محمود فنون
دفاعا عن فلسطين وعروبة فلسطين
كتب ابراهيم شعبان منافحا عن حل الدولة الواحدة ، كتب تعليقا على مداخلة لإبراهيم جوهر على صفحته في الفيس بوك ، وقد كتب من بين جملة معلقين يرد عليهم بقوله :” لن يكون حل الدولتين قابلا للحياة ولو انسحبت إسرائيل لحدود عام 1967 لتعذر الحل على نقاط أخرى. أما حل الدولة الواحدة فهو الكفيل بحل كل نقاط الخلاف المستعصية مثل اللاجئين والقدس والحدود والإقتصاد والموارد الجوفية. وهذا هو الحل الوحيد الذي يدرأ الخلاف للأبد وهو ليس بحلم وهو يقوم على مبدأ المساواة في الحقوق السياسية والمدنية للأفراد”
إذن هو يبدأ تعليقه بالتأكيد على استحالة حل الدولتين على ارض فلسطين واحدة فلسطينية عربية والثانية يهودية إسرائيلية .
وعلى أية حال هو لم يكلف نفسه عناء الشرح ، ولكنه إعتبر هذه المسلمة البديهية ركنا مفتاحيا للتبشير بحل الدولة الواحدة للفلسطينيين واليهود على أرض فلسطين وبدأ على الفور في تعداد حسنات هذا الحل كما لو كان قيد التحقيق أو محققا. أي أنه قفز عن البحث في كيفية تحقيقه وادوات تحقيقه .
وبين أن من حسناته بأنه ” الكفيل بحل كل نقاط الخلاف المستعصية مثل اللاجئين والقدس والحدود والإقتصاد والموارد الجوفية.”وهو حتي لم يذكر بأن اللاجئين سيعودون كما يؤكد دوما أصحاب مثل هذه الأفكار التعيسة .
وكانت أمل القاسم قد داخلت في ذات الموضوع مدافعة عن حل الدولة الواحدة : “حل الدولتين يحرمنا من اجمل المناطق في فلسطين وحل الدولة الواحدة يتيح لنا حرية البقاء على اي بقعة نشاء ويتيح لنا التواصل الجغرافي والديمغرافي واستخدام الموارد المتاحة حتى ولو كان مع شريك اخر والمهم انه هذا الحل لو فيه خير للاسرائيليين ما رفضوه بشدة فلست ادري لماذا بعض الفلسطينيين يرفضوه بشدة ويتمسكوا بحل الدولتين على مساحة صغيرة جدا من فلسطين ؟”
كما نلاحظ، هي اتبعت ذات المنهج ، حيث كرست موقفها من حل الدولتين وذكرت مساوئه بأنه سيكون على مساحة صغيرة جدا من فلسطين للفلسطينيين وأنه سيحرمنا من أجمل المناطق في فلسطين ، وأخذت في تعداد محاسن حل الدولة الواحدة :” يتيح لنا حرية البقاء على اي بقعة نشاء ويتيح لنا التواصل الجغرافي والديمغرافي واستخدام الموارد المتاحة حتى ولو كان مع شريك اخر”وحاولت أن تدعمه بقولها :” والمهم انه هذا الحل لو فيه خير للاسرائيليين ما رفضوه بشدة”
وكان ابراهيم جوهر قد أثار الموضوع مع أصدقاء صفحته حيث كتب :” دولة ديمقراطية واحدة لكلا الشعبين…أمس سمعت المصطلح فأعجبني !!!ولتذهب الدولتان لشعبين إلى الجحيم .. أو إلى حيث لا أدري . وقائع جديدة فرضتها سياسة الاستيطان والحصار دفعت لتغيير الشعارات..
دولة واحدة… بتّ أقتنع بالفكرة”
وهنا كذلك كانت فكرة إبراهيم جوهر مبنية على تراجع حل الدولتين ، وأن وقائع جديدة فرضتها سياسة الإستيطان والحصار دفعت لتغيير الشعارات ، وانتقل على الفور يقول ” دولة واحدة .. بت أقتنع بالفكرة “
لقد اقتنع بالفكرة من باب الإعجاب” …أمس سمعت المصطلح فأعجبني !!!” كما روى بنفسه ودون حتى ان يذكر محاسنها ، هو فقط تأثر بالوقائع الجديدة التي فرضتها إسرائيل في الضفة الغربية من إستيطان وحصار ..
إنني بصدد كتابة تعليق ورد على كراسة أحمد قطامش ” التسوية الجارية “الصادرة عن مركز منيف البرغوثي عام 2001 والفصل الأخير في كراسته” أضواء على المسيرة اليسارية الفلسطينية ومقاربات أخرى “الصادرة عن مركز منيف البرغوثي عام 2005م
في تلك الكراستين منافحات وشروحات عن الدولة الواحدة . لذلك فإنني هناسأتناول الموضوع في حدود ما هو مطروح في المداخلات .
جميع من كتب يبدأ دوما بإثبات فشل شعار الدولتين لشعبين بصيغه المختلفة التي تناولها الكتاب والساسة منذ سبعينيات القرن الماضي .
لا بد من الإشارة هنا أن أصحاب فكرة الدولتين لشعبين قد نافحوا عنها بكل ما لديهم من قدرات بلاغية وشطحات فكرية وإحساس بالعجز والهزيمة لشعارات تحرير فلسطين من النهر الى البحر وعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم وطرد اليهود من فلسطين إلى الأماكن التي أتوا منها أو إلى حيث يشاؤون .ولكن الكثيرين منهم طرحوا فكرة الدولتين لشعبين خدمة صريحة ومباشرة لإسرائيل والصهيونية وتساوقا مع المشروع الصهيوني الهادف إلى استعمار كل فلسطين وجعلها مقرا ودولة لليهود كما أرادت الإمبريالية الغربية وكما عبرت عن إرادتها بوعد بلفور الصادر عن بريطانيا عام 1917 مؤيدا من الدول اوروبية وأمريكا في ذلك الوقت وكما نص صك الإنتداب الصادر عن عصبة الأمم في 1922م
ذلك أن هذا الشعار ومنذ صياغاته الأولى كان يعني تخلى أصحابه عن أراضي فلسطين التي احتلت عام 1948م تخليا فعليا دون شروط ولا مقابل ،وهذا جوهر الأمر ، وبعد ذلك المطالبة بإنسحاب إسرائيلي عن أراضي إحتلتها إسرائيل عام 1967 وأقصى ما يعنيه عودة إسرائيل إلى حالها كما كان قبل الخامس من حزيران ‘ وأن تقام دولة فلسطينية على أراضي الضفة والقطاع .
إن الشق الثاني هو عبارة عن مطالبة لا غير بينما الشق الأول وهو لصالح إسرائيل قد تحقق على الفور واعترف أصحاب هذا الشعار بصياغاته المختلفة بأحقية اليهود في أراضي فلسطين المحتلة عام 1948م .
لكن هناك مسألة شديدة الأهمية ولا يجوز إغفالها تتعلق بالإعتراف بإسرائيل سواء من خلال طرح الشعارات والأفكار الذي يمارس من قبل القوى والأفراد والكتاب أو الإعتراف الرسمي الذي يمارس من قبل الهيئات الرسمية.
في كلا الحالتين فإن هذا الإعتراف يتضمن حقيقة وليس إفتراضا ، يتضمن الإعتراف بكل ما فعلته الصهيونية من أجل إقامة إسرائيل فيما يتعلق بالإستيلاء على الأراضي وتهجيرر الشعب الفلسطيني عن وطنه وإقامة المستوطنات ، وحقها في تملك هذه الأرض وحرمان الفلسطينيين منها وحقها في رفض عودة اللاجئين .فلا يمكن الخلط في هذه الأمور . إن الإعتراف بإسرائيل لا يقف عند حدود الموقف السياسي والدبلوماسي كما لو كان شعبا على ارضه الخاصة واقام دولته الوطنية ..إن إسرائيل التي يعترف بها هؤلاء قامت عن طريق حروب وسياسات إستعمارية استولت خلالها على أراضي الغير وجمعت عليها المستوطنون من كل أقطارالأرض وقضمت الأراضي من أيدي أصحابها وأقامت عليها المستوطنات وبنت دولتها هذه .
إن للإعتراف بإسرائيل تبعات أخرى إذن ليس كالإعتراف بدولة اليابان مثلا بل بإسرائيل ذات الخصوصية المذكورة واعتراف كذلك بدورها العدواني في المنطقة وبمنزلتها في الإقليم ومنزلتها بالنسبة للدول الغربية التي أنشأتها وكذلك تساوقا تاما مع وعد بلفور وصك الإنتداب وهما الأساس السياسي والقانوني لإنشاء وإقامة دولة إسرائيل على أراضي فلسطين التي حددها الإنتداب البريطاني مكلفا منة عصبة الأمم .إن هذا الأساس القانوني والسياسي لم يتغير بنتيجة طرح شعار الدولتين لشعبين بصيغه اللفظية المختلفة ولم يتغير حتى الآن كما أن إعتراف هيئة الأمم المتحدة بإسرائيل بدون حدود عام 1948 قد أبقى على هذه الأسس وهي قائمة حتى اليوم .
ماذا يعني فشل حل الدولتين من وجهة نظر أصحابه ؟
إنه يعني وفقط يعني الإنتقال إلى شعار حل الدولة الواحدة والإنخراط فورا في تعداد محاسنه وصفاته والترحم على شعار الدولتين بحكم الإستحالة كما يقولون .
في السابق أجادوا وأبدعوا في طرح محاسن الإعتراف بإسرائيل على حدود 1948 وما ينتج عنه من إقامة دولة فلسطينية مستقلة لشعبنا وتخليصه من اللجوء وحفظ كرامته وتخليص الأرض من إسرائيل حتى أن بعضهم قد طالب بإقامة دولة فلسطينية مسلحة ومقاتلة من أجل تحرير باقي فلسطين وأن من يرفض هذا الحل هو عدمي أو يرفض من أجل الرفض أوإنما يرفض تحرير جزء من فلسطين الذي سيقوم بدوره بتحرير الجزء الآخر..
المقصود انهم كانوا يطرحون عددا لا حصر له من المزايا كما لو كان الشعار محققا مع أن الشعار لم يكن أكثر من جمل مصاحبة لفكرة التخلي عن أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 والإعتراف بإسرائيل .( كان العرابون يطلبون من القيادة أن تعترف بإسرائيل فقدمت الإعتراف في حينه بهذه الصيغة).لا بد من الإستمرار في نقد التجربة الفلسطينية وتبيان حقائق الأمور وفصل الزيف عن الحقيقة .
واليوم تقول واحدة بأن من مزايا هذا الحل أننا نستطيع الذهاب إلىى كل مكان في فلسطين ( وقد كنا نستطيع ذلك قبل أوسلو وبعد حرب عام 1967. أليس هذا صحيحا؟ )
وينصب الكثير من الطرح على عودة اللاجئين وعلى التشارك في الثروة والحكم …الخ
إن هذه المزايا هي عبارة عن أقوال مصاحبة لفكرة الإعتراف بحق اليهود في كل فلسطين والتوقف حتى عن مطالبتها بالإنسحاب من الضفة والقطاع .
فلسان حالهم يقول”كتب الله ما كتب ولا راد لما كتب إفعلوا بنا وبأرضنا ما تشاؤون”.
مع طرح فكرة الدولة الواحدة من قبل أصحابها يكون الطارحين قد إعترفوا بإسرائيل على كل أرض فلسطين . يكون هذا الإعتراف قد تحقق ، ويصاحبونه بمطالبات لا داعم لها مثل عودة اللاجئين والمشاركة في الحكم وربما يتخيل بعضهم نفسه ضابطا في حرس الحدود ويضاجع نساء يهوديات جميلات .
إن هذه المطالب هي عبارة عن عبارات مصاحبة للإعتراف بوعد بلفور وصك الإنتداب وما يمنحانه لليهود وإسرائيل من حق في جلب مزيد من المستوطنين وقضم مزيد من الأراضي وإقامة مزيد من المستوطنات والإعتراف بكل النظم والقوانين الإسرائيلية التي تؤيد ذلك بما فيها استخدام القوة العسكرية لتكريس استيلاء الإستيطان على أراضي جديدة كلما شاءوا .
قد يقول قائل :” لا أبدا أبدا أبدا ..”إن هذا القائل إنما ينسج لنا فكرة تتناسب مع الخيال دفاعا عن تواطؤ وتنازل عن ارض فلسطين وحق الشعب الفلسطيني
إن فلسطين تتحرر فقط بالنضال والقتال.
أما المهزومون فلهم رأي آخر وأما المثقفون الذين يضخون الهزيمة ونتائج الهزيمة في عروق الشعب فهم خدم الإستعمار والصهيونية وهم مثقفوا الهزيمة والبترو دولار وأموال ال:إن جي أوز .
” “إنهم واثقون تماما أن “أنصار الحقيقة ” أي ال:إن جي أوز ، “وأنصار السلم “أي العملاء والمرتزقة و”عليّة القوم ” أي القيادات المتهالكة ، كل هؤلاء سيسمحون بتمرير هذه المقاولة، فكلهم طابور واحد فيها وكلهم قابضون ومتساوقون ومتعاونون ومتآمرون”.