عادل سمارة، فلسطين المحتلة
خيار النظام الأردني مضاد للعروبة دوماً وبالضرورة. فشرط الوجود يحدد الدور. هذا ما رسمته بريطانيا منذ 1921 وتتم رعايته من امريكا وكل الغرب حتى اليوم. لقد تم اجتزاء الأردن ليكون سوراً شرقيا للكيان الصهيوني. ولم تنقطع العلاقات بين النظامين قبل ومنذ وجودهما.
ربما يفسر هذا دور الأردن الحالي ضد سوريا، وهو الدور الأخطر بين مختلف أدوار شركاء الحرب على سوريا. فالأردن ملاصق جغرافيا لسوريا، وهو محظة تجارب لكافة أنواع السياسات والاستراتيجيات الأمريكية ضد الأمة العربية، لذا هو اليوم مركز تدريب وتجميع مختلف اصناف الإرهابيين من قطر والسعودية وباكستان وغيرها. ولأنه على علاقة مع الكيان الصهيوني الإشكنازي منذ ولادة الكيان والقطرية الأردنية فهو يوفر للكيان دوره الأمني والتدريبي والتسليحي واللوجستي في خدمة الإرهابيين. ولا غرابة أن يتم تدريب إرهابيين داخل الكيان نفسه عبر العلاقة الجغرافية بين الأردن والكيان. فمن يستقبل جرحى إرهابيين لا شك قام بأكثر من ذلك بكثير.
وبعلاقته بأمريكا والغرب عموماً، فالأردن مسرح يجرب فيه الغرب كافة اشكال التدريب والتسليح والتخطيط وتوزيع أدوار الإرهابيين في حربهم جميعا ضد سوريا.
إن الحشد الإرهابي الصهيوني المعولم على اراضي الأردن ومساهمة الأردن فيه سواء بفتح المعسكرات كمعسكر السلط ومطار المفرق وإقامة مهابط لطائرات الدرونز الأمريكية او المشاركة في تدريب الإرهابيين وتجنيدهم يشير إلى أن المعركة القادمة هي معركة استراتيجية مقارنة بالسابقات اللواتي يمكن وصفهن بالهجمات التكتيكية.
وليس بالصحيح اعتقاد كثيرين بأن الإعداد للحرب الجديدة هو لأجل تعديل ميزان القوى لخدمة جنيف 3.
لم يتغير هدف تدمير سوريا وإسقاط النظام القومي هناك، وهو هدف يجمع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والنظام الأردني والسعودي والقطري والإماراتي والتركي. وقوى الدين السياسي وخاصة الإخوان المسلمين ويجمع مثقفو الطابور السادس الثقافي والكثير من القوى اليسارية وخاصة التروتسكية التي هي صهيونية في معظم عناصرها بل ومختلف قوى الثورة المضادة.
إن الحرب على سوريا هي حرب على العروبة بلا مواربة، ومن هنا تجد معظم الأنظمة القُطرية العربية بأن انتصار سوريا يعني انتهاء فترة وجودها ولو بعد حين. بهذا نتحدث عن حكام وطبقات وفئات مرتبطة بالأجنبي، لا تؤمن بالوطن، ولا تراه سوى مكاناً يمكن إخلاؤه أو تأجيره .
وهذا يعيد إلى الأذهان مسألتين:
الأولى: إن الانفصال بل التصادم بين مصالح وارتباطات الحكام العرب وخاصة الذين يشنون الحرب على سوريا وبين مصالح الأمة العربية هو انفصال مطلق، هو تناقض تناحري بين الشعبي والرسمي. لقد عبر بعض الحراك العربي عن هذا، ولكن الثورة المضادة احتوته إلى حد كبير، واندفعت في هجوم مضاد تركز ضد سوريا تحديداً.
والثانية: مسألة السؤال الكبير والمُحرج، وهو لماذا لا يتحرك الشارع العربي لصالح سوريا بما يليق بحجم التناقض وعمقه وبحجم الاشتباك!!
إنه وبقدر ازدياد صلابة الجيش والشعب والقيادة في سوريا وتحقيق انتصارات قتالية على الأرض وتصالحية شعبياً، وفي الدبلوماسية، حتى لو ببطء لأن الحرب ليست مجرد اشتباك محدود، وبقدر صلابة موقف القطبيات الجديدة وخاصة روسيا رغم قيام الغرب جميعه بفتح جبهة ضدها في أوكرانيا، فإن البطن العربي هو الذي يخذل سوريا بل يعتدي عليها.
وهذا البطن مسؤولية الشعب العربي ليواجهه لأن في هذه المواجهة حماية لكل جزء من الوطن العربي وليس سوريا وحدها.
إن الوقوف مع سوريا أمر ممكن وضروري. فلماذا لا يتم التحرك ضد مختلف مؤسسات وبعثات وسفارات مختلف الدول التي تحارب سوريا؟ لماذا لا يتم تفكيك مفاصل الدولة القطرية العربية التي كما الأردن تعيش بدورها في المشروع الإمبريالي الصهيوني.؟؟؟
يمكننا فهم أهمية وخطورة اللحظة من درجة استشراس الإمبريالية والصهيونية ضد سوريا وعلانية العدوان الخليجي لا سيما السعودي والقطري والإماراتي ودرجة انكشاف موقف النظام الأردني وعلانيته ضد سوريا. فبالنسبة لهذه الأطراف وهي أطراف الثورة المضادة، بالنسبة لها، فإن الحرب هي ضد القومية العرببة باعتبارها خصمهم الذي لن ينكسر، وهو ما يدفعهم إلى خوض حروب ملحمية .فلا نامت أعين من يرفض أن يرى.