عادل سمارة
ردا على مزاعم عزمي بشارة بان روسيا امبريالية ومزاعم غيره بان الصين امبريالية وحتى جميع كتلة البريكس.طبعا رغم عضويته في الكنيست ورغم إرساله إلى قطر التي هي قاعدة صهيونية في الجزيرة العربية، إلا أن من حقه قول ما يريد، ولكن ليس من حقه الفتاوى الكاذبة وخاصة في الاقتصاد السياسي. ربما لا يزال هذا الرجل يحلم بتطاولات كما فعل حمد بن جاسم مع الوزير الروسي لافروف، فكان رد لافروف كمن حمله كفأر بورقة تنظيف الأنف، ورقة مستعملة وألقى به في وجه أوباما. مرة أخرى أناشد شرفاء حزب التجمع الوطني الديمقراطي العودة إلى ابناء البلد.
أود بداية أن نفرق بين :
· التشكيلةالاجتماعية الاقتصادية الراسمالية وهي الغالبة في هذه البلدان أي البريكس، ولكنها بلدان متطورة
· وبين تشكيلة اجتماعية اقتصادية راسمالية لها تاريخ وحاضر استعماري إمبريالي وعولمي .
· وبين معظم دول العالم التي تقودها السوق ولكنها غير متطورة وبالطبع غير استعمارية
إن محاولة عقد مساواة بين البريكس والإمبريالية الغربية هي محاولات إخفاء تاريخ الاستعمار وعدوانيته ونهبه العنفي والمباشر لثروات الأمم وتواطؤ انظمة بلدان المحيط وخاصة العربية مع الإمبريالية (التحالف الذي اسميه قطاع عام راسمالي معولم يسخر المحيط للمركز عبر طرفيه: برجوازية المركز الغربي وكمبرادور المحيط).
هذا ناهيك عن أن روسيا والصين بحكم منافستهما للغرب الإمبريالي تحمي أمما من الفناء كما هي حال سوريا وإيران وتتاجر مع هذه الأمم وغيرها بشكل اختياري وبعلاقات السوق وليس القوة.
الإمبريالية كما أوضحها ونقدها لينين هي في حينه كانت أعلى مراحل الراسمالية، وحتى الآن يرى كثيرون أنها تحتفظ بنفس التسمية. أنا افضل تسمية ما بعد سبعينات القرن الماضي ب حقبة العولمة لا سيما وأنها أتت في مرحلة ذات قطب واحد. على اية حال هذا ليس موضوعنا. (لتمييز العولمة عن الإمبريالية أنظر كتابي الصادر 2005 Developmeny by Popular>>>>
http://kanaanonline.org/books/wp-admin/
الإمبرالية هي توجه الرأسمالية في دولة قومية معينة للتوسع العسكري والاقتصادي بالقوة للسيطرة على المواد الخام والأسواق ومن ثم احتجاز تطور بلدان المحيط. وكما تلاحظ فهي امتدادا للاستعمار ولكن بكثافة أعلى. أي هي والاستعمار التمظهر الخارجي للرأسمالية في هذا البلد المتقدم او ذاك.
تتضمن الإمبريالية التبادل اللامتكافىء (مساهمة أرجيري إيمانويل) والذي يتعمق ب التطور اللامتكافىء (مساهمة سمير أمين).
الصين وروسيا وإلى حد ما الهند والبرازيل وحتى جنوب إفريقيا هي دول قومية ذات سياسات تنموية تشكل قطبا مناهضا للإمبريالية سواء من حيث اقتطاع تدريجي لأجزاء من السوق الدولي الذي تحتله الإمبريالية الغربية. ويمكن إدراج إيران في نفس الصفات.
الأنظمة في هذه البلدان متنوعة، فبينما هي في الهند وحنوب افريقيا راسمالية تماماً، هي في البرازيل كذلك راسمالية ولكن النظام هناك يتجه نحو رسملة أقل وبدايات ملامح اشتراكية تدريجيا بما يتسق مع المدرسة الجديدة للاشتراكية في امريكا الجنوبية، وروسيا لا تزال تحمل بعض ملامح الاقتصاد (الأمري Command Economy اي الاشتراكي بدور الدولة أكثر مما هو بالتسيير الذاتي) وهذا يتجلى في دور الدولة في الاقتصاد، وأما الصين فهي لا تزال تخوض صراعا طبقيا هادئا بين التشكيلتين الاشتراكية والراسمالية حيث يقاوم اصحاب الطريق الاشتراكي سيطرة اصحاب الطريق الرأسمالي Capitalist Roaders — طرائقيوا الرأسمالية) كما اسماهم ماوتسي تونغ. (انظر حول هذا دراسة عن تصفية الجُماعيات-الكميونات الزراعية في الصين في كنعان الدورة التي تتحول من ورقية إلى إلكترونية العدد 153 ترجمة ثابت عكاوي وبادية ربيع)
على صعيد العلاقات الداخلية فمعظم علاقات الإنتاج في هذه البلدان هي راسمالية-وإن بتفاوت- وهذا يعني استغلال الطبقة العاملة وبشكل مكثف وخاصة في الصين والهند وجنوب افريقيا حيث هي في مرحلة التراكم الأولي. وهذا شأن الطبقات الشعبية هناك والأحزاب الشيوعية والعمالية كي تناضل طبقيا ضد راس المال والاستغلال. وكونها كذلك لا يعني ان نقاطعها ونُعيد الإمبريالية الغربية التي أهلكت الحرث والنسل وهي العنصرية بامتياز.
على الصعيد الخارجي، لا تمارس هذه البلدان اية علاقات استعمارية او امبريالية . فهي لا تحتل أرض أحد، وهذا الاحتلال الاستعماري هو السمة الأساسية للإمبريالية.
وعليه فالتبادل بين هذه البلدان الخمس وبلدان المحيط هو نباتدل لا متكافىء ، هذا صحيح، ولكنه:
· طوعي واختياري
· شروطه أكثر مرونة من شروط الإمبريالية اي معدل الفائدة والقرض
· قروضها ليست مشروطة بأن تكون ضد التنمية (مثلا نتذكر مشكلة السد العالي في مصر الناصرية)
· هذه الدول مقبولة نفسيا لأنه ليس لها تاريخ استعماري بتراثه الثقافي العنصري المر. (قد يزعم بشارة بأن روسيا كانت قبل البلاشفة تستعمر بلدانا أخرى، نعم لكن التاريخ تغير وروسيا لم تستعمر اي بلد عربي وإافريقي فهي كانت تتمدد في محيطها، والأهم أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قبل البلاشفة هي التي نقلت الشيوعية إلى فلسطين، كما ان هذه الطائفة في الكثر عروبية لأنها مسيحية شرقية كالأقباط).
· هذه الدول (روسيا والصين خاصة) تقوم بنقل التكنولوجيا إلى المحيط
· هذه الدول أوقفت عودة الإمبرالية الغربية إلى احتلال دول بالقوة-حالة سوريا- بعد أن قامت الإمبريالية في حقبة العولمة بالعودة إلى مرحلة الاستعمار اي احتلال بلدان اخرى بالقوة العسكرية (افغانستان العراق ليبيا)
السؤال الذي يطرحه مثقفو النفط والناتو مثل عزمي بشارة بأن هذه الدول إمبريالية هو سؤال خبيث. لأنه يخلط بين الاحتلال العسكري الذي يمارسه الإمبرياليون الغربيين وبين علاقات السوق. فعلاقات السوق موجودة منذ وجود الملكية الخاصة والعملة حيث وجد السوق. وفي التبادل عبر التاريخ لم يحصل ان يكون ذلك التبادل مفيدا للطرفين المتبادلين بنفس النسبة (وهذا التساوي في الفائدة ما تورط فيه الاقتصادي الكلاسيكي ديفيد ريكاردو في نهايات القرن الثامن عشر، ونفاه التحليل الماركسي منذ ماركس وحتى اليوم) ، لأنه ببساطة علاقات سوق. ولكن هذا التبادل هو على صعيد الدول قيام كل دولة مستقلة باختيار الطرف الآخر الأقل عدوانية واستغلالاً للتبادل معه وتحقيق اعلى فائدة ممكنة لاقتصادها، ولذا يتجه كثير من الدول القومية المستقلة وذات التوجه التنموي إلى روسيا والصين والبرازيل…الخ. إذن نحن نتحدث عن اختيار الأمم للتبادل الأقل لا تكافؤا فأين العلاقات الإمبريالية هنا؟
إن التهمة للصين وروسيا بالإمبريالية هي في جوهرها حقدا عليها وتعاطفا مع الإمبريالية لكن لأنه تعاطف تابع يتم تغليفه باتهام روسيا والصين. هؤلاء يحنون إلى النير الغربي باسم اللبرالية وحتى إلى النير العثماني. باسم الإسلام وأقصد هنا انظمة وقوى الدين السياسي.
لماذا لا نراقب طبيعة التعاون الاقتصادي بين البريكس وإفريفيا؟ ولماذا تقوم إفريقيا بالاتجاه الطوعي نحو الصين وروسيا رغم ان الصين وروسيا تعرض تبادل اقتصادي سلمي بينما الإمبريالية تفرض تبعية اقتصادية بالقوة ؟ ألم يسمع بشارة واضرابه بالقيادة الأمريكية لإفريقيا (افريكوم AFRICOM ) ألم يسمعوا باحتلال فرنسا مؤخرا ل مالي؟ الأم يروا كيف قامت قطر بالمشاركة في تدمير ليبيا وها هي مستمرة من نمط مناطق النفوذ، وها هي تزود قوى الدين السياسي في مصر بالسلاح؟ نعم يسمع ولكنه يعتبر الوجود الإمبريالي مثابة سمفونية ممتعة يعشقها مع قهوة الصباح المخلوطة بالنفط ودماء السوريين وبكارات الماجدات السوريات!!!!
ثم لماذا نتوقع من اية دولة حتى لو اشتراكية ان تتبرع بإنتاج عمالها لدول أخرى؟ ألم يخطىء الاتحاد السوفييتي بمساعدة بلدان من المحيط كانت تتجه إلى الراسمالية؟