وهو ما لم يره الصهاينة العرب
عادل سمارة
ملاحظة: هذه ما كنت أود قولها على شاشة المنار، ولكن وقت الفضائيات شحيح رغم رحابة الفضاء!
ليست هذه السطور تفصيلا للتاريخ الطويل والخطير لصهيوني حقيقي. يشبهه البعض بالنازي مع ان العكس هو الصحيح.
عاش شارون ومات كصهيوني تماماً وقد يكون مصير الكيان شبيها لمصيره، صعود درامي دموي، موت سريري ثم موت حقيقي.
كان حلم شارون تحويل اليهود من اللامكان، ومن زعمهم أنهم منفيون ” أكذوبة المنفوية لليهود” تحويلهم إلى احتلال فلسطين وتحويلها إلى وطن لهم. اليهود لم يكونوا منفيين، فالعرب يهود البلدان العربية على حالهم وأكثريتهم الساحقة لم تكن في فلسطين. أما يهود العالم فمنتشرون في بلدانهم القومية الأم تماما كما ينتشر كثير من المسيحيين والمسلمين في مختلف بلدان العالم. وإلا كيف يمكن اثبات أن إشكنازي روسي كشارون هو من مدينة الخليل مثلا!!!!
ليس شارون وحده النازي كما يشاء البعض. نعم هو القائل: “لا أخجل أن أكون نازياً” وهذا يؤكد ان الصهيونية حالة مركَّبة من النازية والرأسمالية المازومة. وبالطبع الصهيونية وليدة الراسمالية كذلك. وإذا كان شارون كذلك، فماذا عن أشهر المؤرخين الجدد الذين أطلقوا على انفسهم “ما بعد الصهيونية” اقصد المؤرخ بني موريس الذي كتب:” إنني أؤيد طرد الفلسطينيين فبغير هذا لن تُقام دولة إسرائيل”. ما الفارق إذن بين المؤرخ والجنرال ؟ كلاهما سفاح في مجاله. تذكرنا ما بعد الصهيونية بمآسي مختلف المابعديات.
لم يكن شارون اسطورة جرأة وعبقرية كما يزعم الصهاينة العرب. فالكيان الصهيوني الإشكنازي لم يكن ليوجد لولا الفكرة الراسمالية الغربية في حقبة الميركنتيلية نابعة من مارتن لوثر وإبان توسع هولندا التجاري (بالمناسبة هولندا مقاول بناء السجون لسلطة اوسلو-ستان- تمويل إنساني جدا!!!). التقطت الرأسماليات الغربية الفكرة ووصلت بها إلى تجنيد وتسليح وتدريب وتمويل وحتى الدفاع عن العصابات الصهيونية المجلوبة إلى فلسطين لتقيم دولة الكيان.
اشتهر شارون بمذبحة قبية 1953، فقتل 63 مدنيا وهدم 45 بيتاً. وهذه بوسع أي لص ان يفعها طالما أنه مسلح وخصمه أعزل. واي سلاح غربي مع الصهاينة حينها واليوم! والشيىء نفسه عام 1956 ضد المصريين والفلسطينيين.
وتطبيقا لنظريات عسكر راس المال في قمع الثورات الشعبية وخاصة كميونة باريس حيث اكتشف هؤلاء أن الأحياء الضيقة والشعبية تعيق وصول الدبابات إلى مواقع ثوار المدن، تطبيقا لهذا وليس “ابتكارا” من شارون قام بتدمير معظم مخيم رفح للاجئين الفلسطينيين 1970 وجعل شوارعه واسعة ومستقيمة، أما أكواخ اللاجئين فتضائل حجمها!!! (زرت المخيم 1975 ونشرت في جريدة الفجر تحقيقا عنه. وهي الزيارة التي حملها لي في قلبه رجل فلسطيني من المخيم وحينما سافرت إلى لندن للدراسة بدون منحة تمكن من تشغيلي محررا اقتصاديا في جريدة العرب).
كانت أثمن هدية للكيان الصهيوني أن رفض السادات في حرب اكتوبر المجيدة للجيشين العربيين السوري والمصري، رفض السادات عبقرية الفريق الراحل سعد الدين الشاذلي بأن يغلق ثغرة الدفرسوار حيث قال للسادات مع وصول اول 5 دبابات بوسعي التقاط شارون كفأر. ورفض السادات هذا إلى جانب الجسر الجوي التسليحي الأمريكي للكيان هو الذي سمح لشارون بتوسيع الثغرة والظهور بمظهر من اخترق الجبهة المصرية هذا الموقف الساداتي والأمريكي هو الذي أكد نية السادات في حرب تحريكية، بينما الجيش المصري يقاتل لحرب تحريرية. موقف السادات كموقف النظام الهاشمي في العراق في حرب 1948 حينما اضطر الضباط العراقيون للقول للفلسطينيين في جنين: :ماكو أوامر:!!
من لا يستطيع في عام 1982 قتل ثلاثة آلاف أعزل فلسطيني ولبناني؟ شارون قام بذلك وبشير الجميل كان السكين (وهو ابن مؤسس الكتائب بيير الجميل الذي زار هتلر وتاثر به) شكرا لكريم بقرادوني الذي غير توجه الكثيرين في الكتائب باتجاه الوطنية اللبنانية والعروبة. هل يصح قولنا إن هذه المذبحة كانت النسخة الأولية لتبرير وتسويق وترويج ومديح المذابح في سوريا ؟ لم يتبدل الكثير: مبدأ ذبح العرب على يد العرب وبإشراف صهيوني أمريكي.
شارون أدرك محدودية الكيان
من الغباء أن تتهم خصمك بالغباء، ومن الغباء أن تغفو بناءً على ذلك. لم يكن شارون غبياً، فهو كعسكري يملك رؤية تقدير ما هو قادم. فحينما كانت المقاومة اللبنانية عام 1998 على مشارف تحرير الجنوب، أدرك شارون بأن التوسع الجغرافي الصهيوني وصد حدوده وهذا لا يعني التخلي عن المخطط الصهيوني من الفرات إلى النيل. لذا توجه شارون للمستوطنة اليهودية الراسمالية البيضاء بالقول: صادروا اكثر مساحات ممكنة من الضفة الغربية” ولذا قام ببناء عشرات المستوطنات وخاصة عام 2000. ولكي يؤجج حُمى الاستيطان دنَّس الأقصى وكانت الانتفاضة الثانية التي يعيب عليها الطابور السادس الثقافي والمابعديوين وكثير من الأكاديميا والمطبعين بأنها استخدمت السلاح!!! ولكن التي على أثرها عاد شارون ليسأل روح سيده جابوتنسكي الذي اشار عليه ثانية، شيدوا الأسوار على الغيتو الواسع فكان الجدار عام 2002. وليس غريباً أن تقيم الولايات المتحدة جدارا بينها وبين المكسيك كي لا يتسرب فقراء المكسيك للعمل في اقتصادها، فهي حين الأزمة الاقتصادية يشبع راس المال من التهام أيدي عاملة حتى رخيصة. وليس غريباً قط أن تقيم أسرة أل سعود جدارا في وجه فقراء اليمن وأن يقيم حسني مبارك جدارا حول غزة. هل هي مدرسة واحدة؟
إذن هنا تكمن قدرة شارون على التقاط محدودية الكيان على ضوء صعود المقاومة. ومن هنا، مقابل أن هرب باراك بجيشه من الجنوب اللبناني هرب شارون بمستوطنيه من قطاع غزة، وإن كان على شكل إعادة انتشار.
هل كان شارون عبقريا حينما وسع حملة اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية؟ وهل جاء بجديد على الصهيونية والغرب الراسمالي؟ بالطبع لا. وحتى ليس جديداً اغتياله لبشير الجميل (كما كتبت Time Magazine) فكثيرا ما تتخلص العصابات ممن لم يعد مفيدا، وكثيرا من الأنظمة هي عصابات. ومن يدري متى سيتخلصوا من بندر بن سلطان؟
تقديس المجرم وشيطنة الشرفاء
يعتبر الكيان الصهيوني الإشكنازي أن شارون وهو إشكنازي من روسيا البيضاء، يعتبرونه بطلاً. وهذا في كيان صهيوني أمر طبيعي. ولكن، كم من العرب والفلسطينيين يتذكر العديد من أبطال الدفاع العربي عن فلسطين والوطن العربي؟ من يتذكر الفريق عيد المنعم رياض الذي استشهد في الجبهة خلال حرب الاستزاف التي أعاد بها عبد الناصر ثقة الجيش المصري بنفسه وأهلته لحرب اكتوبر. ومن يتذكر الفريق سعد الدين الشاذلي بطل حرب اكتوبر التحريرية من قبل الجيش والتحريكية من قبل نظام السادات! ومن يتذكر الضباط السوريين الأربعة الذين شاركوا في حرب اكتوبر واستشهدوا في السنة الأولى للحرب المعولمة على سوريا على يد تخطيط السفارة الأمريكية وتنفيذ الإرهاب بتفجير في دمشق؟ ومن يذكر بطولات المقاومة اللبنانية وخاصة حزب الله في تحرير الجنوب؟ ومن ينتبه إلى محاولات الكثيرين شيطنة السيد حسن نصر الله؟
من شاء أن يفهم معنى استدخال الهزيمة فهو في شيطنة هؤلاء الأبطال وكل مقاتل شاركهم وقادوا تضحياته، هو الهزيمة بعينها. وخطورة الهزيمة في درجتها الثانية، اي قرار المهزوم الشغل عند من هزمه!!! إنها الصهيونية العربية، هي أخطر من شارون بلا مواربة.