حوار هادىء مع السفير الفنزويلي

د. عادل سمارة

في سياق الصداقة الفلسطينية الفنزويلية تفاعل السفير الفنزويلي مع اقتراحنا بزيارة الممثلية الفنزويلية في رام الله  للتحاور حول التطورات على الساحة المصرية وعلاقات الجمهورية البوليفارية الفنزويلية مع جمهورية مصر العربية، واستدعاء السفير الفنزويلي إلى العاصمة كاراكاس.

وقد شرح الفلسطينيون رؤيتهم لما يدور في مصر والتعقيدات المتعلقة بأن إزاحة الرئيس مرسي كانت انقلابا أم حراكاً شعبياً من إجل إزاحته، وطبيعة البنية الحاكمة الآن بتكوينها كخليط من عدة اتجاهات وبأن هذا الخليط هو خطوة متقدمة على حكم جماعة الإخوان المسلمين ولكنه، أي الحكم الجديد، ليس المعبر عن طموحات الأكثرية الشعبية في مصر والتي هدفها إيصال هذا الحراك والإرهاصات إلى ثورة حقيقية لتحقيق الديمقراطية الشعبية في الاقتصاد والسياسة والاجتماع محليا والتخلص من اتفاق كامب ديفيد وطنيا وقوميا وإنهاء التبعية للمركز الإمبريالي  ومن ثم التوجه شرقا عالمياً.

كان السفير مرتاحا وواضحا ومتفهماً وببساطة ثورية، نتمنى من الدبالوماسيين ورجال الحكم العرب أن يرتفعوا إلى هذا النمط الثوري المتقشف. وقد أكد رئيس الممثلية الفنزويلية تمسك بلاده بالصداقة مع مصر، وبان ما حصل هو استدعاء مؤقت للسفير بينما بقيت السفارة تعمل بكامل طاقمها. كما تناول الحديث الوضع في سوريا ودعم فنزويلا للقطر العربي السوري ووقوفها مع سوريا ضد الثورة المضادة. وتبين من حديث السفير رؤية بلاده الواضحة لمحورية مصر وسوريا في الوطن العربي واهتمام فنزويللا بذلك.

وقد شارك مع السفير السيد باسل دياب نائب السفير ومن الجانب الفلسطيني الرفاق: محمود فنون عضو المجلس الوطني الفلسطيني  وإحسان سالم ابو عرب عن حزب البعث العربي الاشتراكي- فلسطين، وعمر شحادة رئيس تحرير مجلة الهدف والصحفي كامل جبيل و د. عادل سمارة رئيس تحرير مجلة كنعان.

ما يلي نص الرسالة التي سُلِّمت للسيد السفير:  

 

السيد سفير جمهورية فنزويلا البوليفارية/المحترم

تحية طيبة،

نزور سفارة بلدكم العظيم ارتكازاً على الواجب الكفاحي المشترك لبلدينا في مواجهة الثورة المضادة (المركز الراسمالي المتوحش، والكيان الصهيوني الإشكنازي والرجعيات العربية) ولكي ننقل إليكم ما نود أن تنقلوه إلى الرئيس المحترم نيقولاس مادورو وذلك أننا رأينا في استدعاء سفير فنزويللا من جمهورية مصر العربية خطوة بالغة السرعة استثمرتها الثورة المضادة ايما استثمار.

ما يدور في مصر صراع متعدد المستويات، فهو وطني للحفاظ على سيناء من تمدد قوى الدين السياسي  الإرهابية مما يسهِّل تنفيذ خطة الكيان الصهيوني لإقامة الدولة الفلسطينية في غزة وجزء من سيناء(خطة الجنرال الصهيوني المتقاعد جيؤورا أولاند 2006). وصراع طبقي لأن الطبقات الشعبية قد تدفقت إلى الشوارع مطالبة بعزل الرئيس “المنتخب- اي الذي انتخبته- محمد مرسي ومن حقها خلعه متجاوزة ديمقراطية الصناديق”. وصراع  دولي لأن العديد من دول العالم لها إصبع في هذا البلد العزيز.

إن نقطة البدء في الصراع الجاري حالياً في مصر هي تدفق عشرات الملايين لعزل الرئيس مرسي، وليس قرار الجنرال عبد الفتاح السيسي، ولا بقية قيادة الخليط الذي لم يتبلور في تحالف متمساك بعد، فليس الجنرال هو نقطة البدء بل الطبقات الشعبية المهمشة. وصحيح ايضاً أن في الخليط جزء كبير من الثورة المضادة مما يعني أن الانقسام السياسي في المجتمع عامودياً،  ولا سيما على مستوى الطبقة الراسمالية التي يمكن تشخيصها كما يلي:

1)الراسمالية الكبيرة ومعظمها  كمبرادور، ولكن جزء كبير من جناحها الإنتاجي بيد الجيش الذي يتحكم ب 35% من الاقتصاد المصرى من ضمنها الصناعات الكيميائية والدوائية وصناعات ثقيله كانت ستباع واشترتها القوات المسلحة مثل الترسانه البحرية. وهناك صناعات انتاجية أخرى تقليدية. المهم ان اقتصاد الجيش يمكن في ظرف وطني ما أن يساعد على الاستغناء عن الدعم  الأمريكي المقترن باتفاقية كامب ديفيد المهينة. إن اقتصاد الجيش موازٍ لللاقتصاد المدني، لذا نستطيع ان نسمي هذه راسمالية دولة ” جيش “.

2-    صناعات تجميعية وراسمالية عقارية وصناعات حديد تسليح واسمنت  الجزء الاكبر منها بأيدي راسماليي عهد مبارك.

3-    اما الراسمالية التجارية والتسهيلاتية فمعظمهم اخوان مسلمين وسلفيين وجزء منهم يعمل وكلاء للسلع المستوردة وفى شركات التخليص الجمركى والالبان والزراعة.

وتجدر الإشارة إلى أن من يسمون رجال الأعمال وخاصة من الرأسمالية الريعية هم من تمفصلات الخليج فكريا وماليا تقف مع الإخوان المسلمين.

 كما أن اليسار المصري بمعظم اتجاهاته (اليسار السوفييتي السابق واليسار الماركسي-اللينيني والاشتراكيين) هي جزء من الخليط، بينما التروتسكيين في صف الإخوان.

وصحيح كذلك بأن قيادات الجيش المصري قد تدربت في المركز الإمبريالي عدو الشعوب-الولايات المتحدة-، ولكن صحيح ايضا أن عقيدة الجيش المصري لا تزال تقوم على أن الكيان الصهيوني الإشكنازي هو العدو الرئيسي لمصر رغم اتفاقية كامب ديفيد. كما أنه صحيح أيضا أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان في جيش مصر الذي هندسه المستعمر البريطاني، وان الرئيس البطل هوجو شافيز كان في جيش بلادكم الذي كان كذلك قد تدرب على يد المستعمر الأمريكي، بل هو الجيش الذي بإشراف إمبريالية الولايات المتحدة قاتل ثوار الغوار F.A.L.N  وقائدها دوغلاس برافو، ولكن تشافيز غيره ثورياً.

وصحيح أن العربية السعودية تحاول رشوة قيادة الخليط كي لا تتجذر وكي لا تقف مع سوريا وكي لا تتجه شرقا، ولكن صحيح كذلك أن قطر تدعم الإخوان المسلمين كي تمتد سيطرة قوى الدين السياسي من المحيط إلى الخليج ضمن مشروع الشرق الأوسط الأمريكي. إن مواقف انظمة الريع النفطي متناقضة ظاهريا متناسقه داخليا طبقا لتقسيم العمل الذ ي تهندسه الولايات المتحدة، والأدل على ذلك موقفها من القطر العربي السوري.

ولكن مقابل كل هذا، فإن أكثرية الطبقات الشعبية هي مع هذا الخليط. وهذا الخليط رغم إشكالاته وتناقضاته يتميز على نظام الرئيس المعزول بدعم أكثرية شعبية، وبموقف من المرأة لبرالي على الأقل، وبموقف غير طائفي، وتلوينات علمانية واشتراكية.

ومن هنا، نحن نعرض هذه الملاحظات الموجزة جدا للتفكير والتقييم، كما ونؤكد بأن الحراك في مصر لم يتبلور ولم يصل حد التحول، ومن هنا كانت رؤيتنا ألانتظار.

إن اي خلاف في وجهات النظر لن يقلل من تحالف شعبينا.

باحترام

 

فلسطينيون من أجل الثورة العربية والدفاع عن  سوريا ومصر خاصة، ومن أجل صداقة ثورية دائمة مع الجمهوريات البوليفارية الخمس وعلى راسها فنزويلا