عادل سمارة
حين تتمكن من تلخيص تطورات صراع قومي معولم في حفنة من الصفحات، فلا يعني ذلك أنك عبقري قط، بل يعني أن مرحلة من الصراع في خواتيمها لأن أحد الطرفين قرر أن يُهزم فذهب فذهب إلى مفاوضات جوهرها إملاءات لا أقل. هذا معنى الحياة مفاوضات لا مقاومة.
تُعقد بعد ايام جولة مفاوضات أخرى بين الكيان الصهيوني والحكم الذاتي. مفاوضات مرسومة كخطة ويتم تنفيذها كمؤامرة من حيث تفاصيلها وتنفيذها. فهي ليست حتى كخارطة طريق، تلك التسمية الخطرة التي أطلقها مأفون القتل الأمريكي جورج دبليو بوش وتناقلتها التوابع بالخطاب والسياسة والثقافة…الخ.
والخطة، كما هي مرفقة أدناه، تعني استسلام الطرف الفلسطيني تماماً لمتطلبات أمرين اثنين:
- تنفيذ رؤية الولايات المتحدة لمصالحها في الوطن العربي وعلى راسها الإقرار التام بيهودية وصهينة فلسطين. ورغم خطورة هذا إلا أنه يعكس استلحام الولايات المتحدة على الخروج من المنطقة بمكسب ما هو بقاء الكيان الصهيوني الإشكنازي. وهذا تسليم بأن الوطن العري لن يبقى أمريكيا على المدى حتى المتوسط وخاصة على ضوء تسونامي الحراك الشعبي منذ ثلاثة أعوام بمعنى ان لا مضمون لها سوى القاعدة اليهودية الصهيونية في فلسطيين.
- وإعطاء الكيان الصهيوني كل ما يرغب (في هذه المرحلة) على أن يتبقى للفلسطينيين أجزاء ضئيلة من وطنهم لأن هذه البقايا ضرورية لتمرير المؤامرة وخاصة لضرورة وجود طرف فلسطيني يوقع على المؤامرة.
الخطة/ المؤامرة باختصار هي يهودية فلسطين، وإقامة كيان فلسطيني صغير وهش ةوبلا سيادة على بقع صغيرة متناثرة في المحتل 1967، وسيُسمى دولة. كيان مخروق بالمدن الاستيطانية والعديد من المستوطنات الصغيرة، وإشراك النظام الأردني في إدارة الضفة الغربية بوليسيا، بينما الأمن الحقيقي بيد الكيان، وشطب حق العودة عبر إعادة احتفالية لقلة من اللاجئين إلى الكيان الفلسطيني وليس إلى المحتل 1948 ضمن ما يسمى “جمع الشمل” أي عملية إحسان وليس حق قومي سياسي، وتوطين الفلسطينين في كيانات الخليج العربي، على أن تغطي هذه الكيانات كلف تعويض اللاجئين الفلسطينين بدل أن يدفع ذلك العدو الذي اغتصب الوطن!. وكل هذا بموافقة الأنظمة العربية اعترافها بالكيان أي التطبيع الشامل أو صهينة الأنظمة العربية بما يحقق:
- محاصرة الدور الروسي في المنطقة في قطع الطريق على تعدد القطبيات
- ومحاصرة قوى المقاومة والممانعة التي تشكل تحديا للأنظمة العربية التابعة للثورة المضادة.
- وقطع تحولات المشروع العروبي
إن قراءة لما رشح من الخطة/المؤامرة تبين أنها قابلة للتنفيذ على ضوء الواقع الحالي، اللهم إلا إذا حصلت تطورات تحقق انتصارا قريبا لسوريا على أن يكون بوسعها ولديها الإيمان بمباشرة الهجوم المضاد على صعيد قومي. إنما دعنا نقول بأن نجاح الخطة/المؤامرة ممكن على ضوء المعطيات القائمة.
ولكن، كيف كان لهذا أن يحصل؟
ليست هذه العجالة مخصصة لقراءة تاريخية، ولكن ما يمكن قوله أن هناك عاملين اساسيين وراء حصول ما يحصل هما المصيدة والربيع العربي.
1-المصيدة وخلق مجتمع السلطة:
ترتبط جاهزية التنازل عن فلسطين مع بدايات تشكيل م ت ف من خلال إغراق قياداتها بالمال. وهنا لا بد من التفريق بين القيادات وبين المقاتلين حيث للقيادات أجندة وحوارات وارتباطات مختلفة عن قرار المقاتلين. فلا شك أن قيادات المقاومة كانت تدرك باكرا بأنها لا تستطيع تحرير فلسطين مما دفعها باكرا للبحث عن منافذ للتسوية. أما استمرار بقاء م ت ف حتى اتفاق أوسلو فلم يكن بشرعية الكفاح المسلح التي كانت تتناقص لصالح قوة وسطوة المال المسموم من الأنظمة النفط العربية.
وحيث تم تقويض الكفاح المسلح بالهروب إلى تونس، وهو الهروب الذي تمت تغطيته بالزعم أن المقاومة مستحيلة وأن كل شيء قد انتهى.
أذكر حينما قررت قيادة المنظمة الرحيل إلى تونس أن سألني صديق د. تامر عيساوي عن رأيي فقلت له:
· من العار هذا الهروب وترك لبنان للعدو بعد ما عاناه من أجلنا.
· قال وماذا يجب ان تعمل المقاومة
· قلت القتال مع الحركة الوطنية اللبنانية التي لن ترحل أو الصمود حتى لو لاقت مصير كميونة باريس.
وقد اثبت الزمن أن الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الإسلامية قادرة على التحرير.
كانت تونس مرحلة انتقالية ل “تطهير” المقاومة من “جرثومة” الكفاح المسلح، وهو الأمر الذي تجلى في مؤتمر مدريد، وقيام إدوارد سعيد بأخذ ياسر عبد ربه إلى البيت الأبيض مما أدخل م ت ف الى المطهر الأمريكي الذي لم تخرج منه سوى محترقة الريش، وهو ما انتهى باتفاق أوسلو ومن ثم بروتوكول باريس.
تجلت المصيدة بتوفير دفق تمويلي من مال المانحين المسموم بشقه الرسمي الحكوماتي وغير الحكومي الأنجزة. وهذا ما اقام سلطة تعيش على ريع موقفها السياسي المعترف بأن وطنه لعدوه.
كانت الخطة في توفير وظائف لأكبر عدد ممكن من مؤيدي سلطة أوسلو-ستان مما انتهى إلى تكوين مجتمع خاص بالسلطة فيه مراتبية طبقية واضحة تبدأ براسمالية بيروقراطية من كبار القيادات متلاحمة متحالفة مع قطاع خاص ممول خليجياً ومتعيشا من الخدمات والتطبيع، وطبقة وسطى من الموظفين بشكل خاص وطبقة شعبية من صغار الموظقين في الأمن والدوائر المدنية. لا نبالغ بالقول أن هذه الهرمية الطبقية تقارب نصف الفلسطينيين في الضفة والقطاع. ولتوضيح أكثر فقد تحولت حركة فتح من حزب إلى هيكل دولة حظي كل من هو من أعضاءها في عمر العمل بالتشغيل الكامل مقابل عدم اكتراث السلطة بالبطالة الكاملة لبقية المجتمع اللهم باستثناء تحقيق “اقتصاد التساقط” لقيادات مختلف القوى الأخرى المتحالفة مع سلطة فتح.
وترافق مع هذا سلسلة أمراض أهمها بل أخطرها:
· تبني سياسة لبرالية انتهت إلى لبرالية جديدة إلى جانب غياب اية سياسة إنتاجية وإهمال قطاعات الإنتاج مما زاد نسبة الباحثين عن عمل في السلطة والمبتعدين عن الإنتاج وخاصة الزراعي.
· تعمق نزعة الاستهلاكية محفوزة بتوفر سيولة مالية لم تتأتى من عمل وإنتاج كما هو حال المنتج المستقل مما يجعل إنفاقها الاستهلاكي اسهل ويباعد ما بين هذه المداخيل المسمومة وما بين الاستثمار الإنتاجي.
وفي السياق نفسه انشغل المثقفون والأكاديميون بالترويج للتسوية والسلام ووقف الانتفاضة ورفض المقاطعة وممارسة التطبيع مما حول هؤلاء إلى طابور سادس. ورغم أن بعضهم أخذ يثرثر مؤخرا ضد السياسات النيولبرالية ووجه بعض النقد لأوسلو، إلا أنهم لم يقطعوا مع هذه الخطة/المؤامرة لا ماليا ولا سياسيا ولا تعاقديا الأمر الذي كان مثابة تشجيع لسلطة أوسلو على المضي في التسوية/التصفية مرتاحة مطمئنة.
وإذا كانت أموال الحكومات المانحة قد أغرقت يمين م ت ف فإن أموال المنظمات غير الحكومية (الأنجزة) قد أغرقت العديد من كوادر اليسار فاصبحوا قوة دعم للتسوية/التصفية من الباب الموارب الذي يسمح لهم بالقول لا لأوسلو حتى وهم في حضنها وهو ما أكسب أوسلو والسلطة والمانحين قوة معنوية بمعنى أن معدتها الديمقراطية تسمح لها باستيعاب مشاكسات من يتعيشون من خيراتها مما يؤكد “مصداقيتها” وهشاشتهم وتهافتهم. فمن يقرأ أدبيات كثير من منظمات الأنجزة اليسارية المحلية والغربية الكولونيالية هنا (روزا لكسنبورغ مثلا) يقرأ رطانة تنموية ترقص في حضن ممولها.
ربما كان الوقف المؤقت لتمويل السلطة حينما فازت حماس في انتخابات شاذة في التاريخ، اي ديمقراطية تحت استعمار استيطاني وبإشراف ضواري الإمبريالية مثالا واضحا على إحدى حلقات المصيدة! وبالطبع تغاضت حماس عن كل رطانتها ضد الانتخابات الأولى لمجلس الحكم الذاتي حينما انتقلت إلى مربع أوسلو حيث اعتبرت ذلك شرعيا، علما بأن هذا كان تأكيدا على دخولها مطهر التسوية محيطة ذلك بصراخ “فلسطين وقف إسلامي”!
فحينما توقفت الدول المانحة عن التمويل في محاصرة لحماس التي فازت في انتخابات أشرف عليها الممولون أنفسهم،اتضح بأن قرار تمويل الأعداد الكبيرة من قوة العمل المحلية في أجهزة السلطة كان مصيدة حيث حل هذا التمويل محل عمل الفلسطينيين داخل الكيان. كان هذا التوقف مثابة مصيدة من “المانحين” لتركيع من لم يركع.
بدخول حماس الانتخابات والإمساك المؤقت بالسلطة دخلت لعبة السلطة بدل المقاومة وهو ما انتهى بالانقسام ومن ثم تفريخ حكومتين للفلسطينيين. وبغض النظر عن التوجهات الحقيقية لحماس، وانسحاب الكيان من قطاع غزة، فقد دخلت حماس لعبة النظام السياسي اي السلطة كقوة وتحديدا كمصالح وبدأت تظهر ملامح اللحاق بحركة فتح وبقية فصائل م ت ف أي الانتقال من المقاومة إلى السلطة، اية سلطة والحفاظ على السلطة.
في هذا المسار لعبت حماس دورا مزدوجا:
· دور المقاومة عبر علاقاتها بحزب الله وإيران وسوريا لتعزيز المقاومة أو على الأقل حماية قطاع غزة.
· ودور المساومة عبر انشدادها إلى جذورها الإخوانية.
لكن الأزمة السورية ضيقت الخناق على حماس وأرغمتها على وضع قدميها على بلاطة واحدة. فما كان منها إلا أن قررت خيانة معسكر المقاومة والانتقال إلى معسكر الثورة المضادة. ولعل الدلائل عى ذلك:
· انتقال مشعل من الشام إلى قطر كما انتقل عرفات من بيروت إلى تونس
· والتمول العلني من قطر بدل التسلُّح من معسكر المقاومة والممانعة.
وبهذا تكون حماس قد استدارت على طريق فتح وبقية الفصائل ولكن بسرعة قصوى.
هذا المناخ هو الذي أعطى سلطة رام الله الضوء الأخضر للذهاب في التسوية دون قلق.
2 -الربيع العربي:
بكلمة محدودة، فما يجري في الوطن العربي هو إرهاصات للثورة تشتبك مع الثورة المضادة التي هي موجودة مسبقاً في معركة مصيرية وخاصة في الحواضر العربية الرئيسية الثلاث: دمشق وبغداد والقاهرة.
إن الصراع محتدم اليوم بين معسكر المقاومة والممانعة وبين الثورة المضادة، وساحته الأشد هي سوريا. ويمكن تكثيف هدف الثورة المضادة في تدمير الحواضر الثلاث عموما وخاصة جيوشها لضمان الكيان لأطول فترة ممكنة على اعتبار أنه زائل في نهاية المطاف.
في لحظة تأزم الحواضر الثلاث التي وحدها بوسعها النضال من أجل تحرير فلسطين يغدو من مصلحة الثورة المضادة عقد تسوية خطيرة كالتي نتحدث عنها، فهي تحاذر، اي الثورة المضادة صمود معسكر المقاومة وتستبق الزمن بتأمين الكيان الصهيوني قدر الإمكان.
ولعل مما عجَّل في الدخول الأمريكي المفتوح في خضم التسوية هو صمود سوريا من جهة وارتباك المشهد في مصر وسقوط تجربة حلفاء الثورة المضادة من قوى الدين الإسلامي السياسي في مصر وتأرجح هذه القوى في الأقطار الأخرى.
في هذا المناخ، كان لا بد للإمبريالية من السباق مع الزمن لتكريس واقع يخدم الكيان الصهيوني.
ولكن:
صحيح أن تمرير التسوية (الخطة /المؤامرة)، هي ضربة للمشروع القومي العربي بما هي تصفية للقضية الفلسطينية. ولكن الانطلاق من التاريخ يؤكد بأنها جولة قد تنتهي بانتصار سوريا وتماسُك مصر، وقد تطول لفترة ربما طويلة. ولكن حتى الكيان يدرك بأن مصيره إلى الذوبان في الوطن العربي.
ليس من السهل داخليا في الأرض المحتلة صد المؤامرة اليوم، لذا لا أقل من رفضها وفضحها تأسيسا ليوم آخر. ولكن المطلوب فضح حقيقي على الأقل.
■ ■ ■
بنود الخطة/المؤامرة
1. يشرع الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني في عقد محادثات ثنائية دون أية شروط مسبقة خارجة عن المبادئ (التوافقية) المدرجة تالياً.
2. يشارك الأردن في الجلسات المتعلقة باللاجئين والقدس والحدود حيثما اقتضي الأمر ذلك.
3. يشكل الجدار العازل القائم حالياً الحدود الأمنية للدولة (اليهودية) والحدود (المؤقتة) للدولة الفلسطينية التي سيقر بها الطرفان ويعلنانها.
4. يتم إجراء تبادلية في الأراضي المتنازع عليها والواقعة ضمن مخطط الجدار المذكور بموافقة الطرفين ومباركة لجنة المتابعة المنبثقة عن الجامعة العربية التي نقلته للوزير كيري خلال زيارتهما الأخيرة لواشنطن والتي تتراوح مساحتها بين 8_10% من أراضي الضفة الغربية.
5. يتم تجميد المشاريع الاستطانية المتعلقة بعدد من البؤر المقرة من قبل الحكومة الإسرائيلية ولا ينطبق هذا الإجراء علي المشاريع القائمة في التجمعات الاستيطانية الكيري الواقعة فيمحيط مدينة القدس وغور الأردن بما فيه مستوطنات معاليه أودميم وزفعات جئيف وهارحوما وجيلو ونيفي يعقوب ورامات شلومو ورامات ألوان وكريات أربع وكذلك المستوطنات ذات الكثافة السكانية.
6. يعطي سكان المستوطنات التي يتم تجميد الاستيطان فيها الحق اختيار أي من الجنسيتين اليهودية أو الفلسطينية أو كلتيهما في ختام المحادثات المذكورة.
7. تتوج المحادثات باتفاق تاريخي في ختام السقف الزمني المذكور علي غرار اتفاق أوسلو ، يتم خلاله الإعلان عن وقف نهائي للنزاع التاريخي بين الطرفبن وتطبيع كامل مع كافة الدول العربية في اجتماع احتفالي تحضره الجامعة العربية وممثلو كافة الدول العربية يعلن فيه موافقة إسرائيل على قيام الدولة الفلسطينية ضمن الحدود الواردة في الفقرة 4 أعلاه وفق الاتفاق (التوافقي) الذي يبرمه الطرفان في نهاية المفاوضات مقابل اعتراف فلسطيني مماثل بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي.
8. يتم الاتفاق في نهاية المفاوضات علي السماح لبعض العائلات الفلسطينية بجمع الشمل في الضفة ورفح وغزة ، ويمنح الآخرون حق التعويض أو الهجرة بحيث تفتح الدول العربية خاصة الخليجية ذات التواجد الفلسطيني فيها أبوابها لتسهيل ذلك وإعادة تأهيلهم أو تجنيسهم مع مناشدة عدد من دول الخليج كالسعودية والإمارات العربية والكويت وقطر تمويل صندوق “حق العودة المتعلق بذلك”.
9. توضع القدس المحتلة تحت إدارة مشتركة (دولية_ فلسطينية_ إسرائيلية- أردنية) لمدة عشر سنوات بحيث يحق للإسرائيلين المقيمين فيها اختيار هويتهم التي يقررونها.
10. يوافق الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني علي مناقشة مسألة تبادل الأراضي، ولاسيما في الضفة والقدس، في لجان التفاوض علي الرغم من بعض النقاط الخلافية غير الجوهرية القائمة حالياً بين الطرفين في بعض التفاصيل، وخاصة تلك التي تحفظ عليها بعض أعضاء وفد الجامعة العربية والمتعلقة منها بمقترح منح الجنسية لكل فلسطيني مقيم في الخليج منذ أكثر من عشر سنوات.
وحسب التقرير، فيتم مناقشة الخطوات التنفيذية لهذا الاتفاق خلال المفاوضات التي تقرر لها السقف الزمني المذكور أعلاه. ويمتد تنفيذها الي عشر سنوات تبدأ مع توقيع الاتفاق، وتفرج إسرائيل عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين لديها ممن قضوا عشرين عاما أو أكثر في المعتقلات ولا يشكلون خطراً أمنياً عليها. ويدعو الرئيس محمود عباس إلى انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة بعد إطلاق الجانب العلني من الاتفاق تحسبا لاحتمال ظهور اعتراضات عليه، ولن تعلن بنود الاتفاق كاملة للإعلام إلا بعد بدء المفاوضات وانشغال الفلسطينيين بمعارك المجلس التشريعي والرئاسة. وحسب المصدر الخاص، فمع توقيع الاتفاق في نهاية السقف الزمني المحدد الذي يعلن بموجبه استقلال الدولة الفلسطينية، يدخل الطرفان الفلسطيني والأردني بمباركة إسرائيلية وعربية، في تفاهمات تتناول دوراً أردنياً أمنياً جوهرياً في مساندة السلطة الفلسطينية والوقوف إلى جانب في وجه أية أخطار داخلية أو خارجية محتملة، وذلك في إطار الكونفدرالية المتفاهم عليها والتي تكون قد نضجت ظروف إعلانها. بالتزامن مع طفرة اقتصادية ثلاثية يكون لإسرائيل دور فاعل في تشكيلتها. وقد أفاد التقرير الخاص أن عباس أوفد في الثامن عشر من شهر يوليو الماضي، الدكتور نبيل شعت الي موسكو سرا وبشكل عاجل لوضع القيادة الروسية في صورة الأمر، وفي انتظار عودة عضو اللجنة نبيل شعت من موسكو، حيث علم أنه حظي بالموافقة المبدئية علي الاتفاق، وأن عباس اجتمع مع عدد من قيادات فتح بصورة ثنائية كل علي حدة ، تجنّباً لاجتماعات مفتوحة، وذلك تمهيداً لدعوة المجلسين المركزي والوطني الفلسطينيين إلى الاجتماع بعد عيد الفطر مباشرة علي غرار اجتماع عام 1996 في غزة الذي تم فيه إلغاء البنود الرئيسية للميثاق القومي الفلسطيني. كما أورد التقرير أن الملك الأردني عبد الله الثاني استدعي إلى عمان عدداً كبيراً من الشخصيات ذات الأصول الفلسطينية وآخرين من الأراضي المحتلة ومن القدس للتشاور ولدعم الاتفاق . وأبلغ الملك عددا من هذه القيادات أردنية من أصل فلسطيني بقرب التوصل إلى اتفاق تاريخي في شأن القضية الفلسطينية. ولحظ التقرير وجود تململ يتبلور في شكل معارضة ملحوظة لهذا الاتفاق بعد تسرب بعض مضامينه، تلعب فيها السيدة فدوي زوجة مروان البرغوتي دوراً رئيسياً في التصدي له. كما لحظ كذلك إلى أنه ورد علي لسان كيري خلال اجتماعه بعباس قوله تعقيباً علي مداخلة من الأخير أبدى فيها تخوفه من عرقلة حماس للاتفاق فقال: ” …دعك من هذا الهاجس، سنتدبر أمره وستجد حماس من التطورات المستجدة علي الساحة المصرية ما يشغلها عن هذا الشأن ويحصر اهتمامها في تدبر أمرها وأمر وجودها وبقائها من عدمه…”