ألأشدُّ فعلاً من الكيماوي والنووي

عادل سمارة

“كل الحقيقة للجماهير” مقولة أطلقها لينين لتركيز وتكريس الديمقراطية الشعبية خلال عنفوان الفعل الثوري لأنه كان شديد الحذر من البقرطة وتقديس الفرد و/أو الحزب. ولكي لا أكون “مُقرءا” لما كتبه الرجل أجد ضرورة البحث فيما إذا كان أعطاها معان أخرى أوسع مما يبدو لكي لا أزعم انه لا ينطق عن الهوى، لذا أحاول إعطاء المقولة  معناها المختلف بل الكشف عن معناها/معانيها كما اود أن أرى.

كثيرون منا حصروها قصدا أو عفواً في نصف معناها، اي في وجوب الصدق مع الجماهير، وعدم خداعها حتى لو كانت الحقائق صادمة ومُرة. وهذا صحيح.

لكنني أود توسيع المعنى إلى حقيقته الأشد قسوة وتحدياً، إنها ، كل الحقيقة في نقد الجماهير وتمكينها من الإضاءة على أحشائها لتفهم هي ونفهم نحن بما أننا منها فيما إذا كانت تحمل حملا كاذبا أم حقيقياً. إنها حقيقة مواجهة الجماهير ونقدها وليس فقط التغزل بها، او “تدليعها” وتدليكها بمساجات اللغة.

إنها مسألة مفصلية هنا وهي:”كل الحقيقة للجماهير” حين نفيض إلى المهام، حينما تكون في حالة التدفق إلى المهام، وبغير هذا يصبح من الواجب مواجهة الجماهير بحقيقتها حينما تكون قطيعاً. فالجماهير أمر والقطيع أمر آخر.

ولكي لا يتهمنا البعض بالتخارج إلى البلاشفة، لنأخذ ما قاله السيد نصر الله يوم النصر: ” يا اشرف الناس وأطهر الناس…السلام عليكم”. هذا معنى الحديث إلى الجماهير لأنها كانت أمام السيد في المقاومة.  نعم هم أطهر الناس. ولكن تصوروا حين يقف مثقفو النفط والناتو وشعراء النفط والناتو ويقولوا “هؤلاء شيعة ورواقض” ألا نشعر من هذا القول بخزي بشري!

إذن المعنى المطروح هنا هو كل الحقيقة للجماهير في تقييمنا لأدائها في دورها. ودور الجماهير متتالي متجدد لا ينتهي ويكون في كل حقبة ذا طابع معين يغلب على ولا ينفي الطوابع الأخرى.

فالجماهير قوة وعقل عمل وإنتاج. وإن لم تكن كذلك فهي قطيع. الجماهير منتجة وليست مجرد موظفة أو متلقية لقمة عيشها من ريع النفط. صحيح أن أنظمة النفط والدين السياسي تكرس تكرُّش الجماهير كي تبقى في غفوة دائمة، وتُشعر الجماهير بأنها تُطعم من جيب الحاكم. وهذا بالطبع لم يعد ممكناً، أو هكذا يُفترض، ونحن  نعيش في هذه المرحلة من انتشار المعرفة والمعلومة. مما يعني ان الجماهير هناك مطالبة بأن ترفض حالة الحصار العقلي وغياب العمل الإنتاجي المفروض عليها من قبل مطاوعة الدين السياسي ومطاوعة الكسل والانهماك في الاستهلاك المفتوح طعاما وجنساً.

وإذا كان مثال الخليج صادماً، فإن أمثلة مختلف القطريات العربية ليست أفضل بكثير. صحيح أن فرص الشغل والإنتاج أوسع في قطريات عربية أخرى وخاصة القطريات ذات المبنى ومن ثم المنحى الإنتاجي (مصر العراق سوريا بشكل خاص)، إلا أن المستوى الثاني من الدور الجماهيري تتساوى فيه الجماهير العربية كما يتساوى الماء في الأواني المستطرقة. إنه الاستطراق السياسي/القومي الذي يتجلى اليوم في حالة موات جماعي.

ففي اللحظة حيث العدوان يشتد على الأمة العربية بدءا من سوريا لإلحاقها بمختلف القطريات المحتلة بأكثر من معنى، فإن الجماهير تقريبا متساوية في الاصطفاف على طاولات الطعام طالما هي تعتاش من الريع أو من خدمات هامشية.

 ويبدو لي أن الجماهير المنتجة هي أعلى استعدادا للمقاومة، بينما جماهير الريع والوظيفة وخاصة أهل الثقافة البحتة، هؤلاء أقل أو بلا قابلية للمقاومة. ذلك لأن الإنتاج كالوليد هو جزء من الإنسان، مما يحتم التضحية لحمايته. ألا نلاحظ الفارق مثلا بين المنتج المستقل الذي يعيش من جهده ويقسمه بين ادخار واستثمار واستهلاك محسوب، وبين الموظف الذي يكره الوظيفة ويخونها ما أمكنه وتصل خيانته إلى كره ذاته فيبذر ما يُعطى – بدل أن يُنتج- على ترف استهلاكي ينتهي في جيوب راس المال التابع الكمبردوري وراس المال الغربي الأبيض والعنصري والمعادي والصهيوني، وكأنه يُعيد إليهم ما رمته له انظمة الريع والدين السياسي وما تسمى الدول المانحة من مال مسموم باسم التنمية، يعيد إليهم كل انواع الفُتات، ولكن مع قيمة مضافة هي كرامته وعذرية وطنه؟

ليس أكثر هشاشة من الذي يعيش على الريع.  سواء الريع لأنه من الرعية أو ريع تقديم الخدمات السياسية والثقافية. وقد تكون أقدم الطبعات لهؤلاء شعراء التكسُّب في الماضي مع فارق أن أولئك المتكسبين كانوا يعيشون على حساب كراماتهم الفردية بينما مثقفو الطابور السادس يعيشون على حساب مصير وطنهم وأمتهم. وإذا كان ضد المتكسبين هم شعراء الصعلكة، فإن نقيض مثقفي الطابور السادس هو المثقف الثوري النقدي المشتبك. مثلا، رفض صنع الله إبراهيم استلام جائزة من حسني مبارك، بينما قبل إميل حبيبي جائزة دولة “إسرائيل” من اسحق رابين، وجائزة من ملك المغرب الحسن الثاني!!!!!

ولنرى إلى المثال التالي لنكون أوضح، فحينما حرر العراق الكويت 1990 هرب حاكمها سريعاً هو وحاشيته وكأنه كان مستوطناً. لا بل إن المستوطنين الفرنسيين في الجزائر قاتلوا حتى الرمق الأخير ولا يزال جزء حتى من اليسار العنصري الفرنسي ومن المفكرين يبكون فقدان الجزائر كما نبكي فقدان الأندلس، لا بل فلسطين مما يدفعنا كي لا نفقد سوريا.

 صحيح أن الأرض ليست لأولئك المستوطنيبن ولكن ما نركز عليه هو علاقة الإنسان بالإنتاج، لأنهم كانوا يُنتجون ولو من أرض سرقوها على اساس ريعي.

أما حاكم الكويت فقلَّد شرائح برجوازية من كوريا وفيتنام حينما تغلب عليهم المد الثوري هربوا إلى الغرب. بينما بقي مثلا الرئيس السوري وزملاؤه صامدين اقوياء. هل سوف يستغل عملاء النفط والناتو والمخبرون والمخبرات الذين يقودهم/ن عزمي بشارة وكتبوا عن سوريا أطروحات معلوماتية كاملة بأن هذا مديح للرئيس السوري؟ فليفعلوا، لكن الرجل صامد ومتماسك.

ناقشني أمس صديق يجمعنا الكثير ويفرقنا الموقف من سوريا، هاجمني بقوله بأن النظام السوري يدافع عن نفسه وليس عن سوريا وخاصة فيما يخص وضع الكيماوي تحت رقابة دولية أو إتلافه…الخ. صديقي هنا مثير للضحك، لذا قلت له أنت هنا تذكرني بما كتبه لينين عن أحد رفاقه وهو يتحدث بكلام فارغ: “أنظروا إلى هذا الصبي فهو بلا لباس”! فالقيادة السورية مثل كل الناس بشر حريصة على نفسها لا شك، وربما تحب نفسها كثيراً وتحب حتى امتيازاتها. بل إن هذه الامتيازات هي التي هيأت لمناخ الفساد ومن ثم حراك الشرفاء في سوريا وليس تآمر العملاء، ولكن هذه القيادة تحب سوريا لأنها أنتجت الطب  والتعليم المجاني، أنتجت آلاف المسارح في المدن والأرياف وأنتجت مجتمعا أعلى من الطائفية والقُطرية،ولم تقل سوريا أولاً وحتى الآن رغم التآمر عليها لم ترفع شعار “يا وِحِدْنا” كي تساوم!!!!  تحب سوريا على الأقل لأن حياتها وحتى امتيازاتها لا تتأتى إلا في سوريا. لنقل من باب المصلحة المباشرة بمستوييها: السلطة والقوة. هذا ببساطة، ولا أود القول بأن هذه القيادة هي كما كان الشهيد أنطون سعادة حين كتب لحبيبته “فيرونيك-إن لم تخنني الذاكرة: “إنني أحبك، ولكنني أحب سوريا أكثر”. لنقل أن هؤلاء الناس يحبون أنفسهم ومن ثم سوريا.

ليس هناك من لا يحب نفسه سوى الجاسوس. المؤمن والمجرم والسارق وقاطع الطرق وزير النساء والعاشق والشاعر والمقامر، والراسمالي والبروليتاري والجيفاري …الخ كل منهم يحب نفسه. فقط الجاسوس لا يحب نفسه، وهذه مشكلتنا مع الطابور السادس الثقافي.

فالجاسوس أو المخبر أو الخائن، فهذه درجات ومقامات باتجاه ادنى طبعا ، كل واحد من هؤلاء  حينما:

 

يرقد للنوم على فراش هو من دم الشعب، يفك سطح وجهه، قشرة الوجه ويحملها بكفه الأيسر، ينظر إليها، ثم يبصق عليها قائلا: أنت نذل. وينام وفي الصباح يغسلها ويمضي لشغله نفسه، أو يمضي هو أو هي بعد ان تضع في اذنيها أو عنقها قرط حنظلة وتواصل مقابلات البحث الميداني كي تقدم للأكاديميا الغربية أحدث معلومات عن سوريا او العراق أو مصر أو حتى الصومال!!!

اللص لا يبصق على نفسه بل يخال بانه بطل، وزير النساء يخال بأنه فحل والشاعر يخال بأنه امرىء القيس أو المتنبي او مظفر النواب، والكاتب يخال بأنه الجاحظ والفيلسوف يخال بأنه ابن رشد. أما الجاسوس فيرى نفسه شيخ جواسيس نابليون أو بيتان أو كويسلنغ أو سعود الفيصل ذا الرأس المروحة.

يبدو أن للجغرافيا دورها. فبلد الإنتاج تخلق مجتمعاً يختلف عن بلد الريع، إنها البيئة والجغرافيا وبالطبع النظام السياسي بل التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية وتحديداً محرك التاريخ اي نمط الإنتاج الذي به يفعل الإنسان في الطبيعة والمجتمع. نمط الإنتاج يلقح الطبيعة كما يلقح الفحل المرأة في اساطير العراق فتعطي الخبز والنبيذ وأغاني العراق الحزينة، لذا جاء غناء العراق حزيناً.

وآمل أن لا يغضب أتباع قوى الدين السياسي، فإن أعظم مآثر ماركس الفكرية أنه اقام العلاقة بين نمط الإنتاج والصراع الطبقي مما يعطي للإنتاج قيمته التي لا نلاحظها في أحيان كثيرة. نعم لنمط الإنتاج دور حاسم يفعل في التشكيلة، ولكن كذلك للمناخ السياسي دوره، وإلا كيف كان لسعوديين/ات وبحرينيين/ات عاشوا خارج معتقلات بلدانهم ، كيف لهم  ان يتطوعوا في جنوب لبنان 1982؟ لمواجهة العدوان الصهيوني هناك صمد ابطال حرب الغوار واستشهدوا، ومن هناك هربت قيادات عسكرية وواصلت الركض حتى وصلت في 13 ايلول  1993 أوسلو-ستان!!!! يقول المثل الشعبي: “نَفَس الرجال يًحْيي الرجال” طبعا مع الاعتذار للنساء.

 

شطب الكيماوي وتفعيل النووي:

نعم الكيماوي محرم دولياً، ولكن من حق سوريا امتلاكه، لأن أوغاد النظام العالمي يملكونه واستخدموه منذ قرن على الأقل كما تثبت حفريات المعلومة. فالجنرال الإنجليزي  هاريس استخدمه ضد ثورة العشرين 1921 في العراق واستخدمته أمريكا ضد الجيش العراقي في معركة المطار التي قادها صدام حسين نفسه. لم يسأل أحد كيف ذاب الجنود هناك كما تذبل الوردة في النار وهذا كتبت عنه الصحف في الولايات المتحدة ولم تذكره قناة الجزيرة التي فاجأت الصحاف بأن بغداد قد سقطت قبل سقوطها بخمسة ايام ومع ذلك بقي قومجيون ويساريون ينفخون صدورهم نضاليا على نفس القناة حتى كشفت عورتها في سوريا …فخدلوا!!!!لأنها عورة بالكامل.

هذا . ناهيك عن مئات الاستخدامات الغربية. لم يجرؤ احد على الاعتراض ولا المتابعة. لا بل كان اللبرالي محمد البرادعي قبلها بايام يبحث في أرحام العراقيات عن النووي، ليقفز مرشحا لرئاسة مصر! هل من العيب الثوري والنظري استخدام كلمة قطيع في هذا الموقف؟ هذا وأمثاله كان يجب محاكمتهم في ميدان التحرير وإعدامهم ليكون ميدان تحرر وتحرير.

حين تقوم السلطة السورية بمقايضة الكيماوي بحماية سوريا، فهذا صحيح. هل قصدت السلطة حماية نفسها؟ نعم وما الخلل؟ لكنها تحمي سوريا. ولا اشك أن هذه السلطة قد عُرض عليها كثيرا حماية نفسها والتضحية بسوريا السيادة والكرامة والتاريخ وعبق البنفسج والياسمين، ولم تفعل. سيقول المطبعون وسكان الدوحة  والمطبعون اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وحتى حياتيا مثل ساكنو الموشافات الصهيونية هذا تزلف للسلطة القمعية. لا يا ايها الشاطرين والشاطرات (من الشاطر حسن) هذه حقائق والرجولة أن نتمتع بجرأة قول الحقائق لأن هذه جزء من قول الحقيقة للجماهير ومواجهة الجماهير بتحدي الحقيقة. نعم سلطة برجوازية ولكنها قومية وليست خائنة، وذات يوم سيكون لنا معها صراعا طبقياً. أما اليوم فهي تقاتل من أجل الوطن.

هل تابع هؤلاء كطابور سادس، ولا شك تابعوا حرب إيران مع الغرب في مسألة النووي المحرم على الفقراء. إيران تؤكد أنها ليست بصدد إنتاج النووي الحربي، فهل هذه معيبة؟ وتنازل؟ فطالما النووي محرم دوليا، من حقها التقيد بذلك وأن تحاول سراً، وهذا شأنها. هل من حق الكيان الامتلاك وليس من حق سوريا أو إيران؟ كلا، ولكن حين تكون هناك جماهير تقوم بدورها التاريخي والوحيد:

  • حرب الشعب طويلة المد
  • وحرب التنمية بالحماية الشعبية

حرب قومية ضد الغرب الراسمالي يصبح بوسعها اقتناء كافة أنواع الأسلحة، اي تصبح هي السلاح الأبدي . ولكن، هل كانت سوريا سوف تستخدمه أم هي امتلكته للردع؟  بالتأكيد فإنها لن تستخدمه.

وفي نطاق الردع يمكن القول بأن محاصرة إيران نوويا مقصود به تفرد الكيان بهذا السلاح ومقصود به منع التطور النووي للسلم والإنتاج في هذا البلد كي يبقى السوق للغرب الراسمالي. فغياب الإنتاج هو بطبيعته وبنيته وثقافته استدعاء للاستعمار.  لكن من لا يؤمن بالإنتاج لا يفكر في هذا، فليس سهلا على البعض التفكير في غير ما هو تحت قدمه أو للأسف تحت فرجه.

وبكلام آخر، لو كان بالإمكان الاختيار لقلنا ليكن لسوريا كيماوي ونووي معاً. لكن الشعب إذ خرج من القطيعية هو سلاح نفسه وهو الأقوى.

ولكن لندخل إلى الموضوع من بابه الرئيسي هذه المرة.

لعل طلبة الابتدائية اليوم يعرفون بان العدو يطأ أرضنا من أجل النفط والسوق. ولا زلت عند رايي بأن حمايته للكيان باعتبار الكيان الصهيوني الإشكنازي جزء من مصالحه وليس مستوى مستقلا معادلا لمصالحه في النفط والسوق. بل إن إقامة هذا الكيان جاء بعد الفي سنة من الغزو الغربي للوطن العربي اي منذ روما ولا نقول أثينا لأن اثينا كانت سوداء وجرى تبييضها ليحتل العرق الأبيض تاريخنا المتوسطي والشرقي كما احتل المسيحية الشرقية (والفكرة للزميل سمير امين). بين الفي سنة، واحتلال بلدة معلولة، هناك فرنجة الإقطاع وفرنجة راس المال، بينما خُلق الكيان يوم أمس وضمن هذه المصالح.

ليس الكيماوي السوري هو الذي يخلع مصالح الغرب الراسمالي الأبيض، وعليه، فإن الأقوى من  الكيماوي والنووي هو حراك الشارع العربي بتقويض مصالح الغرب الراسمالي الأبيض والمحلي نصف الأبيض (لهذا المصطلح حديث لاحق). إن تحرير وتأميم النفط والسوق العربيين هو السلاح النووي الحقيقي (أنظر كتاب عادل سمارة :التطبيع يسري في دمك، باب : (المقاطعة مناهضة التطبيع ملامح مشروع ص ص 135-164)

إن المقاطعة ومناهضة التطبيع والاستهلاك الواعي وتخريب ثوري لمصالح الغرب الراسمالي وتفكيك مفاصل الدولة القطرية هي التي تهزم العدوان. هذه هي الحقيقة التي علينا تحدي الجماهير بها. وهذا هو المعنى الآخر ل “كل الحقيقة للجماهير” اي مواجهتها بما يجب ان تقوم به.

كتبت روزا لكمسبورغ للمستعمِر قبل قرن: “بوسعك أن تجبرني على العمل في المنجم، ولكن ليس بوسعك إجباري على استهلاك منتجاتك”.أليس بوسعنا فعل هذا كله؟

بلى، إن بوسعنا تحرير “منجم” النفط حتى لو بحرقه وبوسعنا تحرير بطوننا عقولنا من سيطرة سيدين:

  • ثقافة الاستهلاك التي كرسها النمط الأمريكي والغربي عامة وحملت بها سفاحا البرجوازية الكمبرادورية وأنظمة وقوى الدين السياسي والطابور السادس ووضعت حملها المسخ في شارعنا.
  • وانحناء عقولنا لبطوننا او شهواتنا

 حينما نتحكم بالنفط والسوق وهذه معركة تاريخية، بل أم المعارك الحقيقية، يحمل الاستعمار عصاه ويرحل كما قال جمال عبد الناصر، وربما لا يضعها على كتفه!!!

لهذا أكرر بأن هتاف أوغاد المرحلة ضد سوريا فيما يخص الكيماوي ليس سوى خبث المهزومين والمخروقين.

وأخيراً، سوف أغامر بالقول، بأن تحرير فلسطين يمكن ان يأخذ اشكالاً عدة. ولا شك أنه لن يكون لا بالنووي ولا بالكيماوي. قد يكون بالسلاح التقليدي، وحرب الغوار مرفوعة إلى الصاروخ الفردي  وقد يكون بالسلاح الاقتصادي.(انظر/ي بهذا الصدد مقالة عادل سمارة

Arab Nationalism and Palestinian struggle, in Khamsin Review p.p. 53-86 Ithaca Press 1986

وهنا يتضح دور الجماهير. إن دولة عربية متحدة او اتحادية قادرة على التحكم بالسوق العربي والنفط والغاز العربيين، وقادرة على استخدام هذين السلاحين وموقعها الجغرافي، وهنا اهمية الجغرافيا في الاقتصاد، قادرة على استخدام هذه الأسلحة الثلاثة في وجه الدول التي تدعم الكيان الصهيوني  أو  تقاتل من أجله  أو تتبادل معه…الخ هذه الأسلحة بوسعها هزيمة المعسكر الذي يحتضن الكيان وهزيمة الكيان نفسه. وقد يكون حينها السلاح هو فقط ضربة الرحمة لا أكثر.

بقي أن نقول، اليس التحكم بالنفط والسوق هو الذي يدفع المركز الإمبريالي الغربي الراسمالي الأبيض  لاحتلال الوطن العربي، ومعاداة القومية العربية وتحديداً العدوان على سوريا حتى قبل اكتشاف مصادر النفط والغاز؟ اليس من أجل هذا خلق ورعى الدولة القُطرية وحال دون الوحدة واحتجز التطور؟ نعم، بل إن أكثر من يعرف هذا الطابور السادس الثقافي. لذا، فالشعب هو الأهم من النووي.