المقاومة والطريق لحسم لبنان

عادل سمارة

بينما يتم التهليل والعويل لسقوط الرمادي وتدمر، تتم تغطية مقصودة أو جاهلة لما يدور في الجبهة اللبنانية وليس فقط في جبهة القلمون في حرب كر وفر بلا مواربة. وهذا يفتح على مناقشة مسألتين مترابطتين:
ألأولى:
ليس صحيحا القول بأن امريكا اعطت ضوءا اخضر لتركيا والسعودية وقطر والكيان لتجربة حظهم مجددا مع سوريا. ليس دقيقا هذا الاستخفاف بسيطرة امريكا وتحكمها بادواتها. وليس دقيقا منح امريكا هذه السمة “المرنة والديمقراطية” مع أدواتها. بل الصحيح أن أمريكا تحديداً هي التي تبحث عن اي سيناريو لإسقاط الدولة السورية لأن سقوطها مفتاح إحياء حقبة العولمة والعودة إلى القطبية الواحدة حتى دون سقوط روسيا والصين. وإذا كانت امريكا ذاهبة لمنازلة الصين، فالأفضل لها أن تكون سوريا في جيبها.
إن صح ما أعتقده بأن الجيش العربي السوري يتبع تكتيك “التوريط والاصطياد” فإن سقوط تدمر ليس نهاية الحرب بقدر ما هو تركيز من الدولة السورية على عدم التضحية بالمدنيين لا سيما ومزاعم البراميل لم تنته بعد، وإذا كان لا بد من قتل للمدنيين فليكن علي يد داعش والنصرة لمن يقعون او يقبلون بالبقاء تحت سيطرتهما.
سقوط مدينة أو مدن، لا يخلق دولة أو إمارة الإرهابيين، إلا إذا كان البعض يحلم بتكرار المدينة الدولة اليونانية قبل الفي عام. طبعا مع حفظ التناقض المطلق بين أثينا وداعش والانتباه لاختلاف العصر.
لعل الأشهر القليلة القادمة حاسمة فيما يخص : متى تقرر الولايات المتحدة ذبح داعش.
لماذا؟
لأن اي احتمال لتركيز إمارة ممتدة على طرفي الحدود السورية العراقية على ضوء تصور داعش إزالة حدود سايكس-بيكو ليس هو ما تريده الولايات المتحدة ابداً ولا الكيان الصهيوني ولا حلفاء داعش من الأتراك والقطريين والسعوديين حتى لو كانت هذه الإمارة طبعة اشد سوءا من المملكة التي يديرها آل سعود الوهابيين أو أسوأ من مصر مرسي التي ضحت بها امريكا لصالح السيسي. فامريكا كما الكيان تعرف أن لا نظاما، مهما كان عميلا، هو باق لأنه لا بد للشعب من دور، وإذا كان لا بد من أنظمة أقل خطرا فلتكن دويلات بأصغر حجم ممكن.
بكلام آخر، ما تريده الثورة المضادة هوتفتيت الوطن العربي إلى دويلات كل واحدة منها اصغر من الكيان الصهيوني سكانا وجغرافيا ولكل طائفة او جزء من طائفة أو مذهب دويلته ضد الأخرى وهذا معاكس لأحلام الدواعش وأحلام الإخوان بأمة إسلامية وطبعا لأحلام حزب التحرير بخلافة عثمانية. فالثورة المضادة اكتشفت أن الدولة القُطرية العربية كبيرة جدا.
و الثانية، هي ان ما يدور في لبنان من حرب تقودها المقاومة يتجلى على جبهتين:
• جبهة القتال العسكري في القلمون وعلى الحدود السورية اللبنانية باشتراك الجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانبة وخاصة حزب الله، وهي حرب ليس المقصود بها فقط تنظيف القلمون، بل الإصرار على تصفية مستوطنة عرسال. وهو إصرار يذهب إلى إشراك أو توكيل الجيش اللبناني بدخول المعركة لتحرير جزء من بلده تحتلها قوى إرهابية اممية التكوين.
• وجبهة السياسة الداخلية اللبنانية بدءاً من إلزام الحكومة اللبنانية بالدفاع عن أرض وطنها. وهي الحكومة الشبيهة بكافة او معظم الحكومات السابقة، اللهم سوى حكومة لحود والحص، أي الحكومات التي كان الاحتلال الصهيوني للجنوب اللبناني كأنه احتلال للجولان السوري.
وضمن هذا الإحراج والذي قد يصل إلى التحدي للحكومة اللبنانية يذهب حزب الله إلى تحشيد النصف اللبناني المحايد والمحيَّد اي العرب المسيحيين لينتبهوا بأن ما ينتظرهم ليس ربما فقدان رئاسة البلد بل الاغتصاب للجنسين وكافة الأجيال، والقتل والنهب والإفناء بلا مواربة إذا ماانتصر الإرهاب الكافر بقيادة الولايات المتحدة.
وهذا يعني إلى حد كبير وجوب التفاف العرب المسيحيين حول رئيس قوي هو الجنرال عون، والذي بالتأكيد لن يتردد في تحرير عرسال.
بكلام آخر، هذا الشغل من المقاومة في لبنان يرمي إلى تطهير لبنان من الإرهاب، ووقف دوره في كونه خاصرة ضعيفة بل معادية للدولة السورية . وعلينا ان نتذكر أن تهريب السلاح والإرهابيين إلى سوريا بدأ من لبنان ولم يتوقف.
وعليه، فإن حسم لبنان هو ضربة شديدة الأهمية في مواجهة الثورة المضادة ممثلة في جيوش الإرهابيين. وهو حسم كما يبدو لا رجعة عنه.
اليست الحرب كر وفر إذن؟