الانتصار الحقيقي لسوريا: توطيد الواقع الوطني والقومي العربي التقدمي المناهض قطعا للامبريالية الصهيونية

 

نورالدين عواد، هافانا كوبا

الحرب الامبريالية الصهيونية الدائرة ضد سوريا دولة وشعبا ونظاما وارضا وجيشا وعرضا، لا زالت تشكل مركز اهتمام الساسة والباحثين والمثقفين عموما، من حيث التحليل واستشراف عواقب الامور، وحتى التنظير لما يجب ان تكون عليه سوريا بعد ان تضع الحرب اوزارها.

من الطبيعي ان تنسجم او تتوافق بعض الرؤى ووجهات النظر، وان يتعارض او يتناقض بعضها الاخر، وهذا في حد ذاته اختلاف وتنوع، يجب ان يكون بالضرورة في اطار وحدة الهدف والمصير: وحدة واستقلال وسيادة الدولة السورية على كامل ترابها الوطني وشعبها، على طريق تحرير المحتل من اراضيها القطرية والقومية، واستكمال التحرر النهائي للمجتمع والامة.

التنوع والاختلاف موضوعي، ومصدر للاثراء والتطور، ويجب ان لا يكون ابدا مدعاة للتناحر والتدمير. الكلمة مسؤولية، والراي واجب، ولا قيمة للكلام ان لم يكن لاظهار الحق والحقيقة. الرجال والاحزاب الى فناء، اما الوطن والامة فهما خالدان نسبيا، وهذا هو بيت القصيد.

يقول البطل القومي الكوبي خوسيه مارتي (1853 ـ 1895) “لا يوجد ملك مثل صحفي شريف” و “لا يجدر بمن لا يحب الناس ان يكتب لهم”. وقبل استشهاده على ارض المعركة (19 ايار 1895) اكد على ان كل ما فعله في حياته كان يهدف الى تجنب وقوع كوبا بيد امريكا، وانقضاضها بتلك القوة الاضافية، على بقية امريكا اللاتينية. هذا هو بالضبط ما نريده لسوريا: ان لا تقع ابدا بيد الامبريالية الصهيونية، التي ما فتئت تفكك وتذرر مختلف اقطار الوطن الكبير، تمهيدا لافناء الامة العربية.

بتاريخ 23 يونيو 2013 اطلعت على مقالة موضوعية التحليل للشان السوري الراهن، للكاتب بشار بشير على موقع الجمل بعنوان “الليرة يجب أن تطلق النار” وكتبت عليها هذا التعليق الموجز (على الرابط  http://www.aljaml.com/node/97111 :

أرسل من قبل نورالدين عواد (غير مسجل) بتاريخ أحد, 2013-06-23 02:42.

“نظريا، قوة الدولة المادية تنبع اساسا من الاقتصاد ولا خلاف؛ دون القوة العسكرية الموازية لقوة الاقتصاد، فانها تقع فريسة سائغة في متناول اول قوة متوحشة غازية او معتدية؛ لذلك لا بد من توازي القوة الاقتصادية مع القوة العسكرية، تحت غطاء كامل من القوة الثقافية بما فيها السياسية والاخلاقية، القائمة على العدالة الاجتماعية الحقيقية والشاملة، التي تُؤَمِّن الاستقرار الداخلي وتطلق قوى الانتاج والابداع،والحرية وحقوق الانسان والمواطنة الحقَّة، مما يضمن الوحدة الوطنية،اي الخندق الاساسي لصد اي عدوان، وتقطع الطريق على خلق طابور خامس (العملاء والجواسيس) وطابور سادس ( المثقفون الانتهازيون وزناديق علماء الدين اي المنافقين واليساريين المزيفين اي الانتهازيين) وتحمي الخطوط الخلفية للدولة والمجتمع. وفي الحالة السورية الراهنة لا بد من ضمان القوة العسكرية الماحقة للعدو الداخلي، بما فيه البطات السمان من وسطاء ووكلاء صندوق النقد والبنك العالمي، ودعاة الليبرالية الجديدة واشباههم، و الرادعة الماحقة لاي تدخل عسكري خارجي، ولو اضطر الامر ظرفيا الى شد الاحزمة على البطون، فالمطلوب راس الدولة والوطن والامة باسرها”.

بتاريخ 11 يوليو 2013 ، عثرت على  مقالة جديدة وقيمة ايضا لبشار البشير بعنوان ” الحجاب الصاد لإنهيار الإقتصاد”  (http://www.aljaml.com/node/97725) ونشرتها مجلة كنعان الالكترونية  العدد 3250، 13 تمّوز (يوليو)2013 ، وكنت قد علقت عليها على نفس الموقع بالاتي:

” أرسل من قبل نورالدين عواد (غير مسجل) بتاريخ خميس, 2013-07-11 19:48.

“أصبت يا بشار بشير وآمل ان يصل رايك الى بشار المشير!

فاحتكار قوت الشعب في ظل حرب كونية معولمة داخليا وخارجيا، يساوي بل يتجاوز ضرر كل انواع السلاح والذخيرة، التي تنهمر على سورية ارضا وشعبا. لا مجال للمهادنة لا مع العدو الخارجي ولا مع العدو الداخلي، وهو الاسوأ والاخطر. وليكن شهر رمضان شهر تطهير البلد من ادران المرتزقة، واورام السماسرة والمحتكرين.

واخيرا، بتاريخ 14 تموز 2013 اطلعت على مقالة جديدة لنفس الكاتب بعنوان “سورية مهادنة أم منتصرة ؟  على الموقع الالكتروني الجمل (http://www.aljaml.com/node/97825 ). مضمون هذه المقالة يشكل مقترح برنامج سياسي لسوريا الغد. لاحظت فيها عدم الانسجام و حتى التناقض بين ما يريده الكاتب في مقالتيه السابقتين من الدولة (اقتصاديا ـ اجتماعيا) وما يريده منها   سياسيا بعد الحرب. فالمنطق يقول “ان من يزرع قمحا لا يحصد زوانا”، ولو شاء القدر واصبحت الدولة السورية القادمة على هذا النحو، فلن يكون لكل تاريخها وتضحياتها حتى الان، اي معنى اطلاقا.

ان النقد البناء ومناقشة الافكار، ومحاكمتها بيننا،  خاصة اذا ما تعلقت بدولة او امة ما، يجب ان لا تعني “معنا او ضدنا” على الطريقة البوشية الاصولية، وانما تفاعل فكري حضاري ضروري من اجل الرسو بالوطن والشعب والامة على شاطيء السلام والرفاهية والامان والسيادة والكرامة. وهذه مفاهيم ومباديء اخلاقية لا تعيش اية امة دونها. وصدق شاعرنا الكبير”انما الامم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا”.

لننتقل الى المقالة:

[ملاحظة: النص بالخط الاسود هو مقالة الكاتب بشار بشير. والنص بالخط الازرق هو مقالة وتعليق نورالدين عواد.]

سورية مهادنة أم منتصرة ؟

 

الجمل ـ بشار بشير: لم يسبق أن تصرف المجتمع الدولي والعربي  تجاه دولة عربية ( أو غير عربية ) بمثل هذه العدائية والفظاظة والتحريض والتجاوز للأصول وللبروتوكولات وحتى للمنطق كما تصرف ويتصرف تجاه سورية.

 

بداية اود توضيح مفهوم المجتمع الدولي وبالمعية المجتمع العربي:

 

المجتمع الدولي الدارج في وسائل الاعلام الكبرى، والذي يردده الناطقون باسم الامبريالية الصهيونية، يتشكل من دول المركز الامبريالي الصهيوني وجوقته من الحكومات غير الحكومية او الامبرياليات الرثة (عادل سمارة) وبغاث القوم من انظمة ملكية، اميرية، سلطانية، متدثرة بعباءة الاسلام الوهابي الاخواني (زنادقة ومرتدين عن اسلام محمد العربي الاممي)، اي معسكر الثورة المضادة المعولمة. وهي لا تمثل باي حال من الاحوال ما يسمى المجتمع الدولي او الاسرة الدولية التقليدية، اي منظمة الامم المتحدة باعضائها ال 193 دولة او شبه دولة. والمجتمع العربي الدارج هو جامعة الدول العربية العتيدة والتي لا تمثل الشعوب العربية وجماهيرها وقواها الحية، من المحيط الى الخليج. 

وبصدد البروتوكولات والمعاهدات والمواثيق (القانون الدولي)، فان الامبريالية الصهيونية لا تقيم له اي اعتبار، وقد حولته الى ورق حمام من زمان، فراسمالها هو القوة والقوة فقط كلما امتلكتها واستطاعت استخدامها.

بمعنى ان السواد الاعظم من العالم لا يقف ضد سوريا وشعبها وجيشها، ويفيدنا هذا الادراك في تحديد القوى المعادية والقوى الصديقة والقوى المحايدة.

 خلال أيام في بداية الأزمة شاهدنا رؤساء وأمراء يتحولون من أقرب أصدقاء الرئاسة والدولة السورية إلى أعتى الأعداء.  [العلاقة بين الدول تقوم اصلا على اساس المصالح المتبادلة او المشتركة ايديولوجيا و /او اقتصاديا، وبعد اندثار الاتحاد السوفييتي تكرس مبدا “المصالح القومية للدول الامبريالية والمتطورة تكنولوجيا (المركز) فوق كل اعتبار”، ومبدا المنفعة المتبادلة بين بقية الدول (المحيط)]

وشاهدنا إعلاماً  يسفح ماء وجهه بدون تردد أمام العالم كله كرمى ليكيد ( كذباً) لسورية  [ وسائل الاعلام في العالم تتحكم بها شركات الاعلام والتضليل الكبرى التي تخدم مصالح الاوليغارشيات في دول المركز الراسمالي والامبريالي داخليا وخارجيا، ومعظم وسائل الاعلام والاتصال الجماهيري في دول المحيط ليست الا اجهزة صدى او ترديد للاولى]وشاهدنا كيف تدب الروح في رمة الجامعة العربية فتطرد الدولة المؤسسة لها دون أن تدب الروح في الدول العربية الحاضرة لجلسة طرد سورية و تعترض بكلمة لا على الطرد وإنما أضعف الإيمان على تجاوز قوانين وأصول عمل الجامعة العربية (لا اطال الله بعمرها ولا يسر لها أمراً ولا سدد خطواتها).

 [الجامعة العربية هي الاطار الذي ابتدعته الامبريالية البريطانية من اجل تجميع سلطات اقطار سايكس بيكو الاول، والسيطرة عليها، وعلى شعوبها ومقدراتها. وقد استنسختها الامبريالية الامريكية في الامريكتين بانشاء “منظمة الدول الامريكية التي تضم امريكا وكندا ودول امريكا الوسطى والجنوبية” ولنفس الغاية، فلا يجب ان ننتظر الكمثرى من العُلّيق (مثل لاتيني)].

وشاهدنا كيف تتنازل الدولة الجارة تركيا عن كبريائها القومي الذي طالما فاخرت به لتتحول من دولة ذات تاريخ وأمجاد إلى تاجر بالة و رحبة لتسويق المسروقات طالما ان هذا التحول يضر سورية دولة وشعباً. وشاهدنا بأم العين كيف يتحول رئيس دولة مصر إلى مهرج “كراكوز” فيرمي مقام الرئاسة ويحمل علم عصابة يلوح ويكاد يرقص به لتأكيد معاداته لسورية ومحاولة منه ليغيظها ( هكذا يتصرف سخفاء المهرجين فلا تستغربوا)

الاخوان المسلمون، بمحتلف تسمياتهم، يقفون تاريخيا ضد الامة العربية والقومية العربية والعلمانية، وضد الوطن، سواء كان قطريا ام قوميا، ولهذا كانوا دائما اداة في يد الاعداء الحقيقين للوطن والامة. وفي العقود الثلاثة الاخيرة، انتهزوا الاخطاء البرنامجية والتخطيط الاقتصادي الاجتماعي الذي وقعت فيه الحكومات العربية ومن ضمنها السورية، بالولوج في اللبرالية الجديدة وآثارها الاقتصادية الاجتماعية على مجتمعاتها، مما وفر ارضا خصبة لترعرع الافكار الغيبية، والوهابية تحديدا المدعومة بالبترودولار والسلاح، وبالتالي لتجنيد وتجييش الالاف من المواطنين سابقا على شكل ارهابيين ومرتزقة، يعملون على تدمير الوطن وقتل الشعب. [ انظر مقالة عادل سمارة: الاقتصاد السوري من وصفات الأكاديميا إلى الحماية الشعبية، المنشورة في مجلة كنعان الالكترونية العدد  3248 ، 10 تمّوز (يوليو) 2013]. فهناك افراد وقطاعات من الطبقات الشعبية المتضررة من “اقتصاد السوق الاجتماعي” قد وفرت  حاضنة للإرهاب الداخلي. وتقول الخبرة التاريخية بان اللومبن بروليتارياLUMPEN PROLETARIA واشباهها من شرائح ومجموعات، وحتى افراد انحدروا اليها بفعل ديناميكية الاستقطاب الاجتماعي الاقتصادي الناجم عن النيوليبرالية واسواقها، يشكلون معا مرتعا للفاشية وللثورة المضادة، واداة في يد معسكرالامبرياليةالصهيونية (المسيحية واليهودية والاسلامية والتروتسكية) وما نشاهده في مدن وارياف سورية الا دليلا ماديا قاطعا. وهذه “الحثالة” الاجتماعية، لا يهمها الوطن شيئا، ولا وعي طبقي لديها، لانها لا تشكل طبقة في حد ذاتها او لذاتها، ولا برنامج مجتمعي يعنيها فهي “دهماء عمياء تتصرف غريزيا بهيميا” في خدمة من يمتطيها. لذلك يجب عدم التهادن او التسامح معهم ابدا، لانهم مضادون للثورة والوطن والامة دائما، واسالوا التاريخ فستجدون امثلة اخرى.

 

والآن وقد دخل من أعداء سورية من دخل إلى عتمة النسيان. و أنكشفت عورة مواخير الإعلام التي ناصبت سورية العداء, وبعد أن عُزل “مالك” الجامعة العربية حمد الأول و”مديرها” حمد الثاني . وبعد أن انكفأت تركيا الإنكفاء الأول نتيجة إضطراباتها الداخلية  الذي سيتبعه إنكفائها الكبير وتقوقعها وإنعزالها فهي قد خسرت بعد سقوط الأخوان في مصر مشروع قيادتها للشرق وربحت بدلاً عنه عداوة جيرانها المشرقيين سورية والعراق وكانت قبلها قد أيقنت (وايقنا ) أنها لن تدخل جنة الإتحاد الأوروبي بالإضافة لمشاكلها مع اليونان وقبرص وأرمينيا وغيرهم , وهكذا لن يتبقى لها إلا منفذ واحد ستحاول إعادة إحيائه وسنتكلم عنه بعد قليل.        

وانتهت وصلة مهرج مصر ونزل عن المسرح لكننا لازلنا بإنتظار من سيصعد مكانه فحزب النور السلفي (نتيجة الأنوار السعودية التي تنيره ) يظن نفسه الأنسب لإنارة وإدارة مصر بعد الأخوان وهذا إن حصل سيجعلنا نترحم على مرسي وإخوانه . في خضم كل هذا أتساءل وتتسائلون ماذا سيكون موقف سورية من كل هذه الأطراف أو من بعضها ومن التطورات التي حصلت وتحصل . و لنطرح الأسئلة كل على حدة :                                                     

إذا جنحت قطر بأميرها الجديد  لمهادنة سورية فهل سنعاود مد يد الأخوة لقطر ؟ لا اعرف ماهو رأي القيادة السورية ولا ماهو رأيكم لكن رأيي أن لاشيء يمكن أن يجمعنا مع هذه الدويلة مستقبلاً بإستثناء علاقة باردة هدفها الوحيد إجبارها على دفع تعويضات و”ديات” لسورية وأبنائها مرفقين مع الكثير من الإعتذارات التي لن نقبلها ولكن يجب على قطر التقدم بها كنوع من فعل الندامة أمام الدولة والشعب السوريين .[ صمود سوريا وانتصارها لاحقا يخيف دويلات مجلس التعاون الخليجي اكثر من اي خطر آخر، ولهذا استماتتها في محاربة سوريا وما تمثله قطريا وقوميا.]

اما الجامعة العربية ( التي يبدوا أنها تريد البدء بمغازلة سورية ) فماذا إذا رجعت عن قرارها ودعت سورية لتعاود شغل مقعدها في الجامعة هل سنقول إن الجامعة هي بيت العرب وأننا لا يمكن أن نبقى بلا بيت وبلا سقف عربي لذلك سنعود لحضن الجامعة ( ولو كان بارداً )؟ لا أعرف رأي القيادة ولا رأيكم في مسألة العودة للجامعة العربية . ورأيي هو أن الجامعة لابيت ولا حيط ولا سقف ولا حتى جثة جامعة هي خيال أو سراب لم تستفد منه لا سورية ولا غيرها يوماً وإنجازها الوحيد كان الحقد على سورية والإنغماس في مؤامرة تدميرها وعندما وجدت أنها أصغر من هذا الدور وأي دور آخر ارتضت أن تكون مجرد مناكِفة للسوريين . فهل هذا العكاز الذي لم يسندنا في الماضي سيستطيع أن يسندنا اليوم وخاصة أنه انكسر وهم يضربوننا به فلم يعد نافعاً لا كسند ولا كمقرعة . فلتتجاهل سورية هذه الرمة ولتحاول إنشاء كيان آخر يضمها مع دول متجانسة متعاونة متقاربة تسند بعضها في السراء وفي الضراء بدل أن نعيش في وهم سقف الجامعة الذي سيظلّنا والذي تبين أنه مصمم لكي يقع على رأسنا ويكسره, و الحمد لله أننا نجونا برأس مشجوج بدل أن يكون مكسور ولا داعي لتجربة اخرى قد لا يحتملها رأسنا .

[تاريخيا قام صراع بين تيارين في جامعة الدول العربية ، بين القوى الوطنية و/ او القومية، والقوى الرجعية المحافظة على زواج كاثوليكي مع اسيادها الامبرياليين؛   وراهنا هناك تردي وتدهور في مضمونها ودورها ووظيفتها اي ان اداءها لصالح اعداء الامة العربية. لكن هذا لا يضير سوريا الصامدة المقاتلة في شيء. وقرار طرد سوريا شرف لها وليس ادانة. خذ تجربة كوبا مع منظمة الدول الامريكية التي طردتها منذ عام 1964 وحتى الان، وقد رفضت كوبا مرارا وتكرارا العودة اليها، رغم مطالبة كافة الدول الامريكية اللاتينية بذلك! والان وبعد الانتصارات التي حققتها القوى الوطنية والقومية والثورية لا سيما في فنزويلا، تم تاسيس “منظومة دول امريكا اللاتينية والكاريبي ( سيلاك)، التي تضم كافة الاقطار اللاتينية الاعضاء في “منظمة الدول الامريكية” وتستبعد الامبريالية الامريكية ودميتها كندا من هذا الطار القومي الصاعد، وتحتل كوبا رئاسة هذه المنظومة! ولا زالت “منظمة الدول الامريكية” تندب حظها وتبكي على ماض توّلى، وتمتثل كرها وعلى مضض لما تريده “سيلاك”. سوريا الغد، وبعد ترسيخ الانتصار الداخلي والخارجي الحقيقي، يجب ان تكون قوة جاذبة ومركز استقطاب لما في الامة العربية واقطارها من قوى وطنية وقومية وثورية، مناهضة قطعا للامبرايلية الصهيونية. وبغير ذلك لا معنى للانتصار].

نصل لتركيا التي ستجد أنها أصبحت نتيجة سياسات ثنائيها ( أوغلو وتابعه ) قفة قابعة ضمن سور حديدي فأوروبا لن تقبلها, وآسيا بأوامر موسكو وبكين ( ونتيجة لعداوات تاريخية ) لن تسمح لها بالتمدد فيها، و المشرق العربي أقامت هي جداراً بينها وبينه حينما أحلت القطيعة مع سورية والعراق محل حسن الجوار. لن يبقى لتركيا إلا بوابة وحيدة في هذا الجدار ستحاول عاجلاً أو آجلاً فتحها هي سورية التي كانت وستبقى بوابة تركيا الوحيدة على عمقها الحقيقي ورغم كل ما حصل ستجد تركيا نفسها مجبرة على إعادة وصل ما أنقطع مع سورية وفي هذا بالواقع مصلحة لسورية أيضاً ولكن هذه المرة يجب الإستفادة من دروس الماضي فشكل العلاقة الجديد يجب أن تكون سورية صاحبة اليد العليا فيه والدلال الذي تمتعت به تركيا على حساب سورية (وبرضاها) سابقاً يجب أن ينقلب ليصبح دلال سوري على حساب تركيا, دلال يتمثل بحصص مائية أكبر و بإتفاقات إقتصادية تميل لصالح سورية و بأرباح متأتية من السماح لتركيا بالعبور ممن خلال البوابة السورية إلى المشرق العربي .

بخصوص تركيا ونظامها الحاكم وسلوكه في سياسته الخارجية تجاه القضية الفلسطينية (قضية العرب المركزية)، وفي اطار الدفاع عن رسالة دكتوراة في 21تموز2010 ، قلت ما يلي:

“تركيا لاعب اقليمي يتشاطر مع الامة العربية جوارا جغرافيا، وتاريخا يمتد لاكثر من الف سنة، في اطار الحضارة الاسلامية. ولنتذكر ان الاسلام تطور وانتشر بشكل رئيسي على اكتاف اربعة امم: العربية والفارسية والتركية والكردية. تركيا كلاعب اقليمي، تعيش في طور الصعود والاداء النجومي المتنامي في مسرح الشرق الاوسط، ولها دورها ومصالحها القومية، واهدافها التكتيكية والاستراتيجية الخاصة بدولتها عموما.

“ان طبيعة نظامها السياسي الراسمالي، والبنية الطبقية لسلطانها السياسي، وايديولوجية نظامها الحاكم، والثقافة السياسية لشعبها، تفرض شروطها على سلوكها السياسي في الفضاء الجيوسياسي المسمى بالشرق الاوسط، حيث الامبريالية الامريكية والكيان الصهيوني يتمسك كل منهما بمشروعه الاقليمي : “اسرائيل الكبرى” و”الشرق الاوسط الكبيرالموسع الجديد”. السلوك الحالي للحكومة التركية يتسم بـ “دعم القضية الفلسطينية” وهذا ما يدخلها في “تصادم مثير للجدل مشكوك به” مع امريكا و”اسرائيل”.

“فلتركيا اتفاقية تحالف عسكري استراتيجي مع امريكا وتتمتع بعلاقات متميزة مع “اسرائيل”، على الرغم من تعكير صفوها مؤخرا، على اثر حرب الابادة الصهيونية على قطاع غزة، وما تبعها من مذبحة لمواطنين اتراك على متن سفينة الحرية مرمرة، غير ان هذين الحدثين لم  يغيرا في جوهر تلك العلاقات والتعهدات السياسية والاقتصادية والعسكرية. تركيا ليست عدوة لامركيا او “لاسرائيل”.

“الحزب الحاكم في تركيا اسلامي وهو “حزب العدالة والتنمية ” الذي يطلع بدور نجومي ملحوظ:  يعمل في اطار دولة قومية؛ بطرائق براغماتية؛ يفصل بن ماهو سياسي وما هو ثقافي في شعاراته؛ يلتزم بمباديء اسلامية عامة مثل تحقيق العدالة والتنمية اي ان مصالحه دنيوية ولا يسعى في سبيل اسلمة المجتمع. يجب ان لا نفقد جدلية العلاقة بين الايديولوجيا والواقع الاجتماعي والسياسي لمثل هذه الاحزاب.

“العلاقات السطانية داخل النظام السياسي التركي موزعة بشكل رئيسي بين مؤسسات مدنية واخرى عسكرية، يحكمها دستور يمنح امتيازات للعسكرتاريا. البرجوازية التركية موجودة في كلا السلطتين. بمعنى ان المصالح الطبقية لتلك البرجوازية هي التي تحدد سلوك الحكومة وخاصة في علاقاتها الدولية.

“تركيا تنتمي الى الغرب وتشاركه مصالحه واهدافه، وفي ذات الوقت تنتمي الى الشرق، وتمر بعملية اعادة تنشيط لاواصرها التجارية والاقتصادية والسياسية، مع هذا الفضاء الجيوسياسي الذي يشكل موضوعيا خطوطها الخلفية الطبيعية والثقافية التاريخية.

“لا يستبعد ان يكون الدور الاسلامي للحكومة ولرئيسها طيب اردوغان، يسعيان في سبيل التاثير على الحركات الاسلامية الاقليمية وخاصة حماس، انسجاما مع التوجه الامبريالي الامريكي الى انشاء اسلام سياسي امريكي”. انتهى الاقتباس.

وفي نهاية المطاف، جوهر العلاقة وتجلياتها بين الدول تخضع لميزان القوة ثنائيا واقليميا ودوليا؛ وبخصوص سوريا: فانها لا تريد من تركيا الا الالتزام بالقانون الدولي الميمون، واعادة الحقوق العربية السورية الى اهلها. ماذا عن لواء الاسكندرون المغتصب من تركيا؟ فهذه ارض عربية يا سادة ومثلها الجولان.

أما مصر وعلاقاتنا معها التي قاربت الستة آلاف سنة ( لعلها أقدم علاقات بالتاريخ بين دولتين ) تَحاربنا وتَحالفنا احتلونا واحتللناهم قامت علاقات وانقطعت علاقات فيما بيننا . ما يعني أن لافكاك من العلاقة مع مصر ولكن هذا لايعني أن لاقطيعة مع مصر أيضاً و هذا ما تحدده من طرف سورية المصالح السورية دون أي إعتبار آخر و أقرب مثال وحدة سورية القوتلي مع مصر عبد التاصر و قطيعة سورية حافظ الأسد مع مصر أنور السادات فالوحدة تمت بطلب سوري ونتيجة لمصالح سورية والقطيعة تمت بقرار سوري ونتيجة لمصالح سورية أساسها غيرة سورية على المصالح والحقوق العربية عامة .و اليوم لن يشذ عن الغد إن كانت مصر مع سورية وداعمة لها فأهلاً وسهلاً وإن كانت الباب الذي سيأتي منه الريح … فالحل معروف ومجرب .

وأخيراً نصل للبنان والأردن والسعودية , أما لبنان والأردن فهم أجزاء من سورية جغرافياً وإجتماعياً ويجب أن يكونا كذلك سياسياً وإقتصادياً ( خاصة إذا كان ما يحكى عن مكامن النفط والغاز في سورية صحيحاً).  [وماذا عن سوريا الجنوبية والجولان؟ وحتى من منطلق سوري جغرافي اجتماعي: هل اصبحت سوريا الجنوبية (فلسطين) خارج خارطة سوريا الطبيعية او سوريا الكبرى؟ الا توجد مسؤولية على الدولة السورية ، حتى من منطلق قطري بحت، باستمرار محاولة استعادتها وتحريرها من الرجس الامبريالي الصهيوني؟ ]

 اما نجد والحجاز “السعودية ” فما يهمنا منها هو علاقة سورية مع منطقة الحجاز نظراً لأهميتها وحتى قدسيتها للملايين من السوريين ولتاريخية العلاقة معها أما نجد فعلاقة سورية معها سطحية وهي حاولت مرة في التاريخ أن تأخذ دور الحجاز بالعلاقة مع سورية عبر محاولة طائشة لإحتلال الشام ( الجزء الجنوبي من سورية ) ورغم فشلها إلا أنها ما فتئت تعاود التجربة بمختلف الوسائل مسببة الكثير من الأضرار لسورية .            

نجد والحجاز وما تمت سرقته من اليمن، تم دمجها وبالقوة في كيان وهابي اسمه السعودية، والعلاقة معهما تتم على هذا الاساس؛ علاقة بين دولتين، واراها علاقة صدامية نظرا لما تمثله كل دولة، ولسلوك كل منهما اقليميا ودوليا: تناقض بين مشروعين متناحرين: المشروع العربي القومي العلماني السوري، مقابل المشروع الوهابي، الذي يدين لوجوده ومستقبله منذ ثلاثينات القرن الماضي، للامبريالية الصهيونية وريع النفط وليس النفط.

فلنتعلم مما جرى خلال المئة سنة الماضية التي تشكل فترة وجود السعودية والتي كانت بمعظمها فترة عداء لسورية لذلك علينا الآن أن نعتبر علاقاتنا مع السعودية هي علاقات دينية وإجتماعية فرضتها الظروف وأن نسعى لتنظيمها عبر إتفاقية أو معاهدة تحدد شكل العلاقة البروتوكولية بين البلدين, ريثما يحدث تحول كبيرما  يسمح لنا بإعتبار نجد والحجاز دولة جارة وصديقة .  

اغتصاب سلطان الدولة في الحجاز ونجد  (ارض عربية) من قبل عصابة وهابية متنكرة للعروبة ولاسلام محمد، لا يحولها ال دولة جارة او مجاورة ، ينفي عنها صفة العروبة. الوطن العربي الكبير محتل بالكامل من قبل الانظمة القطرية، بغض النظر عن طبيعتها، وعلى من يتحرر قوميا وثوريا منها، مسؤولية استكمال التحرير لبقية الاقطار، وليس الانكفاء والتقوقع، وماذا تريد “اسرائيل” اكثر من ذلك”.

عندما تجتاز الدول والشعوب المحن والحروب وتخرج منتصرة  تصبح أكثر عنفواناً وأكثر خبرة وأكثر ثقة بالنفس وأكثر قوة وهذا مايجب أن نؤمن به في سورية فصمودنا في هذه المحنة ( الحرب ) بين لنا مكامن قوتنا و أكد لنا كم نحن قادرين على الوقوف معتمدين على أنفسنا ( وعلى أصدقائنا المخلصين )

الحرب على سوريا من خلال افتعال حرب شبه اهلية، وغزو مرتزقة من مختلف بلدان العالم، لا تخاض فقط عسكريا، حيث الجيش العربي السوري يتحمل القسط الاعظم من المهمات والتضحيات، بينما القوات الرديفة تتحمل ما يجب ان تقوم به، في اطار خطة الصمود والتصدي القتالي، ولولا الموقف والمعتقد القومي العروبي للنظام السوري وجيشه، لما حظي بتاييد ودعم الشرفاء في هذه الامة من وطنيين وقوميين من مختلف المشارب، والثوريين من كافة المدارس.

اما الصداقات الدولية فهي ليست دائمة بل ظرفية قد تطول او تقصر مدة صلاحيتها، تبعا لتحولات المشهد الدولي والمصالح الجيوسياسية للدول، لذلك فان الانتصار الحقيقي او الامن القطري، لن يكون مضمونا دون عمقه القومي موضوعيا، وكارثتي العراق وليبيا خير شاهد.

والثورة الفنزويلية تعمل حاليا على قدم وساق من اجل ضمان انتصارها الحقيقي، وامنها الاستراتيجي، وديمومتها، من خلال انخراطها في سياقها الطبيعي القومي التقدمي المناويء للامبريالية الصهيونية. امريكا اللاتينية تعيش حالة مخاض استراتيجي يتمثل في التخلص من اللبرالية الجديدة وبناء الامة الامريكية اللاتينية والوطن الكبير، وما ينتظر شرفاء العرب هو اعادة توحيد الامة  والوطن الكبير.]  لذلك بعد نهاية الحرب (وكما يحصل بعد كل حرب) لابد من إعادة صياغه لقسم كبيرمن أفكارنا وسياساتنا.

ومن هنا ضرورة التنبه الى خطورة الصياغات النظرية للافكار،خاصة تحت ضغط الظروف الاستثنائية التي نمر بها، كنظام وشعب ومثقفين مشتبكين وملتزمين بقضايا الامة العربية وشعوبها.   

 فسورية الدولة العظمى القوية المنتصرة التي بيَّنت لها هذه المحنة أصدقائها وأعدائها يجب أن تعيد صياغة ودراسة بعض أفكارها وسياساتها مثل :  

*مبادؤها العربية (هل كل الدول العربية دول شقيقة مهما اقترفت بحقنا وهل رابطة الأخوة هذه لايحق لسورية كسرها بينما يحق ذلك لكل أشقاء سورية).

هل هذه دعوة الى الانكفاء القطري للنظام السوري وردّة عن القومية العربية، التي اسست للحزب والنظام الحاكم وتعبئة الشعب والدولة واجهزتها وقواتها بالروح القومية، على امتداد عقود طويلة؟ هل هذه دعوة الى التمسك بسايكس بيكو 1916؟ وتمهيد لسايكس بيكو الشرق الاوسط الكبير الموسع الجديد، القائم على تفتيت وتذرير الانظمة القطرية الى كيانات، واقطاعيات مذهبية وطائفية ودينية، تحاكي الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين (سوريا الجنوبية)، مما يعطيه شرعية طالما افتقر اليها، وامانا لم يحققه على امتداد ستة عقود ونيف، وبكل ترسانته النووية ودعم امبرياليات العالم له؟

لا يمكن لاي نظام قطري ان يبقى حيا لمدة طويلة الا اذا تجاوز قطريته، واستند الى عمقه الطبيعي جغرافيا واجتماعيا، وهذا لا يكون الا بالتمسك بقوميته العروبية، من خلال الترابط العضوي مع قومية الطبقات الشعبية العربية (التقدمية والاشتراكية اي المناوئة للامبريالية) وليس قومية الطبقات او النخب القومية او القومجية او الاسلاموية عدوة القومية العربية، اي القومية الرجعية والفاشية.

لا تصلح هذه اللحظة التاريخية التي تعيشها سوريا لمحاكمة سلوك الدول القطرية ومن ضمنها الدولة السورية، بحق بعضها البعض وبحق شعوبها ومواطنيها، “فمن كان منها بلا خطيئة فليقذف حجره”. الاجدر بالجميع الان ان نتذكر قول العرب “عند الشدائد تذهب الاحقاد”، ولتبقى كل الجهود موجهة ومركزة على التناقض الرئيسي الذي تواجهه الامة باسرها: ” الحرب الامبريالية الصهيونية التي تستهدف الجميع”.

*أحمالها الثقيلة (هل يجب على سورية  دعم كل حركة مقاومة بغض النظر عن مدى إخلاص وتعاون هذه الحركة مع سورية).

هل هذه دعوة ثانية الى الانكفاء القطري قوميا وتحرريا لسوريا الغد؟ خيانة او تساقط حزب او حركة تحرر وطني او اي من فصائلها، يجب ان لا يعني الارتداد عن مبدا دعم حركات التحرر الوطني العربية والعالمية. فلماذا يجب اخذ الاكثرية الساحقة بجريرة زيد من الناس؟ من يقف الان مع سوريا الصامدة المقاتلة؟ حركات التحرر الوطني والتقدميين والثوريين العرب والعجم، فكيف تتم المطالبة بالتنكر لهم. الاخلاص والتعاون بين حركة تحرر ما ودولة ما لا يعني تبعية او احتواء، ومداهما محكوم بطبيعة كل منهما، وباهداف ومصالح كل طرف. ثم من قال ان النظام السوري يدعم من يتنكر له او يخونه او يطعنه في ظهره؟

*إلتزاماتها التي فرضتها على نفسها (هل على سورية حمل راية الوحدة العربية لوحدها مع ما يستتبع ذلك من تضحيات تفننت الدول العربية بإستغلالها دون أن تستفيد سورية شيئاً بالمقابل).

هل هذه دعوة ثالثة الى التخلي عن الامة و القومية العربية؟ وهل نحن في سوق مزاد على المباديء والاهداف التي قامت عليها احزاب القومية العربية والدول التي تبنتها؟ النضال الوطني والقومي والثوري قضية طوعية، يختارها المرء او الحزب او الدولة، بدافع من الوعي الواعي لاهميته، في سبيل الحفاظ على الذات الوطنية والقومية والثورية، على طريق اقامة وطن ومجتمع العدل والاخاء والمساواة الحقيقية: مجتمع الحرية والرفاه والكرامة الانسانية.

ولو كان الامر غير ذلك، لوافق الرئيس بشار الاسد على عرض البنك العالمي بتقديم 21 مليار دولار لاعادة اعمار سوريا بعد الحرب! ولوافق النظام السوري على مطالب الامبريالية الصهيونية ومطاياها في دويلات الريع العربي ، فهؤلاء يدفعون بالمليارات للثورة المضادة وللعملاء والمرتدين.

يقول البطل القومي الكوبي خوسيه مارتي منذ القرن التاسع عشر “الانسان الحقيقي هو الذي لا ينظر الى الجانب الذي يعيش فيه بشكل افضل، وانما الى الجانب الذي يكون فيه الواجب”.

 نار الحرب التي أحرقت الأبناء والبناء ستتبدل قريباً إلى نور الإنتصار الذي يجب أن يضيء على مبدأنا وتوجهنا الجديد : سورية أولاً …. وآخراً. (انتهى نص المقال) المصدر:http://www.aljaml.com/node/97825

على ما يبدو ان تساؤلاتي السابقة وجدت لها جوابا مباشرا من خلال الخلاصة التي توصل اليها الكاتب”مبدأنا وتوجهنا الجديد : سورية أولاً …. وآخراً”،على غرار: الاردن اولا ولبنان اولا…وأوسلو اولا، اي التقوقع القطري المقيت.

  في رايي، انها للاسف الشديد خلاصة خاطئة تماما، فسوريا ما بعد الحسم والانتصار في هذه المعركة المفتوحة،  يجب ان لا تكون كما كانت سابقا ، اذا ارادت الحياة بكرامة. لان الخيار الاخرنالتقوقع القطري لن يجلب عليها الا الكوارث الاجتماعية والاقتصادية والمصيرية.

يقول الكاتب حسن مدن، في مقالة بعنوان ” من القومي إلى دون الوطني”  نشرت اليوم على موقع http://www.alkhaleej.ae/portal/d4eb711a-2741-4727-b2fb-81033af13e09.aspx    ، وهو محقّ في رايه، ما يلي:

 

“عوامل إخفاقات الدولة القطرية العربية، وعجزها عن التقدم في إتجاه تحقيق الوحدة العربية القابلة للبقاء بين كيانين عربيين أو مجموعة كيانات كثيرة، ولكن في الظرف الراهن علينا ملاحظة أن تراجع دور ومكانة التيارات القومية والتقدمية لمصلحة تيارات الإسلام السياسي لم يؤد فقط إلى تراجع فكرة الوحدة القومية، وحدة العالم العربي في كيان واحد، وإنما إلى تفكيك الخطاب الوطني نفسه لمصلحة الإعلاء من الهويات المذهبية والإثنية، ما ينذر بتفكيك الكيانات الوطنية ذاتها، لا لمصلحة الوحدة، وإنما في إتجاه ما هو دون الوطني، أو أقل منه”.

 

واضيف اليه : “ان العولمة اللبرالية الجديدة بصفتها طورا تعيشه الامبرالية حاليا، قد وفرت للسياسة الخارجية الامريكية منذ عهد بوش الابن، فرصة من اجل تذرير بلدان محيط النظام الراسمالي، وتدمير دوله الوطنية ماديا او من خلال استلاب سيادتها، وتحويلها الى اقطاعيات جديدة، من اجل ضمان التفوق الاستعلائي الامريكي لاقصى مدة زمنية ممكنة، وتشديد الاستغلال الاقتصادي ـ الاجتماعي لها، حرصا على تحقيق اقصى معدل ربح ممكن للراسمال الامريكي الكبير.

 

“ان اعادة تركيب مكونات الدول المذرّرة او المتشظية على يد الامبريالية الصهيونية لن يفضي الا الى “دويلات” او “دول قزمية” على اسس عرقية، دينية، طائفية..الخ. ولن تكون قادرة ابدا على توفير المتطلبات التي لا بد منها، لكي تصبح دولا سيادية ومستقلة، ولذلك فانها ستهرع لا محالة الى مركز الراسمالية العالمية، بحثا عن مقومات وجودها المقيت اقتصاديا وعسكريا بشكل اساسي. [ مقتطف من رسالة دكتوراة، عام 2010: السياسة الخارجية الامريكية تجاه القضية الفلسطينية. نورالدين عواد. ص 30 (بالاسبانية)].  وهذا ما لا اريده ابدا لسوريا ولا لاية دولة وطنية في العالم.