الرفيق عدنان مثقال جابر

الثوريون لا يموتون

محمود فنون

نعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اليوم القائد الوطني الكبير المناضل عدنان مثقال جابر ، حيث فارق الحياة في مستشفى الحسين الحكومي عن عمر يناهز الثانية والسبعين عاما قضاها كلها في النضال باشكاله وتلاوينه المختلفة حيث تخلل ذلك فترات إعتقال في سوريا وتم الإفراج عنه بوساطة عبد الناصر ، وفي سجون الإحتلال الإسرائيلي منذ نهاية عام 1967 م.

قضى في الجولة الأولى ثماني سنوات ولم تفرج عنه سلطات السجون لأن المحكمة قررت ابعاده ، فبقي في السجن إلى أن استصدر محامو الدفاع قرارا من محكمة العدل العليا لإبطال حكم الإبعاد .

وظل يتعرض للإعتقال الإداري طوال الأنتفاضة الأولى وبعدها ثم اعتقل كذلك خلال الإنتفاضة الثانية اعتقالا اداريا وهو بهذا ظل يتعرض للإعتقال منذ سني الدراسة في بداية العشرينات ، وبعد ان أصبح شيخا .

لقد كان مناضلا مثابرا وصبورا داخل السجون وهو من الثلة الطلائعية التي ساهمت في تحويل السجون الإسرائيلية إلى مدرسة للكفاح ولتربية المناضلين وإعدادهم لاستئناف الناضال بعد الإعتقال مسلحون بالثقافة الثورية والمعارف الإنسانية والتاريخ والإقتصاد والفلسفة , وهو من الثلة الطلائعية التي عملت على تنظيم المعتقلين وتوجيه حياتهم وجهة فاعلة في سياق نظام اعتقالي يحفظ وطنيتهم وينميها ويسهل تصاريف الحياة في السجن .

لقد كانت هذه مهمة عظيمة لمن لا يعرف ولولا نجاح الطلائعيين في انفاذ هذه المهمة لكانت الفوضى ولكان المعتقلون لقمة سائغة بأيدي اجهزة امن الإحتلال ولكانت المعتقلات غابات يسود فيها القوي جسديا وذوي النفوذ والمصالح المدعومين من سلطات امن السجون . إن هؤلاء قد انتزعوا المعتقلين من براثن الأمن الإسرائيلي إلى جادة الحياة الوطنية والتعبئة الثورية والتقدمية .

وهؤلاء الطلائعيون المجربون في السجون العربية وحملة الثقافة والفكر هم الذين شقوا هذه الطريق بصعوبة فائقة بين فيض من موجات المعتقلين الذين يقذف بهم المجتمع مجردين تقريبا من السلاح في مواجهة الإعتقال . المعتقلون معظمهم من ابناء الطبقات الشعبية ويحملون معهم مستواها الفكري والثقافي والذهنية البسيطة وأغلبهم دون أي إعداد يذكر . لهذا كان دور الطلائعيين هؤلاء عظيما فتحولت السجون إلى مدارس للنضال وإعداد الثوريين .

كان  الرفيق عدنان جابر من بين هؤلاء وكان  جامعيا ومسلحا بتجربة السجن والأهم كان مسلحا بغنى ثقافي وانساني مكنه من المساهمة في التعبئة في مجالات عدة في الثقافة السياسية والإقتصادية والفكرية وتاريخ الحركات الثورية وبشكل أخص تاريخ القضية الفلسطينية وعلم الثورات.

وكان يمتلك كاريزما القيادة والتوجيه وحسن الإختلاط بالعناصر والتواصل معهم والتأثير فيهم .

وبصفته ثوريا كان وطنيا فلسطينيا مخلصا حتى العظم ،وكان قوميا عربيا حتى العظم وبهذه الصفات كان أمميا وانسانيا حتى العظم وظل كذلك حتى فارق الحياة . وظل يحظى باحترام جميع الوطنيين الفلسطينيين ورمزا اول من رموزهم .

ارتقى في قيادة الجبهة الشعبية فكان من قادة الصف الأول في السجون وخارجها وهو عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة حتى تاريخ وفاته .