تساؤل لعمرو ناصف في التروتسكية

عادل سمارة

استمعت إلى برنامج السيد عمرو ناصف  يوم 12 ايلول وخاصة لقائه مع مؤسس الجهاد الإسلامي في مصر والسيد عزازي عزازي من التيار الشعبي. تعرض جزء كبير من الحديث لجماعة الاشتراكيين الثورين. وللأسف لم يتم تناول الأسباب المركزية لوقوفهم مع الإخوان المسلمين في مصر.

كان يجب القول بأن هؤلاء تيار تروتسكي لكي تُعاد لذاكرة المستمعين سيرة  هذا التيار الذي ارتبط الكثير من  قياداته بالمخابرات في الولايات المتحدة منذ تأسيس هذا التيار . وهو ارتباط قام اساساً على موتورية ضد ستالين انسحبت لتصبح موتورية ضد الاتحاد السوفييتي نفسه. وسأنشر لاحقاً ما كتبه تروتسكي يُغري الإمبريالية بالهجوم على الاتحاد السوفييتي. وهذه العلاقة هي التي نقلت بعض قيادات التروتسكيين إلى المحافظين الجدد الذين دمروا العراق.

يرى البعض بأن انتقال تلك القيادات إلى المحافظية الجديدة ناجم عن فشل حلمهم بالأممية البروليتارية فانحرفوا باتجاه اممية راس المال والانخراط في محاولة تحويل الولايات المتحدة إلى إمبراطورية، وهو الأمر الذي تورط في الشرح والترويج المطول عنه  بدرجة من التحبب تقارب الغزل مما يؤكد المركزانية الأوروبية والغربية لهما  وهما هاردت ونيجري في كتابهما الخليط The Multitude، وها هي الولايات المتحدة تتراجع وتتراخي وقد تنحسر لتنحصر يوما في بلدها كما هي المانيا النازية في شكل ألمانيا الحالية التي تصر على دعم الكيان الصهيوني الإشكنازي بحجة عقدة الذنب!!!

إن مشاركة قادة سابقين من التروتسكيين في قرار تدمير العراق جاء على أرضية ارتباطهم بالصهيونية. وهذا ما لا يدركه الكثير من العرب الشباب الذين يُبهرون بالجملة الثورية للتروتسكيين. يكفي أن أشير هنا إلى التروتسكي العراقي محمد جعفر (كتب كثيرا باسم سمير الخليل وكنعان مكية) وهو الذي ظهر على الشاشات في لقاء مع جورج دبليو بوش يشرح له كيف يمكن ويجب أن يغزو العراق، وذلك عام 2003 اي بعد حصار الشعب العربي في العراق ل 11 سنة!!!ولا حاجة لعرض ما كتبه التروتسكي اللبناني  صلاح جابر (جلبير اشقر) فهو مع ضرب اي موقع قومي عربي وخاصة موقفه من الإرهاب على سوريا.

هذا يفتح على ما أريد الإشارة إليه وهو أن التروتسكية قد امتطت مقولة ماركس بأن “القومية أداة بيد ابرجوازية” وهي مقولة لها سياقها الزمني والجغرافي. ولكن التروتسكيين تجاه الوطن العربي أخذوها لصالح الكيان الصهيوني ليقفوا بالمطلق ضد القومية العربية وضد وجود أمة عربية.وهنا تقاطعوا مع ورطة ستالين بقوله: “إن الأمة العربية امة في طور التكوين”. بينما اعترف الاتحاد السوفييتي في حينه بالكيان الصهيوني الذي ليس أمة وهو كيان استيطاني اقتلاعي. طبعا لا أريد الغوص في قراءة ستالين للأمة على اساس السوق والاقتصاد عامة.

وفي حين عدل الاتحاد السوفييتي من موقفه تجاه العرب في علاقته بمصر عبد الناصر، وانحاز إلى العرب بدل الانحياز للصهيونية، بقي التروتسكيون على علاقة وطيدة بالكيان الصهيوني سواء فكريا أو بعلاقات مع اليسار الصهيوني مع الكيبوتسات…الخ. والغريب ان أكثر الأحزاب الشيوعية العربية التي تورطت في الاعتراف بالكيان لم تعود إلى النقد الذاتي وتسحب ذلك الاعتراف! هذا رغم أن كثيرين منها قدموا تضحيات وطنية وقومية ما كان يجب ان تُطفس بسبب التمسك بهذا “القديس-الدنس-أي الاعتراف بالكيان”!!!!!

على ارضية الموقف المعادي للأمة العربية والقومية العربية يتقاطع ويتحد التروتسكيون وقوى وأنظمة الدين السياسي  في مصر وسوريا وما نقد هؤلاء الاشتراكيين الثوريين للسعودية سوى إثارة غبار ودخان للتغطية على مواقف خطرة. فالإخوان لا يؤمنون بالوطن بل بالسلطة، وهم يرون في الأمة العربية عدوهم الرئيسي. هذا مع أن الرسول محمد عربي والقرآن عربي!!! والأمة العربية ليست أمة كافرة! أليس هذا عجيباً.

في مقابلة طويلة نشرتها مجلة MERIP Reports  الأمريكية  عم 1978 ، التي كانت يسارية ، والمقابلة مع حسن الترابي وراشد الغنوشي  ومحمود الزهار، اكدوا  بأنهم لا خلاف لهم مع امريكا. طبعا المجلة عام 1991  وقفت مع الولايات المتحدة لغزو العراق!!! فهل يُعقل هذا الغرام بالولايات المتحدة؟ وما الفارق بين هؤلاء وبين قادة التروتسكيين المنخرطين في المحافظية الجديدة؟؟؟

هنا يتقاطع موقف الإخوان ضد الأمة العربية والقومية العربية مع موقف  التروتسكيين من الأمة العربية والقومية العربية. ويتجلى هذا التقاطع طبعا في تحالف الإخوان والتروتسكيين في مصر وسوريا والعراق وهي معاقل القومية العربية!!! وأما الغطاء فهو الديمقراطية وصندوق الانتخاب…الخ.

هناك قضية أخرى لاحظتها في الأرض المحتلة ومصر وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة متعلقة بالتروتسكيين. هذا الفريق الذي “يزعم أنه ماركسي” يتمتع بأموال هائلة تظهر في إنفاقهم الرهيب. أتحدث عن هذه البلدان لأنني زرتها؟ فمن اين لهم هذه الأموال بينما اليسار العالمي الحقيقي يعاني الفاقة!!!!

ملاحظة: كتبت عدة مرات عن موقف التروتسكية ضد القومية العربية ومنها أخيرا المقالات التالية في موقع كنعان http://kanaanonline.org

–         جبهة انظمة وقوى الدين السياسي  والصهيونية والتروتسكية والسوق

–         التروتسكية وقوى الدين السياسي والصهيونية

–         السعودية تصوغ حلا صهيونيا لسوريا