سوريا في مواجهة الدعوة والهجرة !

ثريا عاصي

أعود إلى المسألة السوريّة. لقد نما إلى العلم أن الطيران الحربي السعودي نظرياً، عاود القصف على اليمن بعد يومين من إعلان آل سعود أنهم حققوا أهدافهم وانتصروا، فقرروا وقف عملية «عاصفة الحزم» واستبدالها بعملية جديدة سميت «إعادة الأمل» وكأن آل سعود أرادوا أن يذكروا الناس بالعدوان الذي تعرض له سكان الصومال في نهاية 1992، تحت التسمية نفسها، وبأنهم كانوا من الذين ساهموا في تخريب هذه البلاد. إذن إعتبروا!
اللافت للنظر أن آل سعود أعلنوا عن الإنتهاء من «عاصفة الحزم» يوم الثلاثاء 21 نيسان الجاري، في حين أن رؤساء أركان جيوش الدول العربية عقدوا في اليوم التالي، وقبل يوم من استئناف الغارات على اليمن، إجتماعا في القاهرة للتداول في موضوع القوة العربية المشتركة، التي بارك وزير دفاع فرنسا فكرة إنشائها معلناً إستعداد بلاده لمؤازرتها! في الوقت نفسه أعلن سفير آل سعود في الأمم المتحدة، ان بلاده التي أظهرت في اليمن ما هي قادرة على فعله لن تكون أقل كرماً تجاه السوريين. إستوقفني أيضا في السياق نفسه، تعقيب وزيرالخارجية السعودي على رسالة الرئيس الروسي التي تليت في قمة القاهرة الأخيرة، وفحواه أن آل سعود يعتبرون أنفسهم في حالة حرب على سوريا وأنهم يعدون العدّة لتصعيدها. أغلب الظن أنهم يأملون دخول الفاتحين إلى الشام. فمن المعروف أن آل سعود يغطون دائما مكائدهم التي ذهب ضحيتها المصريون والعراقيون واللبنانيون والسوريون والصوماليون، ببرقع الدين ويكمون الأفواه بغلاظة شرطة «النهي عن المنكر والأمر بالمعروف».
أوصلتني مداورة هذه الملاحظات في الذهن إلى فرضيتين أسوقهما في هذه المقالة، في سياق البحث في أساليب استخدام الدين التي يلجأ إليها آل سعود وهيئة علماء الوهابية الحنبلية، سعياً وراء الغايات التي يبغون بلوغها. نجد في المقدمة حرصهم على فرض الوهابية الحنبلية كعقيدة دينية. فحيث تكون السلطة لآل سعود، لا مكان لغير أتباع هذه العقيدة. عدم الإلتزام بها كالتهرب عن أداء صلاة الجماعة في أوقاتها، يعد خطيئة يعاقب مرتكبها أشد العقاب. أما الهدف من ذلك فهو التجانس في الدين والطاعة العمياء لولي الأمر في سياساته. ينبني عليه أن الغاية القصوى من الحرب في بلاد الشام هي فرض الوهابية الحنبلية معتقداً، على الناس. وإخلاء جميع الذين ليسوا وهابيين ـ حنبليين، أو يرفضون الدخول في الدعوة الوهابية الحنبلية. من البديهي أن القصد من هذا هو تدعيم مملكة آل سعود وتوسيع رقعة نفوذها في بلاد العرب والإسلام.
الفرضية الثانية هي أنه بحسب مفهوم آل سعود، البقاء تحت سلطة المشركين حرام، يصل إلى درجة الكفر. بناء عليه تتوجب الهجرة والعيش في المهاجر حيث يمكن الإسترشاد بدروس العالم الوهابي الحنبلي بالإضافة إلى الإنضمام إلى المجاهدين والإعداد للفتح ! يحسن القول هنا أن تقييم هذه الفرضية الثانية يتطلب مقاربة إجتماعية علمية، لأوضاع المهاجرين السوريين، في الأردن ولبنان وتركيا، هل هم مهاجرون أم مهجرون، من يتولى الإشراف على المخيمات؟ من يقدم المساعدات والغذاء؟ ما هي الآراء حول ما جرى في سوريا حتى الآن وما هي التوقعات؟ ما هي نسبة المقاتلين وفي أية فرق وجماعات؟ إذ من البديهي أن الثورة المزيفة لا تطبق الديمقراطية ولا تحترم حرية الرأي في مخيمات اللاجئين. المخيمات مرآة الثورة واللاجئين!.

::::

“الديار”، بيروت