من يعلق الجرس … قد لا ترد سوريا

 عادل سمارة

 

قاتلوا الولايات المتحدة ومعسكرها حتى لو توقفوا عن توسيع العدوان. هذا هو الشعار والعمل الذي يجب القيام به.

 

يتمحور حديث العالم بأجمعه منذ أن أعلنت الإدارة الأميركية أنها ستقوم بهجمة عدوان جديدة ضد سوريا، قد تكون واسعة النطاق أو أقل، يتمحور حول إحتمالات تنفيذ العدوان واحتمالات الرد السوري ومن ثم طبيعته.

وقد كتبت أكثر من مرة بأن هذا ليس العدوان الأول، بغض النظر عن اتساعه، ولن يكون الأخير. بل إن من السذاجة والسقوط في أحابيل الخطاب الغربي الذي يعشش في عقول الكثيرين منا فينسون أو يتناسون العداء التاريخي من جهة والعداء الجاري من جهة ثانية ومركزه سوريا، ولكنه في البحرين واليمن ومصر والجزائر وليبيا والعراق وكل شبر عربي وخاصة في فلسطين. كيف يحصل أن ننسى كل هذا وننحصر في كون هذه الهجمة العدوانية وكأنها مفاجئة أو تأتي من “صديق” خدعنا لأول مرة! أليست هذه وضاعة عقلية أكثر مما هي ذكاء العدو وقدرته على الإتيان على الوعي في أوساطنا؟

يحضرني في هذه اللحظة العدوانان على العراق 2991 و 2003، فقد كنت في الحالتين مع العراق، ولكنني كنت اقول إن على العراق أن يقاوم. ولم أحاول النفخ والضجيج وكأن العراق سوف يهزم العدوان. فمعيار إنسانيتك هو أن تقاوم، ومعنى المقاومة هي أن الانتصار ليس مؤكداً ولكن المؤكد أن دوام المقاومة ينتهي بالانتصار لا محالة.

وكان ما كان للعراق وأخيراً خرج العدو بعد المذبحة.

ولكن المذبحة لا تزال تتجدد، وهي اليوم وإن كان أُوارها في العراق أيضاً، فإن هدفها عرقلة تماسك ونهوض معسكر المقاومة والممانعة وصولا إلى تقويضه إن أمكن. بمعنى أن هدف العدوان المتجدد هو سوريا.

وقد كتبت كذلك أكثر من مرة بأن توجيه السؤال إلى سوريا بمعنى هل سترد أم لا، هو سؤال في غير محله. بل هو سؤال مهزوم. هو سؤال المتثاقل المحتمي بالمقاتل دون ان يقدم شيئاً، مجرد طرح هذا السؤال هو درجة من الخذلان والاستخذاء والجبن ورمي العبء عن الظهر.

كان رايي ولا يزال وسيبقى بان السؤال لا يوجه إلى سوريا لأن سوريا تقاتل، وحدها تقاتل. وسوريا لم تستدرج العدوان منذ إطلاق النار من مسلحين على التظاهرات السلمية إلى تهريب اول شيشاني إلى استقدام أول مجاهدة نكاح إلى دخول مختلف أنواع المخابرات إلى اشتراك الأردن وقطر والسعودية وتركيا والغرب والكيان الصهيوني في العدوان. سوريا لم تستدرج أحدا، بل هم اعتدوا وسوريا تقاتل فلماذا تسالوها هذا السؤال.

كان سؤالي ولا يزال:

ماذا يفعل 400 مليون عربي من أجل سوريا؟

كم قنصلية للأعداء أُغلقت أو أُحرقت؟

كم مركز ثقافي طُرد من فيه وأُخذت محتوياته بما فيها من قوائم الجواسيس الذين تدربوا هناك وقدموا التقارير عن عدد أطفال سوريا؟

كم مؤسسة أنجزة اضرب موظفوها، كم علبة سجائر توقفتم عن شرائها، كم زجاجة ويسكي كسرتموها وتوقفتم…هناك مليون كم وكم!

حتى لو نزلتم إلى الشوارع وقلتم : بالروح بالدم نفديك سوريا، وتوقفتم عند هذا، فأنتم تسري في دمائكم الاستهلاكية والتطبيع. دم من قيح، لا ينفع.

حتى الآن، هناك بعض المظاهرات، وهذه لا تكفي. لماذا لا يتم الإضراب العام والعصيان المدني في كل البلدان العربية. وطالما لم تفعلوا، فلا تسألوا.

لست أنا مسؤولا في سوريا، ولا أدري كيف سترد على التصعيد. هل ستشدد الخناق على الإرهابيين كأولوية؟ وهذا برايي موقف مشروع تماما كما كان تجاه العدوان الصهيوني مؤخراً.

هل سترد سوريا، وحزب الله أم لا؟ هذا سؤال يرجع لهما. ولتقييمهما للموقف.

يجب ان لا يكون الرد مثابة فشة خُلق ومدفوعا بالشهامة وليس العلم والقوة. لسبب اساس لأن سوريا ترد كل يوم. وسوريا ردت عام 1967 لتحرير فلسطين وخسرت الجولان، وردت عام 1973 وعام 2000 وعام 2006 وترد الان يومياً، وهي ترد عدوانا غربيا صهيونيا سعوديا في كل تلك الردود، سوريا هي التي تعرف كيف ترد واين ومتى.

لو كنت مكان القيادة السورية لما قلت غير: نحن الذين نحدد الرد طبيعة الرد مدى الرد أو مواصلة هذا المستوى من الرد وفقط. هل يؤثر هذا على معنويات الجيش السوري؟ لا، فالتعليمات الداخلية للجيش غير الإعلان، والجيش يعرف ما يريد لأنه يقاتل.

ولا ننسى أن العدوان المتوقع هو اساسا لتخفيف قبضة الجيش عن العدو الرئيسي والمباشر داخل سوريا. لذا، ربما تفضل سوريا مواصلة صيد الصراصير.

يتسائل البعض، لماذا تقوم أمريكا بالعدوان بينما لا ترد روسيا بنفس الطريقة. وهنا اعتقد أن هذا السؤال تطرحه فئتان:

  • فئة البسطاء والكسالى الذين يرون الحليف وكيلا عنهم، فأي عجز بقرار ذاتي!
  • وفئة الخبثاء الذين يعرفون بأن أهل البيت هم الذيت عليهم الرد، وبأن روسيا منذ عهد القياصرة فالبلاشفة فالاتحاد الروسي لم تشارك في اية حرب لم تستهدف أراضيها. ولكنها تساعد حلفائها بقدر ما لديها وبقدر عمق التحالف.

ليس على روسيا ذات ال 200 مليون أن تدافع عن 400 مليون ينتظرون من يقاتل نيابة عنهم. وليس المطلوب منهم أن يقاتلوا، بل على الأقل أن يُقاطعوا ولا يُطبعوا!!!

قال لي صديق: إذا لم ترد سوريا، سوف يشعر العرب بالإحباط؟

لا، يا صديقي، من لا يقاوم سلفاً وقبل العدوان الأخير، هو مُحبط، ولا يستحق التضحية فقط كي ترتفع برودته درجة. هو لا ينفع اساساً لا في بنيته ولا في وعيه. بل شكراً لسوريا التي لم تشعر بالإحباط لأن ال 400 مليون لم يحرقوا الأرض، وبوسعهم ذلك. إن الاكتفاء بالنضال الافتراضي على الشاشات هو سقوط في خديعة التكنولوجيا.