ثريا عاصي
لنترك جانبا مهاترات المعارضات السورية المتنقلة بين اسطنبول والقاهرة وجـُشاءَ «مفكري» التيار السعودي في لبنان وحملات التضليل الإعلامي والدعائي التي تطلقها دوائر مخابرات الدول الإستعمارية من أجل «تشويه صورة» هذا الفريق أو ذاك. من البديهي أنه لو كان في سوريا حكومة كمثل حكومة مصر، في عهد الرئيس السيد حسني مبارك، أو كمثل حكومة السيد زين العابدين بن علي في تونس لهبت الولايات المتحدة الأميركية ووكلاؤها في أوروبا لنجدة الحكومة السورية في مواجهة «المتمردين»، ولأخرجت من قبعتها حلا كما فعلت في البلدين المذكورين.
في كل يوم تتكشف أمامنا معطيات جديدة تفضح في آن مؤامرة مبنية على استغباء وجهل الناس من جهة وعلى إمكانية تجنيد عملاء وأعوان في بلادنا من جهة ثانية، تخلّوا عن المبادئ والقيم التي تمثل في بلادنا، ركائز لدعائم العيش المشترك تحت سقف الدولة الوطنية العربية !
إن الحكومة السورية على علاتها لم تصب بداء التطبيع مع المستعمرين الإسرائيليين ولم تقع في لوَث «الإعتدال» وتلحق بركْب آل سعود وتنضم إلى ندوات المدينة القطرية – الدوحة التي يشارك فيها «مفكرون» إسرائيليون وعرب وغربيون !
بكلام أكثر صراحة ووضوحاً تختلف الحكومة السورية عن مثيلاتها في الشرق العربي. لذا إتفقت هذه الأخيرة مع عرّابيها على إزالة سوريا من المشهد ! هذا ما يحاولون تحقيقه منذ أكثر من أربع سنوات !
في هذا السياق، كتبت في مقال سابق أن الأطراف نفسها التي تشارك في حرب تخريب سوريا وتدميرها وتشريد السوريين تريد أيضا أن تمحو من المشهد اللبناني «حزب الله» والمقاومة التي يقودها ضد إنتقال عدوى التطبيع والإعتدال إلى سوريا ولبنان.
إن ظهور شيخ الأزهر السابق في صورة مع الزعيم الإسرائيلي شيمون بيريز هو بمثابة «فتوى» تجيز التطبيع مع المستعمر الإسرائيلي. باسم من ظهر الشيخ المذكور ؟ وفي أية مناسبة ؟؟ لقد اغتال «المتمردون» في سوريا الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الذي باع منزله وتبرّع بثمنه لسكان قطاع غزة ! لم يشارك هذا الشيخ العالِم المتخصص في العلوم الإسلامية، في مؤتمر حوار الأديان الذي بادر إلى تنظيمه آل سعود. لقد دعا القرضاوي إلى قتله ! ربما لأن ديانة الشيخ البوطي تحرِّم وضع اليد بيد الولايات المتحدة الأميركية وبيد المستعمرين الإسرائيليين !
لا يخفى في هذا الصدد أن الإسرائيليين يسعون أيضا، إلى إدخال تعديلات على المشهد السوري العربي بحيث لا تبدو مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بما هي أثر من آثار الجريمة العنصرية الكبرى التي إقترفوها. كل القضية الفلسطينية في المخيمات. لقد أظهر المستعمرون الإسرائيليون براعة سحرية فأوهموا الفلسطينيين في الضفة الغربية انهم لا يحتلون أرضهم، فهم في رعاية سلطة وطنية، هم مستقلون في قطاع غزة، في « كيان معاد «، هناك في المخيمات من يزعم أن آل سعود وآل ثاني «أقرب» إلى الفلسطينيين من السوريين واللبنانيين، وأن خلاصهم يأتي ليس من النضال ضد الإستعمار الإسرائيلي وضد سياسة التمييز العنصري التي يطبقها هذا الأخير، وإنما يأتي من الإنضمام إلى جماعات المرتزقة في الوكالات الأمنية التي يمولها آل سعود وآل ثاني لحساب الولايات المتحدة الأميركية. إن المخيمات هي فصل أسود من فصول تاريخ الإستعمار الأوروبي العنصري. فهل يتوقف الفلسطينيون اللاجئون عن تدمير وإحراق مخيماتهم في لبنان وسوريا، أملاً بتعويض تنازلهم عن حق العودة !
:::::
“الديار”