اميركا تهول بالحرب لوقف الانهيار …و تبقى الحرب مستبعدة

العميد د. امين محمد حطيط

اتجه البعض لتفسير الحركة الدولية و الاتصالات التي تجري حول الازمة السورية ، تفسيرا يقطع بحتمية شن عدوان غربي على سورية خلال الايام القليلة الاتية التي لا تعدى العشرة على ما نسب لبعض الدبلوماسيين الاروبيين ، و اعتمد مروجو فكرة الحرب على قرائن و دلالات تخدم ظنهم و توقعهم منها ما يتعلق باجتماعات عسكرية هنا ، او تحشيد اساطيل هناك ، او حتى ما جاء في المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الروسي بعد ظهر يوم الاثنين في 2682013 ، و انطلاقا من كل ما يتدوال فاننا نرى بان ما يستند اليه ليس كافيا لاتخاذه دليلا قاطعا  بان العدوان سيقع ، حيث ان التحليل و تفسير الموضوعي الاقعي ما يستند اليه ينفي هذه الاستنتاج كالتالي :

1)     بالنسبة لاجتماع رؤوساء اركان بعض الجيوش التي تعتبر دولها حليفة او تابعة لاميركا ، فان هذا الاجتماع كان مقررا قبل وقوع اكذوبة الكيماوي التي تحاول جبهة العدوان التذرع بها لتبرر التدخل العسكري المباشر في سورية ، ثم انه اجتماع يحصل في اطار سلسلة ما يسمى مناورات الاسد المتأهب الذي تصر الجهات المعنية به على رفض ربطه بالتدخل في سورية . و مع ذلك فاننا لا نسقط اهمية الاجتماع كليا و لكننا لا نرى ان تحضيرا لحرب في مثل ما يتم الحديث عنه ضد سورية يجري بشكل استعراضي و اعلامي بالشكل الذي يحصل الان في الاردن .

2) النسبة للاسطول السادس و ابقاء القطعة البحرية التي كان مقررا سحبها الى الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة الاميركية في معرض عمليات التبديل الدوري للصيانة و التعهد ، فاننا لا نرى ان تأخير انتقال البارجة لمدة ثلاثة اسابيع مؤشر مهم للاعلام بقرب حصول حرب ، و سبق لاميركا ان قامت بمثل هذا التصرف اكثر من مرة في سياق معاركها الدبلوماسية و حروبها النفسية .

3)   اما بالنسبة لقول لافروف بان “روسيا لن تنضم الى الحرب ان وقعت ” الامر الذي فسره البعض انه نوع من الابتعاد و اخلاء ميدان الشرق الاوسط لاميركا  ما سيغري اميركا بالحرب غدا ، فاننا لا نرى فيه مثل هذا  المعنى و لا نعتد به دليلا او قرينة على حتمية الحرب و قربها ، بل نرى فيه عكس ذلك تماما .و هو  برأينا  قول بديهي اذا اخذناه في السياق الطبيعي لتسلسل اللامور و لمكانة روسيا دوليا الان و موقعها في الازمة السورية و التحضير لمؤتمر جنيف .و اننا نرى ان  روسيا التي تعلم كما يبدو من خلال مراقبتها و اتصالاتها اليومية باميركا تعلم ان الحرب لن تقع فانها لا تجد نفسها  مضطرة لاعلام حربي استفزازي يضع العراقيل في وجه مؤتمر جنيف 2 الموعود و هي صاحبة المصلحة الاكيدة فيه لانه ان عقد سيترجم الانتصار الميداني لحلفيتها سورية الى واقع سياسي معترف به دوليا و سيكون ذلك نصرا استراتيجيا كبيرا للسياسة الروسية يشكل النصر الاهم منذ ثلاثة عقود . لذلك ترى  انه ليس من مصلحتها  تصعيد الموقف مع اميركا و الدخول في مبارزة مجانية معها تؤدي الى تعطيل المؤتمر و اطالة فترة الحرب في سورية اشهر و سنوات اضافية اخرى و لهذا اقول ان موقف لافروف في مؤتمره الصحفي سواء ما تعلق بالحرب و عدم الاستعداد للاشتراك فيها او في توصيفها بانها انتهاك للقانون الدولي العام ، انما هي مواقف امتازت بالعمق و الحكمة التي من شأنها التحذير من الحرب و سحب ذرائعها ، و الامتناع عن صب الزيت على النار في شانها .

4)    و في كل الاحوال ، نعود و نذكر بان محور المقاومة الذي خاض المواجهة ضد المشروع الصهيواميركي منذ العام 1990 ، لم يكن في مواجهته معتمدا على غير قوته الذاتية و انه امتلك خلال العقدين من القوة ما جعله يسجل الانتصار تلو الانتصار بدءا من العام 2000 ، ثم انه بعد العام 2006 امتلك من قوة الردع ما منع العدو من اي مغامرة ضده .

لهذا و بموضوعية اقول مكررا انني لا ارى اميركا ستغامر  بحرب ضد سورية الا اذا كانت قد قررت الخروج من الشرق الاوسط .. فالحرب ان وقعت ستغير وجه المنطقة كما قال السيد حسن نصرالله تغييرا لن يكون في مصلحة اميركا طبعا . و مع هذا نقول ان المنطقة تمر الان في فترة عصيبة من الضغوط و الحرب و النفسية و التهويل ، الذي لن ينفجر حربا كما يظن البعض، فاميركا تريد وقف هجوم الجيش العربي السوري في الغوطة بشكل فوري لمنع انهيار مرتزقتها ، و اعتقد انها لن تبلغ مأربها ، كما انها لن تجرؤ على الحرب  .

:::::

جريدة البناء  بتاريخ 2782013