كلمة رابطة الكتاب الأردنيين في احتفال

مرور 50 عاماً على الميثاق القومي الفلسطيني

عبدالله حموده 28/5/2014

 

–         عندما عُقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل عام 1897 وكان البحث الرئيسي كتاب هرتزل “دولة اليهود” الذي صدر في 14/12/1896 ووافق المؤتمر الصهيوني على فكرة إقامة دولة لليهود في فلسطين.

–         كتب هرتزل في مفكرته بتاريخ 3 ايلول 1897 “في بازل أسست الدولة اليهودية ولو أنني قلت هذا اليوم لواجهتني ضجة من الضحك وسيراها الجميع ربما في مدة 5 سنين، وبالتأكيد في مدة 50 سنة”.

–         وأصدر المؤتمر قراراً حدد فيه هدف الصهيونية (إن هدف الصهيونية هو أن يتحقق للشعب اليهودي وطن في فلسطين).

–         وكان هرتزل قد قال في كتابه (دولة اليهود): “أما فلسطين فهي وطننا التاريخي الذي لن يُنسى أبداً وعلينا أن نشكل هناك جزءاً من السور الأوروبي ضد آسيا ومخفراً أمامياً للحضارة بوجه البربرية”.

–         وقال أيضاً حول رغبته في إبادة السكان الأصليين ما يلي: “علينا أن ننظم فريقاً كبيراً للصيد يكون مفعماً بالنشاط ليقوم باستدراج الحيوانات وجمعها ثم إلقاء قنبلة شديدة التفجير عليها”.

إن هذا القول لمؤسس الحركة الصهيونية يؤكد الفاشية والنازية والعنصرية التي كانت تسيطر على ذهن هذا الصهيوني في إبادة العرب في فلسطين منذ بداية تفكيره. ومن هنا علينا أن نفهم أن الخطر الصهيوني خطر على الأمة العربية وفي طليعته الشعب الفلسطيني. ولذلك يجب أن يكون الرد عربياً وفي طليعته الشعب الفلسطيني.

في عام 1904 أي بعد سبع سنوات من مؤتمر بازل، صدر كتاب (يقظة الأمة العربية) للكاتب العربي نجيب عازوري وقال فيه: “هناك الآن حركتان، الحركة الصهيونية وحركة الأمة العربية وبينهما صراع تناحري وعلى انتصار أي منهما يتوقف مصير العالم”.

في عام 1916 أعلنت خطة سايكس بيكو الاستعمارية لتقسيم بلاد الشام وكان نصيب بريطانيا الحكم المباشر لفلسطين والحكم الذاتي لشرق الأردن، ونصيب فرنسا سوريا ولبنان. وهكذا تم تمزيق بلاد الشام تمهيداً لتصريح بلفور عام 1917 لإقامة وطن قومي لليهود منسجماً مع قرارات المؤتمر الصهيوني الأول. وفي ظل الحكم البريطاني المباشر لفلسطين تم إصدار القوانين لسلب الأرض وإعطاءها للمهاجرين الصهاينة بتشجيع من بريطانيا المنتدبة على فلسطين وأدخلت تصريح بلفور كجزء أساسي في قرارات عصبة الأمم. وبدأت الهجرة المتواصلة وإقامة المؤسسات الصهيونية تمهيداً لإقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين بقرار دولي في صك الانتداب.

قامت الحركات الوطنية العربية وفي طليعتها الشعب العربي الفلسطيني برفض تصريح بلفور وسايكس بيكو ورفض الهجرة اليهودية إلى فلسطين ولكن الاستعمار البريطاني أصر على مواقفه بالقوة وكانت نتائج ذلك النضال العربي في فلسطين بدءاً من عام 1920 – 1929 ثم عام 1935 الثورة العربية الكبرى والإضراب الكبير الذي استطاع أن يحقق انتصارات هائلة وقدم تضحيات في إضرابه الشهير المستمر لمدة ستة أشهر وجلبت بريطانيا خمسين ألف جندي ولم تستطع الانتصار على الثورة، فلجأت إلى الأنظمة العربي التي خلقتها بعد سايكس بيكو والتي تسيطر عليها بإصدار نداء من الرؤساء والملوك العرب بضرورة إنهاء الثورة والثقة في الصديقة بريطانيا. أي أن هؤلاء الرؤساء رغم معرفتهم الأكيدة بسايكس بيكو وتصريح بلفور اللذان مضى على صدورهما والتطبيق العملي لهما أكثر من عشرين عاماً في تلك الفترة على الثقة بالصديقة بريطانيا أساس البلاء والداء. ومع الأسف الشديد أن القيادة الفلسطينية وافقت على هذا الموضوع مما يدل على التشابه في التفكير بين القيادات العربية الأمر الذي شكل بلبلة هائلة في أوساط الشعب العربي الفلسطيني.

ومما هو جدير بالذكر أن كل تسميات الهيئات في فلسطين في الصراع ضد الصهيونية والاستعمار البريطاني كانت تأخذ الشكل القومي، فهناك اتحاد العمال العرب، والهيئة العربية العليا، والمؤتمرات القومية. ولم يكن هناك ذكر للقطرية الفلسطينية حتى أن عبدالقادر الحسيني قائد الجهاد المقدس والذي استشهد في 8/4/1948 كان ختمه مكتوب عليه (قيادة جنوب سوريا). ونلاحظ في كتب المناضل بهجت أبو غربية أن الصراع كان بين العرب واليهود. وهكذا كان المجاهدون من جميع أنحاء الوطن العربي يشاركون في النضال ضد الصهيونية والاستعمار البريطاني مثل سعيد العاص وعز الدين القسام وأحمد عبدالعزيز ومحمد الحنيطي وقبلهم جميعاً كايد المفلح العبيدات الذي استشهد في العشرينيات مما يدل على وعي الأمة بالخطر الصهيوني.

وبالرغم من تآمر بريطانيا والحركة الصهيونية والنظام العربي القطري إلا أن جماهير الشعب العربي الفلسطيني استمرت في النضال وقدمت آلاف الشهداء والجرحى. وفي النهاية تم إقامة الكيان الصهيوني في 1948 وتهجير أبناء عرب فلسطين.

استمر العدوان الصهيوني على الأمة العربية بعد ذلك في كل الاتجاهات فكانت حرب 1956 وحرب 1967 وتأكد أكثر فأكثر تحالف الكيان الصهيوني مع القوى الاستعمارية.

وفي عام 1964

 

–         تم إنشاء المنظمة في عهد الرئيس عبدالناصر العروبي لتكون منظمة التحرير الفلسطينية طليعة الأمة العربية في النضال لتحرير فلسطين وجزء من الأمة العربية وليست منفصلة عنها.

–         تم تكليف الأستاذ أحمد الشقيري بالتحضير لإبراز الهوية النضالية فعمل بجهد كبير لخلق منظمة تحرير بدعم من الرئيس عبدالناصر واستطاع أن ينشئ منظمة التحرير الفلسطينية على أساس الميثاق القومي لمنظمة التحرير الذي يؤكد على مبدأ التحرير لكل فلسطين، واعتماد كافة الأساليب بما فيها الكفاح المسلح، وخرجت المنظمة للوجود عام 1964

–         أقام الأستاذ الشقيري مؤسسات هامة منطلقة من الميثاق القومي الذي ووفق عليه في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني وأنشأ مؤسسات هامة:

1-   جيش التحرير الفلسطيني

2-   الصندوق القومي

3-   مركز الأبحاث لمنظمة التحرير الفلسطينية

ولكن بعد استلام قيادة فتح لمنظمة التحرير تم الانقلاب الكبير حيث تم تبديل الميثاق القومي بإسم الميثاق الوطني ووصل الأمر إلى حد إضعاف المؤسسات الفلسطينية التي أقامها الأستاذ أحمد الشقيري مؤسس المنظمة. وتبع ذلك سلسلة تعديلات في قرارات المجلس الوطني الفلسطيني مهدت بمجموعها الوصول إلى التسوية الاستسلامية في أوسلو والتي كما نعلم جميعاً في ظل هذه القيادة تمت زيادة كبيرة في الاستيطان، وبدل جيش التحرير تم إنشاء قوى أمنية لمعاقبة المناضلين بتخطيط أميركي (دايتون)، وموافقة إسرائيلية مقابل وعود بحكم ذاتي فلسطيني. وأصبحت المنظمة رهينة التمويل الأوروبي والأمريكي والإسرائيلي (حيث إسرائيل تجمع الضرائب وتعطي ما ترغب للسلطة الفلسطينية) وتم التغيير الكبير في ميثاق المنظمة على ضوء رسالة عرفات لرئيس الحكومة الإسرائيلية رابين والتي نصها:

أولاً من عرفات إلى رابين:

(السيد رئيس الوزراء..

إن توقيع إعلان المبادئ يمثل بداية حقبة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط ومن منطلق اقتناع راسخ بذلك أود أن أؤكد الالتزامات الآتية لمنظمة التحرير الفلسطينية:

تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بحق دولة إسرائيل في الوجود في سلام وأمن.

تقبل منظمة التحرير الفلسطينية قراري مجلس الأمن الرقمين 242 و 338

تلزم منظمة التحرير الفلسطينية نفسها عملية السلام في الشرق الأوسط وحلاً سلمياً للنزاع بين الجانبين وتعلن أن كل القضايا العالقة المتعلقة بالوضع النهائي ستحل عن طريق المفاوضات.

تعتبر منظمة التحرير الفلسطينية أن توقيع إعلان المبادئ يشكل حدثاً تاريخياً يفتتح عهداً جديداً من التعايش السلمي يخلو من العنف وكل الأعمال الأخرى التي تهدد السلام والاستقرار ووفقاً لذلك فإن منظمة التحرير الفلسطينية تنبذ استخدام الإرهاب وغيره من أعمال العنف وستتحمل المسؤولية عن كل عناصر منظمة التحرير الفلسطينية وأفرادها كي تضمن امتثالهم وتمنع العنف وتؤدب المخالفين.

وفي ضوء الوعد بحقبة جديدة وتوقيع إعلان المبادئ وعلى أساس القبول الفلسطيني بقراري مجلس الأمن 242 و 338 فإن منظمة التحرير الفلسطينية تؤكد أن بنود الميثاق الفلسطيني التي تنكر حق اسرائيل في الوجود وبنود الميثاق التي لا تنسجم والالتزامات الواردة في هذه الرسالة هي الآن غير سارية وباطلة. وتالياً فإن منظمة التحرير الفلسطينية تتعهد أن ترفع الأمر إلى المجلس الوطني الفلسطيني للإقرار الرسمي وإدخال التعديلات اللازمة فيما يتعلق بالميثاق الفلسطيني.

المخلص ياسر عرفات – رئيس منظمة التحرير الفلسطينية

9 أيلول 1993

ثانياً: من رابين إلى عرفات. 9 أيلول 1993

السيد الرئيس

رداً على رسالتكم في 9 أيلول 1993. أود أن أؤكد لكم أنه في ضوء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية الواردة في رسالتكم، قررت حكومة اسرائيل الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة الشعب الفلسطيني وبدء مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط

اسحق رابين

رئيس وزراء اسرائيل

وهكذا نجد أن منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة عرفات وافقت على حق إسرائيل في الوجود والأمن وعلى قراري 242 و 338 ونبذ فكرة المقاومة ولا حل إلا بالمفاوضات وأن البنود الواردة في الميثاق الوطني الفلسطيني التي تتعارض مع رسالة عرفات إلى رابين أصبحت لاغية وأن المنظمة ستعدل الميثاق طبقاً لهذه الالتزامات الواردة في رسالة عرفات إلى رابين الذي لم يقدم له أي شيء في رسالته الجوابية على عرفات سوى الاعتراف بمنظمة التحرير.

وهكذا فإن كل الذين وافقوا في اجتماع غزة برفع الأيدي تأييداً لتعديل الميثاق الوطني طبقاً لما جاء في رسالة عرفات إلى رابين وكل الذين ساهموا في قيادة المنظمة في ظل التوقيع على اتفاق أوسلو وما زالوا يعملون في هذا التوجه الاستسلامي للعدو الصهيوني لا يحق لهم أن يكونوا في أي موقع قيادي للقضية الوطنية الفلسطينية.

إن الاحتفال بذكرى مرور خمسين عاماً على إنشاء المنظمة يتطلب منا أن نكون واضحين بإدانة اتفاق أوسلو المشؤوم وقبله اتفاقية كامب ديفد التي فصلت مصر عن الأمة العربية واتفاقية وادي عربة التي قننت لتصفية القضية الوطنية الفلسطينية حيث ورد في البند الثامن من اتفاقية وادي عربة نصاً صريحاً على التوطين.

إن علاقة الفلسطينيين والأردنيين مثل العينين في الوجه الواحد، فهي علاقة قومية ويجب أن يكون البرنامج واحداً في مواجهة الصهيونية باعتبارها خطراً على الأمة العربية وعلى أحرار العالم.

إن ذلك يعني أن نرفع صوتنا لإدانة كل الاتفاقيات مع العدو الصهيوني (كامب ديفيد، أوسلو، وادي عربة) وكل الذين يعملون في كنفها.

إن مرور خمسين عاماً على صدور الميثاق القومي يعلمنا أن لا طريق للتحرير إلا بالكفاح المسلح وكافة أشكال النضال الأخرى والاعتماد على إيمان وتصميم الشعب العربي الفلسطيني ليكون طليعة النضال العربي في تحرير فلسطين باعتباره جزء من الأمة العربية.

كلمة رابطة الكتاب الأردنيين

عبدالله حموده

عمّان في 28/5/2014