عادل سمارة
نصف الانتصار أن نبادىء… وإن لم يعتدوا. أولا لأنهم اعتدوا منذ قرون وسيواصلوا ذلك. بل إن مجرد حديثهم عن معاقبة سوريا يستحق صدَّهم بكل إمكانية وعلى كل مستوى. إن لم يُكسر هذا الأنف المتعالي فلن يكون للإنسانية سلاماً. لقد اعتدوا منذ قرون، ولا أقصد الكشوفات الجغرافية وتكون السوق العالمي ومن ثم النظام الرأسمالي العالمي بمراحله: الراسمالية الميركنتيلية ثم الصناعية فالمعلوماتية، وهي التي تولد عنها جميعا التخارج الراسمالي الغربي على اشكال: الآستعمار والإمبريالية ومن ثم العولمة. بل أقصد بوضوح وحصرية العدوان على دمشق على مدار ثلاثين شهرا. كل من يتغاضى عن هذا ويؤجل غضبه حتى بدء العدوان الجديد، هو ليس بفاعل شيئاً. ومن يسأل ماذا تفعل دمشق، فإن دمشق تقاتل في كل صعيد، فماذا أنتم فاعلون؟
هذا القول يستثني الأنظمة الحاكمة، التي تصطف كالدجاج كل بانتظار مصيره طوعا كي يكسب بضعة ايام حياة!بل هو ضد هذه الأنظمة. هذا القول موجه إلى كافة الحزبيين والنقابيين وأعضاء الاتحادات والنقابات في الوطن العربي. موجه إلى هؤلاء حيث يُقال بأنهم منظمات أهلية وقاعدية…الخ. وتخفيفاً للمهام المطلوبة منها تسمي نفسها ب منظمات المجتمع المدني. لكن أحدا منهم لم يقم باي فعل ميداني على الشارع. بل من يفعل هي جامعة الدول العربية، اي الثورة المضادة. لا بل إن هذه القوى، إما:
- مؤيدة للعدوان وأدوات له
- أو صامتة إنكسارا وخجلا
- أو تمارس النضال أو بطولات الإنترنيت والنضال الافتراضي بالشجب والتحليل…الخ
ليست هذه لحظة نقاش نظري، فليس في مواقف هذه جميعاً ما يؤيد حتى الحد الأدنى من دورها ومهامها. فقيادات هذه القوى والمؤسسات هي كتلة انسداد بين الجماهير وبين الأنظمة الحاكمة. هذه القيادات تخصي قواعدها مما يحول دون تحريك الشارع. دورها يمتص ما يمكن أن يفرزه الشارع من قوى جديدة واعدة. قيادات هذه القوى والمؤسسات تتمسك بمواقعها لأنها تربح، أو حتى تتعيَّش، من وراء ذلك ما يجعلها، بل جعلها، بُنى طبقية تعيش بمصالحها. هي سلطة أو جزء من سلطة طبقية مصلحية مما يدفعها للعب دور الأداة للنظام والكرباج على الوعي الشعبي.
ماذا سيحصل لهذه القيادات إذا ما دعت لحراك شعبي ضد مصالح أعداء الأمة؟ ماذا غير الاعتقال “المحترم” لأنه حتى الأنظمة الأشد قمعية وظلامية (السعودي مثلا) حريصة على عدم الاصطدام المفتوح مع المجتمع. وإذا كان الثمن تافها إلى هذا الحد، لماذا لا تُقدم هذه القيادات على دفعه؟
هل هناك تفسير غير أن هذه القيادات هي رديف سري للسلطة. قيادات أفرغت أحزابها ونقاباتها من المضامين التي تأسست عليها. ويكفي هنا أن نقرأ اسماء هذه الأحزاب ونقارن بين التسميات وبين المواقف. فحزب عربي يعني أنه ضد الدولة القُطرية، وحزب اشتراكي أو شيوعي هو ضد النظم الاجتماعي الاقتصادي…الخ فهل مواقف هذه الأحزاب من الأنظمة مطابقة لأسمائها؟
إذا كان قولنا هذا صحيحاً، فهذا يعني ان على الكوادر الوسيطة في هذه القوى أن تخرج على القيادات. وليس شرطا ان يكون الخروج بتدمير تلك القوى بل الخروج بمبادرات شعبية تهاجم مواقع ومصالح الأعداء بمختلف انواع قوتها. وهذا يضع القيادات في مازق: إما الاصطفاف إلى جانب الشعب أو الاصطدام مع عناصرها ومن ثم فقدان مواقعها.
هذه خلفية هذا الموات القيادي للأحزاب وهو الموات المتأتي عن موات عقيدي. والموات العقيدي قائم اساساً على فقر نظري يقود في التحليل الأخير إلى هزال نضالي.
لقد قضى هؤلاء ردحا من الزمن وهم يناقشون على الفضائيات تساؤلات تحمل الكثير من التجهيل والتنفيس للوعي الشعبي: تساؤلات من نمط: هل تحصل حرب أم لا تحصل ومتى تحصل…الخ لقد غدت عادة دارجة أن يدور هذا النقاش بين حرب وأخرى حتى تقع الأخرى.
ومع احترامي الشديد للكثير من المحللين، ودقة التحليلات، وعمق المعرفة وسعة الاطلاع، إلا أنهم جميعاً يدورون في فلك الخطاب السياسي والدبلوماسي وحتى الاستراتيجي للإمبريالية أو الثورة المضادة عموما. وشاهد هذا الحديث هو: أن الغرب الراسمالي يُدير حروبا متنوعة ودائما يخطط لأخرى دون توقف الأولى مما يجعل من الضرورة بمكان أن يكون القول: الحرب دوماً واقعة، لذا علينا القيام في تلك اللحظة بحروب الدفاع. بل حتى بحروب الانتقام. وهي حروب تشتمل على تنوعات : الخطاب، والمقاطعة الاقتصادية، ورفض التطبيع، وتفكيك المفاصل، واستعمال السلاح، والتنمية بالحماية الشعبية، اي بالإجمال حرب الشعب في المستويات العسكرية والاجتماعية والتنمية بالحماية الشعبية على مستوى الاقتصاد والاشتراكية. وهذا يفترض في المحللين أن يتحولوا إلى خلايا فكرية لتقييم وتصميم ومباشرة حرب الرد والصد وليس لتقييم إن كان العدو سيعتدي. وكيف لا يعتدي وهو عدو ومعتدٍ دوماً؟
بين الموقفين مسافة وعي وفعل هائلتين:
- في توقع الحرب هناك تعامي عن حروب قائمة وهذا يعني تكريس عقيدة الاستسلام أو التسامح مع العدو، التعايش مع التبعية والهزيمة والذل.
- وفي تأكيد أن الحروب قائمة ويجب الصد والرد هناك تعبئة شاملة ووضع أمة في حالة حرب دائمة، إنها هدف حروب ممتدة ولطول امتدادها تبدو كما لو أنها ليست مشتدة.
نحن إذن أمام مراتبية الاستسلام واجتثاث شأفة المقاومة الشعبية عبر عدة مستويات تبدأ من:
- السلطة الحاكمة ببنيتها الطبقية وتبعيتها الاقتصادية
- القوى السياسية والاتحادات والنقابات التي دور في فلك السلطة أوتتحرك ضمن الهوامش التي تتيحها السلطة: الكمبرادورية راسماليا، والقُطرية سياسياً،
- المؤسسات الإعلامية والثقافية والأكاديمية التي تكمل المأزق الذي خلقته الإثنتين الأولين. حيث توفر لهما فضاء افتراضيا او ورقيا واسعا وتغلفه بإخراج تبدو معه الحياة وكأنها مجرد افتراض.
أما والعدو يجهز نفسه لعدوان جديد، فهي فرصة يجب أن لا نضيعها، فلنزج بكل الناس في هذه الحرب، حرب الشعب سيكون عارا أبديا إن لم نؤذهم. كل فرد منا أن يؤذي فردا منهم او جماعة بكل لون وأداة. وفي كل مكان من الرياض إلى واشنطن إلى الدوحة إلى استانبول ألى الرباط إلى عمان…الخ ويجب أن يكون إيذاء دائماً لأن عدوانهم كان ولم يتوقف، بل لم يخرجوا من أرضنا. وغذا كان العدو هذه المرة سيضرب من الجو، فهم جميعا على الأرض، هناك النفط والغاز والسلع والقنصليات السفارات والمراكز الثقافية والمجالس الثقافية والأجزة، والعملاء المشوفين والمحتملين، وهناك الطابور السادس الثقافي…الخ كلها يجب استهدافها،: فإما أن تخرج وإما أن تُخلع وتُضرب. هذا معنى حرب الشعب.
تشمل حرب الشعب:
- ان نبحث عن شعراء ومثقفي النفط والناتو وأن نغطيهم بالعار ،
- ان نطاردهم في هذه اللحظة في جحورهم. لا تقتلوهم ولكن خذوا ما كسبوه بعمالتهم ووزعوه على الفقراء. صادروا الأموال المسروقة لأن ثمنها كان دماً.
- خذوا ما اكتنزه عزمي بشارة وفواز طرابلسي وصادق العظم وغليون وصلاح جابر (جلبير اشقر) وابراهيم نصر الله/ وحميد موسى، وفخري كريم، والعملاء الأصغر والأصغر من طراز أحمد اشقر القابع في الموشاف الصهيوني، فقد باعوا أنفسهم بمال الشعب.
- إنزعوا من أعنق نسائهم الأنجزة (دون إيذائهنَّ) قلائد الذهب واشتروا بها القمح للفقراء في الصومال والمقاتلين في سوريا.
- أمموا كل شيىء لديهم.
- أطردوا مثقفيهم من الصفوف لأنهم ينشرون السموم بعد أن أجيزوا بشهادات كان ثمنها تقارير عن سوريا.
- قولوا لحرائر العرب أن يخلعن ازواجهن الذين خانوا وتآمروا.
- إذهبوا إلى وحطموا مواخير الدار البيضاء حيث (مقيل) النفطيين على النساء وحيث مواخير اللواط .
- طاردوا من يُسَّمون “الأمراء” وهم عبيد اللذة والمال والغرب.
- ترجموا دعاوى القرضاوي وخطابات مشعل عن العبرية الفصحى لتعرفوا جميعا ما معنى الدين السياسي.
لن تكونوا ابداً، إن لم تُقتنص اللحظة من أجل حرب دفاع دائمة.
العصيان والمقاطعة
عادل سمارة
لست وحدك الذي لا يخالطه النومُ ولا يغادره القلق، يعز في مقلتيه الدمع، يجافيه النوم. نعم سيدي، وماذا انت وما أنت بلا وطن. ايها الفلسطيني الذبيح منذ قرن، تفجر اليوم لتحمي سوريا حيث الياسمين والبنفسج.
ولكن، لماذا في لحظة الاستشهاد الجميل تتراءى لك الجواسيس والعملاء؟ ترى هل لأنها غارقة في دم الشهداء؟ هل لأن الضد يشترط الضد؟ آهٍ من لحظة الصراع التي تختصر العمر في لحظة ماضية كحد السيف حيث الحقيقة الوحيدة أن تقتل او تموت. هو ديالكتيك القتل او الموت، اي الحياة أو الموت، ولهذا تترائى أمامك اشباح العملاء ممن قتلوك وممن حرموك وممن كرهوك وممن أحبوك وخانوا سوريا.
لا تخجل من نفسك، ولا تخشى عليها، ضعهم على قائمة العار، فقد باعوا الوطن بخساً.
ولكن، اي شعور هذا، ففي لحظة الموت والتصدي يجدر أن تتذكر طوابير الأبطال على المشانق وفي حرب الشواع وحرب الغوار. ولكن قول دوقلة المنبجي في ديالكتيك العرب كان اسبق من ماركس حين قال:
(ضِدَّان إن ما استجمعا حسُنا…والضد يظهر حسنة الضدُّ.)
أو يكشف عورته..
لست أدري كيف يمشي العملاء/العميلات اليوم في الشواع، كيف ياكلون، كيف تحتضنهم الحرائر بل يغتصبونهن وهن يعلمن كمَّ النجس الهائل فيهم، كيف يستقبلهم طلبتهم في دور الجهل كيف ينظر إليهم نسلهم! حبذا لو يعرف هؤلاء خيار الرفيق (إ).
في هذي اللحظة من الليل المتآكل تحضرني إشارة يد من( إ) قبل ستة واربعين حولاً كأنه في اللحظة أمامي ووجهي مُدمىً:لكزني الرفيق بأن انظر إلى إ. كان يشير إلى الرفيق بيده أن :اشد على اياديكم. . : و: إ.أ. ع. س هذا جندي مجهول لكل العرب: فبينما كانوا يشوون لحمنا كان يشير بيده للرفيق: أن:أشد على اياديكم. لأن القتيل عميل والقتيل أخوه.
نعم، وكيف يكون التصدي ويكون لنا النصرإن لم ننتصر على العملاء. وهم ألوان وكُثر مثل عديد الحصى. يتناسلون بلا حساب.
وإلى أن نقتل الليل بقوة الدفع وتزاحم الأكتاف إلى الردى، أختم بكلمة لا تستعصي على اي فهم: غداً ألق علبة سجائرهم تحت حذائك، وابصق في وجه اي عميل تلقاه، حينها تكون قد بدأت.
سوريا: مسؤولياتنا والسيناريوهات المحتملة
عادل سمارة
طالما فرضت المرحلة علينا ان نكون أهل راي فيجب أن نكون أهل اعصاب قوية
لا بد من إدراك شدة وخطورة الحرب النفسية لأنها تهدف ليس ضربنا وحدنا بل اساسا الفتك بوعي الجماهير ودفعها للياس.
لذا لا بد من التحرك بين الناس وتحريكهم.
لماذا لا نذهب لنجمع الناس ونتحدث اليهم؟
لماذا لا نحتل المساجد والكنائس والأندية ونتحدث للناس ونحركهم؟
علينا ان لا ننتظر هجومهم بل علينا التوجه إلى مؤسساتهم.
ليس من حق الشعب العربي الجلوس أمام الشاشات بمرارة وجمود.
هناك ثلاثة سيناريوهات:
• عدم الضرب والاكتفاء بالهزة، وهذا ضعيف
• ضربة محدودة لإثبات الذات ومن ثم قراءة النتائج.
• ضربة موسعة تستدعي ردا سوريا ومن جبهة المقاومة.
في كافة الحالات يجب تحريك الشارع. اي حراك هو مفيد لليوم وللمستقبل لأنه يضع الناس في صورة الواجب القومي.
علينا أن نضبط عواطف الشارع بمعنى: أنه إذا بدات الضربة ولم ترد سوريا أن يكون السؤال للشارع: كل واحد ماذا فعل قبل أن يحاسب سوريا؟
ما اقصده ان نتخذ موقفا استباقيا لمواجهة محاولت تهبيط الشارع بدل محاولات تثويره.
علينا التوجه للأحزاب والنقابات والجمعيات لتأخذ دورها في التخريب الشعبي ضد مصالح كافة المشاركين في العدوان.
في حالة دون عدوان وفي حالة عدوان محدود أو حالة حرب شاملة، يصبح لا بد من الدعوة والعمل على عصيان شامل، ولا بد من لجان شعبية للاعتداء على مصالح القيادات التي شاركت وقادت العدوان.
حاصروا منازل المتورطين من القيادات ضد سوريا.
اطردوا اولاهم من المدارس والنوادي.
خذوا محتويات متاجرهم ووزعوها على الفقراء.
أغلقوا مؤسسات النجزة.
أطردوا كوادر المجالس الثقافية وخاصة البريطاني والفرنسي والأمريكي.
أطلبوا من رعايا الدول المعتدية أن يرحلوا حفاظا على انفسهم واثباتا لحكوماتهم وشعبهم أننا لن نتسامح.
فككوا مؤسسات الأعداء والدولة القطرية.
اشغلوا الشرطة والجيش في حماية مؤسسات الأعداء.
حينما تفعلوا هذا إسألوا سوريا ماذا تفعل؟
المهم في هذه اللحظة هو رفع معنويات الناس بتحديهم ان يفعلوا شيئا فلا معنوية اعلى لمن لا يشارك.