يرموكيات 2 (الفارق بين شارون وبندر)
كما أشرت في أكثر من مرة بأن شارون وهو أكثر غُلاة الصهيونية نهبا للأرض وضمن ذلك تاريخه في التهجير وهدم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وخاصة مخيم رفح وذبح ثلاثة آلاف فلسطيني ولبناني في مخيمي صبرا وشاتيلا، لكنه مع ذلك تمكن من قراءة مؤشر المرحلة الذي يبين على ضوء انتصارات المقاومة بأن فرص التوسع الصهيوني جغرافياً لم تعد ممكنة وتحديداً لأن فرص العدوان المجاني على سوريا ولبنان وغزة لم تعد بلا كلفة بل نتائجها هي الهزائم وفي افضل الأحوال العجز عن تحقيق الهدف.
ولكي نضع الأمور في نصابها فإن شارون يمثل مؤسسة سياسية اقتصادية عسكرية إيديولوجية عدوانية من الطراز الأول والأخطر، بمعنى أنه لا يفكر وحده رغم مغامراته المنفردة والتي كثيرا ما فشلت ولا سيما في حرب 1973 ؟؟ ناهيك عن نتائج عدوان 1982 على لبنان والمقاومة الفلسطينية.
بالمقابل، فإن بندر لم يدرك حتى بعد ثلاث سنوات من العدوان المعولم على سوريا بأن فرص تحقيق نصر لهذا العدوان ليست مطروحة. وبمقابل استلام شارون لمؤسسة كانت قد حققت عدوانا كاسباً في موقف وهزيمة في موقف آخر، فإن بندر قد تسلم دوراً يحمل علائم الهزيمة. ومع ذلك ضرب راسه في الصخرة السورية.
ولكنه في مستوى آخر شارك شارون الهدف الأساس وهو تقويض المخيمات الفلسطينية كمقدمة ضرورية لتصفية القضية الفلسطينية واستعان بالفاشية الكتائبية لتقوم بالمذبحة، أما بندر فيستعين بفاشية الدين السياسي الوهابية وهو ما نراه اليوم في مخيم اليرموك.
وربما كان الفارق الأساس بين الإثنين أن شارون عسكري محترف، بينما بندر ليس متخصا في الاستراتيجيا ولا التكتيك العسكريين. هذا على المستوى الفردي أما على المستوى المؤسساتي فشارون ينتمي إلى مؤسسة عنصرية عدوانية منظمة، بينما بندر ينتمي إلى مؤسسة إيديولوجية ثأرية من مخلفات قروسطية مما يدفعه إلى الثأر الحاقد وليس إلى تكتيك انسحاب الجنرال المغلوب.
ربما الأهم من كل هذا أن شارون يمثل مؤسسة لها موقع الحظوة لدى السيد الأمريكي حيث تقوم بدور خدمة الاستراتيجيا الأميركية العدوانية وفي النهاية النهبوية في الوطن العربي، بينما بندر يمثل مؤسسة (إن جاز التعبير) هي تابعة للسيد الأمريكي وتدفع له ثمن حمايته لها من شعبها ووسطها العربي.
مات شارون، وفهمت الصهيونية الدرس، ويبدو أن بندر باتجاه الذهاب عبر زعم علاجه في امريكا، وقد يُقتل هناك كما قُتل عمر سليمان كي تترسب اسراره القذرة من راسه وقلبه إلى بطنه. ولكن ربما لم يفهم الصهاينة العرب (ومنهم آل سعود) ما فهمه الصهاينة اليهود!!! ومع أخبار ذهاب بندر دخلت بعض المواد الغذائية إلى مخيم اليرموك مما يؤكد ان حياة الفلسطيني تشترط غياب أدوات العدو الأميركي.
● ● ●
المليون الأول والموافقة الأولى (يرموكيات)
في ثقافة المجتمع الأمريكي وهي راسمالية تقوم على التدويخ الإيديولوجي اللبرالي يقول ناقدوها فيما يخص نقدهم للاستغلال والثراء اللصوصي المغلف بالديمقراطية يقولون: “لا تسألني عن المليون الأول”. بمعنى ان كل الثروة قامت على عملية الاستغلال الأولى او النهب او التقشيط أو السرقة الأولى. وبعدها يصبح صاحب هذه الثروة بليونيراً، رجل دولة عضو كونجرس ، رئيساً، وزيرا مدير شركة متعدية الجنسية جنرالا، وسيط مفاوضات مثل كيري، مبعوثة لتوليد “ثوار” الربيع العربي مثل هيلاري كلنتون التي أنجبت “اولاد هيلاري”…وهكذا. لاحظوا ان ابرز من خطب في ميدان التحرير كانت هيلاري والشيخ القرضاوي!!!!
في حالتنا العربية وخاصة الفلسطينية يقولون، ولكن بهمس ودلال وغنوجة: “لا تسألني عن ال نعم الأولى! ال نعم الأولى مقصود بها حينما يستسلم هو او هي لسلطة ما، قائلا/ موافق!!!!. هي سلطة نظام عربي قومي او نفطي متوحش، سلطة الكيان، سلطة مخابرات غربية، سلطة منح دراسية، سلطة تجارة تهريب، سلطة تمويل أنجزة،…الخ. في النهاية لا فرق وربما تفتح جميعها او بعضها على بعضها البعض.
بعدها يصبح هو او هي، رجل أعمال، محسن كريم، سيد قومه، عضو برلمان، محاضر في جامعة، رئيس دولة، صاحب فضائية، مالك لحزب، وزيرا، مفكرا عربيا وفلسطينيا…الخ
المسكين من بين هؤلاء هو من تنكشف أوراقه أي حين يطلب منه سادته ان يكشف اوراقه فيوافق دون اعتراض لأنه كخاروف العيد. والخطير هو من لا يُطلب منه كشف أوراقه. وهنا يحارُ الناس بمعنى أن سلوكه يوحي انه (وافق) لكن المماسك عليه ليست ملموسة.
لعل أوضح مثال على الحالة الأولى كان عزمي بشارة وأوضحها على الثانية هو حسني مبارك.
عزمي بشارة حالة مفيدة للقراءة بمعنى أن مخابرات الكيان الصهيوني بالتأكيد عرضت على كل فلسطيني تجاوز الخامسة عشرة أن يتعامل معها، باي نوع من التعامل. واي فلسطيني يُعتقل أو ربما يُستدعى ويقول لم يعرضوا عليه يكون ربما قد (وافق) وربما نفي العرض لأنه ضعيف يخشى أن يُشك فيه. ولذا قد لا يكون قد وافق. لكن من يغطي على بشارة هم حاملي الطيب وهم من الكثرة بمكان، إنهم الطابور السادس الثقافي الذين يهرولون إلى الدوحة بلا انقطاع كالصوائف والشواتي. خطورة المثقف بأنه “يوافق” بوعي.
أما مبارك فتغطي عليه الثورة المضادة التي امتطت الحراك العربي مما يقارب على الإفراج عنه، هذا رغم أن خراب مصر أوضح من حريق روما على يد نيرون! وعليه يبقى السؤال: ترى: متى وافق مبارك؟ الذي اصر على دوره في تدمير مصر وخدمة الكيان حتى وهو على راس الدولة!!! وما اكثر المبارَكين والمبارِكين؟؟؟
● ● ●
المذهبية، البحرين الجزر الثلاث وفلسطين!!!
في حديث للسيد محمد حسنين هيكل عن البحرين والجزر الثلاثة يقول بأن الحكام العرب وافقوا على التنازل عن الجزر الإماراتية الثلاث مقابل موافقة غيران الشاه على أن تحكم البحرين الأقلية السنية! (انظر الرابط أدناه).
بعيدا عن دقة معلومات هيكل أو عدم الدقة هناك نقطتين في غاية الإهمية إن صح قوله:
الأولى:فقط قومية الطبقات الشعبية هي الحقيقية: إن مثل هذا الاتفاق يؤكد أن كثيراً ممن يلتزمون بالموقف القومي هم في اكثر من موقف قُطريين! ومأخوذون بالمحاور اكثر مما هم ملتزمون بمشروع قومي. وأعتقد أن حديث هيكل صحيح، لأن نفس هؤلا ء الحكام العرب منعوا عبد الكريم قاسم من استعادة الكويت ولننظر ان النتيجة ضيع العراق في النهاية. وهذا يعني وجوب وضع المسألة القومية على أرضية التحليل الطبقي المادي وبأدوات الاقتصاد السياسي بمعنى ان القومية الحقيقية هي قومية الطبقات الشعبية ذات المصلحة في الوحدة والاشتراكية.
والثانية: خطر نخشاه في فلسطين: فإن تنازل دولة او دول عن أرضها لا يعني إلزام الشعوب بذلك. يمكن للمعاهدات ان تتعلق بالتجارة، بطرق مرور وحتى بصراعات حدود…الخ.
لكن أخطر ما ورد في حديث هيكل هو أن المذهبية هي التي كانت وراء ذلك الاتفاق (إن حصل) وهو منح السلطة للأقلية (المسماة) سنية مقابل الجزر لإيران. إذن ما نراه اليوم من وحشية مذهبية ليس جديداً، بل هو سرطان كامن وبرعاية الحكام العرب!! وهذا ما يبرر حرب المذاهب على سوريا وجميعه يصب في مصلحة الولايات المتحدة والغرب والكيان الصهيوني. ومن جهة ثانية من يعود إيمانه الرهيب بالمذهبية إلى الستينات، لماذا لا يقف اليوم مع يهودية الكيان الصهيونية وبالتالي يكون مصير فلسطين كمصير الجزر الثلاثة؟ وإذا كان هذا موقف الحكام العرب في فترة الصعود القومي فكيف موقفهم اليوم في فترة الصعود المذهبي والطائفي. كل أرض هي لأهلها وليست لمن يحكمها او يحتلها بغض النظر عن اية تحالفات. يمكن في فترة ما “تنويم” ملف ما ولكن ليس قتله. وعلينا ان نتذكر ان حكام الخليج ليسوا افضل من إيران بل إيران افضل بمليارات المرات، ولكن الحق في الأرض لا يتم التنازل عنه ب “بوس اللحى”. إن كان حديث هيكل صحيحاً فأخشى أن يهودية الدولة ستصبح شعار الحكام العرب. وهذا يفتح على إقامة دول سنية وشيعية وزيدية واباضية ومارونية…الخ. والأكثر طرافة من ينادون بدولة لكل المسلمين، وهذا يحمل كذلك في طياته ان يقول اليهود ونحن نريد دولة لكل اليهود. وهكذا يسقط الجميع في خدمة الكيان الصهيوني الإشكنازي.
هيكل يتحدث عن مساومة عربية ايرانية في الستينات قضت بالتخلي عن الجزر الاماراتية لقاء اعتراف ايران…
● ● ●
دولة … ولم تسقط راية سوريا
في الأرض المحتلة ليس المطلوب التضامن مع لاجئي اليرموك بل المطلوب التضامن مع أعداء سوريا بل مع القاعدة. من لم يعرف هذه القاعدة وبالتالي يحمل علم سوريا يُضرب ويُعتقل. وول الغيث شابان من بلدة صفا من عائلة كراجة. هذا يجري في بداية 2014. وقد يكون هؤلاء وأولئك أحفاد من كانوا 1– يهتفون للوحدة المصرية السورية في خمسينات القرن الماضي ويستمعون لراديو صوت العرب، 2- ومن كانوا يعتقلونهم ويضربونهم ضرب غرائب الإبل. لكن التاريخ يقول جديداً، صدقوني أن يوم مجيىء سوريا إلى رام الله يقترب كثيرا في يرموك جديدة.
::::
صفحة الكاتب على الفيس بوك