سوريا (آسيا) : أثمرت أخيرًا الحملة التي قادها نشطاء ومثقفون على صفحات التواصل الاجتماعي في كسر الصمت الرسمي السوري حول مشاركة منتخب سوريا في بطولة كرة القدم للشباب التي ستستضيفها مدينة رام الله الفلسطينية المحتلة، وأعلن رئيس الاتحاد الرياضي العام في سوريا ان المنتخب السوري لن يشارك في أي مباراة في فلسطين “طالما هي تحت الاحتلال”.
وكان خبر مشاركة سوريا في البطولة قد أثار منذ أول أمس موجة استياء عارمة من قبل كتاب وناشطين سوريين وعرب، إذ اعتبروا أن مشاركة سوريا بهذه البطولة تعدّ تطبيعاً مع العدوّ الصهيوني الذي يحتل فلسطين ويستطيع جندي يهودي واحد أن يلغي الدورة الرياضية كلها في الوقت الذي يحسب فيه أتباع أوسلو أنهم أصبحوا دولة تقيم المهرجانات والبطولات الرياضية.
وقد بدأ الحملة الإعلامية في سوريا الكاتب والمعارض الوطني المعروف بسام القاضي الذي يكتب كل يوم “تراتيل” صباحية ومسائية يحيي فيها “الجندي السوري الشريف”، فقطع شكّ التطبيع بيقين الوطني السوري عبر تغييره لصورة الغلاف في صفحته على الفيس بوك بخلفية سوداء كتب فيها “الجندي السوري يقاتل الصهيوني على الأرض السورية والاتحاد الرياضي العام يبيع دم الجندي السوري على أرض تحت الاحتلال الصهيوني! الخيانة بكل صفاقة”. وإذ علّق كثير من “الموالين على عماها”، كما يقول السوريون، على صورة القاضي، أعاد القاضي التأكيد على موقفه في منشور آخر ليؤكّد على خيانة من قرر المشاركة “كم كأس من دماء الجنود السوريين الشرفاء الطاهرة يشرب كل صباح، هذا المجرم الخائن الذي قرر أن يشارك منتخبنا على أرض يحتلها من يقتل الجنود السوريين، وتباع تذاكر الدخول إلى المباراة بالشيكل الصهيوني؟ العار لكم، الذل لكم، الموت لكم أيها الخونة في كل مكان”. وفي رده على أحد التعليقات أن “هذا قرار دولة وليس قرار فرد” ردّ القاضي” إذا كان قرار دولة فمن قرر هو خائن”.
تبع بسام القاضي الكاتب السوري المعروف ورئيس تحرير موقع “الجمل بما حمل نبيل صالح الذي كتب على صفحته على الفيس بوك ” يسقط الإتحاد الرياضي ورئيسه اللواء المتقاعد “زهايمر جمعة” حتى إعلان عدم المشاركة في مباريات تصفيات كأس آسيا لكرة القدم بمدينة رام الله.. لا للتطبيع.. لا لأوسلو.. لا إله إلا الله.”
بسام القاضي، الذي تواكبه بعض صفحات النشطاء السوريين المستقلين وبعض الصفحات والمواقع الوطنية القليلة وتشاطره رأيه، بدا وحيداً في معركته ضد التطبيع السوري الجديد، الذي يقف كثيرون من مؤيدي الدولة السورية والجيش السوري صامتين تجاهه وغائبين حتى عن صفحاتهم التي كانوا يملؤونها يومياً بعشرات المنشورات عن المقاومة وعداء “إسرائيل” والمؤامرة الصهيوأميركية على سوريا المقاومة، وذلك بانتظار إشارة تبرر الفعل السوري أو إشارة أخرى تعطي إيعازاً بالهجوم على من اتخذ هذا القرار. هذا في ظل غياب كامل للأحزاب القائدة وغيرها من التي فلقتنا خطابات وطنية وقومية وعلى رأسها حزب البعث العربي الاشتراكي المعظّم والحزب السوري القومي الاجتماعي بدكاكينه المتعددة التي توظّف بعض عبقريي القصّ واللصق ليضعوا عبارات أنطون سعاده على صفحات حوانيتهم وهو يدعو إلى الحرية والمقاومة وقتال “يهود الداخل والخارج”، ولا الناصريين بأحزابهم التي لا تحصى سمع لهم أحد من السوريين رأيًا بما يحضّر له، والغياب اللافت هو لحزبي قدري جميل وعلي حيدر وجبهتهما المظفّرة “للتغيير والتحرير” التي وعدتنا عبر الإعلام منذ أشهر قليلة أنها ستبدأ العمليات القتالية في الجولان المحتل والتي تشارك في حكومة تهاجمها على الدوام وتصرّ على البقاء فيها. ولن أشير هنا إلى الأحزاب الشيوعية السورية التي لا يعنيها الأمر لأن في رام الله حزب شيوعي فلسطيني وربما يكون بعض أعضاء ونشطاء “الحزب الشيوعي الإسرائيلي” موجودين هناك، ولعلها حجّة قدري جميل وحزبه أيضًا.
في ظلّ هذا الارتباك السوري الواضح و”التطنيش” الرسمي على الأمر أخذ زمام المبادرة كتّاب ونشطاء وإعلاميون عرب من فلسطين والأردن ولبنان، وعلى رأسهم أولئك الذين كانوا وما زالوا يقضون صباحاتهم ومساءاتهم في الساحات وأمام مكاتب المنظّمات الدولية والسفارات السورية في بلدانهم احتجاجًا وتأييدًا ودعمًا لسوريا المقاومة، وقد ألغوا الفصول وتقلّباتها وغيّروا أسماء الساحات في بلدانهم ليطلقوا عليها اسم دمشق.
فقد نشر السياسي والنقابي الفلسطيني المعروف حسين مطاوع، والذي يكتب صباح كل يوم منشورًا عن “قاسيون والياسمين الدمشقي والجندي السوري”، في مجموعة “الوطن في العينين” صورة عليها علم سوريا وكتب عليها “لا للتطبيع، لا لذهاب المنتخب العربي السوري إلى رام الله عبر الحواجز الصهيونية”، كما كتب جازماً “قلنا من بداية المؤامرة على سوريا إننا ندافع عن سوريا بكل مكوناتها بوجه المؤامرة ولا نوقع شيكات سياسيه على بياض، قرار إرسال فريق رياضي سوري لفلسطين المحتلة تطبيع في حين سوريا لا زالت حتى هذه اللحظة تمنع استقبال أي مواطن على وثائقه أي إشاره أنه مقيم أو زار فلسطين المحتلة
إرسال وفد رياضي مُدان ولا يختلف عن ذهاب مجموعات إرهابيه تقاتل في سوريا إلى فلسطين المحتلة”.
أما إبراهيم علوش فقد كتب “أرجو أن لا يكون خبر زيارة المنتخب السوري لكرة القدم لمناطق السلطة الفلسطينية صحيحاً. فزيارة الضفة لا تأتي إلا بتصريح من العدو الصهيوني، حتى محمود عباس لا يتحرك قيد أنملة في الضفة بدون موافقة العدو الصهيوني. وكل من يدخل الضفة من غير أهلها وأهل الجولان وال٤٨ بفيزا أو بتصريح يمارس التطبيع مع العدو الصهيوني. فزيارة الضفة لا تأتي إلا على شكل عملية عسكرية ضد الكيان… ولا يليق بسورية أن تقدم طوق النجاة لمطبعين يدينون بوجودهم لاتفاقية أوسلو وكانوا الأسبق لمعاداة سورية من حماس. تسقط كل التسويات! لا للتطبيع!”. كما أكمل علوش في منشور آخر بعد اشتداد الحملة ومشاركة نشطاء جدد فيها “بصراحة هيك ما اتفقنا بالمرة… دخول الضفة عن طريق السلطة الفلسطينية لا يختلف عن دخولها عن طريق الكيان الصهيوني. وسعر البطاقة بالشيكل “الإسرائيلي”… من واجب الصديق على صديقه أن ينصحه عندما يقترب من حافة هاوية خطرة. التطبيع ليس مناورة سياسية”.
“أبو لين”، وهو أحد نشطاء مجموعة “الوطن في العينين” فقد كتب “إلى وليد المعلم والمقداد وكل مسؤل بسوريا وأولهم الرئيس الأسد….. لم تذهب كل هذه الدماء لنحتفل بترحيب الرجوب بفريق كرة قدم سيمر عبر الحواجز “الإسرائيلية” ليضعوا ختم الكيان العنصري على جوازات سفر سورية”.. اليست حكومة رام الله هي التي باعت رئاستها للجامعة الاعرابية لقطر لتمرير كل هذا الإجرام بحقنا؟؟”
كما كتب “أبو لين” تسقط كرة القدم التي ستسقط ثوابتنا الوطنية والقومية وكاسك يا وطن وكاس شهداءك في كل مدينة وقرية وبيت تحيا المقاومة.
وبحرقة واضحة يستحضر “أبو لين ” الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ويخاطبه “قول القائد الخالد إني أرى في الرياضة حياة للأسف يا أبتي في زمننا ستنقلب الرياضة ذلا وموتا وعارا
هل يجوز لمهزلة رياضية أن تمسح تاريخا كاملا
من الأمجاد والثوابت الوطنية والقومية والمقاومة
أرواح شهدائنا منذ / ١٩٤٨إلى اليوم تنتحب بدهشة وحيرة
وتعلن استنكارها
أيها السوري الشريف قاوم وقل رأيك
لا للتطبيع…….لا للذل….تسقط كرة قدم تغلف انتصاراتنا
بوشاح هزيمة وذل وعار.
أما هيثم عايد فقد نقل عنه مطاوع على صفحة المجموعة قوله “هيثم عايد،خيارات هذا الحدث
دخول المنتخب السوري الى فلسطين وختم جوازاتهم بالختم العبري تطبيع مهما حاول بعض السوريون تبريرها او تلطيفها.. نعم، هي تطبيع وعمالة وخيانة لدماء الشهداء السوريين قبل الفلسطينيين..
واذا كانت اصالة دخلت فلسطين بصفة منفردة فان المنتخب السوري يتبع رسميا للنظام السوري، وعليه على النظام ” المقاوم والممانع” ان يمنع ذلك وان يعلم بأن الطريقة الشرعية الوحيدة لدخول السوري الى فلسطين هي طريقة خالد آكر حصرا”.
أما علي بدوي فقد كتب “نداء للسلطه في سوريا
كفى تدميرا لسوريا من الداخل كفى خرابا وكفى ابتذالا لتاريخ قومي عريق
ما الداعي ل ارسال فريق رياضي لفلسطين الان
ونخن بصدد حرب على التطبيع مفتوحة كنتم قادتها الاوائل
كفى………بربكم يكفي خرابا
عادل سمارة الكاتب الفلسطيني المعروف وأحد أهم متابعي مقاطعة الكيان الصهيوني واختراقاتها العربية والذي يدير موقع “كنعان” شارك رابط الخبر الذي وزّعته سانا وعلّق عليه “السيد مدير سانا؟؟؟ هل أنت سوري أم صهيوني؟؟؟؟
سانا : المنتخب السوري الشاب يواصل استعداداته لتصفيات آسيا في رام الله”، وفي مقال له بعنوان “سؤال حامض ١٦٥” كتب يقول “التطبيع الشعبي (أخطر هدية سورية لليساريات المطبعات): على غير قصد نشر المناضل صدقي المقت خبرا عن برنامج فريق رياضي سوري سوف يدخل إلى الأرض المحتلة مع فرق عربية أخرى. ولعل اشد الاستغراب أن المقت لم ينتبه إلى استعمال المطبعين حتى للرياضة.”
أما نايل زبيد فقد كتب “ذهاب المنتخب السوري الى فلسطين المحتله
اخطر واسوء من تسليم الاسلحه الكيماويه
هذا اعتراف بعملية التفاوض الحاليه وبنتائجها سلفا ,,, فلم يكن هناك داع لكل المعارك السابقه
سكوت حزب الله , هل كان خوفا من هكذا صفقات (صفاقات “(
هذه هي المواقف التي سجّلها بعض من المناضلين والكتاب العرب حول هذا القرار التطبيعي الخطير، وخصوصًا في الأردن وفلسطين المحتلة، بينما يبدو بعض السياسيين الأردنيين من الذين كان لهم في “كل عرس قرص”، ومنهم من زار سوريا والتقى الرئيس بشار الأسد وألقوا خطباً عصماء عن الاحتلال والمقاومة والتطبيع فقد صمتوا صمتاً مطبقاً وكأن الأمر لا يعنيهم، وكأنهم يتابعون الصفحات السورية الموالية التي تجاهلت الخبر وكأنه عن خلاف داخلي في منشوريا الصينية.
لأول مرة تستمع السلطات السورية لأصوات محبي سوريا القوية المقاومة التي تقف شوكة في حلوق أعداء الأمة، وعسى أن تظلّ تسمع خفقات قلوب ألوف المحبين المخلصين الذين يريدونها قلعة حصينة منيعة.
:::::
المصدر : وكالة أنباء آسيا
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.