قراءة في كتاب: “المحافظية الجديدة وظلال يهو/صهيو/تروتسكية”، لمؤلفه عادل سمارة

 

بقلم خالد الفقيه

صدر للدكتور عادل سمارة مؤخراً كتاب جديد تحت عنوان “المحافظية الجديدة وظلال يهو/صهيو/تروتسكية ” عن مركز المشرق العامل للدراسات التنموية والثقافية ويقع الكتاب في 134 صفحة من القطع المتوسط.

ناقش سمارة في كتابه العديد من المواضيع التي تظهر التقاطعات بين التروتسكية وتفكيك الإتحاد السوفيتي وما يسمى لدى البعض بالربيع العربي لاحقاً، وسابقاً الدفق بين الدافيء بين الحركة الصهيونية والتروتسكيين، والمحافظون الجدد.

وفي بداية كتابه تناول سمارة نفي تروتسكي وإغتياله في المكسيك وإتهام ستالين بذلك حيث كان تروتسكي بعد وفاة لينين قد روج لمفهوم الستالينية متلاقياً بذلك مع الإمبريالية كسلاح أيدولوجي بالرغم من كشف العديد من الوثائق التي تؤكد تواصل بوخارين عن طريق تروتسكي نفسه مع هتلرن وبحسب الكاتب فإن تروتسكي نفى أن يكون لينين أول من إكتشف قانون تفاوت التطور وهو الذي كان لينين يلقبه بيهوذا الصغير المعروف بأنه باع المسيح للرومان.

أما عن دور التروتسكية في ولود المحافظية الجديدة فيرد في الكتاب أن المفكر اليهودي الألماني ليفي شتراوس أسس لنظرية الإندماج “اليهوسيحي” لصالح دعم الكيان الصهيوني في فلسطين حيث كان اليهود التروتسكيين في صلب هذا التوجه إنطلاقاً من الإستثنائية الأمريكية الصهيونية والتي كان من نتاجاتها بول وولفويتز الذي حرض على تدمير العراق وهو ما يخلص له الكاتب أن المحافظين الجدد ليسوا إلا إمتداد مباشر لتروتسكي وتعاليمه.

ويعود الكاتب بين صفحات كتابه إلى تفكك تشيكوسلوفاكيا ومن ثم المجموعة الشرقية وكيف هلل التروتسكيين لذلك وبالتالي إتباع أوروبا الشرقية بالمعسكر الرأسمالي كجزء من الناتو ومخزن للعمالة الرخيصة في مصانع أوروبا الغربية وسوقاً ممفتوحة لمنتجات الغرب. ومن ذلك يستدل الكاتب على أن نتنياهو ليس إلا وريث هذا التوجه ونموذجاً للمحافظية الجديدة وريثة تروتسكي.

وفي مقاربته لما يجري في العالم العربي في ظل ما يسمى بالربيع العربي رأى الكاتب أن الثورة المضادة تمكنت من صبغ الحراك الشعبي الغربي بصبغة الدين السياسي حيث كانت أنظمته وقواه قد عقدت تحالفات مع الإمبريالية على مدار العقدين الماضيين مشيراً إلى موقفها من سوريا كنموذج إستدلالي حيث وقف التروتسكية مع هذا الحراك من بداياته ودعمها لإستئجار مجرمين محترفين للقيام بوظائف محددة في سوريا مدعومة بمنظومة إعلامية معروفة الخلفيات والتوجهات.

ومن إستدلالات الكاتب الكشف عن قيام عضو مكتب سياسي في الحزب الشيوعي  “حزب العمل الشيوعي” السوري بتهريب سلاح ممول من السعودية للأراضي السورية عدا عن وضع طائرة الحريري تحت تصرف بعض المعارضين الشيوعيين بالإضافة للبيان الدولي للتروتسكية الدولية ضد سوريا الدولة وهو ما يوضح العلاقة بين دول النفط والامبريالية والصهيونية في مهاجمة سوريا والذي وقع عليه تروتسكيون عرب ويهود وغربيين ومنهم فلسطينيين.

وفي الكتاب يتطرق الكاتب لدور التروتسكية التخريبي في أمريكا اللاتينية منذ الثورة الكوبية وصولاً إلى محاولة الإطاحة بنظام الحكم في كاراكاس ومحاولاتها ضرب الصين والتآمر على حركات التحرر في شبه القارة الهندية.

الكتاب مليء بالمعلومات التاريخية التي تؤصل للتحالف غير المقدس بين التروتسكية والإمبريالية والصهيونية كمركز مع محيطهما الذي تقع فيه ممالك وإمارات تمتد على طول جسد الخريطة العربية كمقدم لخدمات وظيفية كمنطلقات إتخذها الكاتب في تفسيره للأحداث المعاشة والتي تدور في المنطقة والعالم.