هيستيريا دموية … وطور من عدوانٍ لم يتوقف

عبداللطيف مهنا

هى هيستيريا عدوانية غربية بلغت اوجها . صداها الإقليمي وبعض العربي يسبقها ويلحقها ويتعلق بذيلها ولاينفك يرقص منتشياً على نشازاتها ويطرب لولولاتها . هيستيريا منسقَّة ومبرمجة ومهمتها التهويل والترهيب والابتزاز ، وهدفها التهيئة لطورٍ من أطوار عدوانٍ كان وقائم ولم يتوقف … طور منه أستجد وكان مخططاً ومبيتاً ومعداً وآن أوانه … اختلقوا الذريعه وضخَّموها وارسلوا بعثة شهودها الدوليين ، لكنما سرعان ما طالبوا بإيقاف مهمة البعثة بحجة حرصهم على أمنها . بدى وكأنهم في عجالةٍ من أمرهم تجاوزت بهم ما اصطنعوها ، أو أنهم لايثقون في حصاد شهودها … ثم تراجعوا لتحسُّبٍ وارتباكٍ فركنوا إلى انتظارعودة بعثتهم بحصادها …

… لامن جديدٍ ، ولامن مستغربٍ منهم . حربهم على سورية ، على الأمة ، كانت وتستمر ولن تتوقف … إنما هو ذات الهدف التليد المتجدد النيل من قطرٍ عربيٍ هو واحد من أهم اقطارها الموصوفة بأنها تشكِّل روافع قيامتها … قطر كان وسيظل قلعةً عصيَّةً متفرِّدة ومستفردةً  لكونها آخر قلاع ممانعتها التي قلَّت وعزَّت ، قطر كان وسيظل ًركيزةً مميزةً من ركائز نهوض الأمة المرتجى … بدأوا بمصر فكبلوها بكامب ديفيد وسحبوها إلى خارج حلبة الصراع ، دمروا العراق وتركوه ركاماً يتخبط فيما هو عليه ، أغرقوا الجزائر في عشريتها الدموية التي لاتزال تحاول منجاةً من وبالها ، قسموا السودان ويسعون لتآكل أطراف مابقي منه ، واستباحوا اليمن ، أما عن فلسطين فحدِّث وحدِّث ولاحرج … والآن ، وقد فشلت أدواتهم لأكثر من عامين دمويين أغرقا فيهما شام الأمة وشامتها بدمها فقد جاء دورهم … وكسالف عوائدهم ، قدموا لعدوانهم الثلاثي الرأس مع توابعه الملحقين به بفحيحٍ بريطانيٍ يقطر كعادته خبثاً تليداً وسماً زعافاً ، وهوجة من ردحٍ فرنسيٍ صفيقٍ ومتغطرسٍ مكابرٍ… وما من جديد … فحيح بريطاني على إيقاعات تصعيد أميركي ، فالكورس الأوروبي ، فالاصداء التابعة الإقليمية ، أما المايستروا فهو هو دائماً ، ذات العقل الإستعماري القابع أمام ووراء الستارة والممسك دائماً بذات النوته الصهيونية … وما الملوَّح وعيداً به ، أو الممكن لمحدود القدرة وبدء أفولٍ يعتري حال الأمبراطورية ، سوى السيناريو العراقي المعدَّل ليبياً ، وهل من إخراجٍ متيسرٍ له إلا الطريقة الكوسوفية ؟

… وهم يدقون طبول حربهم العدوانية الفاجرة ، سحبوا يافطة “المجتمع الدولي” التي لطالما ابتذلوها ، ونحَّوا بان كي مون وهيئته ، التي حيدها الروس والصينيين مكرهةً ، جانباً ، وإستبدلوها بما يتيسر لهم من توليفة “الدول الحليفة” ، ثم عادوا لتناقصٍ في  “الحليفات” لما نحَّوه مناورين وقالوا بانتظار عودة مراقبيه ، واستمر عواء ذئابهم المسعورة ، واكثرهولاند الفرنسي من اطلالاته النابليونية المتلفزه ، وذكَّرنا كيري الأميركي بسلفه كولن باول … إنها بعض من لعبة حافة الهاوية التي يستمرءونها بدايةً ، وهو ذات الغطاء العربي ، الذي أسهم في نحر العراق وذبح ليبيا … تقمَّص نبيل العربي دور عمرو موسى ، وسارع إلى ارتداء قلنصوة الغازي مرحباً بقدومه ومستحثاً التعجيل به … تطابق مانطقت به جامعة العربي تماماً مع ما رطن به جون كيري ، والتقت هيئات اركان جيوش حلفاء العدوان مع توابعها العربية والإقليمية ، ووفَّر الصهاينة خارطةً الأهداف وانتقوها للمحاربين … المهم عند هؤلاء هو أن تغرق شام الأمة في دمها …

…إنها ذات المشيئة العدوانية وذات الهدف العدواني ، مسعى تدمير سورية العرب ، دولةً وجيشاً ومجتمعاً ، وشهوة الاجهاز على دورها الأقليمي المتميز كحاضنةٍ رؤومٍ لقوى الأمة الحية ونصيرةٍ عنيدة لطلائعها المقاومة وموئلٍ دافىءٍ دائمٍ لممانعاتها المتبقية … محاصرة المقاومتين اللبنانية والفلسطينية ، وإعادة تشكيل المنطقة وفق مصالح الغزاة وعلى المقاسات الملائمة لإسرائيلهم المدللة … ماهم الغرب ولن يهمه في بلاد العرب ولايعنيه فيها أو بإنسانها سوى أربعٍ لاغير ، أولاها أمن اسرائيله ، يليها ، نفطها ، واستباحة أسواقها ، وتأبيد من تواليه من أنظمتها التابعة ، وماخلا ذلك من شعاراته فإنما هى دارس من مزاعمٍ زائفةٍ وسيلٍ من أكاذيبٍ بخسةٍ ودجلٍ رثٍ مفضوحٍ … إنها ذات البلطجة الإستعمارية ، اتهام وادانة معاً وحكم وتنفيذ قبل التحقق ، ومن وراء ظهر الحقيقة المنتهكة ، وتحت ستارٍ من زوابع الزيف وتضليل دخان الأباطيل …

… وانما هى الشام ، سورية العرب ، شام الأمة وشامتها ، وموئل عزتها ، وبقية كرامتها ، وماتبقى من إيبائها … قلب أمةٍ تكسرت النصال الباغية التي اُثخنته على النصال ولم ولن تنل منه … قلبها النابض أبداً ، وكلمة السر على مدى تاريخها لانبعاثاتها وقياماتها من كبواتها ، وبدونها لامن عرب … بلاها هم ليسوا اكثر من عرب جامعة العربي ، هذه التي ندر أن جمعت وباتت تفرِّق وغدت مهمتها تغطية مكائد غزاة باغون يستهدف بغيهم من تتكلم زوراً باسمهم …

إنه عدوان وسيهزم … وهى هى ، شامنا ، تاريخنا ، المهما تكأكأوا عليها فستنتصر … وهى هى ، التي ظلت قلب أمتها وحصن احلامها ، والتي ستبقى قلعتها العصية الأبيَّة الواقفةً … لن يزيد عدوانهم عليها سوى التفاف كل غيارى هذه الأمة الجريحة من حولها ، حول بقية كرامتها المتمثلة في آخر قلاعها الحيَّة المتحدية …