د. عادل سمارة
بداية، لست من المثقفين العرب (وخاصة القوميين البحت) الذين يكيلون المديح للنظام في سوريا كما اعتادوا، وفي هذا خداع للحاكم وليس خدمة للوطن ولا للحاكم نفسه وأعتقد أن النقد هو نضال حقيقي، وربما هذا الفارق بين المثقف والمثقف النقدي المشتبك.
تتفاقم الأزمة الاقتصادية (النقودية) خاصة في سوريا يوما بعد يوم . وهي تشكل الحلقة الجديدة في استلال أدوات جديدة لتدمير الدولة بكاملها. ولكن السؤال الاجتماعي الطبقي وحده الذي يفتح الباب على فهم هذه الهجمة، بمعنى: إن أي خراب داخلي لا يمكن أن يؤثر ما لم تكن هناك قوى اجتماعية طبقية تحديداً تقف ورائه وتخدمه بل وتنخرط فيه. وفي الحالة السورية فإن التخريب الاقتصادي هو فعل تقوم به شرائح طبقية تبدا من أجنحة في النظام متمكنة ومتمترسة ولها كما يبدو تشعباتها وصولا إلى بعض البروليتاريا الرثة .
لقد كتبت في نشرة كنعان الإلكترونية مقالة طويلة (السنة الثالثة عشر العدد 3248 ، 10 تموز 2013): “الاقتصاد السوري من وصفات الأكاديميا إلى الحماية الشعبية”.
وملخص المقالة أن على الدولة ان تمسك بالاقتصاد تماما، وأعتقد أن اي تردد في هذا السياق يكشف بان السلطة الحالية تخشى من التوجه الاشتراكي حتى لو كان هو الحل، ولهذا معانيه الطبقية الواضحة بل مخاطره.
قبل ايام التقيت بصديق زار سوريا وقال لي :”أنا سمعت من الرئيس الأسد بعد بدء الأزمة بستة أشهر حيث قال ونحن نزوره: “خيارنا هو الاشتراكية”.
ولا شك أن السلطة في سوريا إضافة إلى وجود شرائح طبقية من الكمبرادور الموجه للخارج كمستورد وكخصم طبقي لقطاعات الإنتاج المحلية، والفاسدين كمنفذين لمصالح الكمبرادور على الأرض سواء بالهجوم بالعملات الأجنبية وخاصة الدولار على الليرة السورية، ناهيك عن أدوار أخرى لهم/ن، وكذلك المضاربين على العملات والطفيليين . ولا شك أن هذه الشرائح تشكل غطاء مقصودا او غير مقصود لفوضى اللصوصية والبلطجة والخاوات…الخ. ويبدو أن أنواع الفلتان في سلطة أوسلو-ستان أقل منها في سوريا.
ذات مرة سمعت الرئيس السوري يقول وخاصة بعد هرب حجاب :”إن الباب مفتوح لمن يريد مغادرة سوريا” ويبدو أن ذلك كان تلافيا للدخول في صراع مع هذه الشرائح الخطرة وخاصة التي منها في السلطة. ولكن هذه الشرائح لدرجة تمكنها في البلد وجدت بأن عليها البقاء حفاظا على ما نهبت. فما من طبقة تتخلى عن مصالحها ومنها مسروقاتها ببساطة سواء سلطة سياسية أو سلطة اقتصادية تحديدا. وما يدور في مصر يعطي درسا جديدا في هذا الصدد، بمعنى أن تحرير الأموال المسروقة –كما قال لينين – للبلاشفة قبل اشعال الثورة: “إسرقوا الأموال المسروقة” وهنا نقول حرروها، طبعا يقول بوخارين حين نطق لينين بهذا وقف شعر رؤوسنا.كيف نكون لصوصاً؟ ولكننا أدركنا بعدها أننا جميعا مسيحيين وهو وحده الشيوعي.
لذا، أعتقد أن من المفيد للنظام في سوريا وتحديداً للنهج المقاوم والجذري الذي يرى في “ديكتاتورية طبقية للطبقات الشعبية/ديكتاتورية حربية” ضرورة حياتية لا بد أن يقوم بالإمساك بمختلف مفاصل الاقتصاد من التصدير للبنك المركزي إلى الاستيراد إلى التسويق المحلي إلى منع التعامل بالعملات الأجنبية وحتى إن أمكن إصدار ليرة جديدة.
أما لتمفصلات حجاب فلا بد ان يُقال لهم ليس بينكم وبين اللحاق بحجاب اي حجاب. ايها الرفاق، حفظا للعشرة القديمة، أخرجوا كي لا نضطر للحرب الطبقة معكم فنُدخلكم/ن… إلى.