عادل سمارة
نقاش الناس مستعر في الشأن السوري. لكنه نقاش بحت!!اربعماية مليون مراقب و 23 لاعبا، جزء كبير منهم يوجه الكرة إلى حارس مرمى فريقه! طبعاً هذا ليس مجرد نسخة من 14 آذار. هذا إرهابي يفتح بيته وإمكاناته لإرهابيين دوليين. ومع ذلك جميل أن يستعر النقاش حتى بين مئات الملايين من السلبيين الذين يصطفون أو يتراكمون في هامش التاريخ، في هذه اللحظة على الأقل، فالنقاش افضل من النوم..
ومع ذلك لا يزال تركيزي بعيدا عن النظام والشعب والجيش السوري بل على او ضد هذه الأكوام البشرية التي تلغ الطعام وتنام على الأسى. هذا لأنني أعتبر النقد مهماز الحراك ذات وقت وذات موقف. وربما هذا معنى المثقف الثوري النقدي المشتبك.
وعليه، سواء حصل تجديد العدوان أو إرجاؤه، فهذا أمر يعني سوريا وجيشها وقيادتها لأنهم يقاتلون. إن ما يعني كاتب هذه السطور هو القول بأن تحويل الصراع إلى حرب الشعب لا علاقة له بالتأجيل و الهدنة، لأن الواجب الذي لا مفر منه هو التخريب الثوري وتفكيك مفاصل مؤسسات العدو ومفاصل مؤسات الدولة القطرية. وسواء دخلت الدولة السورية في تأجيل العدوان أو تفكيكه، فإن واجبنا أن نقاتل الإعداء أمس واليوم وغداً، لا هدنة مع الأعداء ولا تقّيُد بموقف النظام الرسمي لأن العدو هنا منذ مئات السنين، ويصر على البقاء لغدٍ واغتيال الغد. ولأن الشعبي يجب أن لا يتقيد بالرسمي.
وهنا أقصد بوضوح، أن المواطن العربي وحتى السوري يجب في حرب الشعب ان لا يتقيد بموقف النظام وحساباته، بل إن إصرار الشعب على المقاومة إما يُصلب موقف السلطة أو يُحرجها فيجبرها على الموقف الصلب. هذا لأن اية مقاومة شعبية داخل سوريا وخارجها هي من صنع الشعب وليست من صنع الأجهزة الأمنية لا سمح الله. وهذه مسألة اساس للمستقبل كي يكون الجيل الجديد في سوريا وخارجها هو الذي ينقل النظام إلى موقعه لا أن ينتقل هو إلى موقع النظام.
قد يرى البعض في هذا الحديث انتقالا بعيد الارتباط بالحدث. وهذا ليس صحيحاً. فالنظام في سوريا لم يتخلص من الفاسدين ولا الكمبرادور ولا حتى حيتان اللبرالية الجديدة. وإلا ما معنى عدم وضع التجارة الخارجية كلية بيد الدولة، وعدم التوجه الاقتصادي شرقا بشكل حقيقي، وكيف يمكن للدردري أن يدخل سورياـ وأن يترك خلفه هناك تمفصلات لبرالية جديدة.
هل هذا لإرضاء الغرب؟ إن حصل فهو خطأ وتنازل. فالغرب لن يرض سوى بقتل سوريا.
قرأت مؤخرا مقالة ل “يساري” سوري يطالب الآن والعدو على الأبواب وجيوشه البرية في كل ناح من سوريا، يطالب بإسقاط النظام. وبالطبع لا ندري لصالح من غير جبهة النصرة!!! هذا بدلا من تحدي الجميع للذهاب إلى الحل السلمي. ويعتبر هذا اليساري أن حزب الله وإيران يحتلان سوريا. وليس الشيشان مثلا ومع ذلك لا يُسألون. وكل هذا باسم اليسار!!! هذا هو الطابور السادس الثقافي الذي يستجدي الاحتلال علانية! ولا أدري في هذه المرونات اللبرالية تقلد سوريا من؟
وبمحض الصدفة كنت اقرأ كتاب تيري إيجلتون، Why Marx was Right? وإذا به في ص 18 يكتب:” حينما يتعرض بلدك لغزو جنود القوى الراسمالية، كما حصل لروسيا مع انطلاقة السورة البلشفية، فإن الدولة/السلطة الأتوقراطية أن تغدو حتمية أكثر واكثر. وبريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية كانت بعيدة عن الأوتوقراطية، ولكنها لم تكن باي حال من الأحوال بلدا حراً، وما من أحد كان سيتوقع ذلك منها” (ص 18).
أليست سوريا عرضة لحرب أقسى وأقذر من الحربين المذكورتين؟ فما الذي يثسكت أجهزة الأمن؟ هل انتقلت من القمع إلى التراخي، وفي الحالتين كانت تهدِّف في الغلط.