الأخطر من الطابور السادس الثقافي …جناحه السري

عادل سمارة

لم يكن للطابور السادس الثقافي أن يعلن مواقفه لولا الهبوط الهائل للشارع العربي وغرقه في وحل الطائفية والمذهبية والأنجزة، والأكاديميا التابعة والثقافة المتخارجة وكلها نقيض للانتماء والهوية العروبية.كان اول ظهوره إثر توقيع السادات اتفاق الاعتراف بالكيان، والاستعادة المزيفة لسيناء. ثم اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالكيان والحصول على حكم ذاتي تحت سيطرة العدو، واغتباط النظام الأردني للورطة القيادية الفلسطينية ليوقع اعترافا بالعدو بالمجان والاعترافات غير المعلنة من قبل كيانات الخليج النفطي والتي بدأت روائحها تزكم النوف، بل بدأت السعودية تحذو حذور قطر في إعلان “الإسلا-صهيونية” ولا ننسى النظام المغربي…الخ..

تجند لهذه الكوارث ما اسميه الطابور السادس الثقافي ممولا ومدعوما ومحميا  من الأنظمة والكيان الصهيوني والعدو الأمريكي الأوروبي. واتضحت خيانة هذا الطابور عبر احتفاله باحتلال العراق 2003. إلى أن كان تدمير ليبيا واغتصابها وكان المشهد الواضح في حرب امريكا زائد 83 على سوريا. وصمدت سوريا العجيبة.

لكن لهذا الطابور تنظيم سري اشد خطراً منه. يعرف هؤلاء الجغرافيا والتاريخ والسياسة ويطمسون الحقائق، ويزعمون أنهم ضد احتلال سوريا وبان لديهم نزعات عروبية وعلمانية ويسارية وماركسية ولبرالية وما بعد حداثية .

هؤلاء يزعمون الديمقراطية وحقوق الإنسان وتمكين المرأة…الخ وجميعها بالطبعة الاستعمارية الغربية المتوحشة ضد كل الأمم. جميل أن نسألهم عن مصادر عيشهم وتمويلها. يكتب هؤلاء حتى في صحف المقاومة والمقاطعة، وذات توجهات وطنية وقومية وعروبية ومستقلة…الخ. لكنهم يكتبون بخبث. ولا أعتقد أن رؤساء التحرير لا يعرفون ولكنهم يضعون رجلا هنا وأخرى هناك. هم بهذا أسوا من المثل: “قلوبنا معكم وسيوفنا مع بني أمية” بل هم ضد بني أمية.

طبعاً لأن ليبيا بلا أب وقفوا ضدها فوراً وتمتعوا باستشهاد العقيد القذافي. ولم ينتبه لهم كثيرون/ات.

وحينما بدأ الغزو ضد سوريا انهالوا على سوريا بهراواتهم الحمراء والخضراء والصفراء والتي بلا لون بحجج أن سوريا ليست ديمقراطية وبأن الحكم العلماني هو “طائفي”! وبعدم تحرير الجولان…الخ.

وحينما صار الأمر واضحاً، اتبعوا تكتيكا مختلفا، بالكتابة الوسطية من طراز:

“النظام ديكتاتوري وقمعي وبرجوازي، ولولا أنه واجه المسيرات الشعبية بالنار لما وصلت سوريا ما وصلت إليه وحصل التدخل الخارجي….لا أحد منتصر في سوريا، …ولا نعرف أين ستذهب؟”.

طبعا هم كذابون، يريدون لسوريا أن تنهار، وحينها لن يخجلوا بل سيقولوا: ألم نقل لكم، ألم نتوقع ذلك؟

هؤلاء يقطعون ظهر التاريخ حتى الحديث منه، ويكادون يجزئونه إلى اللحظة الأخيرة وحسب. التوقيت عندهم يبدأ من آذار 2011. دعنا نسمي عام 2011 العام الأول لأنبياء الطابور السادس الثقافي وجناحهم السري. أنبيائهم متعددون مثل أكذوبة بني إسرئيل وليس نبيا واحدا كمحمد أو عيسى، او فيلسوفا ك بوذا أو كونفوشيوس. يحملون رسالة مواصلة خصي الوعي الشعبي. يذكرونني بقطع التاريخ وطمسه كمن يكتبون: “الحضارة الإسلامية العربية” بهدف اعتبار ان العرب كانوا قبل الإسلام بلا تاريخ بل بلا وجود وفي أحسن الأحوال قطعاناً.

الجناح السري هذا، يرفض أن يكتب بان الوطن العربي مستهدف حتى قبل غزوات فرنجة الإقطاع، وبقي مستهدفا بعد الكشوفات الجغرافية وسقوط غرناطة، وفي حقبة الراسمالية التجارية وطبعا خلال الاستعمار “الديمقراطي والتنموي والثقافي العثماني…العجيب” وبشكل خاص تحت الاستعمار الأوروبي ومن ثم الأمريكي. اي فرنجة راس المال.

هؤلاء يغضون الطرف عن وضوح الاستهداف للوطن العربي بخلق الكيان الصهيوني، وحتى عن التصريحات الغربية المتتالية والعمل  بأنهم يدعمون ويحمون هذا الكيان، وبأن ما طلبه كولن باول وزير خارجية امريكا من الرئيس الأسد قبل العدوان الحالي بسنوات كان واضحا: “إركعوا أو نذبحكم” ما حصل أنهم “أرسلوا عربا ومسلمين ليقوموا بالمذبحة”. وبانهم يقدمون للإرهابيين ضد سوريا كل شيء ويرسلون إرهابيين من مسلمي الغرب ذوي الأصول العربية والإسلامية.

بكلام مختصر، ليس ما حصل في سوريا من صنع سوري. وليس ما حصل في سوريا هدفه سوريا فقط. ما حصل هو أن العدوان يهدف تدمير الوطن العربي وتحويله إلى كيانات دينية باسم الإسلام. والطريف ان قوى الدين الإسلامي السياسي تنادي بامة إسلامية؟ كيف يمكن تشكبل امة وخلافة لعشرات الكيانات الطائفية والمذهبية المقتتلة بوحشية؟  هذا يحتاج لعقل طائفي حتى يزعمه. من الذي سيقود هذه الأمة الإسلامية السنة، الشيعة، الزيدية، الشافعية، المالكية، البهائية…الخ  طبعا المسيحيون إلى الحرق بلا نقاش. بل من الذي سيذبح الجميع ويبقى!

الأخطر من العظم وغليون وطرابلسي وبشارة والعرعور، والقرضاوي، والجبالي (من تونس لمن لا يعرف) والأخطر من الصغار الذين يكتبون بالدراهم في العربي الجديد وغيرها، والصغار هنا كاتب مبتدىء حتى اكاديمي ذي سمعة، الأخطر من كل هؤلاء هم الذين تلمع اسمائهم في صحف تزعم انها قومية، ويزعمون أنهم قوميون (ببعد عروبي أو سوراقي) ويزعمون بانهم ماركسيون وناصريون…الخ  ولكنهم ليسوا سوى أفاعي مثل أل BBC، التي هي اخطر من الجزيرة والعربية والحرة وغير الحرة!