عادل سمارة
لوضع حلف الصهيونية العربية في موقعها الصحيح إثر العدوان على اليمن، بل قبله وبعده كذلك، أعتقد أن علينا تناول الأمر من جوانب أخرى قلما أُضيىء عليها. بل إن عدم الإضاءة عليها يشكل خللا في تحليلنا.
في شبه الجزيرة العربية أي بلدان مجلس التعاون الخليجي لا يقل عن 24 قاعدة عسكرية للولايات المتحدة وحدها. وهذا يبين مزاعم ما يسمونه الأمن “القومي” لكل دويلة على حدة او لكل المجلس أو لكل العرب. فدول تحت احتلال وللتلطيف نقول حماية الإمبريالية يكون أمنها القومي والقطري والشخصي والثقافي وحتى الديني (وليس الطائفي طبعا!!!) منتهكة. هكذا الأمور بوضوح. هم يدفعون الكرامة والثروة لمن يحميهم. فمن العيب على المتحدثين والمعلقين ان يضخوا كل هذا الكذب للناس والذي لا شك مكشوفا. لكن المشكلة أن من يعانون من الجوع للمال والوظيفة لديهم جاهزية بظهور مريحة لكل من يدفع. وهناك من يعانون من فصام الشخصية، يعيشون في خدمة سيدهم الذي هو عبد بالطبع، يعيشون بشخصية وفي بيوتهم بشخصية أخرى.
هذا يعني ان قرار الحرب ليس قرارا ذاتيا ولا قرار الأنظمة المشاركة في العدوان بل هو قرار الولايات المتحدة لإشغال محور المقاومة ولتصريف المزيد من الأسلحة ولتعميق التفكيك العربي في التحليل الأخير.
لا يمكن للعدو الإمبريالي ان يتخلى عن فلس واحد او غرام نفط او سنتيمتر سوق إلا بالدم. ولذا، حين تقوم الحرب لا بد من ردها لأن ثمن الرد أقل بما لا يقاس من ثمن الخنوع.
دعونا نفترض أن من يقودوا طائرات جامعة الصهاينة العرب هم طيارون محليون. فكيف لهم أن يصيبوا مواقع في اليمن بينما آلاف الطلعات والغارات الأمريكية على داعش لم تؤثر ولو بالحد الأدنى؟ ولدى داعش دبابات وسيارات دفع رباعي …الخ
من يشاهد الفضائيات يسمع عنتريات أدوات حكام الخليج: “أمننا، طائراتنا، قواتنا…الخ” . والحقيقة ان هذه هستيريا مصطنعة وأبواق إعلام لا غير. لو سألت كل هؤلاء، هل هذه الطائرات من صنعكم؟ هل الذخائر من صنعكم، وحتى هل الأغذية التي تقتاتون بها من صنعكم؟ نحن أمام دول غير طبيعية، تغرف من النفط وتحوله إلى صانعي الأسلحة والاستعمار لتدمير الوطن العربي.
بالمقابل، إيران التي يشيطنونها غالبا تصنع وتنتج كل ما تستخدم. فهل لدى المواطن العربي العادي ان يقارن؟ نظام آل سعود الحديث اقدم من نظام إيران، وأمواله أكثر، فلماذا لا ينتج شيئاً؟
من هنا يصبح من يتعاطف مع حلف جامعة الصهاينة العرب هو طائفي مختل التوازن. لأن المسألة ابدا لم تكن طائفية، وحتى الذين يقاتلون طائفيا هم ضحايا وعي مخبول يموتون ضحايا لا أكثر ويبخل عليهم سادتهم بإطعام أيتامهم بعد لحظة الحرب.
ليس هذا مجال مراجعة تاريخ الجامعة العربية. ولكن منذ أن وقفت الجامعة مع إخراج العراق من الكويت، كان واضحا أن الإمبريالية لن تسمح حتى بوحدة اسرة عربية مع أخرى. وتواصل دور الجامعة وليس تورطها، بل دورها، خلال ثلاث حروب هائلة صهيونية على غزة لم تفعل الجامعة سوى إرسال موظفين للتفرُّج على الدم وكتابة تقارير. إلى أن استجارت بالناتو بقيادة عمرو موسى لتدمير ليبيا. وعمرو موسى بعد كل تاريخه في التطبيع مع الصهيونية وخدمة نظام مبارك تجرَّأ على ترشيح نفسه لرئاسة مصر بعد مبارك. وهذا السؤال للزميل سمير امين الذي اعتبر ما حصل في مصر ثورة. “انظر كتابه ثورة مصر!!!! ومن ثم جاء نبيل العربي الذي لا يزال يقف على ابواب مجلس الأمن ذليلا لخمس سنوات يغريه بكل ما في هذا العجوز من مفاتن لاحتلال سوريا! واليوم أضاف إلى القائمة اليمن.
واليوم تكمل هذه الجامعة طريقها بالحرب على اليمن لتصبح حقيقة جامعة الصهاينة العرب منتقلة من بريطانية الصناعة إلى امريكية الصيانة إلى صهيونية الإنجاب.
ولأن “سلاح النقد لا يغني عن نقد السلاح” يصبح السؤال القاسي والمحرج: ماذا عن جامعة المقاومة؟ ماذا عن حدها الأدنى: فدرالية عراقية سورية؟ فاذا كان نظام المغرب يصل بطائراته يمن المشرق، ألا يمكن لمستوى من الوحدة بين سوريا والعراق والجزائر؟ قد تكون الخطوة الأولى هي الخروج من تحت عباءة هذه الجامعة. إن الجرأة دائما في التخطي والتجاوز والتحول.