تقييم من خلال المسارات الديمقراطيّة
والاجتماعيّة والوطنيّة
محمد صالح التّومي
منسق شبكةالجبهوين المستقلين/الجبهة الشعبية
اختار المجلس التأسيسي بعيد انتخابه يوم 23 أكتوبر 2011 أن ينطلق في كتابة الدّستور الذي كلّفه به الناخبون ممّا أسماه ” ورقة بيضاء ” وهو اختيار خاطئ لأن عبارة ” الورقة البيضاء ” تعني عدم الاعتراف بالمنجز السّابق ومحاولة للقطعية مع المكاسب الكميّة – مهما كانت نسبيّة – التي حققها الشعب بنضالاته على الدرب الطويل لانعتاقه عبر مختلف مراحل تاريخه.
ولقد توضحت بالفعل و بمرور الأيّام عدم جدّية هذا المسعى كما تجلّت من خلاله نزعات فئوية وأنانية كان لابدّ للقوى الديمقراطية من لجمها ومقاومتها ، فهذه النزعات هي التي أظهرتها من ناحية أولى الزيادات في المنح والرّواتب لأعضاء المجلس التأسيسي (ألغتها المحكمة الإدارية) ومحاولات هؤلاء الأعضاء إدراك جرايات التقاعد بتمطيط مدّة كتابة الدّستور ، كمحاولات الحصول من قبل البعض على التعويض عن سنوات النضال الذي هو أساسا عمل تطوّعي ؛ كما أبرزتها من ناحية ثانية المساعي المحمومة الهادفة إلى تمرير نصوص تشريعيّة نكوصية هدفها العودة باسم قراءة مغلوطة وملغومة للإسلام إلى مؤسسات قروسطيّة أراد الواقفون من وراء تمريرها أن يحصلوا على نفس الامتيازات التي كان يحصل عليها أسلافهم الإقطاعيون المعتمدون على الفكر الجبريّ المناهض لكلّ حريّة للعقل البشري بهدف نفي أفق التقدّم وتأبيد استغلال المحرومين والمعدمين من أبناء الشّعب ما تجلّى في إحياء سلبيّات الأنظمة التعليميّة القديمة التي نادى الطلبة الزيتونيّون منذ سنة 1911 بتجاوزها ، وفي محاولة إحياء كوارث عدم المساواة بين النساء والرّجال والرجوع إلى سلبيّات مؤسستي الأحباس والأوقاف.
ومن المؤسف هنا أنه كان لابدّ لتونس من أن يتسلط القمع على أبنائها (أحداث الرش بسليانة ، قمع إحياء ذكرى 9 أفريل 1938 – سنة 2012 ،وذكرى اغتيال الشهيد الخالد فرحات حشّاد – 4 ديسمبر 2012) … وأن تدفع دماء زكيّة جديدة ( دماء الشهداء شكري بلعيد ومحمد البراهمي ومحمد بالمفتي والجنود والأمنيين البواسل بالشعانبي وقبلاط وسيدي علي بن عون ) حتى يقبل الماسكون بالسلطة بتقديم تنازلات محسوبة ومصحوبة بمناورات مختلفة هدفها التموقع في أفضل المواقع بالنسبة إليهم عند إجراء أية انتخابات قادمة توسّلا بالسّعي الحثيث إلى السيطرة على مفاصل الدّولة مستعملين في هذا السبيل نفس ممارسات الاستبداد والفساد والمحسوبية والعمالة للأجنبيّ التي قاومها الشعب وانتفض من أجل إزالتها ذات17 ديسمبر 2010 ،
ولعله من حسن حظ تونس – مهما كان الأمر نسبيّا عند النهاية – أن كان لها مجتمع مدنيّ وقعت مساع حقيقية وصادقة إلى توحيده وتنظيمه وصولا في ظلّ ميزان القوى الواقعي داخل المجتمع إلى تشكل ما وقعت تسميته بالرّباعي والمتكوّن من الإتحاد العام التونسيّ للشغل والرّابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنيّة للمحامين والإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والحرف التقليديّة ، وهو الرّباعي الذي قاد تجربة عسيرة في ما سمّي بالحوار الوطنيّ الذي دعمته في حدود الحفاظ على مصالحها أوساط ماليّة ودبلوماسية أجنبية ،وقد عمل هذا الرباعي على تجنّب مآسي الصّوملة والحرب الأهليّة والإفلاس الماليّ ، وهي مآس – مهما كانت مفتعلة ومخطط لها في بعض جوانبها – قد خيّمت بالفعل بظلال كثيفة وقاتمة السّواد على حياة شعبنا.
لا يعني هذا أن التحرّكات الشعبيّة كانت غائبة بل إنها ظهرت بجلاء في الاحتجاجات المفاجئة والجبّارة في حجمها التي انطلقت مثلا للتنديد بعمليتي اغتيال شهيدي الجبهة الشعبيّة شكري بلعيد ومحمد البراهمي ، ولكن تلك التحرّكات لم تصادف مجتمعا سياسيّا معارضا منظما كما ينبغي ضرورة أن مختلف القوى السياسيّة لازالت بصدد التبلور وبصدد رسم ما يمكن أن يجمع أو يفرّق بينها ، وهي لئن ساهمت في التأطير النسبيّ لهذه التحرّكات الشعبية فإنه لم تبرز من بينها الفعاليّات والقوى التي كان بإمكانها الارتقاء إلى قيادة هذه التحرّكات بالكيفيّة اللاّزمة تحقيقا لأهداف الانتفاضة المنادية بالشغل وبالحريّة وبالكرامة الوطنيّة أي إلى تحقيق أهداف الانتفاضة بأبعادها الاجتماعية والوطنيّة والديمقراطيّة.
في ظلّ هذه الظروف جميعها وأحيانا بتدخل واضح من قوى الهيمنة الكونيّة ولكن دون أن ينفى هذا ومن جديد ضراوة الصراع الداخلي أو أن يحجب حجم التضحيات الجديّة التي وقع تقديمها من قبل المجموعات والأفراد انخرطت الأطراف الماسكة بالحكم بصورة لافتة للنظر في عمليّة تسريع وتائر تحرير الدّستور والمصادقة التوافقيّة على بنوده متنازلة رغم زرعها لبعض الألغام التي تنوى استغلالها مستقبلا عن أهمّ ما كانت تطمح إليه ألا هو إقامة الدّولة الدينيّة بصورة صريحة لا لبس فيها ، ويبدو أن هدفها من وراء كلّ ذلك وخاصة بعد التغييرات الحاصلة في المشهد السوري ( معركة القصير ) والتطورات المتسارعة في المسار المصريّ (30 جوان 2013) إنما كان تجنّب سقوط البيت على رأسها والحفاظ قدر المستطاع على موقع في الحكم بعد الخروج من الحكومة متوسّلة بالظهور أمام القوى العظمى الحاكمة للكون بمظهر القابل بقوانين اللعبة الدّيمقراطيّة كما تنادى بها تلك القوى ما يعتبر من قبلها ونظرا لصراعاتها الدّاخليّة الحادة مضيّا إلى أقصى حدّ في خطابها المزدوج في انتظار أيّام قد تكون أفضل بالنسبة لمشاريعها المسطّرة في اجتماعات المنظّمة العالميّة للإخوان المسلمين بلاهور وباسطنبول أو بغيرها من الأماكن الأخرى.
و إذ تمّت يوم 26 جانفي 2014 ( في يوم يعتبر ذكرى أليمة بالنسبة للطبقة العاملة ببلادنا ) المصادقة على الدّستور الجديد فإن بنود هذا الدّستور تقتضي منّا وقفة ولو عاجلة لتقييمه ولإبداء الرأي فيه.
والحقيقة أنه لا يهمنا هنا تقييم هذا الدّستور من خلال المسارات التي رسمتها خارطة الطريق التي أقرّها الحوار الوطنيّ بقدر ما يهمنا النظر إليه من خلال المسارات التي رسمتها انتفاضة 17 ديسمبر 2010 – 14 جانفي 2011 ألا وهي المسارات الدّيمقراطيّة والاجتماعية و الوطنيّة.
ويمكن القول هنا إن بنود الدّستور الجديد قد تضمّنت في البعدين الدّيمقراطي والاجتماعي جملة من المكاسب التي لم يكن من السهل الوصول إليها ، ما يشرّع لبعض مظاهر الابتهاج المرافقة لإقرارها وهكذا يكون من واجبنا ذكر بعضها وقوفا عند أهميّتها وهي تتمثل حسب قراءاتنا فيما يلــي :
1. إعلان الطابع المدنيّ والجمهوريّ للدّولة بالفصلين الأول والثاني من الدستور مع الإعلان عن عدم جواز تعديل هذين الفصلين.
2. تدعيم حرّيات الفكر والإعلام والحراك الثقافيّ
3. خلق توازن معقول في النظام السياسيّ بين السلطتين التنفيذيّة والتشريعية والإعلان عن الطابع الجمهوريّ لمؤسستي الجيش والأمن.
4. وضع لبنات جديدة في برنامج تحرّر المرأة استكمالا لمشروع تحرّرها الذي بدأ مع الطّاهر الحدّاد.
5. إحداث محكمة دستوريّة ، وهي من المكاسب التي لا يستهان بها في هذه المرحلة التاريخيّة.
6. تمكين السلطة القضائية بعد لأي وصراع شاق من درجة أعلى من الاستقلالية.
7. دسترة المحاماة كرمز لمؤسسة الدّفاع اعترافا بالدور التاريخي لهذه المهنة.
8. دسترة حق الشغل والحق النقابيّ والحق في الصحة وفي التغطيّة الاجتماعية والحق في العدالة الاجتماعية وفي التنميّة المستدامة والمتوازنة بين الفئات والجهات والحق في الماء وفي بيئة سليمة ونظيفة.
9. بعث جملة من الهيئات الدّستورية المستقلّة وهي هيئة الانتخابات وهيئة الاتصال السمعيّ والبصريّ وهيئة حقوق الإنسان وهيئة التنميّة المستدامة وحقوق الأجيال القادمة وهيئة الحوكمة الرّشيدة ومكافحة الفساد.
10. توسيع صلاحيّات السلط المحليّة اعتمادا على آليّات الديمقراطيّة التشاركيّة مع فتح الإمكانيّة أمامها لإنشاء شراكات فيما بينها وللانضواء صلب مجلس أعلى.
إن جملة هذه المكاسب التي وقع إقرارها بل افتكاكها أحيانا والحقّ يقال ، يمكن اعتبارها وعن جدارة لبنات هامّة ومكاسب كمية بمقدورها أن تحسن حياة الشّعب وتنأى بأفراده عن مطبات الفساد والاستبداد ، ويبقى من الضروريّ فقط حراستها ورعايتها والعمل على ترسيخها وتطويرها في واقع الحياة المعيش وإزالة بعض الألغام الموضوعة حاليا أو التي يمكن أن توضع مستقبلا في طريقها لأنه لا عبرة عند النهاية بحقّ لا يجد طريقه إلى النفاذ كما سبق أن قال هذا رجل فذّ في تاريخ حضارتنا ألا وهو عمر بن الخطّاب.
ولكن الذي يستحق منّا أن نقف عنده و بكلّ وضوح بعد هذا كلّه ، إنما هو المسار الوطنيّ في الدّستور وهو المسار الذي يجب التعامل معه كمسار معلن عنه ومطلوب أثناء انتفاضة شعبنا.
وهنا فإنه لئن نصّ الدّستور في فصله الأول على مبدأ السيادة فإنه لم يتضمن أيّة آليّات عملية لمراقبة ومنع أيّ انحراف في هذا السبيل وقد كان مرجوّا أن يقع التنصيص على هيئة دستوريّة مستقلّة لمراقبة مدى استقلال القرار الوطني ولسنّ السبل الكفيلة بتحقيق ذلك ، ولكن هذا لم يقع ،
والأنكى من ذلك أنه في حين بات مفهوما أن لا إمكانيّة في تحقيق تنمية فعليّة ومستقلّة عن نهب الدّوائر الأجنبية دون القطع مع العلاقات العموديّة التي تفرضها الاحتكارات العظمى على أقطار الوطن العربيّ وتطوير علاقات بينيّة وأفقيّة بين مختلف أجزائه وصولا إلى تحقيق الوحدة القوميّة لأمّة ضروريّة ممنوعة بفعل العوائق الهيمنيّة من الوصول إلى هدفها…… فإن الدّستور الجديد اكتفى في فصله الخامس بالتنصيص على ” اتخاذ كافة التدابير التي تضمن تجسيم وحدة المغرب العربيّ ” دون التنصيص على ضرورة تلك التدابير بالنسبة لوحدة الوطن العربيّ ، وهكذا بقي الحديث عن تحقيق الوحدة العربية في طيّات التوطئة التي جاء بها أن دعم الوحدة المغاربية يعتبر خطوة نحو تحقيق الوحدة العربيّة دون جعل هذه الوحدة الأخيرة مشمولة تحت عبارة : اتخاذ كافة التدابير العمليّة الضامنة للتجسيم.
ولعلّه يمكن التغاضي إلى حدّ ما عن هذا النقص والتعويل على حيويّة الفكرة القوميّة وضروريتها لتجسيد ذاتها مستقبلا بناء على ما جاء بالفصل 145 من الدستور الذي نصّ على أن توطئة الدستور تعتبر جزءا لا يتجزّأ منه ، ولكنه هناك نقطتان لابدّ من الوقوف عندهما بقوّة وبوضوح :
- أولاهما تلك الموجودة بالإيجاب بالفصل 73 من نصّ الدستور الجديد الذي جاء به أن الترشح لمنصب رئيس الجمهوريّة حق لكل ناخب أو ناخبة تونسي الجنسيّة منذ الولادة ، دينه الإسلام ، ويشترط في المترشّح يوم تقديم ترشحه إذا كان حاملا لجنسيّة غير الجنسيّة التونسيّة ، أن يقدّم ضمن ملفّ ترشّحه تعهّدا بالتخلّي عن الجنسيّة الأخرى عند التصريح بانتخابه رئيسا للجمهوريّة ، وهذا الفصل يفتح الباب على مصراعيه أمام إمكانيّة أن يتبوأ منصب الرئاسة أشخاص لا يحملون ولاء كاملا لتونس ولتاريخها ولانتمائها العربيّ الإسلاميّ فلا يمكنهم تحقيق ما نصّ عليه الفصل 72 من أن رئيس الجمهوريّة هو رئيس الدّولة ورمز وحدتها والضامن لاستقلالها.
فهل سنرى مستقبلا شخصا بعد مجرّد إعلانه عن اعتناق الإسلام دينا وحضارة في آخر لحظة ويحمل جنسية أوروبيّة وأمريكيّة وحتى إسرائيلية يتقدّم لمنصب رئاسة الجمهورية متعهّدا فقط بالتخلّي عن جنسيته الأخرى هذا إذا كان له جنسيّتان لا غير؟
فهذا الفصل يحمل إذن مخاطر أكيدة من واجبنا التنبيه إليها لأنه وكما هو معروف هناك على سبيل المثال 200 ألف إسرائيلي ( أي صهيوني … والصهيوني لا يعني اليهوديّ )لازالوا حسب الأخبار المتواترة يحملون الجنسيّة التونسيّة فما هو الشيء الذي سيمنع بعضهم من إعلان إسلامهم أمام مفتى ديارنا ومن التعهّد بالتخلّي عن الجنسيّة الإسرائيليّة عند فوزهم بالرّئاسة ثم بذل المال الكافي الذي لن يعوزهم للوصول إلى هذا المنصب؟
إن هذا الفصل تفوح منه روائح عولمية لا نقاش فيها وقد يؤكد وجود تدخل من قريب أو من بعيد للإتحاد الأوروبيّ في صياغته باسم ضمان المواصفات الدّيمقراطيّة الكونيّة وهو التدخل الذي لئن كنا لا نملك أيّة حجّة على وقوعه فإن تواتر الإشاعات حوله تجعل الإنسان قابلا لتصديق وقوعه … ألم يسبق للمؤسسة العالميّة للأنظمة الانتخابية ( آيفاس – IFES) ) أن تدخّلت في صياغة القانون الانتخابي الذي انتخبنا بموجبه مجلسنا التأسيسيّ … ولم يقع الاعتراف بتدخلها إلاّ بصفة لاحقة … ؟ فما هو الشيء الذي يمنع اليوم من وجود تدخلات من هذا القبيل مهما خفيت عن أنظارنا راهنا؟
ولماذا لم يقع الإبقاء على صيغة – تونسيّ الجنسيّة أبـا عن جدّ – الموجودة بدستور 1959 بل وتحسينها عند اللزوم ؟ أليست هذه ثمرة مرّة من ثمار “الورقة البيضاء” التي كنا أشرنا إليها بطالع حديثنا؟
- أمّا النقيصة الثانية فهي موجودة بالسلب وهي تتمثل في عدم الاستجابة لمطلب أكيد من مطالب انتفاضة شعبنا ألا وهو مطلب تجريم التطبيع مع الكيان الصهيونيّ.
ومن المفهوم بداهة هنا أن هذا المطلب لم يقع رفعه بروح عنصريّة معاديّة لمعتنقي الدّيانة اليهوديّة لأن اليهود إخوان لنا في الإنسانيّة وهم في تراثنا العربيّ الإسلاميّ أهل كتاب ، فلهم دينهم كما لشعبنا دينه ، ولكن الصهيونيّة تختلف تماما عن اليهوديّة وهي كما نصّ عليها القانون الدّولي فكرة عنصريّة أدّت بمعتنقيها إلى افتكاك أرض عربيّة وتشريد سكانها الفلسطينيين وتقتيلهم والتنكيل بهم ، وهكذا فقد كان تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني ضرورة لا بدّ منها ، أما عدم التنصيص عليه بالدّستور فهو خطيئة عير مقبولة بالمرّة خاصّة وقد ترافق ذلك فيما يبدو مع زيارة مشبوهة أدّاها المسمّى نوح فلدمان لرحاب مجلسنا التأسيسيّ ، و نوح فلدمان هذا هو رجل قانون أمريكي الجنسيّة صهيونيّ الميول والهوى وقد كان مستشارا لدى بريمر ذلك الذي نصّبه الأمريكان حاكما على العراق بعيد احتلالها سنة 2003 وينسب إليه (أي إلى فلدمان) دور في صياغة الدستور العراقي كما في صياغة الدستور الأفغاني قبل ذلك، فذلك ما أوحى إلى الكثيرين بأن زيارته لتونس قد تكون تتويجا لتوافقات سابقة تمت مع منظمة آيباك الأمريكية ( وهي جزء من اللوبي الصهيوني بتلك البلاد ) … كان أجراها بعض قادة أحزابنا السياسيّة عند زيارتهم لأمريكا وتقديمهم بموجب تلك التوافقات تطمينات في خصوص عدم تجريم التطبيع ،
وبعيدا عن هذا التخمين ألا يجدر بنا التوقف عند ما ورد بموقع الصدى – نات بتاريخ 5 أكتوبر 2013 من أقوال نقلتها القناة السابعة الإسرائيلية منسوبة إلى الجنرال عاموس يدلين الرئيس السّابق لشعبة الاستخبارات العسكرية بالكيان الصهيوني و جاء فيها على لسانه : إن شعبة الاستخبارات العسكرية تمكنت من نشر شبكة لجمع المعلومات في تونس قادرة على التأثير السلبيّ والإيجابي في جميع المجالات الاجتماعية بهذه البلاد … وإن شخصيات وأحزاب تونسيّة على علاقة مباشرة أو غير مباشرة بهذا الجهاز الإسرائيلي ( ….)
ألهذا – إن صح قوله – تنفخ بعض وسائل الإعلام الغربية في صورتنا وتتكلّم عن النموذج التونسي الناجح ؟ فهنا بالضبط نرى من واجبنا أن نختم وأن نقول : إن نجاحنا لا يتطابق بالضرورة مع نجاح غيرنا … وإنه من واجبنا والحالة ما ذكر رسم حدود واضحة بين نجاحنا و نجاحهم.