عادل سمارة
صحيح أن دمنا يعيد فلسطين ويجددها في الضمير الشعبي العربي. ويغلق بالضبط أفواه الحكام العرب. فحينما يسيل الدم، يعود الحكام العرب ومثقفو الطابور السادس الثقافي (المثقفون العضويون للثورة المضادة) إلى خباءجواريهم ينفثون جبنهم بالجنس.
قتل الشهيد ابو عين في وضح النهار وعلى الأرض بالصوت والصورة وعلى الفضائيات. لم يتحدث أحد من هؤلاء. لم يكن يحمل الرجل سوى الكوفية الفلسطينية، فجعلها العدو أداة لخنقه.
لم نسمع صوت حاكم عربي وخاصة في الخليج وقد قال كلمة ولا كتبتهم بالطبع. بينما كتبوا يترحمون على قتلى الكنيس اليهودي باعتباره بيت من بيوت الله. كنيس كغرفة عمليات لهدم الأقصى. الأقصى الذي يزعم مليار ونصف مسلم أنه أولى القبلتين وثالث الحرمين ولا يهبوا لتحريره، بينما يتدفقون على تدمير سوريا وليبيا والعراق واليمن والآن مصر بأعداد لا تُحصى. ثم يقف شيخ أو مثقف ويقول: أمة الإسلام؟ اين هي يا سادة؟
بينما مصرع الرجل المسالم تماماً قاد هؤلاء إلى الخرس وكأنهم يقولون له: بارك لشعب الله المختار أرضك؟ تماما كما يُرغم قِنَّا على اقتياد ابنته إلى مخدع الإقطاعي.
أليسوا هم من يقودون ثروة النفط إلى الخزينة الأميركية؟ ما الفرق بين قوادة الجسد وقوادة الثروة والأرض؟
تم تفجير جسد غسان كنفاني وهو يحمل القلم والشقاقي وهو ينظم المغاورين وابو جهاد وهو يوفر للانتفاضة شرايينها، والرنتيسي وهو يبني المغاوير، وابو علي مصطفى وهو يعيد بناء النسر الأحمر، وابو عمار وهو يحلم برحيل العدو، وابو عين وهو يحاول حماية حفنة من تراب.
تتفق مع مدخل هذا وتختلف مع مدخل ذاك. لا بأس، ولكن، ماذا بعد؟
هذا سؤال إلى كل فلسطيني يعترف بالاحتلال ويتوقع دولة في اي شبر من الضفة الغربية: إذا كان العدو سوف يرفع انيابه عن اي كتف عن اي شبر، لماذا لم يرحل على الأقل منذ 1993؟ ألا يعني هذا أن العدو من تل أبيب إلى واشنطن إلى انقرة إلى الرياض والدوحة ولندن وباريس وبرلين …ومختلف العواصم التي تعلق في قلوبها نجمة الصهيونية، هذا العدو المتعدد يريد للكيلن الصهيوني الإشكنازي كل فلسطين وأبعد؟
جميل، سقطنا في شرك أوسلو، تم بناء مجتمع آخر في الأرض المحتلة، نعم نحن مجتمعين.
· مجتمع السلطة من الوزير إلى أبسط موظف يعيش على الريع ولا شيىء غير الريع
· ومجتمع الفلاح والمنتج المستقل والتاجر الصغير والعامل البسيط…الخ
وبينهما علاقات السوق. لا الأول بوسعه العيش دون الريع، ولا السوق بوسعه التنفس بدون سيولة الريع إليه أول كل شهر ومنه إلى المجتمع الثاني.
لم يعد اقتلاع السلطة سهلا، فقد تكون الفوضى، والتي نحبها، ولكنها مقرونة بالجوع والفلتان الاجتماعي. ولكن لم يعد المطلوب فقط وقف التنسيق الأمني.
قد يكون الجواب في البدء بوقف التنسيق الأمني، وإضراب سلطوي عام ليعود ضباط العدو إلى مكاتبها كما كانوا قبل 1993، وتحدي الحكام العرب والأمم المتحدة بأن يواجهوا واقعا جديدا. ليتجمع مسؤولو السلطة في مكان عام ليعتقلهم الاحتلال ويضع ضباطه في أماكنهم. أو ليعتقلهم من منازلهم. فليرغموه على اعتقالهم.
حينها تضطر مصر والأردن لطرد سفراء العدو، لأننا طردناه من جلودنا. وحينها نفهم كفلسطينيين أن العدو يريد كل شيىء.