اسئلة
كلمة لحواريي/ات المطبع إميل حبيبي
سألني أحد موظفي الممثلية الروسية في ندوة عقدت ببيت لحم يوم 3 أكتوبر وأدارها الرفيق جورج حزبزن: لماذا لم تدرس في الاتحاد السوفييتي بدل بريطانيا؟ اعتقد الرجل بأنني من الحزب الشيوعي (حزب الشعب حاليا). قلت له أنا لم أكن في الحزب الشيوعي، ولو حاولت لم يكن ذلك سهلا لأن هناك (كوتا) لكل حزب أو منظمة مخصصة لأعضائه من السوفييت كما كانت تفعل اية دولة. سؤاله أعادني إلى تلك الفترة الثمانينات. قلت له أنا من الذين كتبوا قبل الثمانينات بأن الاتحاد السوفييتي كان “راسمالية دولة” ولذا كنت على خلاف مع قيادات الحركة الشيوعية التحريفية. قلة من الكتاب الذين اتخذوا هذا الموقف بينما كثرة كانت مداحين.هذا شبيه بحال سوريا، حيث كانت فيالق المداحين يتعمون بضيافة النظام السوري لعقود قبل 2011 .
تذكرت حينها الراحل إميل حبيبي الذي كان يجمع بين ولاء مطلق للسوفييت وعداء مطلق للقومية العربية وولاء مطلق للاعتراف بالكيان الصهيوني. وتذكرت بان له أنسال وحواريين ومعجبين ومتمولين اليوم بأعداد لا تُحصى.
في منتصف الثمانينات ألقى جروباتشوف بقنبلة البريسترويكا ليحرق الاتحد السوفييتي، فكان كمن يلقي قنبلة داخل بيته، فإاذ إميل حبيبي قد التقطها وانحاز امريكيا بحجة الدمقرطة.
يوم 4 أكتبور سافرت إلى لندن بعد أن استصدر لي الصديق المحامي محمد نعامنة (حي يرزق، وأحيانا لا يُرزق، في بلدة عرابة البطوف في شمال فلسطين المحتلة) إذن سفر من الكيان الصهيوني بشرط أن أغيب 3 سنوات وإذا عدت قبلها بيوم أُسجن يوم او بسنة اسجن سنة. وفي تلك الفترة كانت الحركة الوطنية المصرية ناشطة في تجسيد رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني وكنت كذلك ممن التقوا بهم . وفي تلك الفترة فتح ناجي العلي النار على التطبيع وكنت ايضا معه. وكان بطل التطبيع إميل حبيبي، وهو جد (اليساريات المطبعات في رام الله اليوم ). حينها كتب إميل حبيبي بان عادل سمارة هرب من النضال إلى لندن.
اشتعل صراع التطبيع وضده حينها واغتيل ناجي (عصر الإثنين 22 تموز 1987) وكان لا بد أن أهرب إلى هنا، ولكن السنوات الثلاث لم تكتمل، وحينها أعدت عناية والأطفال إلى هنا وبقيت في حالة حذر إلى أن جاء 4 أكتوبر 1987.
وبعدها بشهرين كانت الانتفاضة الأولى. كان المناخ وطنيا بامتياز، وكانت مقاطعة منتجات العدو بل الأعداء، وكان تحول النضال الوطني من النخبة المقاتلة بالكفاح المسلح إلى نضال الجماهير، وانتقل قرار العمل الوطني ليتركز بايدي الداخل. حينها وضعت الثورة المضادة خطتها الجهنمية، بأن تُعيد قيادة الخارج إلى الداخل في اضخم حملة تطبيعية ممكنة، وبأن تمول هذه الإعادة كي تتحول إلى سلطة. فلم يكن لاغتيال الانتفاضة أخطر من هذا الأسلوب. وهكذا كان. وقد اثمر هذا حالة تطبيعية هائلة في الوطن المحتل ولا يزال. ولمن يريد الاستزادة والفهم فليقم بإحصاء كم عدد قيادات الحركة الوطنية الذين يعيشون من شغل خارج مؤسسات الطبيه بدءا من السلطة وصولا إلى الأنجزة والمراكز الثقافية والبحثية والمجالس الثقافية…الخ. والبعض نحن الأرض!!!! طبعا رجالا ونساءً. بمعنى آخر: حين يحدثك أو يتحداك هذا أو تلك:إسأله اين تعمل، كيف تعيش ومن اين لك ثمن هذه الفيلا وتلك السيارة وخاصة الرجال الذين استبدلوا البيت القديم بجديد عصري، والزوجة القديمة التي بدت الأخاديد على وجهها بفتاة!!!
وانتقل إميل حبيبي ليصبح بائعا متجولا لسلعتين: الولاء لأمريكا والولاء للكيان وهما على حساب الأمة العربية والقومية العربية. مات إميل حبيبي على فراش المرحلة، ولكن حوارييه من الجنسين لم يعودوا افرادا بل شرائح ومنظمات وجمعيات وحتى طبقات. إنه عصر التطبيع، فاختبر دمك إن كان التطبيع يسري فيه أم لا.
***
احتجاج على دفن مستوطن وعنصري في فلسطين
رحل الحاخام العنصري عوفاديا يوسف مؤسس حركة شاس كتنظيم دين سياسي أو تسييس الدين. والرجل عراقي وليس فلسطيني وبالتالي هو مستوطن وعنصري لأنه شبه الفلسطينيين بالصراصير…الخ. واقتراحي إلى منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، بغض النظر عن النقاش معها وعليها، هو أن تتوجه إلى الأمم المتحدة بعريضة ترفض دفنه في فلسطين كعنصري على الأقل.
قد يرى البعض بأن هذا غير قابل للتحقيق، وهو فعلا غير قابل. ولكن لعبة المواقف مسألة في غاية الأهمية لا سيما في اللحظة المناسبة, لأن هذه العريضة هي افضل رد على تصريحات نتنياهو التي تطالب الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية الدولة. اي دولة لتابعي الدين اليهودي مما يعني طرد غير اليهود. علاوة على ان معنى هذه الدولة هو تجميع كل مسيحيي العالم معا ومسلميه معاً…الخ.
ولأن الكلمة والموقف في لحظتهما، فلنذكر رسالة الجبهة الشعبية لفلسطينيي المحتل عام 1948 وهي عريضة أرسلت إلى الأمم المتحدة سرا في الخمسينات تفضح سياسات الكيان الصهيوني. لقد احدثت ضجة هائلة حينها لأنها ذات محتوى نوعي في فترة كانت الدعاية الصهيونية على اشدها ومداها. أعتقد أن من تبقى على قيد الحياة من موقعي تلك العريضة هو الشاعر والمفكر أحمد حسين، ومن موقعيها الراحلان صالح برانسي ومنضور كردوش.
نعم من حقنا الاحتجاج على دفنه في أرضنا لأن هذا الاحتجاج يصب في رفض الوجود الصهيوني على أرضنا ويندرج في إبداع اشكال جديدة من الاحتجاج والمقاومة. فكما أُتي به من العراق فليُعاد إلى هناك، وإذا كانت اليهودية لا تزال على زعمها بمنفوية اليهودي ، فلنساعدهم على تواصلها.
::::
صفحة الكاتب على الفيس بوك