الأمن المزدوج للصهاينة اليهود والعرب[1]

عادل سمارة

 كتب الصحافي اليهودي الأمريكي ثوماس فريدمان في جريدة نيويورك تايمز مقالة عن مؤتمر أمني خليجي صهيوني عقد ضد إيران قبل أسبوع تقريبا وقبل الاتفاق الأولي بين إيران و 5+1. وفي ما كتبه الكثير (يمكن لمن يتحرى أن يرجع للمصدر[2]). نقلت هنا الأكثر أهمية.:

” لقد رايت الآن كل شيء،  فقد حضرت مؤتمر أمن الخليج، في أبو ظبي اشتمل على رسميين وخبراء من معظم العالم العربي/الإسلامي. وفي الجلسة الافتتاحية لاح رئيس إسرائيل شمعون بيرس محاطاً بالعلم الأزرق والأبيض، وأدلى بحديث على الستلايت من مكتبه في القدس. جميل بالنسبة للإمارات ان يتحدث بيرس إلى مستمعين يعتمرون غطاء الراس العربي، مما ذكرني  بأيام أوسلو  حينما عقد الإسرائيليون والعرب  مؤتمرات في القاهرة وعمان. لكن هذه المرة ليست للمصالحة وإنما كما تقول القبائل: “عدو عدوي صديقي”.

ثوماس فريدمان صهيوني ضليع، وهو بالمناسبة كما يبدو (أفرزته أل سي آي .إيه) منذ بداية القرن لدور في الصراع العربي الصهيوني. لذا، هو الذي “أوحى، بل نقل” لملك السعودية   “المبادرة العربية” للاعتراف بالكيان الصهيوني. فهي بالطبع ليست من عندياته كشخص بل هي ضمن سياق السياسة الأمريكو-صهيونية بغض النظر إن حملها هذا أو ذاك. ويبدو أن فريدمان صحفي ذو علاقات مخابراتية أمنية وليس صحفي رأي وكفاءة. لذا ليس غريباً أن يحضر المؤتمر المذكور كما يبدو بحكم مهنته المخابراتية وليس الصحفية.

ما يهمني كعروبي، هو وصول العلاقة الوطيدة بين حكام الخليج والكيان الصهيوني إلى حالة التوحد بين الصهاينة اليهود والصهاينة العرب إلى درجة العلانية مما يؤكد وجود تراث طويل من العلاقة بينهما تعود إلى فترة سايكس- بيكو. فالجديد، ليس العلاقة وإنما ظهورها إلى العلن مغلَّفة بموقف ضد إيران. ومن بين الأسئلة المتعلقة السؤال التالي: ما معنى الإعلان عن وجود هذه العلاقة الحميمة تجاه موقف امريكا من إيران في مناخ يشي بأن لا تغير امريكا موقفها؟ أي لماذا التضحية بعلاقة خطيرة اعمق من الخيانة في مراهنة خاسرة؟

ما معنى دخول دول الريع المنجمي هذه الحرب المعلنة ضد سوريا وإيران وحزب الله معاً؟ وهل هناك خطر حقيقي عليها من إيران تحديداً؟ هل يُعقل أن إيران سوف تقصف الخليج بالنووي، والخليج يمكن استباحته ببضعة جمال وفرس رغم الكميات الهائلة للأسلحة التي تم ويتم شرائها ليس سوى لتصريف منتج المجمع العسكري الأمريكي والغربي عامة! ألا يعني هذا أن الخليج الريعي المنجمي يعمل لتصفية القضية الفلسطينية لصالح الكيان الصهيوني أكثر من قلقه من إيران نووية أم لا؟

اي بكلام آخر، فإن خليج الريع المنجمي يشن حرب تصفية للقضية الفلسطينية تحت غطاء التهويش ضد إيران؟ ولماذا لا يكون هذا ضمن خطة أمريكية لضمان الكيان قبل أن تقلل من ظلها الثقيل على المنطقة؟ ولماذا لا يكون أحد أهداف الولايات المتحدة مرونة تجاه إيران لانتزاع مرونة إيرانية تجاه الكيان الصهيوني. وفي السياق نفسه يمكن إدراج تنشيط نتنياهو لعلاقة الكيان مع روسيا في خطة لضبط إيقاع العلاقات العربية الروسية بما يخدم تسوية لصالح الكيان الصهيوني لا سيما وأن التسوية تسير بشكل خبيث جدا هذه الأيام.

قد ننتهي إلى القول بأن كافة هذه التطورات هي اشتباك متواصل ومتعدد بين معسكر المقاومة والممانعة وبين الثورة المضادة. فالثورة المضادة تحاول لجم المعسكر الصاعد قلقاً على مصير مشترك مترابط لكل من الكيان الصهيوني وكيانات الريع المنجمي. ومن هنا تتركز المحاولات والضغوطات على تقديم المغريات والتهديدات لإيران ليس كي لا تحتل الخليج بل كي تغادر ساحة المقاومة ضد الكيان الصهيوني.