الإخوان المسلمين والأنظمة العربية الملكية وخاصة مع آل سعود الذين اسسوا لهذا التيار منذ أكثر من قرنين في احتضانهم للوهابية. ودون تفاصيل فإن حالة السعودية نموذجية على استدخال الهزيمة الدائم وبشكل منهجي:

  • السلفية مقابل الحداثة
  • الاحتماء بالمستعمِر مقابل القوة الذاتية
  • القُطرية مقابل القومية
  • الريعية مقابل الإنتاج والتنمية
  • القمع مقابل الدمقرطة
  • الدين السياسي الرسمي مقابل الإيمان
  • الغرب الإمبريالي مقابل الشيوعية
  • العمل السري الفاشي مقابل الدمقرطة

– وعليه كانت حقبة المد القومي العربي حقبة صدام مفتوح بين هذه الأنظمة والقوى(الأنظمة الملكية والإخوان المسلمين وحزب التحرير…الخ)، وبين القوى التقدمية القومية ومعها الأنظمة قومية وتنموية الاتجاه (الناصريون والبعثيون والقوميون العرب القومي السوري،والأحزاب الشيوعية…الخ).

لقد حوصرت انظمة وقوى الدين السياسي في حقبة المد القومي العربي (الخمسينات والستينات) بسبب:

* التفاف الجماهير حول القوى القومية بما هي ضد الاستعمار وتطرح شعارات الوحدة والتنمية والاشتراكية…الخ

* محاولات هذه الأنظمة تحرير فلسطين اي التصدي للاستعمار والصهيونية، وهو ما لم تحاوله انظمة وقوى الدين السياسي بل لم تابه به، باستثناء مؤمنين إسلاميين مجاهدين.

* اعتماد الأنظمة الجديدة لدور الدولة الأمنية في تثبيت نفسها، واعتمادها على وجود القطب الاشتراكي لحمايتها من الغزو الاستعماري المتجدد في حال توفرت الظروف. (وهذا ما اتضح دوره حينما تم احتلال العراق في غياب القطبية الأخرى وتدمير ليبيا واحتلالها، كما اتضح في دورالقطبية الأخرى في دعم صمود سوريا) وهو ما أثبت ان الدولة الأمنية لا تقوى وحدها على حماية البلد من العدوان الخارجي.

بكلام آخر، فإن أنظمة وقوى الدين السياسي وجدت نفسها موضوعيا في معسكر الثورة المضادة وبقيت متشرنقة على ذاتها المهزومة تجاه الغرب الاستعماري خلال الحقبة القومية، ولم تتمكن هذه القوى من التوسع ولكنها تشرنقت في حدود الحفاظ على ذاتها وبدعم الاستعمار بالطبع.

ولذا، لم يكن غريباً، أن دعواتها أو زعمها تمثيل الدين لم تنل من شعبية النظام الناصري مثلا في مصر، ولا الثورة الجزائرية بعد الاستقلال، ولا الثورة في اليمن شماله وجنوبه ولا من دور البعث في العراق وسوريا…الخ. وربما نستنتج من هذا مسألة هامة وهي ان الشعوب عامة بما فيها الشعب العربي علمانية بطبيعتهاوبأنها قادرة على التفريق بين الإيمان وبين الدين السياسي، ولكن هذه العلمانية تحتاج لفمهما وتشغيلها إلى:

  • وجود قوى سياسية اجتماعية اقتصادية تطرح ما تتطلبه الشعوب
  • وثبات هذه القوى على أطروحاتها وبشكل ديمقراطي
  • والقدرة على لجم دور الثورة المضادة عبر التعاون مع الثورة في العالم
  • وصمود معسكر الثورة العالمية.
  • والانتصار في ميادين التنمية والتحرير وخاصة لفلسطين

لكن هزيمة 1967 أربكت المشهد السياسي القومي والشيوعي في الوطن العربي إرباكا قاتلا. حيث هُزم المشروع القومي العربي بما كان يحمل من طموحات وهي هزيمة تكونت من مجموع عوامل داخلية بنيوية وخارجية عدوانية وخاصة الصهيونية. وعليه، فتح المجال للثورة المضادة كي تكنس الأنظمة التقدمية والفكر التقدمي إلى درجة تصفية مواقع الإنتاج في مصر بالانفتاح الاقتصادي والاستعانة من قبل السادات بقوى الدين السياسي فكريا ضد القومية والاشتراكية وبالتالي الفتك بالوعي الجمعي وتحويله إلى غيبي يلجأ إلى الدين السياسي هروبا من أزمات عجز عن حلها، اي استدخال الهزيمة بهزيمة أخرى! وهذا يؤكد بأن التلاعب بالوعي الجمعي ممكن وبأن كيِّ الوعي ضروري.

وقد ساعد قوى استدخال الهزيمة (بالمفهوم المادي) وجود النفط في بلدان الخليج العربي حيث تنامى دور الريع النفطي في تقوية انظمة الدين السياسي هناك وقوى تبعيتها للمركز الإمبريالي في مستويين اساسيين:

  • مستوى اعتماد الريع بدل الإنتاج، وهذا يجعل المجتمع تابع للسلطان حتى معيشيا
  • ومستوى مطاردة معسكر الثورة في مجمل الوطن العربي بما فيها حماية الكيان الصهيوني الإشكنازي.

على هذا ترتب تكريس مقادير هائلة من الريع النفطي لتقوية معسكر الثورة المضادة في الوطن العربي وهي الحقبة التي شهدت:

  • الاعتراف بالكيان الصهيوني
  • الانفتاح الاقتصادي إلى درجة التبعية التامة
  • استدخال كثير من القوميين والشيوعيين للهزيمة سواء بعد هزيمة 1967 أو بعد تفكك بلدان الاشتراكية المحققة.

تفرقت هذه القوى ايدي سبا. وأخلت الميدان السياسي وحتى الاجتماعي الاقتصادي لقوى وانظمة الدين السياسي، وهنا لا أشمل ولا أقصد قوى الجهاد والمقاومة. ووصل هذا الإخلاء إلى حد تنكر كثير من القوميين للقومية والشيوعيين للقومية والشيوعية، وحتى وطنيين فلسطينيين للوطنية، هذا ناهيك عن تذبذب كثيرين بين يوم إسلامي ويوم قومي ويوم ماركسي، رغم الإسم الديني في بطاقة الهوية. وهؤلاء توازنوا بعض الشيىء على هامش صمود سوريا، ولا ندري كيف سوف يستقرون لاحقا!!!. وإلا كيف كان ممكنا أن يتبختر عضو كنيست في الشام وبيروت، وأن يحتضن قومي “متطرف” فلسطيني يعيش في الموشافات والكيبوتسات، بل كيف كان يمكن وهذا الأهم، تقديم “مبادرة عربية” للكيان الصهيوني الذي رماها في معدة شارون!

وقد نغامر بالقول بأن حقبة 1967-2010 هي حقبة استدخال الهزيمة في الوطن العربي من قبل المعسكرين كل بشكل خاص به اي:

  • استمرار انظمة وقوى الدين السياسي في استدخال الهزيمة
  • وتورط وتواطؤ معسكر الثورة في استدخال الهزيمة إلى درجة انتقال كثير من قواه وقياداته إلى المعسكر الآخر، وشبه توقفه حتى عن العراك الفكري مع الثورة المضادة.

هذا الوضع المتهالك لكثيرين من هذه القوى رفع قوى الدين السياسي من الاستدخال التاريخي للهزيمة إلى امتطاء العقل الجمعي للطبقات الشعبية وذلك عبر آليتين:

  • دور أنظمة الريع النفطي في ضخ اموال هائلة في حركات وفرق الدعوة وغيرها، وطباعة كتب وكراريس لا علاقة لها بالدين والإيمان.
  • جذب قيادات قوى الدين السياسي إلى بلدان الريع لتمكينهم ماليا ووهابيا وإعادتهم إلى بلدانهم مما تجلى في ما يسمى رجال الأعمال بشكل خاص.
  • امركة وصهينة المنطقة

الريع لم ينقذ الفقراء

اين يكمن سر فشل أنظمة وقوى الدين السياسي؟

يكمن الفشل في أنها تابعة بالوجود والثقافة ومن ثم الدور، وبما هي كذلك، فقد اعتمدت الريع من مدخل اقتصاد التساقط وليس التنمية وبالطع من مدخل الثورة المضادة وليس الثورة. وهذا ما يوضح معنى استدخال الهزيمة رغم وجود ما يمكنه اقتلاع ذلك.

ففي العلاقة بريع النفط، ظل هذا الريع اساسا بايدي الشركات الغربية، وهنا علينا الانتباه إلى دور الشركة في الاستعمار، وليس شرطا دور الاحتلال العسكري المباشر، واكتفت هذه الأنظمة بحصة اقتصاد التساقط في تشاركها مع شركات المركز. وهو اقتصاد التساقط الذي تجلى في مستويين:

  • حصول شركات المركز على معظم الفائض
  • ذهاب معظم حصة أنظمة النفط إلى المركز سواء عبر:
    • تحويل الإموال إلى مصارف المركز
    • تخصيص التبادل وخاصة الاستهلاك من المركز
    • شراء الأسلحة التي لا تستعمل وجميعها من المركز
    • تمويل الثورة المضادة في كل العالم من (سيلان/سريلانكا إلى نيكاراغوا، أفغانستان…اللخ)
    • تمويل قوى الدين السياسي في الوطن العربي

بكلمة مختصرة، جرى استخدام ريع النفط ضد الأمة بل ضد أمم العالم.

ولكن، قد يستقيم لأنظمة الدين السياسي اعتمادا على ريع النفط أن تحكم وتستقر ولو نسبياً، حيث يمكن للسلطة أن تخدر الشعب(ولو بدرجات) ولكن ماذا عن الأقطار العربية التي حصلت قوى الدين السياسي فيها على دعم من أنظمة الدين السياسي النفطية؟ بينما تعاني الطبقات الشعبية فيها من تجويف الوعي وتجريف الثروة؟ وهو ما تجلى في إفقار الأكثرية الشعبية وخاصة في مصر؟

يعيدنا هذا إلى مسألة اساس وهي سهولة جر الجماهير إلى الدين السياسي عند الأزمات، وخاصة أزمة العجز التنموي بل عجز النمو، والهزيمة القومية، واستدخال كثير من قوى الثورة للهزيمة. هذا ما شاهدناه في الوطن العربي ما بين 1970-2010.

ولكن هذا التورط لا يمكن أن يحل مشاكل البطالة والفقر والجوع. وجاءت تطورات 2011 وبغض النظر عن التسميات، فقدمت للكثير من الأقطار مناخ حرية الحديث والتظاهر في الميادين. وتورطت الثورة المضادة في الاعتقاد بأن هذا يكفي الناس. فكان صعود قوى الدين السياسي وأولاد هيلاري المدربين لبراليا بشكل ممتاز على ديماغوجيا الفيس بوك وتويتر وغيرها.

لكن شيئا ماديا لم يتحقق. بقيت الطبقة نفسها مرتاحة على ظهر الاقتصاد وأخرجت للناس سلطة اللحى والفتاوى والضخ الديني الوهابي. لكن هذا لم يحل المشاكل الأساسية الكامنة وراء اندفاع الجماهير إلى الشارع. قد يصح القول بأن 25 يناير كان بقوة الطبقة الوسطى؟ ولكن 30 يونيو كان حقا بقوة الطبقات الشعبية الشابة التي لا مشكلة لها مع الدين، ولكنها لا تدرك أن الفتاوى لا تمطر ذهبا ولافضة.

فكان الانفجار الذي هو انفجار طبقي يقف الآن على عتبة او برزخ الانتقال من “الوجود في ذاته إلى الوجود لذاته”. لقد اتضح للناس أن لا معنى للتدين مع الجوع، ولا معنى مع التدين بلا وطن، وبأن شراء قطر لمناطق في مصر لتوسيع إمارة غزة او بناء محطات بيع الغاز، علاوة على انه لا وطني، فهو تكريس للتجويع!!! والأمر نفسه عن تأجير قناة السويس. كل هذا بقي ضمن إطار تجريف الثروة وحتى تجريف الوطن.

 

وماذا غير زناد الوعي؟

لقد اثبتت انظمة وقوى الدين السياسي أنها ليست مجرد إقصائية، بل ترفض الوجود الجسدي الفيزيائي لغيرها. ورغم أن مركز خطابها كان في مصر (مرسي والإخوان) ومركز تمويلها وتسلحها في السعودية وقطر، ومركز إعلامها في الجزيرة والعربية وفلسفات عزمي بشارة ومن اشتراهم كالرقيق من المثقفين وخاصة من الأرض المحتلة، وتمفصلات هذه كلها هنا وهناك، إلا أن أن تطبيق كل هذا كان في سوريا!

لم يقدم نظام مرسي لا مشروعا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا نسويا ولا قوميا ضد الكيان والولايات المتحدة. وحاول بفهلوة سطحية تجنيد الجياع ضد سوريا، وكأن الحقد التكفيري يمكن أن يملأ المعدة الخاوية؟ لم يقدم لأنه لا يستطيع حسب خطابه أن يقدم. وهذا اساس خطيئة الإيمان بالملكية الخاصة والطبقية. هو نظام حتى اللبراليين وقفوا ضده، وحتى إخوان الإخوان (صباحي وبرادعي وعمرو موسى- بمعنى علاقات بعضهم مع الكيان وعلاقات كلهم مع امريكا وموقف كلهم ضد سوريا اي ضد القومية العربية).

ليست هذه المقالة المتعجلة جفر الإمام علي، للثورة والطبقة، ولكنها إضاءات على ما يمكن أن يحدث وما يجب ان يتم الشغل عليه.

لا شك أن معسكر الثورة المضادة بل إن الثورة المضادة موجودة حتى في اوساط من اسقطوا مرسي. فقيادة الجيش ليست قيادة للطبقة العاملة، وليست قوة ثورة. لا شك ان بها قادة وطنيين، ولكن هذا لا يسمن ولا يغني من جوع للطبقات الشعبية. ولا شك ان للجيش مجمعه الصناعي المالي الذي ساهمت فيه واشنطن، وهذا يجعله جزء من الطبقة الممسكة بالاقتصاد.

وعليه، فإن حصر الشيطنة في الإخوان يفتح الباب لمحور طبقي يضم خليطاً يبدأ من شباب تمرد إلى جانب راس المال الطفيلي والكمبرادوري والفاسد ممثلا في رجال الأعمال، إلى جانب قيادات الجيش اوفي الجيش، واللبراليين ومعسكر كامب ديفيد مما يُبقي للولايات المتحدة دورها، ويفتح الباب للسعودية التي عُقدت لها راية وتصدر قيادة الحرب على سوريا مؤخرا.

وهذا يعني ويقتضي قدح زناد الوعي والمقصود به في هذه اللحظة الموقف الطبقي للطبقات الشعبية كي لا تخسر الثورة، ثورتها. اي لا بد من مواصلة الثورة باتجاه اقتلاع الطبقة المالكة وليس فقط دورها كحاكمة، وهذا يدخل البلد في وضع ما يمكن تسميته تحالف القوى والطبقات الاجتماعية الوطنية كتحالف عريض يسمح ويعمل على الدخول في الثورة الثانية وهي اقتلاع التبعية للمركز الإمبريالي، ووقف الاعتراف بالكيان الصهيوني انتقال الى الثورة الثالثة التي تبدأ بالقطاع العام.

إن هزيمة قوى الدين السياسي هي جزء من المشروع الوطني والثوري، ولكن ليس كله. فالتحاف بين قوى في السلطة الجديدة وانظمة الدين السياسي كالسعودية هو ردة إلى الوراء وطعن للقوى الشعبية التي انجزت مهمة إسقاط نظام قوى الدين السياسي، كما أن التدخل في سوريا ولو إعلاميا هو خيانة قومية.

إن الطبقات الشعبية التي هي مصر الحقيقية، اليوم على مفترق طرق مما يقتضي منع سرقة الثورة اي سرقة مصر، ويقتضي إعداد الحقيقي لاستثمار حقيقي للمرحلة الانتقالية الصغيرة التي تتضمن مختلف الترتيبات الدستورية.

ولكن، كيف يجب ان تحل الطبقات الشعبية، والتي إذا كانت تمثلها حركة تمرد، كيف يجب ان تحل مشكلة المال الانتخابي؟ ذلك التنافس الخطير؟ هل سيكون بأن يكون للشباب لا أقل من نصف مقاعد المجلس النيابي؟ أم أن يكون لكل طبقة مقاعدا بحجمها العددي، وأن يكون للمرأة نصف كل شيء. هذه مشاريع ضمانات للفكر وكي الوعي.