عادل سمارة
مشهد انتفاضي معكوس تماماً. أثناء ممارستهم رياضتهم الطبيعية أمس قتل المستوطنون فلسطينيا! فقد ملَُّوا لأنهم لم يمارسوا متعة اللعب بدم الخراف الفلسطينيين منذ فترة. تدفق شباب يغلقون المحال التجارية بشعور من له حق إصدار الأوامر. هذا لم يعجب الحزب الوحيد المنظم وهم جنود السلطة فامتلأت المدينة باصوات حجارة الشباب ضد رصاص “الأمن”.
ماذا يفعل شباب في بلد بلا تنظيمات تقوم بدورها الوطني والاجتماعي سوى أن يبادروا بإغلاق المحال التجارية بالقوة؟ ولماذا بالقوة؟ لأن المظهر الوحيد لتبيان الغضب هو إغلاق السوق كي ترى ذلك وسائل (الإعماء) والتجار هم الفئة الأقل مبادرة وطنية والأكثر مبادرة ربحية. بل يرون بأنهم لماذا يدفعون وحدهم الثمن! وربما في هذا لهم حقاً، فالأموال التي تُدفع باسم مساعدة الفلسطينيين لا تصلهم بل تصل طبقة جديدة تحكم البلد إلى حين طرد شعبنا نهائياً فتكون هذه الطبقة قد جمعت ما يكفيها في الشتات الجديد. هكذا يمكن للتاجر المعترض أن يقرأ المشهد وهو يعلم أنه حين الطرد أو الإنزياح الذاتي لن يحمل محله وبضاعته بينما يتم تحويل الأموال إلكترونيا، هذا غذا لم تُحول قبل وصولها إلى هنا!
ففي زمن المبادرة العربية التي تتبرع بفلسطين للكيان الصهيوني، وفي زمن تحمل سلطة الحكم الذاتي وجميع منظمات منظمة التحرير هذه الجريمة وتطالب بتطبيقها، وفي زمن يقف رئيس سلطة الحكم الذاتي بوضوح ليقول ممنوع حمل واستخدام السلاح وبأن السلطة تنسق أمنيا مع امريكا وإسرائيل!!!
·
https://www.facebook.com/photo.php?v=10152144021454350
أي مع العدوين المركزيين للفلسطينيين والإنسانية، في هذا الزمن يصبح ما يقوم به الشباب طبيعياً. ويصبح إطلاق النار فوق رؤوسهم أيضا طبيعيا لأن هذا الرصاص لم ينطلق إلى المستوطنين الذين يتمتعون بدم الفلسطيني بانتظار ذبح مخيم الجلزون بأكمله ذات يوم.
قد يستغرب البعض هذا القول، ولكن من له بعض العقل، إن نسي فليسأل جيل النكبة الأولى عن المذابح التي قام بها جيش المستوطنين في كل قرية فلسطينية ومدينة، وليسأل عن الاغتصاب والنهب. وإن تخيل أن جده يبالغ فليقرأ أرشيف قيادة جيش العدو أو كتاب إيلان بابيه (التطهير العرقي لفلسطين) الذي دوَّن بهدوء الكثير وليس كل شيىء. أقول هذا لأن جميع طلبتنا لا يعرفون قط عن هذا وتجهيلهم يتم بشكل مقصود وخطير، فما بالك بالطبع بالطلبة العرب!
قد تكون مذبحة الدوايمة نموذجية لأمرين:
الأول: لأنها تماما كما يحدث في سوريا: طعن رجال حتى الموت ونساء مغتصبات ومدفونات أحياء في بيوت مهدومة، وجماجم اطفال محطمة”
والثاني: أن هذا لا يزال ممكنا بل متوقعاً في بقية فلسطين.
ما الذي يمنع؟ فكل جرائم الصهيونية لم يُجلب ايا من قادتها لأية محكمة دولية. بل إن الملايين الستة من المستوطنين جميعهم مجرمي حرب لأنهم جميعا مارسوا الدخول غير الشرعي لوطن غيرهم وقتلوا واغتصبوا ونهبوا واستوطنوا ولم يتوقفوا. بينما تم تدمير يوغسلافيا لأسباب أقل بكثير مما حصل في فلسطين ويحصل وسيحصل.
ما الذي يمنع، وإطلاق النار في رام الله يحصل ضد من يعترض على القتل بالمتعة؟
ما الذي يمنع، ومعظم الحكام العرب يؤكدون على شطب حق العودة وعلى بقاء الاحتلال في “دولة اوسلو-ستان” المستقلة. بل ويتخاصم الأردن وسلطة أوسلو-ستان على التقرب من الكيان زُلفى!!!
ما الذي يمنع ورافضو اوسلو يملأون أل فيس-بوك عنتريات ولا يجرؤون على التضحية برواتب موظفيهم في هذه السلطة.
ما الذي يمنع، والمقاتلون الفلسطينيون يغادرون الأرض المحتلة ليقتلوا السوريين باسم “الله أكبر”.
حين يرى المستوطنون هذه الصورة، لماذا لا يتمتعوا بالقتل؟
حين يصوغ كيري خريطة تصفية يتسابق الحكام العرب على توقيعها والفلسطيني في مقدمتهم، لماذا لا تكون متعة القتل.
قد يكون هنا موضعاً لأربعة أمور اساسية:
· كانت كارثة 1948 حربا غربية راسمالية بامتياز ولم يكن الصهانية ليوجدوا لولا هذا الغرب ولا يزال. فلم تكن الحرب مع الصهاينة وحدهم، لذا كان الصهاينة اقوى من كل العرب تسليحا وتدريبا وحتى اكثر من جيوش العرب. وبالطبع كانت الأنظمة العربية تعيينات غربية.
· في محاولات صد كارثة 1948 اختلط دم الجندي والمتطوع المصري والسوري واللبناني والعراقي والتونسي والجزائري والمغربي بدم الفلسطيني.
· أما اليوم، فالمواطن العربي مغيَّب تماما عن فلسطين وحتى المواطن الفلسطيني نفسه، ولا يصل فلسطين اليوم سوى المطبعين العرب وشنان بين متطوع ومطبع!.
· وإذا كان الحكام العرب 1948 يزعمون انهم ضد الكيان، فالحكام اليوم عرابون لحماية الكيان وتركيع ما تبقى من الفلسطينيين.
وأخيراً، قد تتضح الصورة المعتكرة أعلاه حين نرى كندا واستراليا كمستوطنات بيضاء تفتح كل واحدة فكيها لابتلاع اللاجئين الفلسطينيين، ولا من معترض !!!!