المؤتمر الامريكي اللاتيني الأول الخاص بالحملة العالمية من اجل العودة الى فلسطين

 

كاراكاس، 15 ـ 17 ابريل2015

 

تقرير: د. نور الدين عوّاد

هافانا – كوبا

اولا: الاعـــــــــــــــــــــــــداد

تنفيذا لقرارات الحملة العالمية من اجل العودة الى فلسطين

The Global Campaign to Return to Palestine (www.returntopalestine.net)

التي انطلقت في بيروت قبل عامين، تم تشكيل هيئات تنسيقية اقليمية، من ضمنها منسقية امريكا اللاتينية، التي دعت بدورها الى انعقاد هذا المؤتمر الاول، من اجل تفعيل النضال في سبيل الحفاظ على حق العودة وتجسيد هذا الحق، في اطار حملة قارية تحتضن كافة الاشخاص والمنظمات والاحزاب والدول التي تؤمن بهذا الحق وتتضامن فعلا مع القضية الفلسطينية، دون استثناء احد مهما كان اصله وفصله العرقي او القومي او الديني او المذهبي…الخ، لا سيما في ظل المؤامرات الهادفة الى طمس هذا الحق الانساني والسياسي الفردي والجماعي، تمهيدا للقضاء على القضية الفلسطينية واحلال سلام راس المال الصهيوني متعدد القوميات والاديان.

قامت المنسقية بدعوة عدد كبير من المعنيين بالامر الا ان العامل المالي التمويلي حال دون مشاركة عدد اكبر، فالحملة تمول نفسها ذاتيا بالاضافة الى تبرعات من اصدقاء وانصار وحلفاء القضية الفلسطينية، دون اية اشتراطات او املاءات سياسية.

تم اختيار كاراكاس بسبب العامل الجغرافي (توسطها للقارة) والعامل السياسي (مناصرتها العلنية الفعلية للقضية الفلسطينية) والعامل الظرفي (تعرض الثورة البوليفرية للتهديد بالعدوان الامبريالي عليها، ومحاولات انقلابية تقوم بها الثورة المضادة الداخلية بالترابط مع الرجعية المعولمة ومقرها ميامي).

ثانيا: المشـــــــــــــــــــــــــــــاركة

عدد المشاركين اسميا يزهو على 50 مندوبا بينما العدد الفعلي فاق المائة.

شارك ممثل عن الحملة العالمية قادما من بيروت، ومنسق امريكا اللاتينية، ومنظمو المؤتمر في فنزويلا، وكانوا في غاية العقلانية والوعي الثوري والالتزام القومي، واجزم بان امة تنجب امثالهم لا يمكن ان تموت.

ممثل الحملة الشيخ يوسف عيسى، اكد ان القضية الفلسطينية قضية انسانية جامعة لكل الاديان والعروق والقوميات والالوان و تتمتع بجاذبية خاصة نظرا للاسباب التالية: البعد الاخلاقي الانساني انطلاقا من قيم العدل والحق؛ البعد السياسي، اذ ان القوى الامبريالية التي زرعت “اسرائيل” في فلسطين تحاول الاستحواذ على الموارد الطبيعية ومقدرات شعوب المنطقة والعالم؛ والبعد الديني، حيث ان الامبريالية واتباعها يحاولون تبرير كل المجازر الصهيونية باسم الديانة اليهودية، وخلقوا داعش حاليا على نفس الاسس، من اجل تبرير فظاعاتها واعمالها الارهابية والاجرامية. وبالطبع هذه منطلقات منافية لكل الاديان.

كما اكد ان الربيع العربي يهدف الى تغييب القضية الفلسطينية وتبرير وتسويغ ما تقوم به “اسرائيل”. واشاد بدعم امريكا اللاتينية وخاصة فنزويلا للقضية الفلسطينية. واكد الشيخ عيسى ومعه الشيخ سهيل اسعد، منسق امريكا اللاتينية، على الكفاح المسلح من اجل تحرير فلسطين واحقاق حق العودة واننا لا نريد سلام الحمل امام الذئب، بل سلام قائم على العدل.

شاركت فنزويلا رسميا من خلال النائب البرلماني عادل الصغيّر، رئيس اتحاد الجاليات العربية في فنزويلا، ممثلا للجمعية الوطنية ( البرلمان) ورئيسها. مداخلة الرفيق عادل تمحورت حول كتاب هيرتزل والادعات الصهيونية. واكد ان معاداة الصهيونية شرط لا بد منه للانتماء الى الاتحاد. وفضح وجود مخطط قديم لاقامة كيان صهيوني في امريكا اللاتينية “مخطط اندينيا”.

وشاركت بوليفيا بوفد عالي المستوى ضم سفيرتها في تشيلي، وعضو برلماني رئيس لجنة العلاقات الدولية وحماية البيئة، وعضوة مجلس شيوخ ممثلة عن البرلمان والرئيس ايفو موراليس.

فلسطين شاركت من خلال مندوبين من الارض المحتلة وكوبا وفنزويلا وتشيلي وكولومبيا بالاضافة الى آخرين من فنزويلا.

شاركت السيدة سفيرة دولة اوسلوستان ليندا صبح في الافتتاح والاختتام رغم امتعاضها من عدم ابلاغها والتنسيق معها لعقد المؤتمر!! كان كلامها العلني “ثوريا” تجاه حق العودة واكدت على حق العودة الى صفد مرتين والى كل فلسطين التاريخية من النهر الى البحر!! وكل ما طرحته يخرج تماما عن موقف سلطة رئيسها المفدى!!

شارك وفد من منظمة ناطوري كارتا اليهودية الاورثوذوكسية وكاتب صحفي يهودي معادي للصهيونية من اصل ارجنتيني ويعيش في المكسيك. ديفيد ويس رئيس المنظمة جاء قادما من نيويورك، فنّد الادعائات الصهيونية بالحق اليهودي في فلسطين و في اقامة دولة لهم في اي مكان من العالم واصر على ضرورة تفكيك الكيان واعادة فلسطين الى اهلها. واكد على ان اليهود الحقيقيين ملزمون بفضح دولة “اسرائيل” التي تهددهم وتضللهم، وهناك وثائق تثبت ان حاخامات يهود عارضوا اقامة “اسرائيل” منذ عام 1947، لان التوراة تحرّم شراء الارض واقامة دولة. حاخام فلسطين رفض الدولة، نحن نريد فلسطين حرة لاهلها وتعايش الاديان فيها. كافة الاديان تعايشت سلميا في فلسطين ودون تدخل الامم المتحدة. فلسطين ليست لليهود اطلاقا. ولا نعرف لماذا سمح الله بهذا الاحتلال. المطالبة بالعودة ليست تسوّلا بل حق مشروع. مؤسسو الكيان صهاينة وارهابيون منذ البداية وعلى الامم المتحدة ان تمنعهم من استخدام نجمة داوود… التلمود والانجيل يحرّمان على اليهود ان نعبد الله في الاراضي والبلدان التي نعيش فيها، وهذا عمل من رجس الشيطان، ولن نغمض عيوننا امام هذه الجريمة النكراء…ففلسطين للفلسطينيين فحسب.

اما الصحفي اليهودي العلماني الذي يصفه الصهيانة بانه “يهودي يكره نفسه” فقد اشار الى الوضع في المكسيك حاليا فيما يتعلق بفلسطين والكيان الصهيوني: طبقة المثقفين المكسيكيين مخترقة صهيونيا؛ تحولت المكسيك الى مرتع للمنظمات الارهابية الامنية والمرتزقة الذين يبدون اعجابهم بالكيان الصهيوني ويتماهون معه؛ يوجد تضليل كامل بخصوص القضية الفلسطينية (على الرغم من وجود سفارة فلسطينية منذ امد بعيد)؛ الصهيونية تقف خلف السور الواقي على الحدود بين امريكا والمكسيك كما تقف على السور في فلسطين (كلاهما صهيوني)؛ الموساد يعمل في ولاية شياباس التي يقطنها الهنود الاصليون الذين ثاروا بالسلاح على نظام الحكم الفيدرالي المكسيكي؛ يوجد مثقفون مكسيكيون مع القضية الفلسطينية لكنهم غير منظمين.

عقدت جلسة لحوار الاديان (ناطوري كارتا وقسيس مسيحي من اتباع نظرية اللاهوت التحريري وشيخ مسلم من انصار الله وحزبه) واجمعوا على دعم حق العودة وضرورة ازالة “اسرائيل”.

شارك وفد من حركة المحرومين من الارض (حركة البدون ارض) البرازيلية التي تتخذ موقفا مبدئيا داعما للقضية الفلسطينية وحق العودة وتتصدر حاليا حملة لاطلاق سراح الرفيق احمد سعدات والاسرى الفلسطينيين.

اما تشيلي وعلى الرغم من وجود اكبر جالية فلسطينية فيها خارج الوطن العربي، الا ان دور الجالية تعرض لانتقادات لا ذعة من مندوبيها ازاء فعاليتها نحو القضية، وتم التفاعل بصدد سبل تصويب الوضع وتنشيط الكوادر والمناضلين. ولعب الرفيق نيقولا هدوة (رئيس العلاقات الدولية في اللجنة التشيلية للتضامن مع فلسطين) دورا بارزا في تنظيم المؤتمر وتنسيق اعماله واعداد بيانه السياسي.

المندوبون الارجنتينيون كانوا على قدر المؤتمر والمسؤولية وخاصة الرفيق غالب موسى رئيس اتحاد الجاليات العربية في بوينوس آيريس، في دفاعه العقائدي والتحليلي عن القضية الفلسطينية والعربية سواء في المؤتمر او في مقابلاته التلفزيونية وتحديدا مع “تيلي سور”.

وبرز من بين مندوبي كولومبيا “فلسطيني لم تنجبه فلسطين على ارضها او من دمها” المحامي الاممي فيليبي ميدينا استاذ في جامعة اكستيرنادو الكولومبية، الذي لا يدخر جهدا ولا زمانا او مكانا الا ويستغله للدفاع عن القضية الفلسطينية والعربية وتحديدا حق العودة. فالمجد لفلسطين التي تنجب امثاله خلف البحار!!

من الارض الفلسطينية المحتلة شارك الرفيق خالد الفقيه وهو استاذ جامعي وصحفي ومراسل لقناة المنار، وتطرق في مداخلته المرتجلة الى النكبة واللاجئين والاسرى واعتقال الرفيقة خالدة جرار مؤخرا على يد السلطات الصهيونية، والوضع الجهنمي الذي تعيشه الضفة الغربية: 81 حقل الغام؛ 682 حاجز عسكري؛ ولادة 46 طفل فلسطيني على الحواجزالعسكرية منذ عام 2000؛ 700 الف مستوطن ومن ضمنهم 400مستوطن في الخليل تحت حراسة 10 آلاف جندي صهيوني؛ تقطيع اوصال الضفة الى 62 كانتونا؛ تدنيس 17 مقبرة وتحويلها الى منتزهات وحدائق للمستوطنين؛ قصف كنيسة المهد عام 2000؛ سقوط 17 اعلاميا شهيدا برصاص الاحتلال…الخ.

كما شاركت الرفيقة نسرين مراسلة قناة الميادين التي ركزت على الوضع الكارثي في مدينة القدس، اذ ان المقدسيين لا يحملون اية جنسية لا فلسطينية ولا اسرائيلية ومن يغب منهم عنها 6 سنوات يحرم من العودة اليها وتصادر كافة ممتلكاته. واشارت الى وجود مخطط 2020 الرامي الى تقليص عدد المقدسيين في المدينة الى 20% فقط من عدد السطان الاجمالي؛ وفضحت قيم الكيان الصهيوني باغراق القدس بالمخدرات من خلال تشغل ابنائها في المستوطنات، ولاحقا تقوم باعتقالهم وابعادهم عن المدينة.

وعن الجالية العربية الفلسطينية في كوبا ومنظمة الجبهة الشعبية لتحير فلسطين هناك وفريق كنعان ومجلته، شارك الرفيق نورالدين عواد بمداخلة اولى حول الموقف الكوبي ازاء القضية الفلسطينية: الثورة الكوبية هي المؤسسة الاساسية المناصرة للقضية ومنذ عام 1973 حينما اعلن الرفيق فيديل كاسترو قطع العلاقات الدبلوماسية واغلاق السفارة الصهيونية في هافانا، تضامنا مع الشعوب العربية وقضيتها المركزية. كما تم افتتاح مكتب لتمثيل م ت ف هناك. اي ان الحزب الشيوعي والحكومة والدولة تتخذ رسميا موقفا مؤيدا لفلسطين.

توجد في كوبا مؤسسات سياسية واخرى غير حكومية عديدة للتضامن مع فلسطين ومن اهمها: المعهد الكوبي للصداقة مع الشعوب؛ جمعية الصداقة الكوبية العربية؛ الاتحاد العربي في كوبا، البيت العربي، منظمة تضامن شعوب افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية…الخ بالاضافة الى الدعم الشعبي التلقائي الذي ينفجر خاصة ساعة الازمات والاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين المحتلة. كما يتم احياء يوم الارض الفلسطينية في المخيم الاممي الذي يستقبل متضامنين اممين مع الثورة الكوبية.

وتجدر الاشارة الى الموقف الاممي الكوبي تجاه قضايا الشعوب العربية واستقلالها وسيادتها كما حصل عام 1961 في الدفاع عن الثورة الجزائرية الناشئة وعام 1974 على الجبهة السورية على اثر حرب تشرين، وعام 1982 اثناء الغزو الصهيوني للبنان.  وكان الموقف الثوري الكوبي بمثابة منارة ودليل ريادي امام الثورات والصيرورات التقدمية والثورية في امريكا اللاتينية وتعاطيها مع القضية الفلسطينية وبالتحديد فنزويلا وبوليفيا.

وفي المداخلة الثانية امام اللجنة السياسية (التي اقرت فضح التروتسكيين في القارة كونهم في خدمة الصهيونية) تطرق الرفيق الى الصهيونية فكرة ونشوء وتطبيقا وتزاوجها مع الامبريالية التي ولدت صهيونية من قبل، فالصهيونية تشكل نوعا ما ايديولوجية راس المال منذ عشية اغتيال المسيح عيسى بن مريم والى ايامنا. وقدم عرضا موجزا للقضية الفلسطينية وحق العودة من وجهة نظر القانون الدولي. كما لفت الانتباه الى خطورة اختراق الصهيونية للمجتمعات التقدمية من خلال وسائل الاعلام الجماهيري وضروة التصدي لها وابطال مفعولها.

وفي المداخلة الثالثة والاخيرة تم تقديم موجز لورقة بحثية تتناول حق العودة للاجئين الفلسطينيين والموقف الصهيوني منه؛ وقانون العودة اليهودي؛ونظرة نقدية لمواقف بعض رموز اليسار اليهودي ازاء حق العودة؛ والموقف الامريكي تجاه حق العودة؛ حق العودة و/ أو التعويض؛ ائتلاف متعدد القوميات ضد حق العودة.

 

ثالثا: النتـــــــــــــائــــــــــــج

 

في الجلسة الختامية تم احياء يوم الاسرى الفلسطينيين (17 ابريل) وعرض فيلم قصير حول حملة اطلاق سراح الرفيق احمد سعدات ( من اعداد حركة المحرومين من الارض البرازيلية) ولقطات من قضية الرفيقة خالدة جرار وبقية الاسرى ( من اعداد منظمة الجبهة الشعبية في كوبا). وتمت المصادقة بالاجماع على البيان السياسي الصادر عن المؤتمر ووثائق اجرائية اخرى تتعلق بمجالات التنظيم الداخلي للحملة؛ استراتيجية التثقيف والبناء؛ استراتيجية الاتصالات؛ وخطوط العمل الرئيسية.

تم اقرار اطلاق تسمية “يوم العودة” بدلا من “يوم النكبة”؛ واحياء يوم العودة على امتداد اسبوع بدلا من يوم واحد؛ واستعمال شعار الحملة العالمية من اجل العودة اى فلسطين اذ انه اصبح يستعمل في 200 مدينة في العالم.

وهنا في كوبا، وبالتعاون مع رئيس الاتحاد العربي الرفيق الفريدو درويش، تم اقرار تقديم اربع محاضرات، يقدمها الرفيق د. نورالدين عوّاد حول مؤتمر كاراكس وحق العودة الى فلسطين وما يتعلق به ايام السبت على امتداد شهر مايو القادم.

هذا بالمختصر المفيد ما اقدمه اليكم كخلاصة لاعمال المؤتمر التي استغرقت ثلاثة ايام في كاراكاس عاصمة فنزويلا البوليفرية التي تحتضن فلسطين وحامي حماها الاول الشهيد اوغو شافيس فرياس، الذي قضى نحبه وهو يذود عنها.