قصف الأرمن في ذكرى المذبحة

د. موفق محادين

 

ما هو سر توقيت قصف العصابات الإجرامية التكفيرية للأحياء الأرمنية في أكثر من مدينة سورية، وخاصة في حمص وحلب؛ حيث سقط مئات الشهداء والجرحى من المدنيين السوريين ومن بينهم الكثير من الأرمن.

هل يتعلق الأمر بتصعيد القوى الاقليمية المأزومة الهابطة، في ضوء ما يقال عن تزايد الاهتمام الأمريكي بالصراع حول أوراسيا والبريكس على حساب الاهتمامات الأمريكية السابقة بالشرق الأوسط والعواصم الصديقة لها في هذا الشرق، أم يتعلق الأمر بذكرى المجازر التي ارتكبت ضد الأرمن في تركيا، ابتداء من عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وانتهاء بعهد الاتحاد والترقي خلال الحرب العالمية الأولى، وهو ما يذكر بالجرائم الصهيونية ضد الشعب العربي الفلسطيني، وما تعرّض له من جرائم وعمليات إبادة، وتهجير جماعي، وتطهير عرقي.

والخطير في عمليات القصف الاجرامية التكفيرية الأخيرة ضد السكان المدنيين من الأرمن وغيرهم من السوريين في حمص وحلب وغيرهما، أنها جاءت في ذكرى المذابح المذكورة، مما يطرح تساؤلات خطيرة عن سر هذا التوقيت، وما يؤشر عليه من علاقات لم تعد سرا بين الجماعات الاجرامية التكفيرية، وبين أوساط معروفة في تركيا، وما مارسته من استفزازات مشينة وبالغة الخطورة ضد التراث المسيحي في المنطقة، وهو جزء من تراث شعوب الشرق وثقافتها وذاكرتها.

فحيث كان ينبغي لاسطنبول والعالم بأسره أن يحولا ذكرى المذابح الى مراجعة أخلاقية وسياسية توسع نطاق التضامن مع الشعب الأرمني، وتعترف بالإبادة التي ارتكبت ضدّه وتستنكرها وتدينها، وتعيد للأرمن حقوقهم التاريخية، عاد القاتل يسرح ويمرح مجددا عبر أدوات إجرامية معروفة، علما أن المذابح المذكورة نفذت بالاعتماد على القاعدة الرجعية للاقطاع، ودعم البرجوازية اليهودية.

والأسوأ من كل ذلك أن نسمع بعض الموتورين الطائفيين يهللون للقصف الاجرامي المذكور، متجاهلين أن الصمت أو التواطؤ مع هذه الإبادة ينزل على قلب العدو الصهيوني الذي هجر ملايين الفلسطينيين، بردا وسلاما.