عادل سمارة
من بين مقررات الأمم المتحدة بقيادة الغرب الرأسمالي تم تسليم ملف اللاجئين الفلسطينيين لكندا!!! طبعاً لم يكن هذا خيار اللاجئين الفلسطينيين! وطبعاً لم يجرؤ اي حاكم عربي ولا قيادة منظمة التحرير الفلسطينية حتى وهي في “عزِّها-إن حصل” على طلب تخليص هذا الملف من ايدي سلطات كندا. بل اليوم يبارك رئيس سلطة أوسلو-ستان دور كندا في قضية اللاجئين، وهو دور يتركز في تهجير اللاجئين إلى كندا نفسها!. فهي في خدمة يهودية الكيان وإبعاد الفلسطيني حتى عن قارة آسيا كما أنها بحاجة إلى عبيد.
كندا مستوطنة راسمالية بيضاء وعنصرية ابادت أهل البلاد الأصليين دائماً. ما من حرب دخلتها الولايات المتحدة إلا وكندا جزءاً منها. وما من قرار عنصري للولايات المتحدة إلا وكندا أول المؤيدين وخاصة ضد فلسطين والدول العربية. لذا، غامرت بأدب الكتابة واسميتها “مؤخرة أمريكا الضخمة جدا”. واليوم يزور وزير خارجية كندا الكيان الصهيوني ويتحدث باحتقار ليس لساستنا اليوم بل بكذب عن تاريخنا ويكرر هذيان مثقفين وساسة غربيين منذ قرون عن صحراء أرض كنعان. وهؤلاء ليسوا جهلة بل كذابين ببساطة ولا شك أن هذا الكذب هو بثمن مالي أو عنصري إيديولوجي. ولست أدري ما قيمة شعب لم يتظاهر ضد تدنيس هذا الوغد لأرضنا!!!أو على الأقل لم يقصف ممثلية كندا بكل الأحذية. لعلي استذكر هنا صرخة عبد الرحمن الكواكبي!
إثر مؤتمر مدريد 1991 (كاساس لكارثة أوسلو) تم تنشيط لجنة اللاجئين كإحدى اللجان المنبثقة عن مؤتمر مدريد وكان تنشيطها تجديداً لتصفية قضية اللاجئين ومن ضمن ذلك تهجير اللاجئين إلى كندا. لن اذكر هنا اسماء الأكاديميين الفلسطينيين وخاصة من جامعة بير زيت الذين شاركوا في هذه اللجنة ولن أذكر التنظيم الذي ينتمي أغلبهم إليه (أترك لهم جرأة ذكر اسمائهم/ن)، بل اذكر فقط د. إيليا زريق وهو أكاديمي من المحتل 1948 يعيش في كندا، كان ولا يزال شديد الحماسة لتوطين اللاجئين في كندا.(سألني عام 1997 لماذا لا تهاجمني من دون المطبعين؟ قلت له لن أمنحك ذلك، وها أنذا أمنحه إياه اليوم).
وهو نفسه شارك في مؤتمر الدوحة الذي عقده عزمي بشارة في شهر ديسمير 2013 وهو مؤتمر يؤسس لتقويض منهجي للقضية الفلسطينية. وتكفي قراءة الفقرة التالية مما صدر عن المؤتمر:
“…ووجه العديد من الباحثين والأكاديميين والسياسيين والناشطين والمتضامنين الدوليين مع القضية الفلسطينية دعوة صريحة إلى إعادة صوغ المشروع الوطني الفلسطيني، على نحو يستجيب لمقتضيات المرحلة وتأخذ فيه أساليب المقاومة والمفاوضات مكانتها المحددة بالأهداف التي تسطر لها، مع بحث أساليب جديدة والاستفادة من تجارب دولية ومنها تجربة مناهضة نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا. ورأى جل المحاضرين والمتدخلين في أعمال المؤتمر أن النهوض بمشروع وطني جديد لن يكتب له النجاح من دون تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنشاء مرجعية واحدة تحتكم إليها القوى الفلسطينية جميعها، سواء بإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية وإصلاحها، أو بإنتاج هيئة مرجعية جديدة”.
باختصار، يهدف المؤتمر إلى “صوغ مشروع وطني جديد”!! هذا يعني أن مشروع التحرير والعودة مشروع قديم ومرفوض. كما يهدف المؤتمر إما “… بإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية وإصلاحها، أو بإنتاج هيئة مرجعية جديدة”.
ما معنى إعادة هيكلة منظمة التحرير على ضوء مشروع وطني خارج التحرير والعودة!. وهذا يعيد إلى الذاكرة تورط الراحل إدوارد سعيد في نفس الموقف بقوله: “يحتاج الفلسطينيون الى تفكير جديد”! قد تكون المرجعية الجديدة تجديدا لما حاوله عزمي بشارة مع بلال الحسن ومنير شفيق قبل سنوات!!!
وما معنى الأخذ بالمقاومة والمفاوضات. طبعا كلمة مقاومة قد تعني لا مقاومة قطعاً، وربما تعني إقامة قرية باب الشمس بتمويل الأنجزة وبحصول كبار محركيها على تنسيق أمني من مخابرات الكيان وسلطة أوسلو-ستان. لذا يجمع مؤتمر الدوحة بين “المقاومة” والمفاوضات. هذا بعد 20 سنة من مفاوضات وصلت الآن إلى وضع اتفاق إطار جوهره تهجير اللاجئين إلى كندا وقطر التي بعد مؤتمر الدوحة بشهر اعلنت انها سوف تستجلب 20 ألف فلسطيني! فهل هذا يؤسس للمقاومة؟
هذا يؤسس لورقة عباس شبلاق في مؤتمر الدوحة هذا، الذي يبحث دائماً عن كيفية تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، الرجل متخصص تصفية. شبلاق هو مؤسس مركز “شمل” عن اللاجئين في رام الله بدعم من جامعة أوكسفورد التي أسست معهدا لهذا الغرض منذ عام 1984، وبعض تمفصلاته الآن محاضرات في جامعة بير زيت، أدعوهن لقول الحقيقة. أما د. اسعد عبد الرحمن حينما مُنح ملف اللاجئين في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وبمساعدة ابو مازن فانقلب على شبلاق واغتصب المركز. لكن شبلاق تمسك (يعطيه العافية) بتجنيس الفلسطينيين حسب الدول المتواجدين فيها أي تصفية مجانية!!
“…طالب الباحث الفلسطيني عباس شبلاق الدول العربية بمنح اللاجئين الفلسطينيين المقيمين على أراضيها جنسياتِها؛ لأنّ حرمانهم الجنسيةَ يؤدّي إلى حرمانهم حقوقَهم الإنسانية في التنقل، والعمل، وغير ذلك.. “(كل المقتطفات من موقع عرب 48 الذي يملكه عزمي بشارة “قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني” ينهي أعماله نضال محمد وتد، تاريخ النشر: 10/12/2013). ملاحظة: اعتقد ان الكاتب هو نجل السيد محمد وتد الذي كان أحد اعضاء حزب العمل الصهيوني)
اليرموك واللاجئون:
هذه المواقف والمؤامرات على شكل مؤتمرات تفرض السؤال التالي:
ما السبب وراء قيام كل هؤلاء بفصل قضية مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بل كل العدوان على سوريا عن القضية الفلسطينية وخاصة في علاقة فلسطين والكيان الحتمية بما يدور ضد سوريا؟
كيف يمكن الحديث الهائل عن فلسطين والصراخ المدوي عن مخيم اليرموك والبحث عن “صيغ جديدة” للقضية الفلسطينية وترحيب رئيس سلطة أوسلو-ستان بموقف كندا رغم أن وزير خارجيتها كان شديد الوقاحة والعنصرية؟
كيف يمكن حصول كل هذا دون ان يجرؤ أحدا على القول: إن المكان الطبيعي لتحريك أو تحرك اي لاجىء هو إلى فلسطين المحتلة 1948؟
والمفترض أن الطريق الآن سهل. الا يتدفق مقاتلو داعش والقاعدة للعلاج والتدرُّب في فلسطين المحتلة؟ ألم يخرج مقاتلون إسلاميون من المحتل 1948 إلى سوريا؟ لذا، لماذا لا يجرؤ احد على القول بأن طريق لاجئي اليرموك وكل اللاجئين الفلسطينيين إلى المحتل 1948 (حتى لو من تركيا إلى حيفا، كما دخل غزيون إلى سوريا عبر غزة) وليس إلى كندا لكي يُساموا هناك سوء العذاب وسوء البرد! ألا يعرف هذا عزمي بشارة وعباس شبلاق وإيليا زريق؟ و 300 ممن حضروا مؤتمر الدوحة من المتدربين الصغار على التطبيع إلى الضالعين في خدمة الصهيونية من بينهم؟
من أطرف ما لاحظت ان بشارة خضر في تزلفه للاتحاد الأوروبي يعود أكثر من 20 سنة للوراء ليشتم انظمة اوروبا الشرقية بدل ان ينقد طرفي أوروبا! والأطرف حديث كاتب هندي ظفر الإسلام خان، يتشكى من احتقار الكيان لبلاده؟ عجيب، هل هذا ما نريده لدعم شعبنا؟ إذن لأن هذا هو قدر عزيمتك فأنت بحق تستحق الدعوة إلى هكذا مؤتمر. هل هو مؤتمر بكائيات معولمة!
أما العذر الأقبح من ذنب، فهو قول مارك أوته مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية البلجيكيّة:
“… بأنَّ دول الاتحاد الأوروبيّ بعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، لم تكن تريد أن تقاطع حكومة حماس، مشيرًا إلى أنَّ السلطة الفلسطينية في رام الله هي التي طلبت مقاطعة حماس، وبذلك لم تكن الجماعة الأوروبيّة تملك أيّ شيء؛ لأنّ السلطة هي التي “أوقفت الحوار(نفس ا لمصدر)”.
لأول مرة نفهم بأن الاتحاد الأوروبي الضليع في نهب المستعمرات وذبحها يخضع لأوامر سلطة أوسلو-ستان؟ ترى هل شعر الحضور بأن الرجل يحتقرهم؟ وهل اشتبك عريقات واسامة حمدان على هامش حديثه؟ بالطبع…لا وكلا.
والأكثر طرافة أن بشارة خان معلمه إدوارد سعيد فدعى إعجاز أحمد الذي نقد بشدة إدوارد سعيد، ولكن ربما لأن عزمي في لحظة غرام مع التروتسكية التي تقف في صف الثورة المضادة ضد سوريا ومصر!