عادل سمارة، فلسطين المحتلة
سألني صديق عن مدى تسييس محاكمة مرسي بتهم العلاقة بحماس وحزب الله.
بداية معظم المحاكم سياسية. أحيانا الفساد والرشوة تسيس. السياسات التي تظهر من نظام الخليط تدفع باتجاه لبننة مصر. بمعنى وجود اصابع عديدة تؤثر على النظام، وحرص النظام على بقاء مختلف هذه الأصابع سواء لأن بوسعها الضغط عليه أو لأنه يحاول الاستفادة منها كلها. هل هو الكاسب أم أهل الأصابع هذا غير واضح بعد.
محاكمة مرسي فيما يخص حماس هي مغازلة للكيان الصهيوني الإشكنازي من جهة، وتغذية للشوفينيين في مصر الذين يُقزِّمون هذه الدولة إلى حجم قطر لدرجة تذللهم للكيان، وفي هذا تورط في استدخال الهزيمة. ويهدف هؤلاء إبعاد مصر عن الصراع العربي الصهيوني ولكن هذه المرة ليس لزعم ان الحرب تعيق النمو الاقتصادي فما بالك بالتنمية مثلاً، بل بهدف تحريض الشارع المصري عنصريا ضد الفلسطينيين لأن في هذا التحريض اجتثاثاً لأية اسس قومية. وأعتقد، من بعيد طبعاً، أن هذا تيار عمرو موسى ونظام مبارك (لا أعتقد انه مجرد فلولاً وبالطبع الرأسمالية الطفيلية والكمبرادور والبيروقراطية وحتى جزء كبير من الدولة العميقة التي كانت 40 سنة كامنة في العمق تجاه دور مصر العروبي وتجاه الصراع العربي الصهيوني!!!
وإذا كانت محاكمة مرسي تجاه حماس بهذا الشكل المعيب والمفتقر لمنطق الإقناع، فإن اتهامه تجاه حزب الله مثير لدرجة عالية من الأسى بل الرثاء لنظام يتورط في مواقف بائسةإثباتا لحسن نية تجاه الولايات المتحدة والكيان، تورط بأكثر مما يتطلب هذين العدوين. نمط من أيمان ولاء مبالغ فيها. وطبعاً هو اصطفاف ضد المقاومة بلا مواربة. هذا ناهيك عن أن مرسي كإخواني (وآسف لاستخدام مصطلحات الطائفية البغيضة) هو ضد الشيعة علانية. ألم يغض الطرف عن سحل 4 شيعة حتى الموت؟ إنما الهدف هو الإثبات بأن الخليط ضد اية مقاومة بالمطلق. وخاصة حزب الله.
زج حزب الله في الأمر يعني ان على الحزب أن لا يرسل اية طلقة لقوى المقاومة وليس فقط لحماس، وهنا مربط الفرس. أنها مبالغة هائلة وتطبيق إيديولوجيا الشاطر حسن التي لا يمكن أن تُقنع كل الناس على اختلافهم واختلافاتهم. وهي مؤشر على التجاذبات داخل سلطة الخليط بحيث يُرضي الخليط مختلف مكوناته كي لا يتفسح لأن الإخوان اقوى من كل فريق على حدة. بمعنى ان كل فريق في الخليط ايضا حريص على إرضاء حلفائه في الخارج. منها إرضاء السعودية وأمريكا سواء بتأكيد الابتعاد عن اي شكل أو فريق من المقاومة أو بالمحاكمة أو باستضافة المعارضة السورية من الحقيقيين إلى العملاء، من جهة، ومنها إرضاء الشارع المؤيد لسوريا بعدم التدخل في سوريا كما حاول مرسي من جهة ثانية. وإلى جانب ان هذه كلها لصالح امريكا والكيان، يفتح فريق من النظام خطوط اتصال مع روسيا لتعديل الكفة ما أمكن. وبالطبع، فتمويل صفقة السلاح من روسيا هو من السعودية التي تعادي سوريا وروسيا وإيران معاً!!! وقد يُفهم منها محاولات تعسكر مصري سعودي ضد إيران كما ترغب السعودية. وربما تكون محاولات إرضاء الجميع أو إطفاء الحرائق من اي طرف مقصود به من الطرف الوطني في النظام تأجيل الاشتباكات الخارجية إلى أن يتم تضميد جراح مصر القاتلة. وهو تضميد قد يأخذ أحد شكلين: تضميد مؤقت كتأجيل لوضع انفجاري اي عبر التمول من السعودية والمؤسسات المالية الدولية مع بقاء راس المال الطفيلي والكمبرادوري ناهبا للبلد وغير آبه بمطالب الطبقات الشعبية لا سيما وأن قوة شعبية منظمة لم تتبلور بعد، أو تضميد بمعنى اجتراء سياسات جديدة تتضمن تكميل المرحلة الأولى من التحول إلى ثورة عبر استرجاع ما نهبته الشركات والأفراد من أراضي وتحويل ثمنها لحزينة الدولة وزيادة الضرائب على راس المال وخاصة النهبوي، وتقليص المدى بين الحدين الأقصى والأدني للأجور وسياسات قطاع عام تشغيلية وليس فقط وضعه بيد السلطة…الخ. اي وقف تجريف الثروة ومن ثم تسخيرها لنمط أولي من التنمية بالحماية الشعبية وخاصة على ضوء ان تجويف الوعي لم يعد سلاحاً فعالاً.
ويبدو أن كل هذا متوقف على نتائج انتخابات الرئاسة وحتى البرلمان لاحقاً، اي برنامج سيفوز، هذا إذا كانت الاتتخابات حقيقية من جهة، وإذا كان بوسع الفقراء وصول البرلمان من حيث توفر ناقلات مالية. ويبقى أن الإخوان ليسوا قوة بسيطة والإرهاب في سيناء ليس نائماً، ومن يدفع هذا وذاك يصر على استحقاقات حتى بعد الانتخابات.