الفجور في الحرب المعلنة على المقاومة – حزب الله…. متى يتوقف؟

العميد د. امين محمد حطيط

في قراءة لمشهد غير مسبوق من الاعمال الاستفزازية و العدائية ضد المقاومة في لبنان، يكاد المراقب يقول او يسأل : هل ان حزب الله و مقاومته بات حقيقة يشكل تهديدا لمصالح هذا الكم من الفئات و الجهات و الدول التي اعلنت الحرب عليه و تصاعدت مواقفها العدوانية ضده الى هذا لحد من الحقد و نزعة الاقصاء و الالغاء لا بل التدمير الكلي، ثم و في المقابل يثور السؤال عن سر قوة حزب الله التي مكنته من الصمود الدفاعي اولا بوجه جبهة الهجوم عليه، ثم تمكنه من الاستمرار في خطه التصاعدي في مسار تراكم القوة الى الحد الذي يجعل الباحث الموضوعي يقول بان ليس لكل الحرب المتعددة الجنسيات و الاطراف و الاسلحة و الوسائل فعالية او اثر على هذا الحزب و مقاومته.

لقد اختارت جبهة الهجوم على حزب الله مداخل مادية لهجومها استخرجت شكلا من الواقع و لكن غيرت معناها و حرفت مسارها و اعطتها بعدا محرفا لا بل مناقضا لحقيقتها، كل ذلك من اجل اتخاذها ذريعة لشيطنة الحزب و التخويف منه ثم التحشيد ضده وصولا الى الهجوم عليه و على مقاومته بالطريقة التي تحصل الان.

و هنا و من اجل تقريب الفكرة فقط و دون ان نعيد و نردد ما قام به الاتحاد الاروبي من وضع ما اسمي ” الجناح العسكري لحزب الله ” على لائحة الارهاب، او ما سبقه اليه في الشأن مجلس التعاون الخليجي الذي يهم الان لطرد اكثر من 4000 لبناني من مذهب معين ( لمسلمون الشيعة ) بتهمة مؤازرة او الانتماء الى حزب الله، او ما اشترطه بندر السعودي على المسؤولين في لبنان لجهة تشكيل حكومة يقصى منها حزب الله او ما كان سبق من استقالة نجيب الميقاتي بحكومته حتى يخرج حزب الله من السلطة، او… او…

و نكتفي فقط بالتوقف عند حالتين اثنين يجهد فيهما المفترون على حزب الله في الاونة الاخيرة في تلفيق التهم و تحريف الحقائق خدمة لاغراض الهجوم عليه و على مقاومته لاسرائيل و نعرض في هذا الشأن لواقعتين تصاعد تداولهما في الاونة الاخيرة هما الامن، و شبكة اتصالات المقاومة :

1)   الامن في الضاحية الجنوبية.

في فترة تقل عن اربعين يوما تعرضت الضاحية الجنوبية لعملين ارهابيين نفذا بسيارتين مفخختين، ادى انفجارهما الى وقوع عدة مئات من المدنيين بين قتيل و جريح و تدمير المساكن و المحلات التجارية بشكل فظيع، و كان حزب الله بصورة خاصة و اهالي الضاحية بصورة عامة طالبو الدولة اللبنانية باتخاذ التدابير الملائمة لتوفير الامن للضاحية – الامن الفعلي الذي يحدث الطمأنينة في النفوس و يقطع الطريق على الارهابيين و المجرمين الموظفين لانتهاك امن الضاحية احد معاقل المقاومة.

 و قد فوجئ الحزب و الاهالي بجواب الدولة في المرة الاولى و الذي تكرر في المرة االثانية ان لا طاقة لها على تلبية الطلب، و هنا نذكر بان دولة ما قبل العام 2000 كانت قد خصصت الضاحية و من اجل حفظ الامن فيها ب لواء من الجيش معزز بسريتين من الوحدات الخاصة و معهم سرية معززة من قوى الامن الداخلي اي ما يبلغ مجموعه ال 3000 عسكري، اما بتاريخ التفجير الاول فلم يكن في الضاحية من العسكريين و تحت كل العناوين اكثر من 70 عسكريا موزعين على مخافر ثابتة في منطقة سكنية يقطنها اكثر من نصف مليون لبناني و غير لبناني. ( في المقابل خصص سعد الحريري الغائب عن لبنان منذ سنتين ب 130 عنصرا لحراسة قصره ).

امام هذا الخطر الذي شكله الارهاب، و الاهمال او قل العجز الذي ابدته الدولة اللبنانية كان على الاهالي و معهم حزب الله المستهدف بمقاومته، ان يقوموا بما يمليه عليهم الواجب ممارسة لحقهم المشروع بحماية الذات، فكان ان وضعت نقاط مراقبة و تفتيش على مداخل الضاحية الجنوبية قي مهمة حصرية هي ” منع دخول السيارات المفخخة و المتفجرات ” و لم تتعد تصرفات هذه النقاط هذه المهمة الحصرية، و هنا وجد من يناصب العداء لحزب الله و مقاومته فرصة لمهاجمته من باب فرض ما اسمي “الامن الذاتي ” و طور الاتهام الى القول بان الامر يشكل مقدمات لانشاء الغيتوات ثم التقسيم.

و من الملفت ان الذين يكيلون التهم الكاذبة تلك هم اساسا من المتسببين بالحالة الامنية التي وصلت اليها البلاد و استشراء اعمال الارهاب فيها على يد الجماعات التكفيرية المتطرفة. فهم الذين يعطلون تشكيل الحكومة و يمنعون قيام السلطة المسؤولة القادرة، و هم الذين سيسوا قوى الامن الداخلي فتسببوا في خفض مستوى فعاليتها الامنية و هم الذين يستعملون بغير وجه حق اكثر من 2000 عنصراً من قوى الامن الداخلي لحماية مقراتهم و اشخاصهم خلافا للقانون و هم الذين يشكلون البيئة الحاضنة للتكفيرين و يشجعونهم على اعمال القتل و الاجرام. و بعد كل ذلك يأتي هؤلاء ليعيبوا على من عجزت الدولة عن حمايته، قيامه بحماية نفسه، و كاني بهؤلاء يريدون القول لاهل الضاحية و معهم حزب الله “اياكم و اليقظة و السهر لانكم تعطلون علينا فرصة قتلكم و ترويعكم “.

ان صخب الجهات التي تهاجم يقظة حزب الله و اهل الضاحية على امنهم، ليس له الاتفسير واحد، هو غيظهم لان اليقظة قطعت الطريق حتى الان على مسلسل الارهاب الاجرامي ضد الضاحية، و غضبهم لان هذه التدابير فوتت عليهم الشعور بالفرح و الغبطة وصولا الى توزيع الحلوى احتفاءا بقتل ابناء الضاحية و ترويع مجتمع المقاومة و على هذا نرى ان العدالة لا بل المنطق يفرض ان يلاحق هؤلاء بجريمة العمل على تسهيل الاجرام و تهيئة بيئته بمجرد انتقاد يقظة الضاحية لحماية امنها. و من جهة اخرى نرى استعمال عبارة الامن الذاتي بحد ذاتها افتراء و جريمة، اذ ان نقطة المراقبة لا تشكل امنا ذاتيا فللامن قواعد و ضوابط تشريعية قانونية و عسكرية ميدانية و قضائية عقابية تتكامل حتى تؤلف حلقة الامن المقفلة، و لا تشكل نقطة المراقبة شيئا يذكر من كل ذلك سوى انها جزء من 40 من محطات الحلقة الامنية. ما يعني ان القول بالامن الذاتي انما هو افتراء و تلفيق لا ارضية علمية و ميدانية له.

2)   شبكة الاتصالات المقاومة في خراج منطقة زحلة.

ليس سرا يستدعي الجهد العظيم لاكتشافه ان يقال بان حزب الله يملك شبكة اتصالات ارضية لتأمين استمرارية و فعالية منظومة القيادة و السيطرة، و هذا الامر ليس بجديد و فالشبكة كانت قائمة قبل العام 2006 و كانت سببا من اسباب الانتصار الاستراتيجي الاعجازي في الحرب انذاك، كما ان التحرش بها في العام 2008 كان سببا لما اسمي فتنة السنيورة – جنبلاط في ايار من ذاك العام.

و مع هذا الواقع كان من البديهي ان يقوم حزب الله باجراء الصيانة و التعهد لشبكة اتصالاته الميدانية الارضية بشكل دوري يحفظ جهوزيتها، و هنا و في معرض هذه الاعمال و معالجة لعطل طرأ على الجزء الذي يمر بجوار مدينة زحلة قامت مفرزة فنية محددة باجراء الصيانة اللازمة، و في السياق المنطقي للامور كان طبيعا ان يمر العمل دون ان يسبب اي ردة فعل او اعتراض من احد.

 و لكن ما حصل كان خلافا للمنطق هذا اذ ان ثلة من نواب ما يسمى جماعة 14 اذار و بتوجيه من غرفة عمليات الهجوم على حزب الله، رات في الفعل الروتيني و البسيط جدا، فرصة للصراخ الذي يمكنها من احتلال موقع او عنوان في جريدة او نشرة اخبار، صراخ يعرف اصحابه انه لن يقدم و لن يؤخر، و يعرف اصحابه ان من هم اقوى و اهم منهم بكثير لم يتمكن من سلاح المقاومة، و مع هذا يفجرون برفضهم ” لانتهاك سيادة زحلة ” في تصرف يتنافى مع كل مفاهيم النص و العرف و ما هو معتمد حتى الان في كل بينات الحكومات اللبنانية من معادلة قوة لبنان الدفاعية القائمة على ثلاثية” الشعب و الجيش و المقاومة”، و هي المعادلة التي يحاول اعداء المقاومة كسرها و لكنهم عجزوا و سيعجزون لان المقاومة التي رأت بان هذه المعادلة هي بمثابة الروح التي لا تسلم لعدو، لن تمكنهم منها في الي ظرف.

 و بالتالي كان عليهم ان يعرفوا ان المقاومة مشروعة بذاتها و مشرعة بفعل النظام السياسي والقانون اللبناني ايضا هذا القانون الذي يمنع ان تغلق منطقة بوجه اي لبناني اذا كان فعله لا يتخطى القانون. و بالتالي فان مرور لبناني في ارض لبنانية و بالطريقة التي ذكرنا لا يشكل اعتداءً عليها و لا يبرر موقف هؤلاء لا بل اننا نرى في موقفهم تحد للقانون و اعتداء على مثلث قوة الدفاع عن لبنان..

و في الخلاصة نجد ان الهجوم على المقاومة في لبنان و بهذا الشكل المتعددة الاساليب و الذي يحشد له اهل الشرق و الغرب بقيادة المايسترو الاميركي هي هجوم يحصل تزامنا مع العدوان على سورية و يحصل بعد ان فشل العدوان في تحقيق اهدافه في اسقاط الدولة و نظامها، حيث نحى المعتدون على سورية باللائمة على حزب الله و ايران لمؤازرتهما لها في دفاعها، و اليوم يشترطون فك االتحالف بين مكونات محور المقاومة و ترك سورية للتكفيرين، من اجل وقف الهجوم على حزب الله.

و لكن غاب عن هؤلاء ان محور المقاومة يفكر و يخطط استراتيجيا و يناور تكتيا و يدافع عن اي موقع و اتجاه بما يقتضه الدفاع الناجح و هو يتصرف واثقا من انه “ولى زمن الهزائم و حل زمن الانتصارات “، و انه لن يهزم و كما انه انتصر في لبنان فانه ينتصر في سورية و يحمي انتصاره في لبنان و في كل المنطقة، و سيكون بديهيا ان ينكسر الهجوم عليه كما انكسر هجوم سابق و من ينتظر يرى..و لن يكون وقت الانتظار طويلاً…حيث سنرى انتصارا مؤكدا لمحور المقاومة في سورية و في لبنان و في كل المنطقة.